اتفاقية سوتشي

اتفاقية سوتشي .. المكاسب والتحديات

وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-24

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-24

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-24

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

أعلن الرئيسان؛ التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، مساء الاثنين 17 سبتمبر/أيلول 2018، التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف السيطرة على إدلب من قبل نظام الأسد، وإنشاء منطقة عازلة بمحيط محافظة إدلب السورية بعمق يبلغ ما بين 15-20 كم بحلول منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

جاء هذا الاتفاق بعد أيام قليلة من فشل المباحثات الثلاثية التي ضمت الرئيسين الروسي والتركي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في إيران. هذا، وقد لقي اتفاق سوتشي ترحيباً دولياً عالياً، ورأى فيه مراقبون نجاحاً للدبلوماسية التركية في تجنيب إدلب ويلات الحرب؛ لكونها آخر معاقل المعارضة السورية، وتؤوي كثيراً من النازحين السوريين. لكن يبقى السؤال: ما المكاسب التي حققها الطرفان من خلال هذا الاتفاق؟ وما أبرز التحديات التي قد تشكل عائقاً أمام نجاحه؟

أبرز بنود الاتفاق

ينص هذا الاتفاق على عدد من النقاط؛ من أهمها:

– إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 15- 20 كم على امتداد خط التماس بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية، بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

– ضمان التزام روسيا بعدم الهجوم على إدلب.

– ضمان روسيا بقاء تركيا شريكاً في مسار أستانة.

– إخلاء المنطقة المنزوعة السلاح من كل الجماعات المسلحة المتطرفة.

– سحب الأسلحة الثقيلة والدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع من فصائل المعارضة، وذلك بحلول 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

– اقتراح الجانب التركي استئناف النقل عبر طريقي حلب- اللاذقية، وحلب-حماة قبل نهاية عام 2018.

غياب إيران عن الاجتماع وموقفها منه

تعد إيران من الدول الثلاث الضامنة في مفاوضات الأستانة (4) التي تم فيها التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء مناطق آمنة بسوريا، وبموجب هذا الاتفاق كانت المباحثات الثلاثية بين رؤساء كلٍّ من روسيا وتركيا وإيران، في إيران في 7 سبتمبر/ أيلول، والتي لم يصل فيها المتحاورون إلى اتفاق وذلك لتعنت الجانب الإيراني الذي يؤيد مواصلة العمل العسكري، وهو السبب الذي أدى إلى غيابه هذه المرة عن اجتماع سوتشي، رغم مشاركته في اجتماعات الثلاثي الدولي المعني بتنفيذ بنود الأستانة كافة.

وعلى خلاف المتوقع سارعت إيران إلى إعلان تأييدها للاتفاق؛ حيث أشاد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بنتائج الاجتماع، واصفاً إياها بـ”الدبلوماسية المسؤولة”، وسيظل هذا الموقف هو الخيار الإيراني تجاه الاتفاق ما لم يكن هناك تراجع روسي، وذلك لعدد من الأسباب، من أهمها حاجة إيران إلى روسيا وتركيا، خصوصاً في هذا الظرف الذي تتعرض فيه للعقوبات الأمريكية.

المكاسب

ثمة مكاسب حققها الطرفان الروسي والتركي من خلال هذا الاتفاق، كما أن للاتفاق انعكاساته الإيجابية على المدنيين السوريين، في حين لم يحقق نظام الأسد أياً من المكاسب، بل خسر إدلب التي كانت بالنسبة إليه آخر معاقل معارضيه التي كان يرتب للهجوم عليها وإعلان استعادة آخر المعاقل التي تسيطر عليها المعارضة السورية.

ومن أبرز هذه المكاسب:

أولاً: المكاسب الروسية

–  أثبتت أنها اللاعب الأول في سوريا، وأنها هي صاحبة القرار الأول قبل النظام نفسه.

