افاق التصعيد في منطقة الخليج

آفاق التصعيد العسكري في منطقة الخليج

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-05-30

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-05-30

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-05-30

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

تشهد منطقة الخليج العربي سلسلة من الهجمات والتصعيد العسكري، طالت المصالح السعودية والإماراتية، وهو ما رأت فيه الدولتان؛ السعودية والإمارات، تهديداً للمصالح الدولية؛ بسبب الطبيعة الاقتصادية للأهداف المستهدفة، منذ هجوم 12مايو/أيار الذي استهدف أربع ناقلات نفط، بينها سفينتان مملوكتان للسعودية قبالة السواحل الإماراتية بالقرب من ميناء الفجيرة؛ وكذلك ضرب أنبوب ضخ نفط شركة أرامكو السعودية؛ رافقها إرسال قوات أمريكية إلى المنطقة، رفعت مستويات التصعيد المتواصل وجعلت المنطقة على مشارف حرب بين الجمهورية الإيرانية وحلفائها في المنطقة، وخاصة جماعة الحوثي المسلحة في اليمن (أنصار الله)، من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة، من جهة أخرى.

أظهرت الأحداث التي دفعت ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إلى الدعوة لعقد قمتين طارئتين، عربية وخليجية، في مكة، في الثلاثين من مايو/أيار الجاري، على هامش مؤتمر القمة الإسلامية الاعتيادي؛ خطورة الوضع الأمني في منطقة الخليج العربي، وحملت الأحداث رغبة بعض أطراف الصراع، أو طرف ثالث، في إرسال رسائل تحذر من كُلف التصعيد وخطورة الحرب على إيران، أو التسبب في إشعال حرب عليها، في ظل سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، التي اعتادت على استعراض القوة في المنطقة.

يستعرض تقدير الموقف سياقات الهجمات التي حدثت والتصعيد الجاري، متناولاً الدوافع والمواقف الدولية، ومستشرفاً آفاق التصعيد في سيناريوهات محددة.

السياقات

وقعت الهجمات بعد مجموعة من الإجراءات العقابية التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد جهات ومصالح إيرانية، وإعلانها إرسال قوات إضافية إلى المنطقة، عقب توفر تقارير لديها تتوقع هجمات ضد المصالح الأمريكية وحلفائها. وكانت إدارة ترامب أعلنت، في 22 أبريل/ نيسان، أنها ستتوقف عن منح الإعفاءات من العقوبات المفروضة على شراء النفط الإيراني ابتداءً من مطلع شهر مايو/أيار الجاري، ويهدف القرار إلى تصفير صادرات إيران النفطية. ولم تكتفِ الإدارة الأمريكية بالانسحاب من الاتفاق النووي بشكل أحادي، بل عملت على فرض عقوبات اقتصادية على العديد من المؤسسات والشخصيات الإيرانية، وفرضت أيضاً عقوبات على قطاعات التعدين، وصنفت الحرس الثوري منظمة إرهابية، وحذرت الشركات الأجنبية من اختراق العقوبات والتعامل مع تلك الجهات.

ففي 12 مايو/أيار وقعت حوادث تخريب في المياه الاقتصادية الإماراتية، بحسب وصف وزارة خارجيتها، ألحقت أضراراً بأربع ناقلات نفط، من ضمنها سفينتان سعوديتان. كانت السفن- وفقاً لمصادر (معهد واشنطن)- يبعد بعضها عن بعض ما بين خمسة كيلومترات واثني عشر كيلومتراً قبالة السواحل الإماراتية بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي.

موقع مسرح الهجمات خارج مضيق هرمز، ونوعية الإصابات المحدودة للسفن المتباعدة، حملت رسائل تضمنت القدرة على إحداث الضرر، مع عدم الرغبة في إلحاق ضرر فادح بالسفن هذه المرة، وعدم اقتصار القدرة على التهديد في مضيق هرمز ومياه الخليج العربي فقط.

