التصعيد-العسكري-في-المياه-الخليجية-الدوافع-والمآلات

التصعيد العسكري في المياه الخليجية | الدوافع والمآلات

وحدة الرصد والتحليل

|

2021-01-14

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-01-14

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-01-14

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية تحت إدارة ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، وممارستها لسياسة الضغوط القصوى ضد إيران، المتمثلة بفرض عقوبات اقتصادية على معظم الكيانات والشخصيات الإيرانية، ومن بينهم المُرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وتصنيف المكونات العسكرية الإيرانية (الحرس الثوري وغيره) مُنظّمات إرهابية؛ أصبحت وتيرة التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران أكثر حدة، وعاد التوتر إلى المياه الخليجية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.

توسعت آليات الضغط السياسي والاقتصادي الأمريكية إلى التهديد العسكري، الذي تمثل بالتفويض الرئاسي الذي منحه ترامب، في منتصف مايو/أيار 2019، للأسطول البحري الخامس للردّ المباشر على أي هجوم من شأنه أن يُهدّد سلامة الجنود والسفن الأمريكية الموجودة في المنطقة دون المرور بالبروتوكولات العسكرية المعقدة، ثم إلى اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، داخل الأراضي العراقية في الـ3 من يناير/كانون الثاني 2020، الذي تبعه قصف إيراني محدود بالصواريخ الباليستية على قاعدتين جويتين في أربيل وعين الأسد غرب بغداد.

من جهة أخرى، أعلن الحرس الثوري، في 22 أبريل/نيسان 2020، إطلاق القمر العسكري “نور-1″، الذي حمل صورة سليماني على هيكل الصاروخ، واستقراره بنجاح في مداره حول الأرض، ليرفع درجة التصعيد بين واشنطن وطهران مجدداً إلى مستويات أعلى، فقد سارعت إدارة ترامب إلى التنديد بهذه الخطوة التصعيدية، وعدتها تمهيداً لتجارب صاروخية واستخباراتية أكثر تطوراً.

يبحث تقدير الموقف في دوافع وسياقات التصعيد الحالي بين واشنطن وطهران داخل المياه الخليجية، ومآلات هذا التصعيد.

سياق الأحداث الأخيرة في المياه الخليجية

ارتفعت وتيرة التحركات العسكرية الأمريكية في المياه الخليجية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، إذ أكد قائد القوت الأمريكية في الشرق الأوسط استعداد قواته للرد على أي هجوم محتمل من قبل إيران، كما صرحت البحرية الأمريكية في بيان لها، في 21ديسمبر/كانون الأول 2020، أن الغواصة النووية “يو.إس.إس جورجيا” عبرت مضيق هرمز برفقة الطرادين “بورت رويال” و”فيليبين سي”، مشيرةً إلى أن ذلك “يؤكد حق الإبحار للأسطول الخامس في أيّ مكان يسمح به القانون الدولي”.

وبالتزامن، قام الكيان “الإسرائيلي” بتحرك عسكري صوب الخليج، حيث ذكرت مصادر استخباراتية أن غواصة تابعة للبحرية الإسرائيلية عبرت قناة السويس في 20 ديسمبر/كانون الأول 2020، قاصدة مياه الخليج بعد موافقة السلطات المصرية.

أراد الكيان الإسرائيلي من هذه الخطوة توجيه رسالة لطهران بالجاهزية التامة للرد على أي عمل عدائي ضد “إسرائيل”، أو ضد أي أهداف “إسرائيلية”، كرد انتقامي إيراني على اغتيال العالم النووي زاده، الذي اتهمت إيران تل أبيب بالوقوف وراءه.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز، في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، أن البنتاغون قرر سحب حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” التي تبحر قبالة سواحل الصومال خارج الخليج، وذلك بهدف “خفض التصعيد مع إيران، وتجنباً لأي عمل عسكري في الأيام الأخيرة للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب”. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية تراجعت عن قرار سحب الحاملة، وقررت الإبقاء عليها في مياه الخليج لمواجهة أي تهديد إيراني محتمل في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، توجهت القاذفتان الأمريكيتان من طراز “بي-52″، يوم الخميس الماضي، نحو الخليج، وذلك ضمن مهمة رابعة خلال شهرين فقط، لردع إيران من الإقدام على هجمات عسكرية، وذلك لما أظهرته من “مستويات متزايدة من استعدادات دفاعية قصوى”، حسب ما صرح به مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية.

