لم تخف الإدارة التركية تأييدها للتحالف العربي المتمثل بعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية، الهادفة إلى كبح جماح إيران” الجديد” في اليمن بعد قيام الحوثيين بمناورات عسكرية على الحدود اليمنية السعودية والزحف نحو عدن ثاني أكبر المدن اليمنية في محاولة منهم للسيطرة عليها بعد العاصمة صنعاء.
فضلاً عن ذلك، سعي الحوثيين للتحكم بمضيق باب المندب لأهميته الاستراتيجية وتأثيره المباشر على صادرات النفط الخليجية وقناة السويس المصرية في ذات الوقت.
ولعل إعلان تركيا مساندتها لعاصفة الحزم يعد رسالة واضحة للقيادة السعودية الجديدة مفادها أن تركيا ترغب في بناء تحالف إقليمي قوي لوقف التهديد الإيراني الذي وصفته تركيا بالمزعج.
وقد تعود الحاجة الملحة لذلك التحالف بين كلٍّ من السعودية وتركيا أكثر من أي وقت مضى لعاملين أساسيين:
الأول: “الربيع العربي” تراجع زخم الربيع العربي الذي تباينت وجهات نظر الطرفين حول انعكاساته على الأمن الإقليمي.
الثاني: “التحركات الإيرانية” محاولة الإيرانيين الحثيثة للسيطرة على عواصم عربية عدة وما ترافق مع ذلك من تفهم أمريكي غربي لنفوذ طهران في المنطقة، واعتبارها القوة النافذة، وقد بات ذلك جلياً من خلال المفاوضات النووية الأخيرة “اتفاق لوزان”.
وبالتالي؛ فإن وجود عناصر تهديد مشتركة لكل من تركيا والسعودية كفيلة بدفعهما لوضع خلافاتهما جانباً، للتعامل مع المستجدات في المنطقة، والتركيز على نقاط الاتفاق ومعالجة الملفات الشائكة كلٍّ على حدة؛ بهدف تجاوز نقاط التماس، في العهد السابق.
إلا أنه من الصعوبة بمكان ترجيح سيناريو محدّد وواضح بشأن مستقبل العلاقات التركية السعودية، لا سيما وأن إدارة أردوغان في حيرة سياسية كبيرة بين روح عاصفة الحزم وفرصة التقارب مع المملكة، وبين تداعيات اتفاق توزان النووي، الغربي الإيراني، فضلاً عن علاقاتها الاقتصادية مع إيران وهو ملف حساس بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وبالرغم من كل ذلك؛ فإن ثمة مؤشرات تشير إلى أن مسار العلاقات سيأخذ منحى إيجابي قد يصل إلى أكثر من عملية تقارب، خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن الطرفين بحاجة لبعضهما بصورة متساوية، وتنامي شعورهما المحبط حيال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فضلاً عن موقفهما المشترك تجاه التحركات الإيرانية في المنطقة، فما هي طبيعة التقارب وعند أي حد يتوقف؟
ستحاول هذه الورقة تفكيك الصورة العامة المشتبكة بين الدوافع والتحديات التي ترسم مسار هذه العلاقة وطبيعتها والديناميكيات الحاكمة لها عارضةً مسارها التاريخي وتحدياتها الراهنة وحتميتها المستقبلية.
التطور التاريخي للعلاقات السعودية التركية
بعيداً عن الخوض في تفاصيل تاريخ العلاقة بين البلدين فمنذ تأسست المملكة في 15 يناير 1902م بعد صراع طويل مع الدولة العثمانية، ومن ذلك الوقت وحتى الآن لم تشهد العلاقة السعودية التركية توافقاً تاماً أو تحالفاً استراتيجياً قط، حيث تعيش تحت رحمة عوامل عدة منها ما هو تاريخي ومنها ما هو قومي أو سياسي، إضافة إلى المؤثرات الخارجية سواءً الدولية أو الإقليمية، أبرزها المشروع “الإسرائيلي” ولا تزال خشية إسرائيل من التقارب بين القوتين الإقليميتين قائماً حتى اليوم، لما له من أهمية على أمن “إسرائيل” الوجودي.