وفي 14 مايو/أيار أكد وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، خالد الفالح، أن طائرتين من دون طيار أطلقهما الحوثيون في اليمن استهدفتا محطتي ضخ على طول خط أنابيب شرق المملكة العربية السعودية الذي يحمل النفط من حقول في المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر. في المقابل أعلن الحوثيون شن سبع طائرات مسيرة هجمات ضد منشآت حيوية، من ضمنها شركة أرامكو في العاصمة السعودية الرياض.

تصعيد جماعة الحوثي جاء بعد فترة من الهدوء في جبهات المواجهات العسكرية، وإرسالهم عدة رسائل عن رغبتهم في المفاوضات، كما لوحظ خلال الفترة شبه توقف لطيران التحالف عن قصف المواقع في العاصمة اليمنية صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.

وكانت وكالة الأنباء اليمنية سبأ (النسخة التي يديرها الحوثيون) قد نقلت عن مصدر عسكري بمليشيا الحوثيين قوله إن استهداف منشآت تابعة لشركة أرامكو السعودية بداية لعمليات عسكرية ضد 300 هدف حيوي وعسكري. وقالت الوكالة، نقلاً عن المصدر، إن الأهداف تشمل مقار ومنشآت عسكرية في الإمارات والسعودية. وفي العاصمة العراقية بغداد سقط صاروخ كاتيوشا جوار السفارة الأمريكية يعتقد بأنها كانت هدفاً له.

وفي 15 مايو/أيار أمرت وزارة الخارجية الأمريكية الموظفين الحكوميين غير الأساسيين بمغادرة السفارة الأمريكية في بغداد والقنصلية الأمريكية في أربيل، كما أوردت رويترز في 15 مايو/أيار 2019.

مواقف ودوافع الأطراف المتصارعة

منذ سنوات والعلاقات السعودية الإيرانية تعاني من التأزم، حيث تتهم السعودية إيران بإدارة حرب بالوكالة عليها، وزعزعة استقرار دول المنطقة؛ في حين تشهد العلاقات الإيرانية الأمريكية، بعد تولي دونالد ترمب الرئاسة، انهيارات للاتفاقات وتوترات عدة، من جراء العقوبات الأمريكية؛ أما دولة الإمارات فتحاول الموازنة بين مصالحها الاقتصادية وتحجيم النفوذ الإيراني، معتمدة على الدور السعودي والأمريكي. من جهتها تعمل إيران على الالتفاف على العقوبات الاقتصادية، وتجنب الحرب، وكسب مواقف الدول الكبرى التي لا تروق لها سياسة الرئيس الأمريكي.

– موقف السعودية

تعاملت السعودية مع الهجمات، بعد أن أقرت بوقوعها وصنفتها إرهابية- وفق البيان الصادر عن اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز (9 رمضان 1440هـ الموافق 14 مايو/أيار 2019م، وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس)- في اتجاهين؛ الأول: توجيه الاتهامات لإيران وحلفائها في اليمن (جماعة الحوثي المسلحة)، والاتجاه الثاني: اعتبار الهجمات على المنشآت المستهدفة تهديداً للمصالح الدولية؛ بصفتها مصادر للطاقة (نفط) وسفن نقلها، وطالبت المجتمع الدولي بالضغط على إيران. وتعهدت المملكة ببذل الجهود لمنع اندلاع حرب في المنطقة، ودعا الملك سلمان بن عبد العزيز إلى عقد قمتين؛ خليجية وعربية، في مكة، يوم 30 مايو/أيار الجاري، على هامش انعقاد القمة الإسلامية الاعتيادي، لبحث التداعيات على استقرار المنطقة، ومن المتوقع أن تخرج القمم بتأييد الموقف السعودي وتوجيه رسائل ضغط تجاه إيران.

وكان نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، قد ذكر في حسابه بتويتر، في الـ16 من مايو/أيار، أن ما قامت به المليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم إرهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة أرامكو السعودية يؤكد أنها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران وخدمة مشروعها التوسعي في المنطقة، لا لحماية المواطن اليمني كما يدعون.

بدوره عدَّ وزير الشؤون الخارجية عادل الجبير (16 مايو/أيار) أن الحوثي يؤكد يوماً بعد يوم أنه ينفذ الأجندة الإيرانية ويبيع مقدرات الشعب اليمني، وقراراته لمصلحة إيران، وأنه- أي الحوثي- جزء لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني، ويأتمرون بأوامره، وأكد ذلك استهدافه منشآت في المملكة.

