|

الأزمة-الخليجية-اللبنانية

بعد التطورات الأخيرة .. إلى أين تتجه العلاقات العربية التركية؟

وحدة الرصد والتحليل

|

2021-12-12

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-12-12

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-12-12

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

تشهد العلاقات العربية التركية تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة بعد الزيارة الرسمية لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة في 24 من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم. وقد سبق الزيارة عدد من المباحثات الهاتفية والحضورية على مستوى وزراء الخارجية ورؤساء الجهاز الأمني للبلدين، بهدف تقريب وجهات النظر لإعادة ترتيب الملفات البينية، وإنهاء الخلافات السياسية، وتعزيز فرص التعاون التجاري بينهما.

تبع الزيارة تأكيد الرئيس التركي أردوغان حرص أنقرة على الارتقاء بعلاقاتها مع كل من المملكة العربية السعودية ومصر، وسعيها لإجراء زيارات رسمية إلى الإمارات، وإقامة مباحثات رفيعة المستوى مع مسؤولين بحرينيين، وهو ما يعني دخول العلاقات العربية التركية مرحلة جديدة في مقوماتها واستراتيجياتها.

يحاول تقدير الموقف البحث في التقاربات الجارية في العلاقات العربية التركية، ومستقبل هذه التقاربات على ملفات المنطقة المشتركة والخاصة.

سياقات التقارب في العلاقات العربية التركية

تتسارع الأحداث والمتغيرات في المشهد العالمي والإقليمي، وتتغير التحالفات السياسية نتيجة إعادة ترتيب العلاقات لدول الإقليم فيما بينها، وكذا علاقاتها مع العالم الخارجي. إذ تحاول كل دولة في الإقليم التنسيق لشراكات جديدة تضمن مصالحها الاستراتيجية واستقرارها الداخلي، وهو ما أدى إلى ظهور عدد من السياقات لخريطة تقاربات وتفاهمات جديدة بين دول الإقليم المختلفة.

ومن أبرز سياقات التقارب في العلاقات العربية التركية، الآتي:

التقاربات العربية-العربية في المنطقة

انعكست نتائج انتخابات الولايات المتحدة التي أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 على الساحة الداخلية للمنطقة العربية وجوارها، فعلى الرغم من أن أغلب الدول المتنافسة في المنطقة فضلت فوز دونالد ترامب بجولة ثانية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية جاءت عكس ذلك، ومكنت جو بايدن من الفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

فقد أسهمت سياسة الولايات المتحدة وانسحابها من المنطقة في إعادة رسم علاقات الدول العربية وتجديدها بما يتلاءم مع الوضع المستجد؛ فظهرت تقاربات داخل البيت الخليجي، ووُقعت اتفاقية العلا المنهية للخلاف الخليجي، واتجهت دول مثل مصر وقطر نحو التفاهمات السياسية، ووقعت السعودية وعمان عدداً من اتفاقيات التعاون فيما بينها، وغيرها من التفاهمات العربية-العربية.

المباحثات العربية التركية عقب قمة العلا

امتدت اتصالات الطرف التركي مع عدد من الأطراف العربية عقب اتفاق المصالحة الخليجية الذي عقد في يناير/كانون الثاني الماضي، وقد استمرت المباحثات العربية التركية على مدى أشهر طويلة بغية التوصل إلى تفاهمات تراعي المستجد في العلاقات المشتركة بين جميع الأطراف. مصر، على سبيل المثال، كانت أولى الأطراف العربية التي استقبلت دعوة تركيا للانخراط في تفاهمات سياسية، وذلك من خلال استئناف الزيارة على مستوى وزراء الخارجية مطلع شهر مايو/أيار الماضي، الذي تبعته سلسلة من التفاهمات بين الجانبين المصري والتركي في مختلف القضايا المشتركة بينهما، والتي لا تزال تناقش الملفات العائقة، مع تقديم تنازلات تسمح بوجود تنسيق بين البلدين يعتمد على أسس استراتيجية واضحة.

الإمارات أيضاً كانت على نفس مستوى التفاهمات مع الجانب التركي، حيث بدأت اتصالها مع أنقرة في أبريل/ نيسان الماضي باتصال هاتفي جمع وزيري خارجية البلدين، ثم تبعته زيارة لم تكن متوقعة لمستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى أنقرة، حيث التقى بأردوغان منتصف شهر أغسطس/آب الماضي.

