نحاول في هذه الورقة أن نرسم الخطوط العامة للسياسة المتوقعة لإدارة ترامب مع الملفات العربية الساخنة، في ضوء ثلاثة متغيرات رئيسة؛ وهي: الأنماط الجديدة في السياسة الدولية في مرحلة ما بعد الحداثة، ومشاكل الداخل الأمريكي وانعكاسها على السياسة الخارجية، وشخصية ترامب وفريق عمله الجديد ضمن النمط الجمهوري لإدارة السياسة الخارجية.
مسار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ انهيار الاتحاد السوفييتي
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي افتقدت الولايات المتحدة لعدو يعيد لها هويتها الوطنية الجامعة في مقابل الهويات الفرعية، ولم يبلغ غزو العراق للكويت ذلك المستوى العالي من التهديد الخارجي الذي يحتمل أن يعيد رفع الهوية الوطنية الأمريكية إلى البلد الفدرالي المنقسم إثنياً ودينياً وطبقياً بشكل حاد، لكن الشرق الأوسط كان- وبقوة- أهم مناطق الاهتمام في السياسة الخارجية الأمريكية مع العمل المتواصل لتسوية صراع العرب مع إسرائيل، والعمل الجاد على دفع الأنظمة الاشتراكية نحو الليبرالية الاقتصادية، والاستمرار بحصار العراق، ثم أتت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتعطي دفعة كبيرة من الاهتمام الشعبي والرسمي الأمريكي بالشرق الأوسط، ويومها كانت البلاد تحت القيادة الجمهورية، وترافق ذلك مع صعود المحافظين الجدد المشبعين بالتفسيرات التوراتية للتاريخ، وهي تفسيرات جغرافيتها شرق أوسطية، وذلك ما رفع مستوى الإصرار الأمريكي على إدارة أدق تفاصيل الشرق الأوسط؛ بغزو العراق، والإطاحة بنظامه، وصولاً إلى احتمال غزو إيران أو على الأقل إسقاط نظامها.
لكن منذ عام 2005 وحتى بداية عهد أوباما، كان واضحاً أن الولايات المتحدة تورطت في مستنقع الطائفية الشرق أوسطية الذي استعر في كل من العراق ولبنان، بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وتفجير مرقد الإمامين العسكريين في الموصل، وكانت هذه السنوات الأربع، إضافة إلى كونها ذروة التوتر الطائفي في عهد جورج بوش الابن، كانت أيضاً سنة الصدام الواسع مع كل من إيران وسوريا، وما خلفه من انفلات كبير في العراق (مشروع أمريكا الجديد في الشرق الأوسط)، واستمرار مسلسل الاغتيالات في لبنان مصحوباً بالتوتر الطائفي، واستمرار سيطرة سوريا على المشهد الأمني في البلاد رغم خروج قواتها العسكرية منها.
منذ تسلم أوباما الحكم في واشنطن تميزت السياسة الأمريكية بكثير من التودد إلى إيران وحليفتها سوريا، وأضافت مساعي التوصل إلى حلول سلمية مع هذين البلدين مقابل وقف إرسالهم المقاتلين ودعم الحرب الطائفية في العراق، نقاط قوة كبيرة إلى النظامين، تجلت في تجديد وجود نوري المالكي في رئاسة الحكومة العراقية عام 2010، لكن مع علاقات أطيب مع إيران والميليشيات التابعة لها في العراق بعد أن حاربها (أي الميليشيات) في 2008، وفي لبنان تحسن وضع حلفاء سوريا وإيران حتى وصل إلى أن تمكن حزب الله من الانقلاب على الحكومة التي كان يرأسها سعد الحريري في شهر كانون الثاني/يناير عام 2011، وهو الشهر ذاته الذي شهد قمة ثلاثية سورية تركية قطرية في دمشق، أتت كتتويج لدور النظام السوري في المنطقة، بعد أن باع ورقة الجهاديين التي استعملها في العراق للولايات المتحدة.