وكانت المملكة أعلنت ترحيبها بوقف إعفاءات نفط إيران، ودعمها للخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية لحمل النظام الإيراني على وقف سياساته المزعزعة للاستقرار ودعمه ورعايته للإرهاب حول العالم. كما عملت الحكومة السعودية على الانفتاح على الحكومة العراقية.

– موقف الإمارات

موقف الإمارات العربية المتحدة بدا أكثر حذراً في توجيه الاتهامات، ولم تفصح عن نتائج التحقيق الذي قالت إنها ستجريه، ويلاحظ وصفها للهجمات التي طالت السفن بالتخريب، بما يفتح المجال للتدخلات الدولية، التي قد تصنفها كأعمال إرهابية تضر بالمصالح الدولية، ومن ثم تحويل الصراع من السياق الثنائي مع إيران، التي تربطها بها مصالح اقتصادية كبيرة، إلى صراع إقليمي دولي.

– موقف إيران

تسعى إيران إلى تجنب الحرب المباشرة مع الولايات المتحدة، ومقاومة العقوبات التي فرضتها عليها، حيث تدرك خطورتها، على المديين القريب والمتوسط، على مكانتها واقتصادها الضعيف والمنهك، وقدراتها العسكرية، وخطورة التداعيات الاجتماعية والأمنية وانعكاسها السلبي على زعزعة الاستقرار وقدرة تمويل حلفائها في المنطقة.

وقد نفت إيران علاقتها بالتفجيرات، ابتداءً بالهجمات، وألمحت إلى التشكيك فيها، وأشارت إلى دولة ثالثة، ولاحقاً تحدث المسؤولون عن رغبة دول المنطقة في جر الولايات المتحدة إلى حرب معها؛ حيث اتهم حشمت الله فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، المملكة العربية السعودية بأنها تسعى إلى جر المنطقة إلى “الفوضى العارمة”، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

كما رفضت إيران العودة إلى المفاوضات تحت التهديدات والعقوبات، وطالبت الدول المتبقية في الاتفاق النووي بالوفاء بالتزاماتها الاقتصادية، وأعلنت تعليق بعض التزاماتها في الاتفاق النووي ومضاعفة تخصيب اليورانيوم أربعة أضعاف. وأكدت الخارجية الإيرانية الرفض الكلي لتخييرها بين التفاوض والحرب، مؤكدة قدرة إيران على الصمود والمواجهة.

وقد كشفت تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي الناقدة لمواقف وأداء بعض المسؤولين (الإصلاحيين) في المفاوضات وإدارة الأزمة عن حجم التباينات التي حاولت حكومة الرئيس حسن روحاني تبديدها، والطلب من الشعب والقيادة مؤازرة الحكومة لمقاومة التهديدات.

وقد بدا واضحاً خشية القيادة السياسية الإيرانية من تداعيات التصعيد، والحرص على تجنب الحرب وتطمين الشعب الإيراني، ففي 14 مايو/أيار وصف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي فكرة إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة بأنها “سمّ”، لكنه في الوقت نفسه طمأن الشعب إلى أنه “لا نحن ولا هم يسعون إلى الحرب، إنهم يعلمون أن ذلك لا يصب في مصلحتهم”.

وفي ذات السياق جاءت تصريحات قيادات الحرس الثوري المستبعدة لاندلاع الحرب، مع تأكيد أن تحركات السفن الحربية الأمريكية في المنطقة تحت السيطرة الكاملة للجيش الإيراني والحرس الثوري. وقد فشل رهان إيران على ارتفاع أسعار النفط، وعلى وفاء الدول الموقعة على الاتفاق النووي بالتخفيف من العقوبات ومساعدة اقتصادها.

