في الثلاثين من ديسمبر عام 2012 : نشرت مجلة ” المجلة ” اللندنية مقالاً عنوانه : ” باسم يوسف وإبراهيم عيسى .. وفضائيات الشرعية ” بتوقيع ” الملاحظ الصحفي ” ، وهذا المقال الصغير يلخص – إلى حد كبير – حالة الخطاب الإعلامي الإسلامي خلال العام المنصرم ، ومما توقف أمامه الكاتب أن موقع يوتيوب الشهير تنتشر فيه مشاهد مقتطعة من برامج فضائية تناصر الإخوان المسلمين ، وتهاجم منتقديهم خصوصا من الإعلاميين ، في أحد هذه المقاطع قال أحد الضيوف الذي يبدو أنه من أشد المناصرين والمتحمسين للدفاع عن الإخوان بأن المعلق ” باسم يوسف ” صاحب برنامج ” البرنامج ” ” رجل خبيث ” ، وتحداه أن يقرأ الفاتحة ! ويضيف الكاتب : ” صدمت من هكذا حوار في محطة تلفزيونية يشاهدها الملايين ، ولكن الصدمة زالت عندما رأيت مجموعة أخرى من اللقطات التي تستخدم اللغة نفسها غير اللائقة في مهاجمة المعترضين على حكم الرئيس مرسي، لاكتشف أن هذا هو سلوك جديد في الإعلام الإخواني بعد الانتخابات “. في مقطع آخر ، ضيف متحمس يقول إنه ” سيضرب إبراهيم عيسى بالجزمة ” بغرض تأديبه ، وعندما اعترض عليه المذيع ، كان رده أن ” الجزمة ” لن تجرحه ، بل مجرد الصفع بغرض التهذيب ! أحد الصحافيين المصريين اعترض على مثل هذا الاسلوب التـشنيعي الاتهامي المتصاعد في ” الفضائيات الإسلامية ” المصرية ، مشيراً إلى عدم معرفة هؤلاء بما هو مسموح وممنوع في الصحافة ، وهم الجدد عليها ([1]) . وهذه القنوات الفضائية كانت في الحقيقة الوسيط الرئيس الذي استخدمه الإسلاميون خلال 2013، في غياب دور يذكر لهم في عالم الإعلام المقروء ، فضلاً عن أن هذه القنوات كانت خلال 2013 طرفاً في معارك ضارية وسمت أداءها خلال هذا العام بسمات خاصة . تغطي هذه الورقة بشكل رئيس الخطاب الإعلامي للإسلاميين في ضوء التجربة المصرية ، أخذة في الاعتبار أن البيان الذي ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي مساء الثالث من يوليو 2013 معلناً عزل الرئيس الدكتور محمد مرسي تبعه مباشرة إجراءات عملية لوقف بث القنوات الفضائية الإسلامية ، هذه القنوات هي : ” مصر 25 ” التابعة للإخوان المسلمين ، و” الرحمة ” و ” الحافظ ” و ” الناس ” و ” الخليجية ” التابعة للتيار السلفي ، كما تم مصادرة الطبعة الثانية من جريدة ” الحرية والعدالة ” التابعة لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو ما انتقدته سبع منظمات حقوقية مصرية في بيان مشترك ([2]) . وقد تحول معظم الإسلاميين منذ الثالث من يوليو إلى وسائط بديلة معظمها في عالم الإعلام الإلكتروني ، فيما استمرت جريدتا ” الشعب ” الناطقة باسم حزب الاستقلال ” العمل سابقاً ” المنضوي ضمن ” التحالف الوطني لدعم الشرعية ” وجريدة ” الفتح ” السلفية ، وعليه فإن التحليل سيكون على شكل الخطاب الإعلامي الإسلامي حتى الثالث من يوليو 2013 . حدود معنى ” الخطاب الإعلامي ” يذهب الباحثون اتجاهات متعددة في تعريف ” الخطاب ” وتحديد حدود استعمالاته ، فهناك من يتناوله من زاوية فلسفية ، وهناك من يتناوله من زاوية سيميائية ، وهناك قليل من يتعامل مع الخطاب من زاوية اتصالية ، وهو ما يهمنا في هذا المقام ، والخطاب وفق الفهم الأخير : ” مجموعة المفردات