في المقابل، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في الـ4 من هذا الشهر، أن الرئيس روحاني أعطى أوامره ببدء إجراءات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في منشأة فوردو، تنفيذاً لقرار البرلمان في شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، الذي يُلزم الحكومة بزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، رداً على اغتيال محسن فخري زاده أكبر عالم نووي في البلاد.

لم تصل إيران إلى هذه النسبة من تخصيب اليورانيوم منذ الاتفاق النووي، الذي سمح لطهران بتخصيبه بنسبة لا تزيد على 3.67%، ولكن إيران أكدت أن هذه النسبة ضرورة حياتية لمفاعل طهران، وأنه إذا ما أوفت الأطراف الأخرى بالتزاماتها في الاتفاق النووي فسوف توقف إيران التخصيب على وجه السرعة.

هذا وكان الجيش الإيراني قد بدأ، يوم الثلاثاء الماضي، مناورات واسعة للقوات البرية والبحرية والجوية، مستعرضاً فيها القدرات القتالية والاستخباراتية للطائرات المسيّرة وللقدرة الدفاعية للمضادات الجوية، مع تأكيد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، قدرة إيران “على الرد وبشكل مباشر ودون أي إنذار مسبق على أي اعتداء عليها، وأن كل القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة تحت مجهر القوات المسلحة الإيرانية”.

دوافع الطرفين نحو التصعيد

على الرغم من محاولة إيران اظهار مرونة تكتيكية بتجنب الخوض في الخطوط الحمراء مع واشنطن، وبحثها عن وسائل بديلة غير مباشرة عند تعرض أهدافها للاعتداء؛ بغية الحد من احتمال التصعيد معها، فإنها صعدت مؤخراً من نبرة تحديها، وصرح مسؤولوها بجاهزية بلادهم العسكرية لحماية “قدراتها النووية ومصالح هيمنتها الإيديولوجية في المنطقة”.

ترغب إيران من هذا التصعيد في إيصال رسالة إلى خصومها بأن أي تصعيد وإجراء عقابي ضدها يتبعه مزيد من الإجراءات المضادة، وأرادت أيضاً أن توصل رسالة للولايات المتحدة ولحلفائها أنها دولة صاحبة نفوذ كبير في مياه الخليج العربي، وأنها يمكن أن تتسبب في إحداث اضطرابات وتأثيرات سلبية في حركة الملاحة العالمية، ومن ثم التأثير في الاقتصاد العالمي.

إضافة إلى ذلك أراد النظام في طهران بتصعيده الأخير مع واشنطن تخفيف العبء المفروض عليه من قبل الشارع الإيراني بشأن تعهده بالرد “القاسي” على اغتيال سليماني وزاده.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن أهم أهداف تحركها العسكري داخل مياه الخليج هو ضمان أمن مصالحها في المنطقة، ولا سيما المتعلقة بمصادر النفط والتجارة العالمية العابرة لمضيق هرمز.  واشنطن تريد أيضاً من تعزيز وجودها العسكري في الخليج بعث رسائل طمأنة لحلفائها في المنطقة، وأنها ستتعامل مع أي تداع محتمل لتحرك إيراني ضد “إسرائيل” أو الدول الخليجية.

وكدافع ميداني، فقد كشفت معلومات مخابراتية عن وجود مخطط إيراني باستهداف مواقع أمريكية في العراق، وذلك من خلال نقل إيران لصواريخ باليستية قصيرة المدى إلى العراق، إلى زيادة عدد القطع العسكرية الأمريكية بالمنطقة، كرسالة تحذير أمريكية على التحركات الإيرانية.