– موقف الولايات المتحدة

أعلنت إدارة الرئيس ترامب توفر تقارير لديها تتوقع هجمات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وادعت أن إيران حرضت حلفاءها من الجماعات المسلحة في دول المنطقة على استهداف المصالح الأمريكية. وصرحت بأن إرسالها “قطعاً بحرية هجومية تقودها حاملة الطائرات (أبراهام لنكولن)، وقاذفات بعيدة المدى بي 52، مع بطاريات صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ”، هي لردع إيران ومنع الهجمات المحتملة، لا لخوضها الحرب إلا في حالة الاضطرار. وتضاربت تقارير عن طلب إدارة دونالد ترامب إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة. كما سربت أخبار عن موافقة دول الخليج على نشر القوات الأمريكية، وفق ما ذكرته رويترز في مايو/أيار 2019.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد قال على تويتر: “إذا أرادت إيران القتال فستكون تلك النهاية الرسمية لها. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى أبداً!”. وقد تكون الدوافع الاقتصادية ومغازلة المحافظين المتعصبين في الداخل الأمريكي، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة لإدارة ترامب، دور في التصعيد الحاصل.

وأظهر استطلاع لرويتر/إبسوس نُشر في 21 مايو/أيار 2019 أن نصف الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة ستدخل حرباً مع إيران “في غضون السنوات القليلة المقبلة”.

– موقف كيان الاحتلال الإسرائيلي

يرى قادة الاحتلال الإسرائيلي في البرنامج النووي الإيراني، والقدرات الصاروخية، وعناصر فيلق القدس التابع للحرس الثوري المنتشرين في سوريا، تهديداً لأمنها القومي، ومنذ سنوات وكيان الاحتلال الإسرائيلي يحرض الدول ويسرب معلومات عن احتمالية توجيهه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، لكن خشيته- على ما يبدو- من العواقب منعته من تكرار قصف المفاعل النووي العراقي مطلع ثمانينيات القرن الماضي. لذلك يرى الكيان في رئاسة دونالد ترامب فرصة لتبديد أو التقليل من تهديدات أمنه القومي، وممارسة الضغط على إيران لتحقيق ذلك، خصوصاً بعد اعترافه بالقدس عاصمة للاحتلال وكذلك ضمها لمرتفعات الجولان.

– المواقف الإقليمية والدولية

مجمل الدول حذرت من خطورة التصعيد، ودعت إلى تجنيب المنطقة المزيد من الأزمات، حيث رفضت بعض الدول رفع الولايات المتحدة إعفاءات شراء النفط من إيران، وتعاملت الدول الأوروبية في البدء بالتأني مع الأخبار المتداولة عن تعرض أربع سفن لهجمات في منطقة الخليج. واستنكر الأوروبيون التهديدات والإجراءات الإيرانية اللاحقة المتعلقة بالإخلال ببعض بنود الاتفاق النووي، ومن ضمنها التهديد بالانسحاب من الاتفاق، ودعوا إيران إلى استمرار الوفاء بتعهداتها في الاتفاق النووي. ونصحت بريطانيا إيران، من خلال وزير خارجيتها جيريمي هنت، بتجنب استفزاز الولايات المتحدة؛ “إنهم لا يريدون حرباً مع إيران، لكن إذا تعرضت المصالح الأمريكية لهجوم فسيردون، وهذا أمر يحتاج الإيرانيون إلى التفكير فيه بتمعن شديد”، كما نقلت رويترز، في 20 مايو/أيار 2019.

وتدرك دول الخليج العربي خطورة الحرب عليها، وفي مسعى لتهدئة الأوضاع وعرض الوساطة زار وزير الخارجية العماني العاصمة الإيرانية، والتقى المسؤولين هناك، كما دعت الحكومة العراقية للحوار، وعرضت وساطتها للمساهمة في تجنيب المنطقة الحرب، وأكد وزير الخارجية العراقي وقوف بلاده مع جارتها إيران. في حين حرص أمير دولة الكويت على تعزيز الوحدة الوطنية، ودعا المؤسسات الأمنية والعسكرية للاستعداد للتعامل مع التهديدات، محذراً من انزلاق المنطقة إلى حرب غير محسوبة المخاطر، داعياً إلى المحافظة على مكتسبات مجلس التعاون الخليجي. من جهتها قالت الخارجية الروسية إنه من المبكر الحديث عن وساطة بين الدول العربية وإيران. وقد استنكرت الحكومات الروسية والتركية والصينية التهديدات الأمريكية ضد إيران ودعت إلى التهدئة.

