عقد مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات ندوة سياسية بعنوان “هل يبدو السودان على مشارف تسوية سياسية؟”، يوم الاثنين الموافق 29/11/2021، بحضور مختصين في الشأن السوداني، ضمن أربعة محاور رئيسية ناقشها المركز للوقوف على طبيعة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الجارية في الأراضي السودانية، ومآلات ذلك على المشهد السوداني محلياً وعربياً ودولياً.
وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الخرطوم، الدكتور الرشيد محمد إبراهيم، ضمن حديثه عن تداعيات المشهد السياسي والأمني في السودان: “إن المشهد السوداني واسع ومفتوح على كل الجوانب، والثورة السودانية الأخيرة تختلف تماماً عما تعارف عليه أهل السودان في ثورات عام 1964 و1984، وما يختلف فيها اليوم أن الإسلاميين كانوا يديرون الحكم، وكانت أيضاً قصيرة مقارنة بحكم مرحلة الإنقاذ التي امتدت سنوات طويلة آنذاك”.
وأشار الدكتور الرشيد إلى أن التيار الإسلامي كان حاضراً بقوة في المشهد السوداني، مضيفاً: “كان التيار الإسلامي حاكماً للبلاد، وهذا متغير مهم جداً لنفهم أسباب فشل تحقيق مكتسبات الثورة، ومن ثم فإن الشراكة بين المدني والعسكري هي بالإكراه وليس بالرضا”.
وأكد وجود إشكاليات عديدة في السودان نتيجة تقلبات الحياة السياسية والاقتصادية في السنوات القليلة الماضية، وبالأحرى خلال المرحلة الانتقالية، مردفاً: “الثورة جاءت هذه المرة مع وجود حركات مسلحة خارج القانون، وهذا لم يكن معهوداً في السودان”.
وتابع: “من وجهة نظري فإن الوثيقة الدستورية السودانية الأخيرة فيها كثير من الإشكالات والنواقص، حيث صيغت على عجل”، موضحاً في الوقت نفسه أن الحكومة السودانية الأخيرة كانت تعول على الخارج أكثر من الداخل، وهو ما فاقم أزمات البلاد.
بدوره، قال الباحث السياسي المصري، إسلام خليفة، خلال مشاركة له في محور “ما طبيعة التدخلات الخارجية في السودان وأثرها على الواقع؟”: “إن السودان منذ عام 1996 يعيش حالة من الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية وجعلته معزولاً دولياً، ما أدى إلى تفاقم الأزمات”.
ولفت خليفة إلى أن الحكومة السودانية الأخيرة برئاسة عبد الله حمدوك مهدت الطريق للدول الغربية والأوروبية لتضع قدماً لها في السودان وتتدخل في شؤونه الداخلية، لا سيما أمريكا وروسيا والإمارات، ما أدى بحمدوك إلى الاستفراد بالحكم.
وذكر أن الدول الغربية كانت دعمت إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتضامنت مع خيارات الشعب السوداني، مع تجاهل تام لحقيقة الوضع السياسي والأمني في البلاد، إلى جانب حالة التشرذم السياسي التي تعانيها الأحزاب والقوى السياسية المدنية في السودان.
ويرى الباحث السياسي المصري أن المجتمع السوداني ناضج سياسياً، ولديه رؤية وعدة سيناريوهات لرسم مستقبله، مضيفاً: “من الطبيعي جداً ألا تأتي التدخلات الخارجية للسودان بالخير، ولا بد أن يكون الاتحاد أولاً من الداخل بين القوى السياسية المدنية والعسكرية، وتقديم رؤية داخلية للخروج من المأزق الحالي”.
وفي السياق نفسه بيَّن الأكاديمي والمحلل السياسي من السودان، حسن شايب، ضمن نقاشه لمحور “هل السودان أمام ربيع جديد لم تكتمل فصوله بعد؟”، أن معظم الأحزاب السياسية السودانية تستقي من أفكار واحدة، ولكنها تختلف في كيفية تنفيذها، وهذا ما أدى إلى انقسام العديد من القوى السياسية في رسم رؤى واضحة وواقعية للمشهد السوداني.
ويرى الأكاديمي السوداني شايب أن السودان بحاجة إلى حليف استراتيجي قوي يعينه على إدارة المشهد السياسي والأمني وحتى الاقتصادي، مردفاً: “نعم، هناك تدخل خارجي في السودان، ولا يمكن لأحد إنكاره، لكننا في الوقت الراهن نحتاج إلى حليف، لأن كل مقومات فشل الدولة أضحت واضحة في السودان”.
وأكد شايب أهمية الموقع الجغرافي للسودان في جعله محط أنظار دول غربية وعربية عدة، ومحوراً مهماً أيضاً في الصراع الدولي، وهو ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تتدخل بقوة في المشهد السياسي مؤخراً.
واختتم المركز الندوة السياسية بمجموعة من الأسئلة طرحها المشاركون من دول عربية عدة على الضيوف، وكانت أبرزها تدور حول مدى جدية الحكومة السودانية الأخيرة في الخروج من المأزق السياسي والأمني السوداني الحالي، وما إذا كانت البلاد مقبلة على رؤية سياسية موحدة، أم أنها ستشبه ما جرى في بعض الدول العربية.