التواصلية المعبرة عن الرسالة الاتصالية التي يتداولها الشركاء في أية منظومة اجتماعية محددة ” ، ويعد الخطاب ، وفق هذا التوصيف ، نتاجاً مشتركاً بين صاحب الخطاب وجمهوره المستهدف والبيئة أو المناخ السائد ، أي أنه نتاج مشاركة بين المرسل والمستقبل والبيئة الاتصالية ” فمن بين ما ينتهي إليه الاتصال المشاركة في المعاني أي المشاركة في المعلومات أو الافكار أو المهارات أو الميول أو الاتجاهات أو المشاعر ” بين المرسل والمستقبلين ” ([3]) . والطريق إلى حقائق التخاطب كما قال الدكتور طه عبد الرحمن يشمل : ” التبليغ ، وتبليغه تنشأ فيه المعاني مشتركة بين ذوات مختلفة ، فيه ” التدليل ” ، وتدليله يجعل من كل قول ” دليلاً ” على ” مدلول ” يطلبه الغير في نفسه أو في أفقه ، وفيه التوجيه ، وتوجيهه يبث في الأقوال قيما ستنهض همة الغير للعمل ” ([4]) . والخطاب الإعلامي كما حدّده أحمد العاقد : ” مجموع الأنشطة الإعلامية التواصلية الجماهيرية : التقارير الإخبارية الافتتاحيات ، البرامج التلفزية ، المواد الإذاعية وغيرها من الخطابات النوعية ” ([5]) . ويمكن تحديد أهم الاهداف التي يستخدم الخطاب الإعلامي لتحقيقها فيما يلي : – الوظيفة الإخبارية أو الإبلاغية : وهدفها إبلاغ المتلقي مضمون الخطاب ومحاولة التأثير فيه . – الوظيفة الانشائية : وتمثل جوهر مضمون الخطاب ، إذ يصاغ المضمون بشكل يجعله مناسباً لمحاولة إحداث التأثير في المتلقي ، وإن هذه الوظيفة تجعل مضمون الخطاب هدفاً بحد ذاته . – الوظيفة المرجعية : وتضمن وجود شفرة مفهومة من قبل طرفي الخطاب ، حيث يجسد الخطاب مضامينه باللغة التي تعد عاملاً أساسياً في عملية الاتصال الجماهيري . – الوظيفة التواصلية : وتضمن بقاء الصلة قائمة بين طرفي الخطاب اثناء عملية التخاطب ([6]) . الخطاب الإعلامي الإسلامي وتعد دراسة الخطاب الإعلامي الإسلامي فرعاً عن أصل هو دراسة ” الخطاب الإسلامي”، إذ الإعلام هنا وسيط يحمل الخطاب ، وحسب تعريف تقليدي يعبر عن التيار السائد في ما يسمى ” الإعلام الإسلامي ” يعرف الخطاب الاسلامي بالاستناد إلى عدة مظاهر يحملها أو يستند عليها ذلك الخطاب مثل الانتساب أو التحدث باسم الإسلام مهما كان المتحدث شخصاً أو مؤسسة ، ومهما كانت طبيعة علاقته بالإسلام ؛ وعلى ذلك يعرف الخطاب الإسلامي بأنه : ” البيان الذي يوجه باسم الإسلام إلى الناس مسلمين أو غير مسلمين ، لدعوتهم إلى الإسلام ، أو تعليمه لهم وتربيتهم عليه : عقيدة أو شريعة ، عبادة أو معاملة ، فكراً أو سلوكاً ، أو لشرح موقف الإسلام من قضايا الحياة والإنسان والعالم : فردية أو اجتماعية ، روحية أو مادية ، نظرية أو عملية ” ([7]) . ويعرف الخطاب لإسلامي بالاستناد إلى مرجعيته التي يستمد منها خصوصيته ، حيث يعرف على هذا الأساس على النحو الآتي : ” الخطاب الذي يستند لمرجعية إسلامية من أصول القرآن والسنة وأيٍ من سائر الفروع الإسلامية الأخرى ، سواء أكان منتج الخطاب جماعة إسلامية أو مؤسسة دعوية رسمية أو أهلية أم أفراداً متفرقين جمعهم الاستناد للدين وأصوله مرجعيةً لرؤاهم وأطروحاتهم ، ولإدارة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يحيونها ، أو للتفاعل مع دوائر الهويات القطرية أو الأممية