هجمات-الحوثيين-على-السعودية-بعد-إخراجهم-من-قائمة-الإرهاب-_-أبعادها-وإمكانية-تجددها

هجمات الحوثيين على السعودية بعد إخراجهم من قائمة الإرهاب | أبعادها وإمكانية تجددها

وحدة الرصد والتحليل

|

2021-02-26

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-02-26

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-02-26

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

كثفت جماعة الحوثي ضرباتها العسكرية على المملكة العربية السعودية، في تصعيد غير مسبوق تزامن مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، رفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، وقد جاء قرار الرفع ابتداء من الثلاثاء 16 فبراير/شباط 2021، بعد أيام من تصنيف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحوثي “منظمة إرهابية”، وفرض عقوبات على ثلاثة من قادات الحركة، معلناً ذلك في اللحظات الأخيرة من ولايته.

تمثل توجهات الرئيس الأمريكي جو بايدن تراجعاً عن نهج سلفه ترامب، فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض تبنى بايدن سياسات جديدة تجاه القضية اليمنية، من خلال تعيين مبعوث خاص لليمن، ووقف الدعم العسكري للسعودية، وقد تزامنت هذه الإجراءات مع تصعيد حوثي استهدف عدداً من المنشآت السعودية، في تطور لافت يستبق التوجهات الدولية الداعية للمصالحة اليمنية، ويحاول تأسيس واقع جديد من خلال التطورات العسكرية في محافظة مأرب اليمنية، إضافة إلى الحديث عن إمكانية العودة للمحادثات الدولية بخصوص الملف النووي الإيراني.

الهجمات الجديدة على السعودية خفت حدتها نسبياً بعد موجة من التنديدات والإدانات الدولية المصاحبة، وقد مثل هذا التصعيد على ما يبدو إحراجاً للإدارة الأمريكية أمام حلفائها في المنطقة.

يبحث تقدير الموقف في ردود الأفعال المختلفة حيال الهجمات، وسياقاتها المتعددة، وأبعاد هذه الهجمات، وإمكانية تجددها.

تطور الهجمات وردود الأفعال المختلفة

تصاعدت الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي مؤخراً على السعودية حتى وصلت إلى 17 هجوماً، في غضون أسبوع واحد، منذ العاشر من فبراير/شباط الحالي، وبحسب الإعلام السعودي فقد اعترضت القوات السعودية ثلاث طائرات مسيرة على مطار أبها صباح الثلاثاء 16 فبراير/شباط، سبق ذلك بيوم واحد إعلان جماعة الحوثي استهداف مطاري جدة وأبها بطائرتين مسيرتين، دون أن تصدر السلطات السعودية بياناً بشأن ذلك، وأعلن التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، في وقت سابق، “اعتراض وتدمير هدف جوي معاد كان متوجهاً إلى الرياض”، وقالت السعودية، يوم الأربعاء 17 فبراير/شباط الحالي، إن هجوماً تسبب في نشوب حريق في طائرة مدنية بمطار أبها، كما أعلنت قوات التحالف أنها تمكنت من تدمير طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون على مدينة خميس مشيط السعودية في وقت مبكر من فجر اليوم نفسه، وقال المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي: “إن هجمات الحوثيين تستهدف المدنيين والأعيان في المدينة بطريقة متعمدة تمثل جريمة حرب”، وقد أورد بيان مجلس الوزراء السعودي أن المملكة “ستتخذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أراضيها وسلامة مواطنيها والمقيمين فيها، وفقاً لالتزاماتها بالقوانين الدولية”.

الإعلام الحوثي خلال الفترة الماضية وبشكل شبه يومي يعلن تنفيذ هجمات متكررة على السعودية، حيث قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، على موقع تويتر، إن هذا الاستهداف يأتي في إطار الرد الطبيعي والمشروع على ما وصفه بـ”تصعيد العدوان الجوي وحصاره الشامل على اليمن”.

وقد أعلنت أطراف دولية إدانتها لهذا التصعيد، وحثت الأطراف على التوصل إلى تسوية سياسية، حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أدان الهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون عبر الحدود على السعودية، وأعرب عن التزامه بمساعدة المملكة في الدفاع عن حدودها.

وقد أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، مواصلة العمل للوصول إلى طرق أفضل للدفاع عن المملكة إزاء التهديدات الخارجية، مع تنشيط الدبلوماسية لمحاولة إنهاء الصراع في اليمن.

المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أكد أن بلاده “تدين تكثيف الهجمات على أراضي المملكة العربية السعودية”، وأضاف: “ندعو الأطراف المعنية للوقف الفوري لإطلاق النار، وبدء عملية التفاوض برعاية الأمم المتحدة”.