أتت الثورة السورية في شهر آذار/مارس من العام نفسه لتقلب الطاولة على النظام السوري ومن خلفه إيران، وتراجع دور نظام الأسد من كونه لاعباً أساسياً في المنطقة إلى ورقة في يد إيران ومن ثم في يد روسيا، لكن هذه الفرصة، التي بدت ثمينة جداً للولايات المتحدة، لم تستغلها إدارة أوباما التي بدَت بمظهر المتردد أو طويل النفس، ما أجج ضراوة الاقتتال في سوريا، ومكن بشار الأسد من إطلاق المئات والآلاف من الجهاديين عام 2012 مقابل قتل الشباب الثائر أو سجنهم أو مطاردتهم، وهو ما أدى بالنهاية إلى سيطرة النموذج الجهادي على المشهد السوري، الذي التقى مع توتر المشهد العراقي حيث كان المالكي يصول ويجول، حتى ظهر تنظيم داعش قوةً كبيرةً على طرفي الحدود العراقية السورية.
لكن كل هذه التغييرات لم تدفع إدارة أوباما إلى التغيير في سياستها المترددة في حسم الصراع بالبلاد وسعيها لتوريط الجميع فيه حتى الإنهاك، بالإضافة إلى ترك ثورات الربيع العربي لُقمة سائغة أمام الثورات المضادة.
علاقة ترامب بالجمهوريين وأثرها في السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية
على الرغم من أن صعود ترامب ثم وصوله إلى رئاسة الجمهورية مؤشر خطير على عمق الأزمات التي تعيشها الولايات المتحدة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي المتعلق بمشاكل النيوليبرالية، وصولاً إلى الإشكالية الحقيقية للهوية الأمريكية بين مفهومي هوية عالمية ليبرالية أو هوية بروتستانتية إنجليزية، ومروراً بالجدالات الاقتصادية، والانقسام الأفقي والعمودي في المجتمع الأمريكي، على الرغم من كل هذا لا يمكن إخفاء أن الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات، لا تزال للمؤسسات العامة اليد العليا في صناعة القرار فيها، وهذه المؤسسات لا بد أن تحاول السيطرة على شخصية ترامب، الذي لا خبرة له في السياسة، ولا يحب حتى القراءة، وذو تاريخ مليء بالمغامرات الاقتصادية غير المحسوبة، وهو ما تجلى باختياره لفريقه من الجمهوريين المتشددين، بمعنى أن الفريق يأتي كحل وسط بين ترامب الجامح ومؤسسة الحزب الجمهوري.
وبالنظر إلى حجم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة، وعدم قدرة الإدارة الجديدة على تقديم أفضل مما قدمته إدارة أوباما في المجال الاقتصادي، فإنه من المرجح أن يكون الملف الخارجي هو المهرب الرئيس لإدارة ترامب، مدعوماً بفريق من المتشددين، أي المبادرة إلى التدخل المباشر، والتركيز على (الإسلام المتطرف) بصفته العدو الأول للولايات المتحدة. ولا بد من الإشارة إلى أن التوسع المستمر لاهتمام واشنطن بالشرق الأقصى لا يعني أنها تريد انسحاباً من الشرق الأوسط، وإنما تخفيفاً لفاتورة إدارته، وهو ما سيدفع بطبيعة الحال إلى العودة إلى التعاون الكثيف مع حلفائها التقليديين في المنطقة، وتحديداً تركيا ومصر ودول الخليج العربي.
انطلاقاً من سعي الولايات المتحدة لعدم بروز أي أيديولوجيا عالمية تنافس نموذجها، وسعيها لتعزيز سلطتها على العالم، مع ما يترافق مع تغيير الأسلوب (ما بعد حداثي) الناتج عن التحولات الكبرى في العالم؛ حيث برز حديث عن إقامة حلف (ناتو) عربي أو شرق أوسطي، فإن الولايات المتحدة في ظل حكم ترامب ستعمل على جعل العلاقات بين الأنظمة العربية أكثر مصلحية، وبعيداً عن الأبعاد الأيديولوجية والدينية، مع السعي الحثيث لمنع حصول تجانس اجتماعي بين المجتمعات العربية والشرق أوسطية عموماً، وهو ما سيجعل الخطوط العريضة للسياسات الأمريكية مع المكونات السياسية متمثلة بالآتي:
- الأنظمة العربية: مزيد من الانخراط في اقتصاد السوق هو الأولوية الكبرى للولايات المتحدة فيما تريده من الأنظمة العربية، وهذا الانخراط يقتضي ابتعاد الأنظمة العربية عن كل أيديولوجية قد تدفع إلى الحمائية الاقتصادية، لذا فإنه من المتوقع أن تبذل الإدارة الأمريكية مزيداً من الضغوط في هذا الاتجاه.