فمنذ عام 1966م لم يقم بزيارة أنقرة أي عاهل سعودي حتى عام 2003م وقد ذكر ذلك الرئيس التركي الأسبق عبد الله جول حيث قال: “قام الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة تركيا بعد 40 عاما من آخر زيارة ملكية لتركيا قام بها الملك فيصل رحمه الله عام 1966م، وكان ذلك في عام 2006، وكان قد زارها قبل ذلك عندما كان وليا للعهد، ولكنه زار أنقرة بعد ذلك بعام أيضا في ثاني زيارة ملكية لتقديم التهنئة عندما تم انتخابي رئيسا للجمهورية التركية، وفي تلك الزيارة كان من دواعي سروري تقليده لي وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وكنت قد قدمت إليه ميدالية الشرف للدولة”.
ولكنها حتى خلال تلك الفترة لم تشهد هذه العلاقة توتراً أو قطيعة كلية، ففي ثمانينيات القرن الماضي وتحديداً في عهد الرئيس التركي تورغت أوزال والذي أبدى انفتاحه على المنطقة العربية، شهدت العلاقات السعودية التركية نوعاً من الدفء والتقارب، بيد أن ذلك لم يصل إلى حد التوافق الاستراتيجي، ويعود ذلك لعدة عوامل أهمها قرب المملكة من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، ومعاناة تركيا من أزمات اقتصادية من جهة أخرى مما قلل من نفوذها الإقليمي.
حرب الخليج الثانية، أو ما كان يعرف بـ”عاصفة الصحراء” هي الأخرى كانت دافعا آخر لتوطيد العلاقات السعودية التركية على كافة المستويات، سيما بعد مشاركة الطيران التركي في حلف شمال الأطلسي (NATO) ” الذي تشكل تركيا فيه القوة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية” لتحرير الكويت عام 1991 من القوات العراقية إبان حكم الرئيس صدام حسين حينها و منذ ذلك الوقت والعلاقات تراوح مكانها.
استمرت حالة البرود في علاقة البلدين، حتى جاء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002م الذي مثل بداية عهد جديد لتركيا على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية، وهو ما زاد فرص قبولها كلاعب فاعل في المشهد العربي وحتى الإقليمي والدولي. وبدأت العلاقات في تحسن ملحوظ، لكنه يظل بمستوى محدود ولم يربى إلى بلورة مقاربة تشمل جميع الملفات.
قيود التقارب وتغيير الأولويات
وقبل الحديث عما يمكن توقعه وما يستبعد حدوثه في العلاقات السعودية التركية، نستعرض فرص ومهددات هذا التقارب الذي يبشر بتحول خارطة التحالفات التقليدية في المنطقة بشكل كبير في حال حدوثه.
لا يخفى على المراقب، ما أحدثته ثورات الربيع العربي من إزاحتها لأربعة رؤساء عرب ولا يزال الخامس عالقاً “الأسد”، وهذا ما أقلق الرياض كثيراً ودفعها لاتخاذ إجراءات رادعة تحصن بها نظام حكمها، بالرغم من التطمينات التي تلقتها دول الخليج من كلٍّ من الزعماء الذين أفرزتهم ثورات الربيع العربي بعدم تصدير الثورة، حسب تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي والتونسي محمد المرزوقي آنذاك.
في المقابل تفاعلت أنقرة مع مطالب الثوار وباركت نتائجها، الأمر الذي دفع الرياض للحيطة والحذر في مسار علاقاتها بأنقرة، ولكن يبدو أن ذلك الهاجس قد زال مع زوال عوامل وجوده وهي:
الأول: تراجع زخم الربيع العربي الذي تباينت وجهات نظر الطرفين حول انعكاساته على الأمن الإقليمي.
الثاني: انتقال الحكم في المملكة وتغيير أولوياتها من محاربة الإسلاميين وإعطاء الأولوية المطلقة لمجابهة التمدد الإيراني.
الثالث: محاولة الإيرانيين الحثيثة للسيطرة على مقاليد الأمور في أربع عواصم عربية وما ترافق مع ذلك من تفهم أمريكي غربي لنفوذ طهران في المنطقة، واعتبارها القوة النافذة، وقد بات ذلك جلياً من خلال المفاوضات النووية الأخيرة “اتفاق لوزان”.
من خلال المواقف الأخيرة يمكن القول أن كلاً من الدولتين بدأ بالتخلص من القيود المانعة للتقارب سواءً بتحسن وضع تركيا الاقتصادي وارتفاعه إلى المرتبة 16 عالمياً، وامتلاك أنقرة لقرارها السيادي
ولعل موقفها الأخيرة الرافض للمشاركة في الحلف الدولي ضد تنظيم الدولة “داعش” رغم الضغوط الأمريكية عليها. هذا الموقف يبين مدى تخلص أنقرة من تبعيتها للغرب عموماً، بعد أن كانت منكفئة على نفسها.