اتخذت الخطوات ذاتها بين السعودية وتركيا، وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو زيارة رسمية إلى الرياض في مايو/أيار المنصرم، في سعي من الجانب التركي للتمهيد للتفاوض والحوار مع السعودية بعد سنوات من جمود العلاقات بين البلدين. وقد سبق الزيارة اتصال جمع الملك السعودي بالرئيس التركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عشية القمة الافتراضية لمجموعة العشرين التي نظمتها الرياض، وكذلك التفاهمات السعودية التركية لشراء طائرات مسيرة من نوع بيرقدارTB 2 بنسختيها الاستطلاعية والمسلحة في مارس/آذار المنصرم، وهو ما أظهر أن العلاقات السعودية التركية في طريقها نحو التفاهم المستمر، واتباع دبلوماسية الحوار بغية التوصل إلى معالجة الملفات العالقة.

لم يقتصر التقارب العربي على الجانب التركي فقط، بل امتد للجانب الإيراني، وذلك عبر جولات التفاوض بين السعودية وإيران بتنسيق عراقي، والمباحثات المباشرة بين الإمارات وإيران، لتشكل بذلك بداية مرحلة جديدة من التفاهمات المتبادلة بين الدول الفاعلة في الإقليم.

زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لأنقرة

تركيا كانت دوماً هي المبادرة في اتخاذ خطوات التقارب، ولذلك تعد زيارة ولي عهد أبو ظبي الخطوة العربية الأولى من نوعها في تحركات التفاهمات العربية التركية الجارية، وهو ما قد يفتح باب زيارات مماثلة من الجانب العربي لتركيا، ويسهم في تطوير مناخ التقارب السائد في المنطقة.

فقد أعقبت الزيارة تصريحات الرئيس التركي باتخاذ خطوات مماثلة مع مصر، والسعودية، ودول خليجية أخرى. وهو ما يظهر أن آفاق تعزيز العلاقات العربية التركية تسير على نحو إيجابي، وتُتخذ إجراءات متتالية بهذا الصدد، ولكن ما ميز المباحثات الإماراتية التركية أنها تسير بخُطا سريعة، مغلبين بذلك المصالح الاقتصادية، ومرحلين الخلافات السياسية، ولو مؤقتاً.

أبعاد تفاهمات العلاقات العربية التركية

تتنوع دوافع التقارب في العلاقات العربية التركية بين مختلف أطرافها، إلا أن العامل المشترك فيها هو ظهور الحاجة إلى تجميد الخلافات التي استنزفت جميع الأطراف كثيراً، أو تخفيفها بنسبة أقل. وتحمل تفاهمات العلاقات العربية التركية الجارية عدداً من الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية، ومن أهم هذه الأبعاد:

الأبعاد السياسية

ملفات التقارب الجارية في المنطقة تسهم بشكل ما في تسريع التفاهمات الثنائية بين مختلف المكونات السياسية داخل المنطقة العربية وجوارها. فبعد التفاهمات السعودية القطرية رأينا المباحثات المصرية التركية، والسعودية الإيرانية، والقطرية الإماراتية، والتركية الإماراتية، ونحوها من المباحثات، كسلسلة متعاقبة تسعى كل الأطراف فيها إلى خلق مناخ عام في المنطقة يلبي احتياجات الدولة السياسية وغيرها من المتطلبات.

وفي حال استمرت وتيرة التفاهمات الثنائية بين دول المنطقة بشكل طردي، فإنه من المتوقع أن تؤدي إلى تشكيل تعاون إقليمي لحلحلة ملفات المنطقة الشائكة، ومنها الملف السوري، وذلك من خلال التنسيق المشترك بين تركيا والإمارات والسعودية بالإضافة إلى إيران، وملف سد النهضة، وإمكانية تفعيل الخطة الإماراتية لتسوية النزاع الإثيوبي مع القاهرة والخرطوم، والاستفادة من المبادرة التركية في هذا الصدد.