- الحركات الإسلامية: يرى ترامب في الحركات الإسلامية- بمختلف أشكالها- عدواً رئيساً للولايات المتحدة، وستعمد إدارته إلى العمل على تفكيكها، وربما إضافة العديد منها إلى قائمة المنظمات الإرهابية، في حين قد تتمكن الحركات الإسلامية التي تقر بعلمانية الدولة وباقتصاد السوق من تجنب المواجهة، كما هو الحال مع حركة النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، في حين ستمارس الولايات المتحدة مزيداً من الضغوط على الحركات الأخرى، وتحديداً حركة الإخوان المسلمين في مصر، وحركتي حماس والجهاد في فلسطين.
- ولاية الفقيه: بوصفها حالة خاصة تجمع بين مكونات الدولة واللادولة، وبين العلاقات الدولية الرسمية والعلاقات مع منظمات من خارج إطار الدولة، بالإضافة إلى التباس هويتها بين مذهبية شيعية وإحيائية إسلامية وإيرانية فارسية، تمتلك ولاية الفقيه الكثير من الأسباب للصدام مع الولايات المتحدة، وهو ما يعززه تقرير أولبرايت-هادلي الصادر أخيراً.
- المكونات العرقية والدينية: الخلفية السياسية لترامب وفريقه ترى في الدين والعرق مكوناً أساسياً في الثقافة، والعامل الأساس في السياسة، بشرط ألا يصل هذا الأمر إلى درجة تكوين أيديولوجيا عالمية عابرة، لذا فإن التمايزات الطائفية والعرقية في العالم العربي قد تصل إلى مستويات أكثر ارتفاعاً في عهد ترامب؛ نتيجة لسعي الإدارة الأمريكية المقبلة إلى تعزيزها.
- قوى الثورة: تتنوع ميول قوى الثورة العربية وبواعثها، وإذا كانت الثورة قدراً فإن توجيهها هو مهمة القوى السياسية المحلية والخارجية، وستعمل الولايات المتحدة في ظل حكومة ترامب على تفريغ البواعث الثورية من أبعادها الأيديولوجية، وحصرها في الأبعاد المطلبية، تحت طائلة التخلي عن الثورة في حال عدم تحركها بهذا الاتجاه.
السيناريوهات المتوقعة محلياً مع الملفات العربية
بناء على ما سبق فإن التوجه الأمريكي بخصوص الملفات العربية سيكون كالآتي:
1- النووي الإيراني وأمن الخليج
على الرغم من تصريحات ترامب السلبية تجاه دول الخليج، فإن الارتباط القوي بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، وسيطرة الأولى على تجارة النفط الدولية المسعرة بالدولار، يجعل محاولة أمريكا فك ارتباطها بدول الخليج مغامرة مزعجة جداً لمخيلات صانعي السياسة في واشنطن، في حين قد تؤثر سيطرة الصقور على إدارة ترامب في توسيع دائرة تصنيف منظمات الإسلام المتشدد لتشمل جهات وجماعات أخرى، وهو ما قد يعيد وضع إيران على رأس قائمة التهديدات للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الحديث عن نية ترامب إسناد وزارة الدفاع إلى الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس المعروف بمواقفه الصلبة تجاه إيران.