ويرى مراقبون أن إدارة أنقرة ظهرها للقارة الأوروبية وتوجهها صوب الشرق الأوسط ودول البلقان هي محاولة لفتح خطوط بديله تحافظ من خلالها على اقتصادها وأمنها القومي، فضلاً عن مكانتها الجيوستراتيجية وفاعليتها الدولية بعد أن تبددت طموح أنقرة بإمكانية حصولها على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي وهذا قد يدخلها في صدام مباشر مع إيران باعتبارها منافس جديد له حضوره التاريخي والديني.
أما عن السعودية فيبدو أن ثقة الرياض بحليفها الأمريكي قد خفت قليلاً، خاصة في عهد حكم الديمقراطيين ولم يكن الاتفاق الإطاري مع الإيرانيين إلا نتاجاً لذلك الفتور.
وفي الشأن السوري أيضاً تختلف وجهة نظر الحليفين، حيث ترى المملكة بضرورة زوال حكم الأسد في أسرع وقت ممكن، فيما تراجع الموقف الأمريكي لصالح الأسد مما طال من عمر بقائه رغم ضعفه.
وعلى الرغم من التطمينات الأمريكية لحليفتها السعودية ودول الخليج بعدم تقاربها مع الإيرانيين على حسابهم، إلا أن لسان حال المملكة يقول: “القول ما صدقه العمل” وأخذت الأمر بجدية وحزم غير مسبوق قد يصل حد التمرد على البرتوكولات المرسومة بينها وبين الولايات المتحدة، بعد شعور الرياض بخطر التمدد الإيراني وهو ما دفعها للبحث عن حلفاء إقليميين ولو لم يرضِ ذلك واشنطن.
وبالمحصلة؛ يدرك الطرفان السعودي والتركي، أنه لابد من التعاون المشترك وزيادة فرص التقارب، بحيث يتلاءم مع مستوى التحديات والتحولات الإقليمية، فمتى تترجم التصريحات واللقاءات “السرية” إلى رؤية إستراتيجية مشتركة؟ وهل يستطيع الطرفان فعل ذلك رغم كل هذه المعوقات؟ وما هي حدود التقارب؟ وهل ستسمح إسرائيل وحلفائها بمثل هكذا مشروع؟ وأين تقف الإمارات والملف المصري من المعادلة؟
ملفات شائكة
برغماتية تركيا “الاقتصادية” وحزم السعودية “المفاجئ” والحازم في اليمن أيضاً ، يثيران تساؤلات عدة حول ما إذا كان الطرفان قد استطاعا فعلاً التخلص من تراكمات الماضي وهوس التنافس الإقليمي، فهل تستطيع القوتان الإسلاميتان الكبيرتان بلورة رؤية إستراتيجية مشتركة، تتناول كافة هذه الملفات الشائكة والمتقاطعة وتنهي حالة الصراع في المنطقة؟ أم أن التحالف ليس كما يحلم البعض وأنه قد يقتصر على حالات الالتقاء في المصالح الآنية التكتيكية فقط؟
فالملف المصري الليبي مثلاً ليس كالملف السوري، اليمني، والعراقي، حيث تقف تركيا إلى جانب تحالف دعم الشرعية في مصر بينما وقفت المملكة ودول الخليج إلى جانب الانقلاب العسكري، وقد لا يختلف المشهد الليبي عن المصري مع فارق حساسية الملف المصري لدى الطرفين.
في المقابل يتفق الطرفان في الخطوط العريضة في كلٍّ من سوريا والعراق واليمن، وذلك لوجود الطرف الإيراني في الصراع الدائر هناك، مع تفاوت نسبة الأولويات، فالحالة اليمنية تمثل أولوية بالنسبة للرياض كما هو الحال لأنقرة في سوريا.
بينما يبقى الملف العراقي على مسافة واحدة تقريباً بحكم الأمر الواقع، ودخول ما يسمى بتنظيم الدولة “داعش” على الخط، إضافة إلى أن الملف العراقي لا يزال بيد الولايات الأمريكية حتى الآن.
التحركات الإيرانية وحصان طروادة
اتسمت إيران بالنفس الطويل من خلال دعمها المستمر للنظام السوري ولم يهمها كثيراً ما يجري بالمنطقة من صراعات طائفية واستقطاب حاد على حساب النسيج الاجتماعي العربي، وهي تراهن على ورقتها الرابحة بدعم المليشيات الموازية للدولة الوطنية بوصفها أداة بديلة لأدوات النظام الشرعي، وإضعاف الدولة المركزية في بلدان الإقليم، سواءً في لبنان أو اليمن أو حتى العراق الذي تدين حكومته لإيران بالولاء.
