هل تنجح الاطراف اليمنية

هل ستنجح الأطراف اليمنية في تنفيذ اتفاق ستوكهولم

وحدة الرصد والتحليل

|

2018-12-19

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-12-19

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-12-19

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يوم الجمعة 14 ديسمبر/كانون الأول الحالي، توصل الأطراف اليمنية في ختام مشاوراتهم في السويد، إلى تفاهمات تقضي بتبادل أكثر من 16 ألف أسير، ووقف لإطلاق النار في محافظة الحديدة (غربي اليمن)، وانسحاب جميع القوات المقاتلة من مينائها وميناءي الصليف ورأس عيسى، إضافة إلى تفاهمات أولية حول محافظة تعز (جنوب غربي اليمن). في حين أخفقت المشاورات في التوصل إلى تفاهمات حول ملفات أخرى كالاقتصاد والبنك المركزي ومطار صنعاء، وبالرغم من التفاؤل الذي أبدته الأمم المتحدة والترحيب الدولي والإقليمي بالاتفاق، إلا أن تفسيرات المتفاوضين المتباينة، أثارت عددا من التساؤلات، حول طبيعة الاتفاق وإمكانية نجاحه.

أبرز بنود الاتفاق

نص الاتفاق على ثلاث قضايا معلنة، وهي:

1- مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى

تضمن هذا الملف وقفاً فورياً لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإعادة انتشار القوات لمواقع متفق عليها، وعدم استقدام تعزيزات أخرى، وإنشاء لجنة تنسيق لإعادة الانتشار مشتركة ومتفق عليها برئاسة الأمم المتحدة، التي ستشرف على عملية الانتشار وإزالة الألغام، كما ينص الاتفاق على تقديم اللجنة تقريرا أسبوعيا من خلال الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن. وتضمن الاتفاق أيضاً تعزيز دور الأمم المتحدة في الإشراف على المدينة والموانئ التابعة لها، بالإضافة إلى تسهيل حرية حركة المدنيين.

أما ما يتعلق بمسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى فقد نص الاتفاق على أن تقع على عاتق قوات الأمن المحلية وفقاً للقانون اليمني، ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، ومن ضمنها المشرفون، ويتم استكمال إعادة الانتشار المشترك الكامل لكل القوات من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى خلال مدة أقصاها 45 يوماً من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.

2- تبادل الأسرى والمعتقلين، وهو الملف الذي تم الاتفاق عليه قبل المشاورات.

أكد الاتفاق حول هذا الملف على إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسرياً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية، ومن بينهم وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس ناصر منصور هادي، والسياسي محمد قحطان.

وأشار الاتفاق أيضاً إلى تأسيس فريق عمل تقني بمشاركة الحكومة اليمنية والحوثيين ومكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة باليمن ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، يركز بشكل حصري على الأوجه اللوجستية والتقنية للتبادل.

3- التفاهمات حول تعز.

تضمنت التفاهمات حول تعز تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين تضم ممثلين من المجتمع المدني وبمشاركة الأمم المتحدة، ويسمي الطرفان ممثليهما في هذه اللجنة، وتُسلَّم الأسماء إلى مكتب المبعوث الأممي للأمم المتحدة في موعد لا يتعدى أسبوعاً من تاريخ انتهاء مشاورات السويد، بعد ذلك تحدد الأمم المتحدة موعد ومكان الاجتماع الأول للجنة المشتركة، ثم تحدد اللجنة صلاحياتها وآلية عملها، وتقدم تقريراً عن سير أعمالها إلى الاجتماع التشاوري.

حيثيات ومعطيات الاتفاق

جاء هذا الاتفاق بعد محاولات تفاوض متكررة بإشراف الأمم المتحدة، كما أتى بعد قرارات أممية لم تلتزم جماعة الحوثي منها بشيء، إضافة إلى أن هذا الاتفاق جاء في ظل تفاقم الوضع الإنساني في اليمن عموماً، وهي القضية التي بسببها تعرضت الحكومة الشرعية والتحالف العربي للضغط؛ لتحقيق تسوية، وذلك عبر التفاوض مع جماعة الحوثي، في حين يُغفل المجتمع الدولي أن الحوثي هو المسيطر على الموانئ الثلاثة في الحديدة، والمسيطر على ما يأتي عبرها من مساعدات إنسانية، وهو المسؤول الأول عن حصار تعز وعدم إيصال المعونات الإنسانية لها، ولم يتم التوصل معه إلى حل بشأن ملفات أخرى لها مردودها الإيجابي على المواطن اليمني؛ مثل مطار صنعاء والبنك المركزي.