فضلاً عن إمكانية التعاون بتقديم جميع الأطراف المؤثرة في الشأن الليبي تنازلات تخفف حدة الاستقطاب، خاصة بعد أن تحولت المعركة في ليبيا إلى معركة سياسية، وسعي القيادات المتنازعة سابقاً في الحرب الميدانية إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة. اليمن أيضاً قد يشكل ملف تعاون عربي تركي، كنقطة تعاون استراتيجي يمهد لحلول إنهاء الحرب في اليمن، وعودة الاستقرار الداخلي إليه، وتأثيره إيجاباً على الاستقرار في المنطقة.

ومع عودة المباحثات إلى العلاقات العربية التركية يمكن القول إن حدة الاستقطاب التي كانت سائدة بين الدول العربية وتركيا، والتي شكلت فرصة لعدد من مشاريع النفوذ الإقليمية في توسيع نفوذها في المنطقة، إلا أنه من الممكن أن تعود هذه المشاريع قليلاً إلى الوراء بعد عودة المفاوضات العربية التركية. فمشروع الكيان الإسرائيلي الذي توسع كثيراً على حساب قوى المنطقة يمكن أن يقل تأثيره بعد عودة مباحثات التفاهم بين الأطراف العربية والتركية. كذلك، من المحتمل أيضاً أن تتغير موازين التمدد اليوناني في منطقة شرقي المتوسط، الذي تلقى دعماً عربياً على حساب تركيا، بحيث يقل تأييد الجانب العربي لليونان بهذا الجانب، أو تجنب إظهار مواقف مؤيدة للجانب اليوناني بدرجة أقل.

الأبعاد الاقتصادية

تدرك حكومات المنطقة متطلبات الوضع الاقتصادي الراهن، فآثار جائحة كورونا لم تنفك عن اقتصاديات الدول، وتقلبات السوق العالمية أضرت كثيراً بدول المنطقة، لا سيما مع حالة التضخم العالمية المستمرة حتى الآن.

لذلك، يمكن القول إن المصالح الاقتصادية المشتركة أسهمت في تذليل العقبات نحو مزيد من التفاهمات الإيجابية بين دول المنطقة. وهذا ما يظهر في المباحثات الإماراتية التركية، فقد وقع الطرفان عند قدوم ولي عهد أبو ظبي إلى أنقرة عدة خطابات نوايا للاستثمارات في مجالات الطاقة والتمويل والصحة، فضلاً عن إنشاء الإمارات صندوقاً بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.

فالإمارات التي تسعى إلى أن تصبح قوة اقتصادية صاعدة في المنطقة تدرك أهمية تركيا كنقطة انطلاق للتصدير والاستيراد، وبدورها تركيا بحاجة إلى تعاون مع دولة نفطية تدعم ميزانيتها العامة التي تعاني أضراراً اقتصادية عديدة في الفترة الأخيرة.

كذلك، نجد أن حرمان مصر من مشاريع الطاقة شكل دافعاً رئيسياً لتقاربها مع تركيا في سلسلة من المباحثات التي أجراها الطرفان في شهر أبريل/نيسان الماضي. حيث أدى استبعاد مصر من أنشطة اتحاد شرق المتوسط، المكون من (الكيان الإسرائيلي وقبرص واليونان) إلى التقارب المصري التركي، ولا سيما أن الطرف التركي بحاجة إلى التعاون مع مصر لحماية مصالحها الاستراتيجي في منطقة شرقي المتوسط.

الأبعاد الأمنية والعسكرية

أدت الاستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية الجديدة في المنطقة، القائمة على فك الارتباط العسكري بالمنطقة العربية، وتركيز الاهتمام الأمريكي صوب الصين ودول شرق آسيا، إلى اعتماد دول المنطقة العربية وجوارها على التنسيق فيما بينها لدعم حفظ السلام والاستقرار في المنطقة.

التمثيل الأمني خلال المباحثات التركية العربية يدل على حرص الجانبين على تطوير هذا الجانب في العلاقات المتبادلة. فقد زار مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد أنقرة قبل زيارة ولي عهد أبو ظبي، وكذلك أشار الرئيس التركي أردوغان، عند توقيعه لاتفاقيات التعاون مع الجانب الإماراتي، إلى زيارة وزير الخارجية التركي ورئيس جهاز الاستخبارات التركي لأبو ظبي للتحضير لزيارته المرتقبة في فبراير/شباط القادم.