لكن إيران بطبيعة الحال وليس كما يعتقد الكثيرون من الناس سواءً من السنة أو من الشيعة “العرب” بأن إيران تريد قيام دول شيعية قوية، وهذا قد يبدو بعيداً عن الصواب، لأن إيران تفضل الضغط على الحكومات المركزية والتحكم بقرارها السيادي بعيداً عن تحمل تبعات الدولة، وهذا ما هو حاصل مع حزب الله اللبناني الذي لو أراد حكم لبنان لفعل، وهذا ما يُسهِم دون أدنى شك في إقناع البلدين “السعودية وتركيا” بضرورة تعاونهما في تقوية الحكومات المركزية.
ففي اليمن كانت حركة الحوثي ترغب بالبقاء على شرعية منصور هادي إلا أن الأخير رفض ولم ينصاع لأوامر الحركة، وهذا ما جعلها تأكل الطعم وتقع في فخ تصدرها للمشهد عندما وجدت نفسها المسؤول الأول أمام المجتمع اليمني لتوفير الخدمات اليومية للمواطنين.
وهذا ما لا تفضله إيران إطلاقاً، فحال إيران في اليمن الآن ليس كحالها في لبنان أوفي سوريا، فهي الآن تدفع فاتورة حلولها محل الدولة الشرعية بحكم ضعف حاضنة أنصارها الحوثيين الشعبية، والدولة اليمنية المنهكة والقائمة على المساعدات الدولية.
في العراق وبالرغم من ولاء حكومة العبادي العراقية المطلق لإيران إلا أنها كما أسلفنا لا تحب العمل تحت ضوء الشرعية الوطنية، فهي الآن في العراق تراهن على مليشيات الحشد الشعبي أكثر من القوات التابعة للحكومة العراقية، بل إنها في بعض الأحيان تنظر إلى حكومة العبادي أنها حكومة لها علاقاتها ومصالحها مع السعودية وتركيا والولايات المتحدة، أي أنها لا تتحرك بأوامر طهران بصورة مباشرة.
ويرى كثيرون أنه في حال حصل العراقيون على دولة قوية تمكنهم من امتلاك قرارهم السيادي حتى وإن كان أتباع المذهب الشيعي هم من يسيطرون على مؤسسات الدولة، فذلك لن يرضي طهران للأسباب التالية:
الأول: رغبة طهران في البقاء كقبلة وحيدة للتيارات الشيعة بلا منافس وتستخدمها كورقة ضغط على دول المنطقة كما حصل من مناورات عسكرية للحوثيين على حدود المملكة قبيل عاصفة الحزم ربما كانوا في غناء عنها على المستوى المحلي، إلا أن إيران أرادت إيصال رسالة للسعودية مفادها أننا هنا. والسعودية ردت عليها برد لم يرضها “عاصفة الحزم”.
الثاني: الخوف من توافق عربي قومي بعيد عن المذهبية وتوافق سني شيعي وأن تخترق تركيا لتلك الدولة بمد جسور التواصل الاقتصادية والسياسية وتبادل المصالح.
وفي الأخير؛ فإن السعودية وتركيا على حد سواء تدفعان نحو تقوية الدول المركزية الشرعية، ليتم السيطرة على الوضع تحت مظلة الدولة الوطنية، وهما بالفعل يجيدان التعامل مع الحكومات الوطنية واحتوائها عبر تقديم المساعدات المالية ، كما هو الحال في منطقة البلقان وباكستان وبعض دول أفريقيا، وذلك للقدرة المالية التي تتمتع بها تركيا والسعودية.
بينما، تفضل إيران تخدير المجتمعات بالخطاب الطائفي، للإبقاء على ورقة الطائفية “الشيعية” فقد أصبحت بالفعل الوسيلة الفعّالة لتوجيه هذه الجماعات والأحزاب بما يخدم المصالح القومية لإيران.
