دوافع امناوشات بين حزب الله واسرائيل

دوافع ومآلات المناوشات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-09-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-09-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-09-17

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

في الأول من سبتمبر/أيلول أعلن حزب الله اللبناني استهداف مدرعة للكيان الإسرائيلي كانت تعبر بالقرب من الحدود اللبنانية، بعد أسبوع على اتهامه للكيان الإسرائيلي بشن هجوم بطائرتين مسيرتين على معقله قرب بيروت وقتل اثنين من عناصره في غارة بسوريا.

أعقب هجوم حزب الله اللبناني على المدرعة الإسرائيلية عملية قصف مدفعي بلغت ضرباتها أكثر من 100 قذيفة استهدفت قرى لبنانية، وهو ما خلق مخاوفَ من احتمالية اندلاع حرب جديدة بين الطرفين على غرار حرب 2006، التي اندلعت إثر إقدام الحزب على أسر جنديين من جنود الاحتلال في 12 يوليو/تموز، إذ رد حينها الكيان الإسرائيلي بهجوم مدمر استمر 33 يوماً، قتل فيه 1200 لبناني، غالبيتهم من المدنيين، و160 محتلاً، غالبيتهم جنود، وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي قضى بوقف الحرب.

تأتي هذه المواجهات دون مبررات موضوعية معلنة، وهو ما يثير تساؤلات حول خلفيات التصعيد العسكري بين الطرفين، ومدى ارتباطه بملفات دولية تتجاوز حدود لبنان، وهل يمكن تفسيره بربطه بالأسباب الأمنية فقط، أم أن له علاقة أكبر بالانتخابات والتنافس السياسي في الداخل الإسرائيلي؟ ما سياقات هذا التصعيد وما علاقته بالصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية؟

سياقات التصعيد بين حزب الله والكيان الإسرائيلي

بعد أكثر من عقد على آخر حرب بين حزب الله اللبناني والكيان الإسرائيلي، وبعد أسبوع فقط من آخر اشتباك، جاءت عملية إسقاط الطائرة الإسرائيلية المسيرة لتجدد المخاوف من احتمالية استعار المواجهة بين الطرفين، مما يعقد الوضع أمنياً.

وعلى الرغم من حدوث المواجهة بين الطرفين في 2015 و2016 بعد استهداف حزب الله لآليات عسكرية تتبع الكيان الإسرائيلي كانت تمر بالقرب من مزارع شبعا المحتلة، رداً على غارات الكيان الإسرائيلي استهدفت مقاتلين من الحزب في سوريا، لم تتطور تلك المواجهات إلى حرب شاملة، واعتبرت تلك المواجهات ضمن سياسة الرد والردع، لكن التصعيد الحالي جاء ضمن سياقات وظروف لا تقتصر على مستوى الصراع بين الحزب والكيان الإسرائيلي بشكل مباشر، بل ضمن سياسة تصعيد مدروسة بين أطراف خارجية قد تفضي إلى حرب بالوكالة.

وأول مؤشرات هذه السياقات يرتبط باتهام الحشد الشعبي العراقي- التابع لإيران- الكيان الإسرائيلي بشن غارات بطائرتين مسيرتين على نقطة تابعة لفصيل شيعي تدعمه إيران قرب الحدود السورية العراقية. أعقبها استهداف الكيان الإسرائيلي عناصر مقاتلة من الحزب في سوريا، إضافة إلى استهداف الضاحية الجنوبية، معقل الحزب في لبنان. زامن هذه الهجمات اشتداد وتيرة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، كان آخرها في 29 أغسطس/آب، إذ فرضت واشنطن عقوبات على مصرف لبناني اتهمته بتقديم خدمات مصرفية لحزب الله، الذي يخضع مسؤولون فيه لعقوبات من واشنطن.

حزب الله: بين الدوافع الأمنية والسياسية

لم تكن هجمات الكيان الإسرائيلي هي الأولى من نوعها، وقد جاء رد حزب الله عليها متوقعاً، لكن المستجد في الأمر هو التوقيت، ونوعية الهجوم، إضافة إلى مضامين الخطابات التي ألقاها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إذ لم يكن بالإمكان تجاهل هجمات الكيان الإسرائيلي، كما أن الرد العنيف حيالها غير ممكن، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المنطقة، لذا لجأ حزب الله إلى تبني سياسة الرد العسكري المباشر والمحدود، والذي تمثل في عمليتين عسكريتين في وقت متقارب.

ويمكن فهم سياقات هذا الهجوم من خلال تحليل مضمون الحرب الكلامية بين كلٍّ من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ أطلق الأول تهديداته ضد الكيان الإسرائيلي وربطها بما يجري في العراق وفي سوريا، وهو ما يوضح أن حزب الله لا يتحدث على المستوى اللبناني وحسب، بل يتبنى خطاب النفوذ الإيراني في المنطقة.