–  استطاعت أن تحافظ على تركيا كحليف استراتيجي؛ إذ ليس من مصلحة روسيا التفريط بتركيا.

–  الخروج بمخرج يحفظ لها ماء الوجه؛ وذلك أن المعركة التي كانت ترتب لها لم تحظ بضوء أخضر دولي، بل استخدمت أمريكا الفيتو ضد أي عملية عسكرية في إدلب، ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى تصلب الموقف الدولي ضد المعركة هو الخوف من موجة اللجوء التي ستزداد إذا ما قررت روسيا مع نظام الأسد السيطرة على إدلب التي يسكنها أكثر من أربعة ملايين سوري.

–  المحافظة على قواعدها العسكرية في طرطوس واللاذقية.

ثانياً: المكاسب التركية

–  نجاح الدبلوماسية التركية في تحقيق اختراق جديد في الملف السوري.

–  استطاعت تركيا الموازنة بين علاقتها المتحسنة مع النظام الروسي وموقفها الأخلاقي تجاه الشعب السوري.

–  قطع الطريق أمام التنظيمات الكردية، التي صنفتها تركيا على قائمة الإرهاب، من الوصول إلى البحر الأبيض.

–  الحد من موجة اللجوء السوري إلى تركيا، وتحقيق الحلم التركي في إقامة منطقة عازلة تؤوي المدنيين السوريين في وطنهم وتحميهم من مغامرات اللجوء.

–  تعزيز الوجود العسكري التركي في إدلب، وتقوية نقاط المراقبة الحالية التي أقامتها تركيا في منطقة خفض التوتر بإدلب، وتجهيزها لتصبح قادرة على حماية نفسها وحماية المدنيين السوريين.

–  تفكيك الجماعات المتطرفة، وإبعادها عن مناطق سيطرة المعارضة بدعم روسي.

ثالثاً: مكاسب المعارضة السورية

–  تجنيب إدلب الهجوم العسكري المرتب له من قبل النظام السوري وبدعم روسي.

–  التخفيف من اللجوء الخارجي ومغامراته وتأثيراته المستقبلية على بنيتهم الديمغرافية.

–  رفع الأمل المتعلق بإمكانية التوصل إلى حل سياسي.

التحديات

في طيات هذا الاتفاق عدد من التحديات، سواء المتعلقة بكيفية تطبيق بنود الاتفاق، أو تلك المتعلقة بالنقاط المفخخة التي قد تشكل ذريعة لأحد الأطراف في الانقلاب على الاتفاق أو الالتفاف عليه ما لم تكن هناك تفاهمات حقيقية بين الطرفين، ومن هذه التحديات:

– إخلاء إدلب من المجموعات المسلحة وتحديد وجهتهم

تحوي إدلب الآلاف من العناصر المسلحة، وإخلاؤها منهم يعد تحدياً أمام تركيا، خصوصاً تلك المجموعات القادمة من خارج سوريا، أو الجماعات المصنفة إرهابيةً، مثل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، والتنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة (جيش البادية، وجيش الملاحم، والحزب التركماني الإسلامي)، وكذلك تنظيم (داعش). أما بالنسبة إلى المقاتلين السوريين فأغلبهم في لواء تحرير الشام أو فصائل قريبة منه، وهي مجموعات لا تحمل فكراً إرهابياً، وهذا ما يسهل دمجهم في قوات الجيش الحر أو الجبهة الوطنية للتحرير، لكن فيما يتعلق بالمجموعات السابقة فنحن أمام خيارين:

الخيار الأول: تفكيك تلك المجموعات سلمياً وتحديد وجهتها؛ وهذا الخيار يحتاج إلى خبرة أمنية وسياسية لدى الأتراك لتفكيك المجموعات المسلحة وتجاوز معضلة المواجهة المباشرة معها، وتجنيب المدنيين الذين تتترس بهم ويلات الحرب، وتوفير وسائل آمنة لهذه المجموعات تضمن سلامتهم. وهذا الخيار ربما هو المرجح، لكنه يتطلب إعادة تأهيل هذه المجموعات ودمجها، أو تسهيل خروجها إلى المناطق التي ترغب في الخروج إليها، مع الأخذ في الحسبان أن هناك جزءاً من قيادات هذه المجموعات لها ارتباطات ببعض أجهزة المخابرات، وهذا ما يتطلب جهداً أكبر من الأتراك.

