استطاع الأكراد السوريون خلال السنوات الأخيرة الاستفادة من حالات الصراع التي شهدتها سورية، فقد تمكنوا في عام 2016 من إنشاء (الفيدرالية الديمقراطية لشمال سورية)، التي تحول اسمها لاحقاً إلى (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية)، في المنطقة التي يحكمونها منذ 2012
مقدمة
استطاع الأكراد السوريون خلال السنوات الأخيرة الاستفادة من حالات الصراع التي شهدتها سورية، فقد تمكنوا في عام 2016 من إنشاء (الفيدرالية الديمقراطية لشمال سورية)، التي تحول اسمها لاحقاً إلى (الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية)، في المنطقة التي يحكمونها منذ 2012.
وحظي الأكراد السوريون باهتمامٍ ودعمٍ من القوى الدولية، خاصة الغربية منها، خلال السنوات الماضية التي أعقبت اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد منذ 2011، وتصاعد نفوذ تنظيم داعش المسلح، تحت لافتة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، مستفيدين من مظلة القواعد العسكرية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا التي أقيمت في المناطق المحادة للحدود التركية والعراقية.
وتبدو الجمهورية التركية أكثر الدول حساسية- حتى مع المقارنة بتلك التي فيها أقليات كردية (إيران وسورية والعراق)- من دوافع الدعم الغربي لأكراد سورية وتداعياته، ومن أي محاولة كردية لتأسيس أي كيان يتحكمون فيه بالسيطرة والإدارة في المناطق التي يوجدون فيها.
وعلى الرغم من الخسائر التي تلقاها الأكراد السوريون نتيجة تدخل تركيا العسكري في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون شمال سورية، فما زال مشروعهم يحظى بدعم غربي عسكرياً وسياسياً، ويثير هواجس تركيا تجاه تداعياته على أمنها القومي، وهو ما انعكس سلباً على مسار علاقات تركيا بالدول الحليفة لها في حلف الناتو.
قبل ذلك؛ أثَّر الملف الكردي في العلاقات السورية التركية خلال حكم الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، إذ لطالما استخدم حافظ الأسد الورقة الكردية ضد تركيا. وبعد أن شهدت العلاقات بين البلدين تحسناً في عهد بشار، سرعان ما انهارت نتيجة دعم تركيا للثورة السورية بعد أن أخفقت في إقناع الأسد في إحداث إصلاحات سياسية.
تناقش هذه الدراسة خلفية الصراع، والتعريف بالقوى الكردية، وأبرز الشخصيات الفاعلة فيها، ومن ثم تتناول مطالب أكراد سورية، وصيرورة التطورات، وتأثير الملف الكردي في العلاقات السورية التركية، بالإضافة إلى مواقف القوى الإقليمية والدولية، ثم تختتم بمحاولة استشرافية لمستقبل مشروع أكراد سورية وتأثير الدور التركي فيه.