2- العراق
المسار العام للسياسة الأمريكية في العراق هو الدفع باتجاه الفدرلة، وهو ما تعارضه إيران وحلفاؤها، وعلى الرغم من عدم توقع تغير في الموقف الأمريكي بين عهدي ترامب وأوباما فإن الولايات المتحدة قد تتخذ موقفاً حازماً لمنع حلفاء إيران من إفشال مشروع إقامة إقليم جديد، أو مجموعة أقاليم جديدة في العراق، والذي يتوقع حدوثه بعد الانتهاء من المعركة ضد داعش. وإذا كان الموقف الأمريكي حازماً في منع الحشد الشعبي من دخول تكريت والموصل أيام أوباما، فالمتوقع أن يكون أكثر حزماً تجاه مثل هذه القضايا، بشرط توافر الظروف لدى العرب السنة لبلورة مشروع جامع لهم، على الأغلب ستكون الفدرالية هي بوصلته بعد أن كانوا في السنوات العشر التي تلت الغزو رافضين للفدرلة، ومطالبين باستمرار الدولة المركزية.
3- سوريا
على الرغم من الالتصاق الكبير بين نظام الأسد في سوريا والنظام الإيراني منذ بداية عهد بشار الأسد، تبقى الإدارة الأمريكية ميالة إلى الفصل بين مفهومي النظامين، وإبداء القناعة بإمكانية ضبط نظام الأسد وإخراجه من دائرة إيران أو غيرها وقت لزوم الأمر، وهو تصور يمتد منذ أيام حافظ الأسد، بعد ذلك أتت فترة الأسد الابن الذي تقارب أكثر مع إيران، واستعمل ورقة المنظمات الجهادية ضد أمريكا في العراق حتى نهايتها، لكن تصريحات ترامب غير المعترضة كثيراً على الأسد على العكس من إيران، توضح أن العمل على فصل النظامين قد يكون مشروعاً أمريكياً مقبلاً إذا اقتضت المصلحة ذلك.
وأتى مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي بأغلبية جمهورية، بتاريخ 15/11/2016، القاضي بفرض عقوبات على أي جهة تساعد الأسد في حربه على شعبه، مؤشراً على أن خيار الجمهوريين في المرحلة الرئاسية المقبلة هو رفع الضغط باتجاه حل الأزمة في سوريا، لكن هذا لا يعني بالضرورة التخلي نهائياً عن النظام القائم في سوريا، وإنما محاولة تطويعه بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وإيجاد إصلاحات تدريجية فيه، إذ إن النظام يقدم خدمتين قديمتين للولايات المتحدة؛ أولاهما أنه يقدم نفسه كنظام علماني، والآخر أنه نظام يدرك تماماً طبيعة التوازنات الحامية لإسرائيل، ويملك سقفاً محدوداً للمواجهة معها.
لذا يبدو أن السياسة الأمريكية المقبلة في سوريا ستكون استمراراً لسياسة أوباما، ولكن بشكل أكثر حدة ضد النفوذ الإيراني، وتساهلاً مع النفوذ الروسي، تمهيداً لعقد صفقة اتفاق وطني شبيه باتفاق الطائف في لبنان، ولإتمام ذلك ستكون كل من المنظمات الجهادية والميليشيات الطائفية الموالية لإيران هي موضع الاستهداف الأمريكي، سواء بشكل مباشر أو عن طريق آخرين.
4- الإسلاميون ومصر
تأتي تجربة مصر في قلب التجارب الإسلامية العربية، ولم تبد الإدارة الأمريكية ارتياحاً حقيقياً لأداء الإخوان المسلمين في مصر، على عكس علاقتها بالتجارب القريبة منها في كل من تركيا وتونس والمغرب، وتأتي قضية علمانية الدولة على رأس اهتمامات الإدارة الأمريكية في الموقف من الجماعات الإسلامية، لذا فإن أي جماعة لا تؤمن بعلمانية الدولة ستكون ضمن تصنيف العدو بالنسبة إلى الولايات المتحدة، علماً أن العدو الذي تحاول السياسة الأمريكية صناعة صورته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي هو (الإسلام المتشدد).
غير أن مركزية مصر في العالم العربي، وضرورة استقرارها للمنطقة ولأوروبا، ومركزية الحركات الإسلامية في مصر بالنسبة إلى الحركات الإسلامية في العالم العربي وباقي دول الانتشار الإسلامي، قد توجب على الإدارة الأمريكية المقبلة التفكير كثيراً قبل زيادة الضغط على الإخوان المسلمين في مصر، إذ إنه على الأغلب سيؤدي إلى مزيد من تأزيم علاقة الحركات الإسلامية بالغرب.