في حين جاء رد نتنياهو مهدداً بأن أي هجوم ضد الكيان الإسرائيلي سيكون ثمنه هجوماً ضد لبنان، وفي الوقت نفسه وجه تهديده وخطابه لقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بقوله: “احذروا من كلامكم، واحذروا أكثر من أفعالكم”، وهو ما يشير إلى أن الاشتباك بين حزب الله والكيان الصهيوني لا يعني الطرفين بشكل مباشر بقدر ما يحمل معه رسائل تفيد بأن الصراع القائم حالياً له علاقة بالصراع القائم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران منذ انسحاب الأولى من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018.

من جانب آخر جاء توقيت الرد على هجمات الكيان الإسرائيلي من قبل حزب الله مرتبطاً بدوافع سياسية، فمنذ تورط الحزب في الصراع المذهبي في سوريا والعراق يحاول أن يلمع صورته بين حين وآخر، من خلال تلميع صورته باعتبار وجوده في المنطقة شوكة لمقاومة الكيان الإسرائيلي، ويؤكد هذا تزامن هجماته، وخطابات أمين الحزب حسن نصر الله، مع يوم عاشوراء، الذي يحمل دلالاته الدينية والتاريخية والسياسية.

موقف الكيان الإسرائيلي: بين الرغبة في التصعيد والمكاسب الانتخابية

يأتي تصعيد الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله اللبناني ضمن سياسته في مواجهة النفوذ والتهديد الإيراني في المنطقة، ورغم اشتداد وتيرة قذائف الكيان الإسرائيلي في رده على استهداف المدرعة لم يواصل هجومه؛ نظراً للمناشدات العريضة التي رفعها رئيس الوزراء سعد الحريري- الخصم الأبرز للحزب- لكلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من أجل التدخل لوقف تلك الغارات الواسعة التي استهدفت أطرافاً من القرى اللبنانية وتسببت في خسائر بشرية.

قللت تصريحات الكيان الإسرائيلي من أهمية عملية إسقاط الطائرة المسيرة، وأكدت عدم قدرة حزب الله على إحداث أي خرق معلوماتي في حال وضع يده على الطائرة، ورغم الاستعدادات الأمنية الواضحة التي أبدتها سلطات الكيان الإسرائيلي؛ من خلال تحذيرها للمواطنين القاطنين بالقرب من الحدود اللبنانية، إضافة إلى تجهيزها أماكن للإيواء، لم ترفع من سقف استعداداتها الأمنية، وذلك يشير إلى استبعاد حدوث مواجهات مباشرة، وأن مثل هذه الاشتباكات لها أبعاد سياسية أكثر من الأبعاد الأمنية.

وقد يفهم تصعيد الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله ضمن سياسته للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتغير سياستها تجاه التهديد الإيراني في المنطقة، إذ يميل الرئيس الأمريكي ترامب إلى التركيز على الضغوط الاقتصادية والسياسية، ولا يستبعد إمكانية إيجاد حل عن طريق الحوار، في حين يميل جانب الكيان الإسرائيلي إلى الحل العسكري في التعامل مع الملف الإيراني في المنطقة، ومن هنا تأتي هذه المواجهات لدفع الطرف الإيراني لتبني سياسة هجوم تبرر شن حرب في المنطقة هدفها ردع النفوذ الإيراني وحماية الكيان الإسرائيلي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

من جانب آخر يأتي تصعيد الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله متوافقاً مع دوافع سياسية تسبق الانتخابات التي سيشهدها الكيان الإسرائيلي في السابع عشر من سبتمبر/أيلول الجاري، ويشير خبراء إلى أن التصعيد الأمني بات ديدناً لكثير من المرشحين الإسرائيليين لتحقيق مطامح سياسية، ولذا يمكن فهم طبيعة الاشتبكات المحدودة بين الطرفين من خلال التركيز على الدوافع السياسية إلى جانب الأبعاد الأمنية.

مواقف وردود دولية

أدانت أطراف دولية التصعيد بين الطرفين، وعدته مؤشراً خطيراً يهدد استقرار المنطقة، وعبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها من هذا التصعيد، وفي الوقت نفسه ساندت واشنطن الكيان الإسرائيلي وعدَّت التصعيد من قبله بمنزلة دفاع عن النفس؛ في حين دعت قواتُ الأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونفيل) الجميع إلى ضبط النفس حتى لا تتعقد الأمور أكثر؛ وأكدت فرنسا، من خلال وزارة خارجيتها، أنها تكثف اتصالاتها في الشرق الأوسط لتفادي أي تصعيد بين الطرفين.