محددات العلاقات السعودية التركية
تمر المنطقة بحالة من عدم الاستقرار والاستقطاب الدولي الحاد وتغيرات سريعة في التحالفات الإقليمية والدولية ومحاولة فرض كل طرف سيطرته على المنطقة المنهكة بالصراعات الداخلية، إذ تشعر أنقرة والرياض أنهما في خندق واحد، تفرضه التحديات الوجودية الراهنة المحكومة بجملة محددات أهمها:
- موقف الطرفين المشترك لمحاصرة الخطر الإيراني وذلك بتقوية الحكومات المركزية في وجهة المليشيات المدعومة إيرانياً، خاصة بعد أن صنفت الجماعات السنية بالإرهابية فيما تستثنى هذه الميليشيات التابعة لها من هذا الوصف رغم ما تقوم به من أعمال عنف. فضلاً عن اتفاق الطرفين حول ضرورة الإطاحة بنظام الأسد نهائياً، مما أدى إلى تراجع علاقاتهما أي السعودية وتركيا مع الغرب والولايات المتحدة خاصة بعد تقارب الأخيرة مع الإيرانيين وتغيير موقفها من النظام السوري.
- توقع بقاء كلا الطرفين الحاكمين في كل من الرياض وأنقرة في السلطة لفترة طويلة نسبيّاً.
- أمل الأتراك في الانفتاح أكثر على السوق الخليجي وزيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين.
- تغيير أولويات الرياض من محاربة الإسلاميين وإعطاء الأولوية المطلقة لمجابهة التمدد الإيراني.
في المقابل؛ لا يخفى أيضاً أن هناك جملة عوامل تؤثر سلباً على مستقبل هذه العلاقات أولها: طبيعة العلاقة الاقتصادية المتشابكة بين تركيا وإيران، ثانياً: هاجس التنافس بين الرياض وأنقرة لقيادة العالم الإسلامي “منظمة مؤتمر العالم الإسلامي” نموذجاً على ذلك، ثالثها: اختلاف شكل أنظمة الحكم في البلدين رابعاً: وجود العامل الدولي والمصالح المتقاطعة.
ختاماً؛ قد لا يمثل الملف المصري “الإماراتي” أهمية كبيرة حالياً مقابل الملفين السوري واليمني اللذان يحظيان بأولوية ملحة، وهذان الملفان سيشكلان نقطة البداية للانطلاق بعد ذلك للملف المصري باعتباره ملفاً ترتكز عليه الكثير من المواقف المتناقضة بين الطرفين.
خلاصة:
من السابق لأوانه الحديث عن تحالف استراتيجي شامل، لوجود أكوام من الموانع والتحديات. غير أن مسارعة تركيا لمساندة عاصفة الحزم والزيارات المتكررة بين البلدين، زادت من حجم التوقعات عن إمكانية الوصول إلى رؤية مشتركة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن المتوقع أن تدعم تركيا الموقف السعودي في اليمن، بينما تدعم السعودية الموقف التركي في سوريا.
ووفقاً للتوقعات، فقد تؤدي نجاحات عاصفة الحزم في اليمن إلى نشوء تحالفات عسكرية ودفاعية كما حصل بين قطر وتركيا أو قد يوسع الاتفاق نفسه بحيث يشمل السعودية أيضاً، ولا يستبعد تغييرات دبلوماسية تشمل السفراء وتفعيل المجال الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري.
بالإضافة إلى ذلك، قيام السعودية وقطر بتقريب وجهات النظر بين تركيا وبقية دول الخليج خاصة الإمارات تحديداً، وبهذا تكون مصر قد دخلت ضمن حملة ترميم العلاقات العربية التركية بضمان قيام مصالحة وطنية مصرية شاملة بين النظام ومعارضيه تبدأ بإطلاق جميع السجناء السياسيين كبادرة حسن نية والتخلي عن سياسة لي الذراع بين الطرفين وإشراك الجميع في العملية السياسية.
ومن المستبعد أن تبقى العلاقات بمستواها الحالي، فضلاً عن تراجعها للخلف في ظل توسع رقعة الحروب العابرة للحدود. إلا إذا عادت العلاقات الأمريكية السعودية إلى دفئها من جديد، وهذا مرهون بعودة الجمهوريين إلى الحكم وتراجع العلاقات الأمريكية الإيرانية أيضاً.
توصيات:
- تشكيل لجنة سعودي تركية مهمتها بلورة رؤية مشتركة وتحديد مجالات التعاون والملفات العالقة بالمنطقة “سوريا – اليمن – العراق – مصر – ليبيا”.
- تفعيل المجال الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري التركي الخليجي.
- دراسة تشكيل مجلس دفاع عسكري مشترك.
- سرعة الحسم في الملف اليمني باستعادة الشرعية وهزيمة الانقلابيين.
- سرعة الحسم في الملف السوري ودعم وتوحيد المعارضة السورية.
- توجيه الإعلام نحو التركيز على القواسم المشتركة بين الجانب وتجنب نقط الخلاف