سياق الهجمات

تطور الهجمات الحوثية جاء متزامناً مع منع بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية، ورفع الإدارة الأمريكية الحوثيين من قوائم الإرهاب، وهو القرار الذي تظهر معه بعض ملامح التوجهات الأمريكية الجديدة في التعامل مع الحوثيين، وهي ربما تتقارب مع تلك السياسات التي تبناها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، والتي فتح من خلالها عملية التواصل المباشر مع الحوثيين، وقدم في الأيام الأخيرة من ولايته باسم وزير خارجيته حينها جون كيري ما عرف بـ”رؤية كيري”، وهي الرؤية التي عدتها الحكومة اليمنية متجاوزة للمرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الحكومة اليمنية لحل الأزمة، والمتمثلة في (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216)، وعلى ما يظهر فإن الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى ترويض الحوثيين، ومحاولة الدخول بشكل واضح في الملف اليمني، وسحب البساط ما أمكن من القوى الإقليمية المتنازعة، مستثمرة الدعوات والتحركات الدولية لإنهاء الحرب في اليمن وإحلال السلام، من خلال دعوة الخارجية الأمريكية الحوثيين إلى وقف جميع الأعمال العسكرية في اليمن والعودة إلى المفاوضات، والضغوط الأمريكية على السعودية للقبول بالتسوية السياسية، ملوحة بعدد من الملفات الحقوقية.

في هذا الإطار عينت أمريكا تيم ليندركينغ مبعوثاً خاصا لها في اليمن، ويوصف ليندركينغ بالدبلوماسي المخضرم الذي شغل في عهد ترامب منصب نائب مساعد وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الخليج العربي، وقبلها كان نائب رئيس البعثة الأمريكية في السعودية، وكانت أمريكا سابقاً تبدو مفوضة للسعودية بخصوص الملف اليمني، لكن يظهر أنها ستتعامل مباشرة مع الملف، وذلك من خلال لقاء مبعوثها الخاص بالمسؤولين اليمنيين، وإعلانه فتح قنوات تواصل خاصة مع الحوثيين.

في السياق ذاته بحث المبعوث الأممي مارتن غريفيث مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومسؤولين إيرانيين آخرين سبل إنهاء الحرب في اليمن، وذلك خلال زيارته إلى إيران، التي تعد الأولى منذ توليه هذه المهام. وتتمسك إيران برؤيتها المتمثلة في الاعتراف الدولي بحكومة صنعاء، باعتبار أن ذلك سيمثل مدخلاً للحل السياسي، وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي: “إنه لا حل عسكرياً للأزمة اليمنية، وإن إيران تأمل أن يسهم الموقف الأمريكي في وقف الحرب في اليمن”، وأضاف ربيعي: “إن على الدول التي بدأت الحرب في اليمن أن توقفها، وإيران مستعدة للتعاون مع الأمم المتحدة لإنهاء هذه الحرب”.

تزامنت هذه الهجمات كذلك مع تصعيد الحوثيين العسكري في محافظة مأرب شرق اليمن، والتي تعد آخر معاقل الحكومة الشرعية في الشمال، وبها مئات آلاف النازحين اليمنيين، وتحاول جماعة الحوثي تحقيق تقدم عسكري جديد يحسم المعركة لمصلحتها في شمال اليمن، ويعزز موقعهم في أي مباحثات قادمة، بناء على أن من يمتلك القوة فباستطاعته حسم المفاوضات لمصلحته، كما أن سيطرتها على مأرب ومن بعدها شبوة إذا تمت فمعناه السيطرة على منابع النفط والغاز في اليمن، وهو ما سيمكنها من رفد ميزانيتها وإطالة سيطرتها على اليمن؛ ولهذا تكثف من هجماتها باتجاه السعودية لتشتيت تركيز السعودية عن معركة مأرب، مستغلة التباينات السعودية الإماراتية في الملف اليمني، والضغط الدولي على السعودية.

أبعاد الهجمات الحوثية

يحاول الحوثيون استثمار المناخات المتاحة لتحقيق أي تقدم عسكري أو سياسي يصب في مصلحة الجماعة، ففي الوقت الذي تسعى فيه أمريكا لخلق مناخ تهدئة نحو الجماعة يحاول الحوثيون استغلال هذه الفرصة، كما يسعون لمعرفة السياسات الأمريكية الجديدة، واكتشاف نقاط قوتها وضعفها للاستفادة منها في أي مفاوضات قادمة، وحالة التراخي الواضحة قد يفسرها البعض بوجود خطوط خضراء أمريكية، في حين أنها ربما تكون استفادة حوثية من المناخ الجديد، مع وجود حالة تردد أمريكي ربما يعود سببها إلى إعادة ترتيب أوراق هذا الملف لدى الإدارة الأمريكية.