الخيار الثاني: المواجهة المسلحة؛ وهذا الخيار قد تلجأ إليه تركيا في حال رفضت تلك المجموعات الاستسلام، وهو خيار قد تستدرج إليه تركيا لاستنزافها أكثر، من أجل أن يسهل على الأطراف الخارجية تحقيق أهدافها، سواء تلك المتعلقة بتقسيم سوريا أو اختراق الأمن القومي التركي.

وفي حال نجحت تركيا في تفكيك تلك المجموعات فهناك تحدٍّ آخر يتعلق بالسلاح، سواء ما يتعلق بنزعه أو ما يتعلق بتحديد مصيره؛ أإلى تركيا أم إلى روسيا.

– تحدي الوقت

ثمة تحديات أخرى تتعلق بالوقت، سواء ما يتعلق بالوقت المحدد لتنفيذ بنود الاتفاق، وهل سيسير حسب التوقيت الزمني المحدد له أم لا، أو ما يتعلق بالمدى الزمني لسيره، وهل سينتهي سياسياً أم عسكرياً، لأن هناك من يرى أن روسيا تريد اتفاقاً سياسياً يحقق رغبتها، ومن ثم فإن التزمين الواقعي للاتفاق سيكون ضامناً لنجاحه.

– الاختراق من الأطراف غير المشاركة في الاتفاقية

وهذا التحدي يكمن في انقلاب تلك الأطراف غير الموجودة في الاتفاق لكن لها صلة مباشرة به، سواء إيران أو نظام الأسد أو المجموعات المسلحة، فانقلاب إيران وارد لكن بنسبة ضئيلة كما سبق، أما نظام الأسد فإنه ينظر إلى الاتفاق على أنه مؤطر زمنياً، وموقفه من السيطرة على إدلب واضح، ومن ثم فإنه قد يسعى لتحقيق أهدافه من خلال هذا الاتفاق، وهذا ما يجعل  خيار خروجه على الاتفاق محتملاً؛ لأنه لا يريد أي حل سياسي، وسيظل يناور، وربما يستغل فرصة نزع السلاح لتحقيق أهدافه، أما ما يتعلق بالجماعات المسلحة فإن أمر اختراقها للاتفاق وارد، خصوصاً بعد رفض قيادات من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) لهذا الاتفاق.

الخاتمة

إن هذا الاتفاق لا يعني تجنيب إدلب خيار الحرب، فقد تجد هذه الأطراف نفسها مضطرة إلى خوض غمار المواجهة لتطبيق بنود الاتفاق، خصوصاً إذا وصلت إلى طريق مسدود مع المجموعات المسلحة داخل إدلب، لكن يبقى لهذا الاتفاق فوائده التي تعود على كل الأطراف، وهذا ما يعزز من فرص نجاحه، يضاف إلى ذلك التأييد الدولي للاتفاق.

ومع هذا تظل فرص نجاح الاتفاق أو فشله قائمة، ولعل ما يرجح نجاح الاتفاق حاجة روسيا إلى تركيا في هذا التوقيت خاصة، وكون مصلحتها مع تركيا أكبر من مصلحتها من إدلب، إضافة إلى أن روسيا وتركيا مصممتان على مواصلة مسار أستانة بكل قوته، لكن مع هذا يظل خيار الانقلاب من أحد الأطراف على هذا الاتفاق أو الالتفاف عليه وارداً.

الكلمات المفتاحية :