يأتي هذا الاتفاق كذلك بعد تحقيق تقدم ملموس للقوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي على مشارف مدينة الحديدة، وحرصها على استعادة المدينة، وهو ما يخشاه الحوثي؛ لأن سقوطه عسكرياً في الحديدة يعد ضربة معنوية لأنصاره ونهاية لأكبر مصدر تمويل بالنسبة له، والاتفاق- وإن كان في ظاهره نصراً سياسياً للحوثي- تراه الحكومة الشرعية انتصاراً عسكرياً لها.

جاء هذا الاتفاق في وقت لم تستطع فيه دول التحالف العربي تحقيق نموذج حقيقي على الأراضي المحررة، إضافة إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي، ورصد المجتمع الدولي لهذه القضية وغيرها، وهو ما يجعل الحكومة الشرعية تخشى أن تجد نفسها في قادم الأيام وحدها، خصوصاً في حال كانت هناك تفاهمات مشتركة بين المجتمع الدولي والحوثيين ودول الإقليم.

من الملاحظ أن هناك ضغطاً دولياً كبيراً مورس على الأطراف، ربما لتغطي من خلاله الأمم المتحدة إخفاقاتها المتكررة محلياً وإقليمياً، ولهذا رحب الجميع بالاتفاق بما في ذلك المجتمع الدولي والإقليمي وخصوصاً دول التحالف وإيران، فالسعودية رحبت بالاتفاق عبر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية؛ أما الإمارات فقد رحب وزير الدولة للشؤون الخارجية فيها، أنور قرقاش، في سلسلة تغريدات على صفحته في “تويتر” بالقرار، وقال: “نرحب باتفاق السويد، ونرى نتائج الضغط العسكري الذي مارسته قوات التحالف العربي والقوات اليمنية على الحوثيين في الحديدة يؤتي ثماره ويحقق هذه النتائج السياسية”، حسب قوله؛ ورحبت إيران كذلك بالاتفاق على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، الذي أشار إلى أن الاتفاقيات بين الأطراف تعكس إدراكها لحال الشعب اليمني.

ومن الملاحظ أن هذا الاتفاق ساوى بين الحكومة الشرعية وبين المليشيات المتمردة (حسب توصيف قرارات مجلس الأمن نفسه)، ومن ثم فإن اتفاقاً كهذا قد يعد تطوراً خطيراً في الملف اليمني، لكونه لم يلتزم بالمرجعيات السابقة المتمثلة بالمبادرة الخليجية ووثيقة الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي مرجعيات ملزمة للجميع، ومن ضمنهم الحوثيون، والعجيب أن الاتفاق لم يشر إليها، وخصوصاً القرار الأممي 2216 الصادر في أبريل/ نيسان 2015، وهو القرار الذي جرم انقلاب الحوثي وصالح، ودعا إلى تسليم مؤسسات الدولة التي سيطروا عليها.

وبناء على هذا فإنه يُخشى أن يكون هذا الاتفاق مؤسِّساً لاتفاقيات قادمة تلغي الاتفاقيات والقرارات والمرجعيات السابقة، وتترتب على ضوئه قرارات أخرى تجعل الحكومة الشرعية طرفاً في النزاع مثلها مثل الحوثي، كما أن الاتفاق يسمح باستقدام قوات أممية للإشراف على تنفيذه، وهذا ما يفتح المجال لتدخلات دولية أخرى. في المقابل فإن جماعة الحوثي وقعت على اتفاق طالما أسرفت في التحذير منه.

غموض الاتفاق

يدرك الجميع أن التوقيع على بنود الاتفاق لم يتم وخصوصا ملفي الحديدة وتعز، كما أن هذا الاتفاق لم يستوعب القضية اليمنية كاملة، إضافة إلى الغموض في بعض بنوده، وخصوصاً تلك البنود التي ترتب ما بعد إعادة الانتشار خارج مدينة الحديدة، حيث أشار الاتفاق إلى أن “مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن المحلية، وفقاً للقانون اليمني، ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، بما فيها المشرفين”، فهذا النص أحد النصوص المشْكِلة، سواء فيما يتعلق بالمؤسسات المحلية أو المشرفين، ولهذا يصر الحوثيون على أن إعادة الانتشار هي في توطين مليشياتهم المسلحة في المؤسسات الحكومية وإعادة تموضعها باسم القوات المحلية، كما صرح بذلك رئيس وفد الحوثيين المفاوض محمد عبد السلام، خصوصاً أن جماعة الحوثي مستمرة في إغلاق الشوارع داخل مدينة الحديدة، وإقامة الحواجز، وتبديل عناصرها المسلحة الموجودين داخل المدينة زيَّهم الشعبي بالزي الأمني، ومواصلة حملات الاعتقال، ومحاولة تحقيق اختراق عسكري جنوب مدينة الحديدة، حسب اتهامات الحكومة الشرعية لها، إضافة إلى تغريدات عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، محمد البخيتي، على صفحته على الفيسبوك، التي هدد من خلالها السعودية والإمارات بالاجتياح، كل هذه المؤشرات توحي بعدم جدية جماعة الحوثي في التعاطي الإيجابي مع الاتفاق.