أو دوائر الحركة الوظيفية التي يرتبطون بها ويتعاطون معها ” ([8]). وهناك من يرى في ” الخطاب الإسلامي ” خطابين في الواقع هما : أولاً : الخطاب الاستيعابي المعتدل وهو خطاب يبدأ مع مؤسس جماعة الاخوان المسلمين في مصر ” حسن البنا ” ويتواصل مع مجموعة من الكتاب والمفكرين الاسلاميين من أمثال : راشد الغنوشي وحسن الترابي وغيرهما ، وتتلخص أبرز معالم هذا الخطاب بما يلي : 1. أن الإسلام لم ينص على نظام سياسي واجتماعي مخصوص ، لكنه يزود أفكاراً عامة . 2. أن ينتخب الشعب الحاكم عبر الشورى . 3. إذا سمح الإسلام بالحرية الدينية ، فمن باب أولى السماح بالحريات الأخرى . 4. أن الناس سواسية من حيث الحقوق والواجبات. 5. أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجب جماعي وديني . 6. أن الحاكم مسؤول أمام مجتمعه . ثانياً : الخطاب الاستبعادي المتشدد وهذا الخطاب كما يرى أحمد الموصلي يبدأ في المنطقة العربية مع سيد قطب ويصل إلى آخرين من أمثال : عمر عبدالرحمن وعبود الزمر ،ومن أبرز مقولات هذا الخطاب أن العالم اليوم كله يعيش حياة لا إسلامية وجاهلية ، والدعوة إلى حاكمية الله باعتبارها المكون السياسي للتوحيد ، وهو يدعو إلى إسقاط الدول الراهنة باعتبارها دولاً جاهلية ، وإصلاح المجتمع ولو عن طريق الثورة ، حيث تتلخص مهمة الحكومة – وفق فهم هذا الخطاب – في أن تكون أداة لإيجاد الأخلاق والمحافظة عليها ، أي أن مهمة الدولة – وفق هذا الفهم – أقرب إلى مهمة الشرطة التي تفرض المظاهر والتقاليد الاسلامية ، كما تراها مرجعية ذلك الخطاب على الناس ، وينقسم الخطاب الإسلامي أيضاً على أساس مدى قربه أو بعده عن التراث والمعاصرة ([9]) . أما من زاوية القائمين على الخطاب الإسلامي أو حملته ، فيقسم ذلك الخطاب إلى ثلاثة أقسام : 1. الخطاب الجماهيري أو الاستغاثي الشعبي وهو خطاب القاعدة العريضة من الجماهير الاسلامية التي شعرت بفطرتها أن عمليات التحديث والعلمنة والعولمة لم يكن فيها خير ولا صلاح لها ، كما لاحظت أن هذه العمليات في جوهرها عمليات تغريب سلبتها موروثها الديني والثقافي ، ولم تعطها شيئاً في المقابل ،هذه الجماهير تحاول التمسك والتشبث بالإسلام – فهي تعرفه جيداً – إلى أن يأتي الله بالفرج . 2. الخطاب السياسي وهو خطاب بعض أعضاء الطبقة المتوسطة من المهنيين والاكاديميين وطلبة الجامعات والتجار ممن شعروا أيضاً بالحاجة إلى عمل إسلامي يحمي الأمة ، وقد أدركوا أن العمل السياسي هو السبيل إلى هذا ، فقاموا بتنظيم أنفسهم على هيئة تنظيمات سياسية لا تلجأ إلى العنف ، تتبعها تنظيمات شبابية ومؤسسات تربوية . 3. الخطاب الفكري وهو الخطاب الذي يتعامل أساساً مع الجانب التنظيري الفكري داخل الحركة الإسلامية ([10]) . رؤية نقدية للخطاب الإعلامي الإسلامي اتسم الخطاب الإعلامي الإسلامي بسمات تحققت بشكل متفاوت بين منبر وآخر ، وظلت المرحلة التي تلت وصول جماعة الإخوان إلى الحكم بسمات لم تكد تتغير ، باستثناء ما طرأ على خطاب المنابر القليلة الباقية عن قضية مشروعية عزل الرئيس وما تبعه من إجراءات . ومن أهم أوجه الخلل في ” الخطاب الإسلامي ” : 1. التوحيد بين الفكر والدين والغاء المسافة بين الذات والموضوع . 