5- القضية الفلسطينية
تبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في الشرق الأوسط، وإذا كان عهد أوباما الديمقراطي قد أدى إلى بعض الانتصارات المعنوية للفلسطينيين؛ مثل توصيات بعض البرلمانات في أوروبا، وقرار اليونسكو اعتبار الأقصى آثاراً إسلامية، فإنه حتى هذه الانتصارات المعنوية قد تشهد تراجعاً في عهد ترامب، وقد يقود ذلك إلى مزيد من تفجر الأوضاع في الداخل الفلسطيني. كما أن طبيعة حركة حماس الإسلامية، وعلاقتها إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي مع إيران، ستكون سبباً أكثر من كاف لإدارة ترامب لإطلاق يد إسرائيل في قطاع غزة الذي قد يشهد حرباً جديدة، بالإضافة إلى تشديد الحصار على القطاع.
السيناريوهات الاستراتيجية على مستوى المنطقة العربية
قد تدفع السيناريوهات المحلية المذكورة سابقاً إلى سيناريو أكثر شمولاً يتمثل في مواجهة عسكرية كبرى في الشرق الأوسط، خاصة أن بؤر التوتر تزداد حماوتها، ومن الممكن أن نشهد الآتي:
- مواجهة بين ضفتي الخليج، وهو ما يدعمه الحديث الجدي لإنشاء الاتحاد الخليجي، والتلويح الإيراني بأنها تسيطر على مياه الخليج العربي، ما يعني أن إيران قد تحاول إفشال هذا الاتحاد عسكرياً.
- مواجهة تركية إيرانية، فمع التقدم الإيراني في كل من حلب والموصل، وهما من المدن المرتبطة مباشرة بالمصلحة الاستراتيجية التركية، قد تجد تركيا نفسها في موقع المواجهة مع إيران.
الدور العربي المطلوب في عهد ترامب
ليست الولايات المتحدة الآن هي تلك التي خرجت بفائض قوة كبير بعد الحرب العالمية الثانية، وليست هي أيضاً بنفس القدرة والجرأة على خوض الحروب كما حصل في التسعينيات من القرن الماضي وبداية القرن العشرين، وظهور قوى جديدة على الساحة الدولية مؤشر بالاتجاه نحو تعدد الأقطاب، ومزيد من السياسة الانكفائية للولايات المتحدة على المدى الاستراتيجي، وإن كان عهد ترامب سترتسم عليه محاولة إظهار القوة والجبروت.
لذا ومع تغير النظام العالمي، وبروز قوى إنتاجية جديدة، وتقدم الاقتصاد الإنتاجي على الاقتصاد الريعي، والانفتاح الكبير بين المجتمعات والطبقات الاجتماعية، تبرز أهمية إعادة تشكيل الأنماط السياسية والاقتصادية للعالم العربي، تقوم على:
- اتخاذ مواقف مبادرة للتدخل متى اقتضت الضرورة، مع دراسة القرارات الأمريكية التي قد تكون في أغلبها تصديراً للمشكلات، من دون اعتبار آثارها في دول المنطقة.
- دعم الاقتصاد الإنتاجي، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي العربي، من خلال الانفتاح على الاستثمارات العربية العربية، وتحقيق التكامل العربي العربي في هذه المجالات.
- إنشاء مجالس تعاون إقليمية أسوة بمجلس التعاون الخليجي؛ لخلق مزيد من التكامل السياسي والاقتصادي في المنطقة، تراعي بشكل أساسي الفوارق والمشتركات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعد الموت السريري الذي تعانيه جامعة الدول العربية، وظهور إخفاق الشعارات في تحقيق التكامل والوحدة العربية. وكذلك العمل الجدي على نقل مجلس التعاون الخليجي الى اتحاد خليجي.
- رفع الحوار الديني في المنطقة من مستوى الاتهام والتكفير والتخوين إلى مستوى تقبل الآخر وتفهمه.
- العمل على القضاء على مظاهر الميليشيات، وإعادة الهيبة العسكرية للجيوش، وحصر مهامها في الدفاع، وتغيير عقلية قوى الأمن نحو خدمة المواطن.