تفهم الحكومة اليمنية أن الاتفاق يلزم الحوثيين بالخروج من الحديدة وتسليم السلطة الشرعية مسؤولية الأمن وإدارة المؤسسات بشكل كامل، كما ذكر نائب رئيس وفد الحكومة المفاوض عبد الله العليمي في صفحته على تويتر، وفي ذات السياق يشير عضو الوفد الحكومي ياسين مكاوي إلى أن هناك ضمانات دولية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بأن السلطات الشرعية هي من ستتسلم هذه الموانئ بإشراف أممي، وهذا قد يبدو مستحيلا عند جماعة الحوثي.

السيناريوهات

بناء على المدركات والحيثيات السابقة، وطبيعة الاتفاق، فإن من الملاحظ أن المبعوث الأممي نجح نوعاً ما في تحقيق اختراق في الملف السياسي خروجاً من الضغط الدولي حول الحالة الإنسانية في اليمن. لكن تظل المشكلة قائمة؛ وذلك أن طبيعة الاتفاق نفسه لم يستوعب القضية اليمنية كما هي، كما أن هامشية تعز في الاتفاق، والتي توحي أنها ذُكرت خروجاً من ضغط بعض الأطراف فقط، وتركيز الاتفاق على الحديدة أكثر، يثير مخاوف البعض حول جديته، إضافة إلى أن غموض بعض البنود قد يكون مبرراً للتنصل منها لاحقاً، كما أن مصداقية الأمم المتحدة نفسها تجاه اليمن لم تعد ذات جدوى، خصوصاً أنها عجزت عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن السابقة. ولهذا قد تكون أمامنا ثلاثة سيناريوهات محتملة.

السيناريو الأول: النجاح الجزئي للاتفاق

يفترض هذا السيناريو النجاح الجزئي للاتفاق وهذا هو المرجح، والنجاح الجزئي قد لا يتجاوز ملف مدينة الحديدة ومينائها، وملف الأسرى، وخصوصاً الهامشيين منهم، وهذا السيناريو يبدو راجحا إذا كانت هناك أهداف دولية لما بعد النجاح، لأن من الواضح أن القضية اليمنية أصبحت ورقة مزايدة في يد أطراف أخرى إقليمية ودولية، كذلك في حال ما إذا أبدت الأمم المتحدة خطوات جدية في الضغط على الأطراف لتشكيل قوات أمن محلية يعترف بها الجميع، لأنه يبدو من المستبعد أن يسلم أحد الطرفين للآخر، إضافة إلى خشية اجتياح القوات المشتركة للمدينة، وهذا ما يرفضه المجتمع الدولي، الذي قد يضطر للضغط على جماعة الحوثي للتنفيذ الجزئي للاتفاق، نزولا تحت الأمر الواقع.

السيناريو الثاني: فشل الاتفاق

تشعر جماعة الحوثي أنه ليس من مصلحتها رفع يدها عن الحديدة، كما تدرك الإمارات العربية المتحدة، المشرفة على القوات المشتركة المرابطة جنوبي الحديدة، أن الاتفاق قضى على مصلحتها في استكمال السيطرة على الساحل اليمني ومواصلة تسليم الجزء الغربي من اليمن لقوات طارق صالح الموالية لها، كما أن في إصرار جماعة الحوثي على تسليم الحديدة للعناصر المسلحة التابعة لها من الحديدة ما يوضح عدم جديتها، وهذا ما تؤكده تصريحات الجماعة، ولا سيما تصريح عضو الفريق المفاوض عبد الملك العجيري الذي أكد أن التفاوض لم يتضمن انسحابهم من الحديدة وإنما انسحاب القوات العسكرية فقط، وإيجاد قوات محلية عن طريقهم، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به الحكومة الشرعية.

السيناريو الثالث: نجاح الاتفاق

الترحيب الدولي الواسع بالاتفاق، والإشراف العسكري من قبل الأمم المتحدة على محافظة الحديدة، إضافة إلى وجود القوات المشتركة التابعة للتحالف على مشارف مدينة الحديدة، وحرص الحوثي على عدم السقوط العسكري في الحديدة، هذه المؤشرات الأربعة توحي بإمكانية نجاح الاتفاق، لكن عدم التزام جماعة الحوثي في المرحلة الماضية باتفاقيات مشابهة، وضعف إرادة الأمم المتحدة في إلزام الجماعة بتطبيق قرارات مجلس الأمن، حتى تلك القرارات الداخلة تحت الفصل السابع ، تجعل إمكانية فشله كلياً أو جزئياً هي المرجحة.

الكلمات المفتاحية :