السيناريوهات

يرى العديد من المراقبين أن التصعيد بين واشنطن وطهران ليس أكثر من حرب كلامية ودعاية سياسية بين الطرفين، خاصة أن المياه الخليجية شهدت منذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عدداً من الاحتكاكات الخطيرة بين القوات البحرية للطرفين دون أن يؤدي ذلك إلى مواجهات عسكرية محتدمة. ولكن من جهة أخرى، يُلاحظ أن حجم التصعيد بين الطرفين مؤخراً قد وصل إلى مستويات عالية، ولا سيما مع تزايد وتيرة التحرك العسكري الأمريكي ودخول “إسرائيل” معادلة التصعيد في مياه الخليج. لذلك يُتوقع أن تكون السيناريوهات خلال المرحلة القادمة كالتالي:

السيناريو الأول: التصعيد نحو عمل عسكري في المنطقة

يتوقع هذا السيناريو أن يتجه الطرفان نحو الجاهزية القتالية والتعبئة العسكرية القصوى، في انتظار أي هجوم من أحد الطرفين للرد عليه من قبل الطرف الآخر. هذا السيناريو يتوافق مع التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، ولا سيما استقرار حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” وغيرها من القطع البحرية في المياه الخليجية في الأسابيع الماضية، فضلاً عن التدريبات وعرض القدرات العسكرية لإيران، وتصريحات مسؤوليها العسكريين بـ”الاستعداد التام للدفاع عن المصالح الحيوية الإيرانية في مياه الخليج”.

كما يفترض هذا السيناريو أن يشارك طرف ثالث- ولا سيما الكيان “الإسرائيلي”- بتوجيه ضربات مباشرة ضد إيران، وهو ما يدفع بالمنطقة إلى التصعيد. فقد شهدت الفترة الأخيرة توالي التصريحات الإسرائيلية المحذرة باتخاذ ما يلزم لمنع إيران من القيام بأي عمل عدائي ضد الكيان الإسرائيلي، أو تمكن نووي لطهران يهدد وجود الكيان الإسرائيلي في المنطقة. ويُظهر تبني الكيان الإسرائيلي لعدد من التحركات العسكرية والاستخباراتية داخل الأراضي الإيرانية وفي مناطق حلفائها كسورية والعراق رغبة الكيان الإسرائيلي بالمضي نحو التصعيد العسكري مع إيران في المرحلة المقبلة.

دول الخليج، والسعودية على وجه الخصوص، شأنها شأن الكيان الإسرائيلي؛ على درجة عالية من التأهب تحسباً لأي عمل عسكري في المياه الخليجية، وقد تبدي تعاوناً عسكرياً في أي هجمة محتملة على إيران دون أن تشارك مباشرة في توجيهها، ولا سيما مع إعلان وزارة الدفاع السعودية، في مساء يوم الجمعة الماضي، مشاركة مقاتلات “إف 15” السعودية في تمرين عسكري مع قاذفات “بي 52” الأمريكي.

ويحتمل سيناريو التصعيد العسكري مسارين هما:

– المسار الأول: نشوب حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط

يراهن هذا المسار على اتجاه الأطراف المتنازعة نحو إشعال فتيل حرب، تمتد إلى منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وخاصة في حال استهداف أركان نظام الحكم في إيران من قبل الولايات المتحدة أو “إسرائيل”، يتبعه تحرك من طهران وأذرعها في المنطقة، العراق وسورية واليمن ولبنان، ودخول المنطقة بأكملها في دوامة صراع شامل.

يدعم التحرك بهذا المسار:

– رغبة نظام طهران في توظيف حالة الحرب لتغطية فشله الاقتصادي والتنموي، وإظهار قدراته العسكرية لتوحيد رأي الجبهة الداخلية ضد عدو خارجي.

– تخوف الكيان الإسرائيلي والسعودية من توسع إيران في برنامجها النووي بعد تولي بايدن الحكم، خاصة أن الكيان الإسرائيلي قد بدأ فعلياً باستهداف مصالح إيرانية، وأن محمد بن سلمان أصبح على مقربة من حكم المملكة السعودية بتوليه سياسة خارجية أكثر عدائية ضد إيران.

– محاولة ترامب خلط الأوراق قبل رحيله، وإقحام الإدارة الجديدة بملفات شائكة في منطقة الشرق الأوسط.

إلا أن هناك عدة عوامل تقوض العمل في هذا المسار:

– التكلفة الباهظة للحرب تقوض تحرك الطرفين باتجاه هذا المسار، فالنظام في طهران يمر بأزمة اقتصادية خانقة نتيجة الحصار والعقوبات الأمريكية المفروضة عليه، إذ ارتفع معدل التضخم في إيران من 11.9% عام 2014 إلى 34.9% عام 2018، وارتفعت نسبة البطالة إلى 25%، في حين يعاني نصف السكان العيش تحت خط الفقر. في الجانب الآخر، يعاني الاقتصاد الأمريكي من انتكاسة حقيقية بسبب جائحة كورونا وتصاعد الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين، وهو ما يدفع بالإدارة الأمريكية إلى التمهل كثيراً قبل اتخاذ قرار الحرب.