تكثيف هذه الهجمات كذلك ورقة تستثمرها إيران للضغط على السعودية من جهة وأمريكا من جهة أخرى، وإيصال رسائل دولية أنها من تتحكم في الملف اليمني، وأي حوار ينبغي أن يكون معها مباشرة، كما أنها تريد الضغط على إدارة الرئيس بايدن بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي بعيداً عن أي ضغط سعودي، وتحييد السعودية من أي حوار أمريكي إيراني، وإن صحت الرواية بشأن حدوث ضربات من جنوب العراق استهدفت قصر اليمامة حيث مقر الديوان الملكي، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فمعناه إيصال رسالة إيرانية للسعودية بأنها محاصرة من الشمال والجنوب.

المملكة العربية السعودية قد ترى في الترتيبات الأمريكية الجديدة سبباً للتصعيد الحوثي، ولهذا تحرص أمريكا على بعث رسائل التطمين للسعودية، وأنها لن تسمح بهذا التصعيد، ومع ذلك قد تضطر السعودية في إطار تأمين نفسها إلى البحث عن مصادر أخرى لتغطية احتياجاتها التسليحية، وهو ما تخشاه الإدارة الأمريكية، ولعل الاتصال الأخير بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يحمل رسالة ضمنية للإدارة الأمريكية، فهو وإن كانت غايته الأولى بحث سير صفقة “أوبك +” فإنه بحث قضايا أخرى منها تطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، وتناولَ الملفات الإقليمية، وخصوصاً في سوريا والخليج، وأي لجوء إلى المعسكر الشرقي للتسلح قد يضطر أمريكا إلى مراجعة قرارها.

إمكانية تجدد الهجمات

بعد سلسلة هجمات شنتها جماعة الحوثي على السعودية، شهدت الأيام الماضية هدوءاً نسبياً مقارنة بما كان عليه الوضع من قبل، ولعل ذلك يعود إلى حجم الإحراج الذي سببته الهجمات لأمريكا، وخصوصاً بعد التسهيلات التي قدمتها لجماعة الحوثي، وبمقابلها الضغط الذي تمارسه على حليفتها السعودية، ولهذا سارعت الإدارة الأمريكية إلى إدانة هذه الهجمات وتأكيد التزامها “بمساعدة السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها ضد الهجمات الحوثية”، مشيدة بجهود المملكة “في مواجهة أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار وهزيمة المنظمات الإرهـابية في المنطقة”، كما جاء في اتصال وزير الدفاع الأمريكي بولي العهد السعودي.

المواقف الأمريكية الجديدة تدل على أن الإدارة الحالية ستأخذ وقتاً ليس قصيراً لاستكمال سياستها الخارجية بخصوص الملف النووي الإيراني، وإعادة تقييم ملفات الشرق الأوسط، ودراسة سبل الحل في اليمن، ولعل القضية اليمنية أصبحت تمثل شرطاً لإنجاز أي تقدم مع إيران، ولهذا تسعى واشنطن لاستمالة الحوثيين، وتذليل العقبات أمامهم، والضغط على حليفتها السعودية، في محاولة لتحقيق اختراق سياسي جديد في ملف المصالحة اليمني، وهذه الفرصة تسعى لالتقاطها إيران والجماعات التابعة لها لفرض شروطهم أمام الإدارة الأمريكية، وتحقيق تقدم عسكري على الأرض، وإشغال السعودية بالهجمات من الجنوب والشمال، وعلى الرغم من تخفيف التصعيد فإنه من المتوقع أن تتكرر هذه الهجمات بين حين وآخر، كأسلوب من أساليب الضغط السياسي.

خاتمة

جماعة الحوثي لا تريد أن تخسر الامتيازات الأمريكية الجديدة، وفي المقابل هي تتحين الفرص للتصعيد العسكري؛ ولهذا من المتوقع أن تبقي على الهجمات كمناورة سياسية عند الحاجة، وليس بالضرورة أن تصيب أهدافاً حقيقية، وأي انتظار سعودي لما قد تفرزه المشاورات والزيارات الأمريكية معناه إضاعة آخر فرصة بيد السعودية، وبإمكان السعودية استثمار أي تصعيد حوثي جديد، والاستفادة من التطمينات الأمريكية للسعودية بخصوص وقوفها إلى جانبها في الدفاع عن أمنها القومي، وعدم الاعتماد كلياً على السياسة الأمريكية بخصوص الملف الإيراني وأذرعه في المنطقة، وإتاحة المجال للشرعية اليمنية والقوى السياسية والاجتماعية التابعة لها للحضور في اليمن، والدعم الدبلوماسي للشرعية اليمنية من أجل التمسك بالمرجعيات الثلاث، من دون ذلك فأي حل ربما يؤجج الأزمة أكثر مما يصلحها، ويجعل من اليمن نموذجاً لبنانياً جديداً، وهو ربما ما تسعى إليه القوى الدولية.

الكلمات المفتاحية :