2. تفسير الظواهر كلها بردها الى مبدأ أو علة أولى تستوي في ذلك الظواهر الاجتماعية أو الطبيعية . 3. الاعتماد على سلطة السلف – أو التراث – وذلك بعد تحويل النصوص التراثية ، وهي نصوص ثانوية إلى نصوص أولية تتمتع بقدر هائل من القداسة لا تقل عن النصوص الأصلية . 4. اليقين الذهني والحسم الفكري القطعي ورفض أي خلاف فكري – ومن ثم – إلا إذا كان في الفروع والتفاصيل دون الأسس والأصول . 5. إهدار البعد التاريخي وتجاهله ، ويتجلى هذا في البكاء على الماضي الجميل ، ويستوي في ذلك العصر الذهبي للخلافة الراشدة وعصر الخلافة العثمانية ([11]) . والأمر نفسه ينطبق على الاعلام الإسلامي ، على الأقل على مستوى الفهم لماهية ومهمة الإخبار مثلاً ، فعندما يتحدث أحد الباحثين عن وظائف الإخبار في المنظور الإسلامي ، فإنه يسوق وظائف للخبر هي أقرب إلى الوظائف الدعائية منها إلى الوظائف الاعلامية من قبيل : ” توجيه الرأي العام في بلاد المسلمين وفقاً لمبادئ الإسلام ، وبما يخدم أهدافه ، أو مناصرة وتأييد القوى الإسلامية في جهادها ضد قوى الظلم والبغي في كل مكان ، أو الإشادة بالسلوك الإسلامي ، ودعم وتأييد العناصر الإسلامية القدوة ” ([12]) . وقد شهدت التجربة القصيرة لهذا الإعلام – حتى الثالث من يوليو – ظهور أوجه نقص عديدة في الشكل والمضمون معاً ، حيث غلب على أداء الإعلام الإسلامي الاستعانة بـ ” الدعاة ” والمشايخ ليقوموا بدور الإعلاميين ، رغم افتقار غير قليل منهم إلى الحد الكافي من مؤهلات القيام بالدور ما أدى إلى دخول هذه المنابر في معركة غير متكافئة مع خصم شديد الاحترافية ، وكان برنامج ” البرنامج ” للإعلامي المصري الشهير ” باسم يوسف ” أكثر فصول هذه المواجهة سخونة ، إذ نجح لعدة أشهر في اصطياد سقطات في الأداء كانت موضوعاً لبرنامجه ذائع الصيت ، وقد نجح – إلى حد كبير – في كشف نواقص خطيرة في اداء هذه المنابر الإعلامية ، فضلاً أنه أظهر تعارضاً واضحاً بين قيم إسلامية رئيسة وبين لغة غير قليل من ضيوف الفضائيات الإسلامية ، وقد وصل التحدي قمته عندما وجه باسم يوسف اتهاماً للإعلام الإسلامي بأنه هو من يزدري الأديان ([13]) . وخلال العام 2013 ، وبخاصة في ضوء الخطاب الذي قدم من على منصة اعتصام ” رابعة العدوية ” الشهير في مدينة نصر بشرق القاهرة : شهد الخطاب الإسلامي ظاهرة كان لها أثر كبير في ترسيخ صورة سلبية عن الحركة الإسلامية كلها ، إذ عكست شواهد كثيرة زوال الحدود الفاصلة بين خطابين بدا لسنوات أنهما منفصلان : الخطاب الاستيعابي ” الإخواني ” ، والخطاب الإقصائي القطبي الذي كان سمة مميزة لجماعات العنف الأصولي ، وقد غلب على قسم لا يستهان به مما يمكن أن نسميه “خطاب منصة رابعة ” معظم ما كان يعتبر من عيوب الخطاب الإسلامي وعكس حضور رموز حركية كانت لعقود بوصفها ” متشددة ” على منصة الاعتصام تقارباً بين الإخوان الذين كانوا يوصفون تقليدياً بـ ” الوسطيين ” ، ما وفر مادة خصبة لمن يريد وصم الحركة الإسلامية كلها بالتشدد . ومن الظواهر المهمة التي شهدتها الفضائيات الإسلامية خلال العام 2013 : تصاعد كبير في السجال المذهبي العنيف الشيعي السني ، على خلفية الثورة السورية ، ثم على خلفية ما اعتبر تقارباً بين الرئيس الإخواني وإيران ، ومع الإعلان عن اتفاقية مصرية إيرانية للسياحة تحولت عدة شاشات دينية إلى منابر للتنابذ والتحريض ، كما شهدت عدة شاشات أيضاً معارك فقهية – سياسية بين مجموعات من التيار السلفي اختلفت تقديراتها بشكل واسع فيما يتصل بالعلاقة مع جماعة الإخوان ، إذ شن الشيخ محمد عبدالمقصود – نائب رئيس الهيئة الشرعية ، مؤسس الدعوة السلفية بالقاهرة – هجوماً حاداً على الدعوة السلفية بالإسكندرية وحزب النور ، بسبب المبادرة التي أطلقها الحزب لإنهاء الأزمة السياسية قبل عزل الرئيس ، ومما قال من على شاشة قناة فضائية سلفية محسوبة على الدعوة السلفية: ” إن الخلافات بين السلفيين والإخوان المسلمين لها أصول تاريخية تعود إلى سماح جهاز مباحث أمن الدولة المنحل للدعوة السلفية بتفعيل دعوتها في المحافظات مقابل التصدي لجماعة الإخوان المسلمين ” ، وقال : ” الدعوة السلفية ليست في سبيل عقيدة ومنفعة ولا علاقة لها بالدين ” ، وأضاف “الدعوة وحزبها السياسي النور يسعيان إلى قلب الحق إلى باطل ، واتباع إغواء الشيطان ، كمثل الكلب الذى يلهث ” ([14]) . ملاحظات أخرى متفرقة باستثناء تونس التي أصبح الإسلاميون فيها جزءاً من عملية سياسية تبدو أكثر استقراراُ قياساً بمصر وليبيا ، لا تكاد الفضائيات الإسلامية التي تعمل منذ ما قبل هذا التحول على وضعا السابق دون تغيير يستحق التوقف والذكر ، وفي تونس أعلن عن عدد ليس بالقليل من مشاريع القنوات الفضائية الإسلامية ، وبقيت القنوات الإسلامية الأخرى ” الصفوة – باقة المجد – الرسالة – إقرأ ” تعمل وفقاً لهويتها التي تأسست بناء عليها ، إما بتقديم إعلام متخصص أو بالتركيز على قضايا بعينها ، وبقي الإعلام الإسلامي الفلسطيني – وبخاصة قناتا الأقصى وفلسطين اليوم – تتافسان على المشاهد الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة وخارجها ، وإن احتفظت “فضائية فلسطين اليوم” بدرجة أكبر من الحياد إزاء الصراعات التي تلت الربيع العربي ، وبخاصة في مصر . وبتأثير غياب القنوات الإسلامية المصرية بعد الثالث من يوليو 2013 حصلت قنوات مثل الرسالة و”شبكة المجد” على نصيب لا يستهان به من المشاهدين المصريين الذين يبحثون عن إعلام إسلامي سلفي أو وسطي دون النظر إلى الموقف من الصراع السياسي في مصر . وقد أصبحت قناتا ” الجزيرة ” و” الجزيرة مباشر مصر ” منبرين رئيسين للأصوات الإسلامية التي طالما اعتاد الجمهور المسيس للحركة الإسلامية التواصل معها عبر القنوات التي أغلقت بعد عزل الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ، وبقي خطاب الإسلاميين الذين يظهرون على القناتين سجالياً تغلب عليه الحدة والتركيز الشديد على ما هو سياسي في المقام الأول ، بعد كانت الجمهور المتدين يرى في برنامج ” الشريعة والحياة ” البرنامج الإسلامي الرئيس على شاشتها ، وهو عرف لسنوات بوصفه برنامج الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي . ويبقى عام 2013 عام الصدام الكبير بين الجماعة الإسلامية الأكبر ” الإخوان المسلمين ” وحلفائها وبين تحالف سياسي مؤسساتي أفضى إلى عزل أول رئيس منتخب في مص ر، وهي معركة لونت شاشات الفضائيات الإسلامية بألوان قاتمة طغت عليها بدرجات متفاوتة من الحدة خلال العام