– خشية دول المنطقة، ولا سيما دول الخليج، من التداعيات الأمنية والاقتصادية للحرب جعل موقفها متذبذباً من تأييد دخول واشنطن في حرب شاملة مع طهران، بل ودفع بعضها- سلطنة عمان وقطر- إلى المبادرة بالتوسط والتفاوض بين الطرفين المتنازعين.

– الأزمة الداخلية التي تعصف بترامب في أيامه الأخيرة تمنع واشنطن من القيام بأي عمل تصعيدي ضد إيران في الوقت الراهن، خاصة بعد الأزمات اللاحقة لاقتحام أنصاره مبنى الكونجرس، يوم الأربعاء الماضي.

· انعكاسات المسار الأول (مسار الحرب الواسعة)

في حال خسرت إيران الحرب الشاملة، فإنه من المتوقع:

– سقوط نظام ولاية الفقيه في إيران ودخول البلاد في مرحلة تغيير سياسي واسعة.

– تحجيم التمدد الإيراني في المنطقة، وانهيار وضعف أذرعها، بما يمهد لخارطة قوى ونفوذ جديدة.

– فرض الشروط والإملاءات الأمريكية على مفاوضات ملف إيران النووي.

– تغير ميزان القوى الدولية في سوريا، بما يمهد إلى تقليص حجم الوجود الروسي فيها.

في حال انتصرت إيران في الحرب، يتوقع الآتي:

– دخول دول منطقة الشرق الأوسط بفوضى عارمة وحالة عدم استقرار، وأدوار رمادية للقوى الدولية.

– زيادة نشاط التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وتوسع نطاق هجماتها الإقليمية والدولية، مستفيدة من حالة الانهيار التي تسود المنطقة.

– فرض طهران لشروطها المتعلقة بملفها النووي على المجتمع الدولي، وتوسعها في تطوير أسلحتها النووية وترسانتها العسكرية.

– تقوية النفوذ الإيراني في المنطقة، ودخول دول الخليج في صراع- يمكن أن يصل إلى الصراع المباشر- مع إيران.

– توحيد الجبهة الداخلية لإيران وتراجع حدة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة.

– المسار الثاني: توجيه ضربات على أهداف محددة أو مواجهات عسكرية “محدودة”

يفترض هذا المسار أن تكون التحركات العسكرية للطرفين في المنطقة دون منح أحد الطرفين الطرف الآخر أي مبرر لحرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بهدف الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة من جهة، وتمهيد الطريق للتوصل إلى اتفاق نووي مع الإدارة الأمريكية الجديدة من جهة أخرى. حيث يتوقع هذا المسار الاكتفاء بتوجيه ضربات محدودة على منشآت نووية أو أهداف عسكرية إيرانية، وابتعاد واشنطن عن استهداف أركان نظام الحكم الإيراني وتجنب إيران في المقابل الرد المفضي إلى حرب مع الولايات المتحدة.

يدعم هذا المسار:

– سلوك طهران في فترة التصعيد الأخيرة، حيث اكتفت إيران بقصف محدود للقوات الأمريكية في العراق كرد انتقامي على مقتل سليماني.

– إعلان إيران وميليشياتها في العراق عدم مسؤوليتها عن القصف الذي تعرضت له المنطقة الخضراء بصواريخ “كاتيوشا” في 20 ديسمبر/كانون الأول 2020، وهو ما يدل على عدم رغبة النظام الإيراني في منح الإدارة الأمريكية أي مسببات للتصعيد لحرب شاملة.

– إظهار إيران مساعيها للتفاوض بعد إعلانها بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وصرحت بأنه في حال التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق فإنها ستعود إليه، وهذا يدل على أن إيران لا ترغب في إشعال فتيل الحرب مع الولايات المتحدة، وإنما تمارس ضغوطاً على الدول الأوروبية والإدارة الامريكية الجديدة لعقد اتفاق جديد مرضٍ لها.