وجاء الموقف الإيراني مسانداً لحزب الله، واعتبر مسؤول إيراني أن هذا التصعيد يظهر مدى التزام الحزب بسياسته تجاه الكيان الإسرائيلي لحماية لبنان من أي تدخلات خارجية؛ في حين جاء موقف كل من البحرين والإمارات مندداً بتصعيد الحزب، وطلبت البحرين من رعاياها مغادرة الأراضي اللبنانية تفادياً لأي ضرر قد يحدث في حال استمر التصعيد، في حين انتقد وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، التصعيد وعده تصرفاً خارج نطاق الدولة، في انتقاد مبطن لحزب الله اللبناني.

حدود التصعيد

المواجهات الأخيرة بين الطرفين أعادت المخاوف القديمة من إمكانية تجدد الأعمال الحربية بما قد يفضي إلى حرب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية يكون فيها لبنان الخاسر الأكبر في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

رغم ارتفاع سقف التوقعات من احتمالية تحول هذه المواجهات إلى حرب شاملة تطول ويلاتها كِلا الطرفين، استبعد نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إمكانية حدوث مثل هذه الحرب؛ نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، واعتبر أن هذا التصعيد “يأتي في سياق الرد لا الهجوم الذي قد يفضي إلى حرب”، خصوصاً أن فاتورة حرب 2006 أسفرت عن خسائر بشرية باهظة في الجانب اللبناني، فضلاً عن تدمير البنية التحتية التي أثرت بشكل سلبي في الجانب الاقتصادي، من جهة أخرى السياق السياسي والأمني للحزب اليوم يختلف تماماً عن سياق حرب 2006، والسبب الرئيسي في تغير هذه السياقات هو التورط المباشر للحزب في الأعمال التدخلية لإيران في كل من العراق وسوريا.

يدرك جانب الكيان الإسرائيلي أيضاً أن أي مواجهة مباشرة مع حزب الله في الوقت الحالي ستختلف عن المواجهة التي تمت في 2006؛ نظراً للقدرات العسكرية والقتالية التي اكتسبها الحزب من خلال ضلوعه في حروب إيران القائمة في سوريا والعراق، لكنه في الوقت نفسه لا يغفل عن ضرورة تقليم الأظافر الإيرانية في المنطقة من خلال استهدافها بعمليات عسكرية محدودة في مناطق نفوذها، وبشكل عام يشير تصعيد الكيان الإسرائيلي ضد حزب الله إلى أن سياسته تغيرت تجاه الحزب، خصوصاً أنه يعده رأس الحربة في التهديدات الإيرانية في المنطقة.

خاتمة

من خلال النظر في سياقات الاشتباك بين الطرفين ودوافعه يتضح أن الأبعاد السياسية لها دور كبير في إذكاء الصراع القائم بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، وعلى الرغم من استبعاد حدوث حرب شاملة بين الطرفين؛ نظراً لعدم اكتمال أسبابها، إضافة إلى المخاطر المترتبة عليها، لا بد من فهم وإدراك الدوافع التي تحرك حزب الله في مواجهاته الأخيرة، إذ إنها تنطلق من لبنان، لكنها في الوقت نفسه- كما يتضح من تصريحات أمين الحزب- مرتبطة بشكل مباشر بالوجود الإيراني في المنطقة، فالحزب لا يريد تصعيداً حقيقياً قد يفضي إلى حرب، لأن ذلك لن يهدد وجوده وحسب، بل سيهدد المشاريع الإيرانية في المنطقة، إذ لا طاقة لإيران في تمويل جبهة جديدة وهي منهكة بالضغوط الاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه لن تتورع عن استخدام أي ورقة متاحة سواء ارتبطت بالجانب الاقتصادي، كما حدث في معارك الناقلات، أو في الجانب الأمني من خلال استهداف الكيان الإسرائيلي، لتبعث برسائل واضحة للولايات المتحدة الأمريكية بأنها لن تقبل بأن تكون المتضرر الوحيد من العقوبات الاقتصادية.

رد الكيان الإسرائيلي أيضاً جاء محدوداً ومتوافقاً مع السياسة الأمريكية الجديدة التي انتهجها الرئيس الأمريكي ترامب بعد إقالته لمستشاره للأمن القومي جون بولتن، الذي كان يتبنى سياسة الحرب والهجوم، وتكثيف العقوبات الاقتصادية على إيران، يأتي هذا التغيير تمهيداً لحوار مرتقب سيجمع بين ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني، خصوصاً أن العقوبات الاقتصادية لم تحقق أثرها رغم مرور زمن طويل على تطبيقها.

الكلمات المفتاحية :