السيناريوهات

طبيعة التصعيد الاستثنائي في منطقة الخليج العربي، وصيرورة العلاقات الأمريكية الإيرانية، تجعل آفاق التصعيد في سيناريوهين اثنين:

– سيناريو الحرب

يفترض السيناريو أن تندلع حرب، ولو محدودة، ناتجة عن تكرار الهجمات على المصالح الحيوية، أو احتكاك بين القوات الموجودة في الخليج، أو توجيه هجمات وقصف محدود يستهدف المنشآت النووية، كتتويج لسلسلة التصعيد الجارية، فتشديد العقوبات الاقتصادية على صادرات النفط وقطاع التعدين وتصنيف العديد من المؤسسات والشخصيات الإيرانية على أنها إرهابية، ونشر المزيد من القوات، قد يدفع إيران إلى زعزعة استقرار مياه الخليج والمصالح الغربية.

يعزز هذا السيناريو حشد القوات الأمريكية، وطبيعة فريق إدارة الرئيس الأمريكي من صقور المحافظين المتعصبين، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، والرغبة الأمريكية في إضعاف حضور القوى الدولية، وأبرزها الصين، أهم منافس للولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الدور الإسرائيلي في التحريض على إيران، والرغبة في استثمار رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الذي أظهر تماهياً مع السياسة الإسرائيلية وخدمة مصالحها.

ما يضعف السيناريو غياب المساندة الغربية للولايات المتحدة على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على شن الحرب بمفردها، إذ إنها تحتاج إلى المساندة الدولية ولو بالحد الأدنى، إضافة إلى إدراك خطورة التداعيات على دول المنطقة ومصادر الطاقة.

– سيناريو مراوحة الاستفزازات والتصريحات

يتوقع السيناريو على المدى القريب استمرار العلاقات الأمريكية الإيرانية، وكذلك السعودية الإيرانية، في سياقها المعهود، حيث تعمل الدول على عدم السماح بخروج الأحداث عن السيطرة والتسبب بحرب.

فرغم التصعيد الجاري في الخليج لا تزال هناك شكوك بخطورته ودوافعه، وخاصة بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل صيرورته خلال العقود الماضية والتعاون بين الدولتين في أفغانستان والعراق. حيث تمارس الولايات المتحدة على إيران ما يعرف بسياسة حافة الهاوية، المرتكزة على التهديدات الكلامية والاستعدادات العسكرية، بهدف الضغط النفسي والمادي عليها، وفيها قد يتساوى احتمالا الانزلاق إلى الحرب وبقاء الوضع على ما هو عليه، إن لم يكن الميل لكفة الحرب، وعادة ما يتم الدخول في مفاوضات تحول دون اندلاع الحرب، وفي ذات الوقت تُستنزَف دول الخليج مالياً مقابل الحماية، وهو الهدف الذي أفصح عنه ترامب قبل الحديث عن مواجهة إيران.

تعزز هذه الفرضية سياقات ماضي سياسات البلدين، ونمط إدارة الأزمات التي عرفت بها الولايات المتحدة.

ويعتمد هذا السيناريو على فرضية أن الهدف من التصعيد هو جر إيران لإعادة المفاوضات حول الملف النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي ووجودها العسكري مع أذرعها المسلحة (حزب الله والمليشيا الشيعية العراقية والأفغانية) في سوريا، وتخفيف قدرات حلفائها في دول المنطقة. وقد أكدت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشد الإيراني علي خامنئي أن احتمال اندلاع حرب غير مطروح.

يعزز هذا السيناريو سلوك سياسة الولايات المتحدة المعتمد على تشديد العقوبات والحصار حتى تضعف قدرات الدولة المستهدفة، كالحالة العراقية، قبل الحرب عليها إن استدعت الحاجة، إضافة إلى ما تمثله السياسة الإيرانية من مظلة للتدخلات والوجود الأمريكي في المنطقة، وكذلك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لملف كوريا الشمالية، حيث تكللت التهديدات بمفاوضات وعقد لقاءات مع رئيس كوريا الشمالية.

الكلمات المفتاحية :