· انعكاسات المسار الثاني (مسار الضربات المحددة) في اتجاهين رئيسين:

– تحول الضربات إلى حرب شاملة بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي ودول الخليج، من جهة، وطهران ووكلائها في المنطقة، من ناحية أخرى، بما تتضمنه الحرب من انعكاسات المسار الأول.

– أو تؤدي إلى جلوس الأطراف على طاولة المفاوضات وتسوية التوتر في المنطقة، وذلك في حال أظهرت إيران رباطة جأش بعدم الرد على الضربات.

السيناريو الثاني: الهدوء الحذر في مياه الخليج تتبعه عملية التهدئة

يفترض هذا السيناريو أن تحافظ جميع أطراف النزاع على ضبط النفس والابتعاد عن أي تحرك عسكري، وصولاً إلى حل لتهدئة التوتر في مياه الخليج بعد تولي بايدن مهامه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري. خاصة أن فرص توجيه ضربة أمريكية لإيران تحت إدارة ترامب- في الأيام القليلة المتبقية- قد تراجعت بشكل كبير؛ بسبب تصاعد مطالب الديمقراطيين بمحاكمة ترامب برلمانياً، أو بتفعيل التعديل 25 من الدستور، الذي ينص على عزل ترامب، نتيجة أحداث اقتحام الكونجرس من قبل محتجين مؤيدين له.

كما يتوقع هذا السيناريو أن يؤدي عدد من المساعي الدولية أو الإقليمية إلى احتواء التصعيد في المياه الخليجية، وعدم انجرار المنطقة إلى شبح الحرب، وذلك لأجل حماية المنطقة والعالم تباعاً من آثار الحرب السلبية في الاقتصاد الدولي والأمن والسلم العالمي.

– عوامل تدفع باتجاه هذا السيناريو:

– تصريحات الرئيس المنتخب “بايدن” خلال الانتخابات، وتعبيره عن نيته في تغيير مسار سياسته الخارجية، والعودة إلى النهج الدبلوماسي للتعامل مع ملف إيران النووي، يظهر احتمالية تسوية التوتر في منطقة الخليج، وعدم انجرار واشنطن نحو العمل العسكري ضد إيران.

– دفع الجانب الأوروبي باتجاه المفاوضات والوصول إلى تهدئة بين الأطراف المتصارعة، وذلك بهدف ضمان مصالحها الاقتصادية مع طهران، وكذا حماية حدودها من هجرة للاجئين في حال خلقت أزمة إنسانية جديدة نتيجة الحرب، يعكس رغبة المجتمع الدولي في التحرك نحو التهدئة وإنهاء التوتر في منطقة الخليج.

إلا أن التحركات والأنشطة العسكرية الهائلة للطرفين في مياه الخليج تحول دون توجه الأحداث نحو التهدئة، وتوحي بوجود عمل عسكري في المستقبل القريب، لا سيما أن شرارة صغيرة في منطقة الشرق الأوسط سرعان ما تتحول إلى حرب شرسة، حيث تتنافس القوى المختلفة حول حقول النفط والغاز والملاحة الدولية.

انعكاسات سيناريو “التهدئة” في الآتي:

– يبدأ الطرفان بمفاوضات البرنامج النووي، بحيث يتم التوصل إلى شروط اتفاق جديد يتضمن التوقف عن إنتاج السلاح النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليها، وإعادة تأهيل البنية التحتية لإيران.

– اعتماد واشنطن على سياسة أكثر دبلوماسية، قائمة على عقد الصفقات والتفاهمات في منطقة الشرق الأوسط، وانصراف أولويتها إلى قضايا أخرى كالتجارة العالمية والصين ومشاكل الحدود والاقتصاد.

– تثبيت النفوذ الإيراني في المنطقة، وتمكين وكلائها بشكل أكبر في البلدان الواقعة داخل دائرة نفوذها، وهذا ما قد يدفع القوى الرافضة للتوسع الإيراني إلى رفع قدراتها القتالية واستعداداتها العسكرية لمواجهة خطر النفوذ الإيراني.

– قد تسعى القوى المتضررة من تنامي نفوذ إيران في المنطقة – بعد البدء بمرحلة التهدئة- بالتصعيد التدريجي ضدها مجدداً، ولا سيما أن قوى الشرق الأوسط متفقة جميعها على ضرورة خلو المنطقة من سلاح نووي إيراني.

الكلمات المفتاحية :