التمثيل الأمني أيضاً حضر في مشاورات جمعت الجانب التركي مع الأطراف المصرية وأطراف عربية أخرى، وكان التنسيق العسكري هو الخطوة البارزة في ملف التقارب السعودي التركي، بعد تقدم الجانب السعودي لشراء طائرات عسكرية واستخباراتية من تركيا. وهو ما يرجح إمكانية تخفيف التنافس الإقليمي الذي أثر سلباً في العلاقات العربية التركية التي كانت مستقرة ومتعاونة في مرحلة سابقة.

محددات مستقبل العلاقات العربية التركية

يشير حجم التفاهمات الإقليمية وسرعتها إلى رغبة دول المنطقة العربية وجوارها في تذويب المسائل الشائكة والمضي قدماً نحو علاقات تخدم المصالح المشتركة وتقلل من حالة الصدام السائدة في المرحلة الماضية. وهذا يرجع إلى الحالة الجديدة التي تعيشها المنطقة، وتجدد خارطة التحالفات في المنطقة بما يتناسب مع الواقع الجديد في المشهد السياسي الإقليمي والخارجي.

حجم المصالح المتحققة للأطراف

تسعى الأطراف الإقليمية من خلال تحركاتها الأخيرة إلى الحفاظ على المكاسب التي حققتها في الفترة السابقة، والخروج من ملفات النزاع المستعصية بأقل الخسائر، خاصة أن مدة النزاع تطول، ولا ترجيح لكفة طرف رابح على طرف آخر خاسر.

ففي حال اتجهت أطراف العلاقات العربية التركية إلى العمل بسياسة “الكل رابح”، وقدم كل طرف تنازلات تحقق التوازن بين مصالح الأطراف جميعاً، فإنه من المتوقع أن تتجه العلاقات العربية التركية إلى مزيد من التقدم الإيجابي، وتحقق قدراً من التفاهمات السياسية المتبادلة.

حسم التحديات المرتبطة بالعلاقات العربية التركية

ترتبط تفاهمات الجانب العربي مع التركي بعدد من ملفات النزاع التي امتدت سنوات عديدة، فالتنافس على النفوذ بين دول الإقليم توسع بعد ثورات الربيع العربي، وهو ما أثر سلباً في علاقات دول المنطقة جميعاً، حيث وجدت دول الإقليم نفسها غارقة في عدد من الملفات الشائكة، التي ربما لن تُحل في المستقبل القريب دون إيجاد تفاهمات مشتركة بين جميع الفاعلين.

ويبدو أن دول المنطقة اتخذت القرار الصائب في الاتجاه نحو تصفير المشاكل بينها، إلا أن استمرار هذا النهج يعتمد كثيراً على مدى جدية الأطراف في تقديم التنازلات المتبادلة التي تعزز من استمرار نهج التفاهم الذي تم اتخاذه.

الحد من التأثيرات الخارجية في العلاقات العربية التركية

قررت دول المنطقة الدخول في تفاهمات مشتركة فيما بينها لشعورها بخطر الاعتماد على العوامل الخارجية في تقرير مصير أمنها ومصالحها الاستراتيجية. لذلك، من المهم أن تسعى جميع الأطراف إلى تحييد المؤثرات الخارجية التي قد تضر بمسار التفاهمات الحالية.

وفي حال تمكنت العلاقات العربية التركية من تجاوز مرحلة المراهنة على العناصر الخارجية في تحقيق مكاسب فورية لدولها على حساب دول المنطقة الأخرى، فإن التعاون المستمر والاستقرار الثابت للمنطقة يعد الترجيح المتوقع من هذه السياسة، وهو ما قد ينعكس على علاقات الإقليم العالمية؛ إذ من المتوقع أن يؤثر في التنسيق مع العالم الخارجي لحلحلة ملفات المنطقة الشائكة بمستوى أكثر تنظيماً، وبما يحد من زيادة التدخلات الخارجية في قضايا المنطقة وملفاتها.

تأثير عاملي إيران والكيان الإسرائيلي في العلاقات الإقليمية

لدى إيران والكيان الإسرائيلي مشاريع نفوذ في المنطقة، فإيران بعد حرب العراق وثورات الربيع العربي وسعت من نفوذها عن طريق أذرعها في المنطقة، في حين باشر الكيان الإسرائيلي أطماعه في المنطقة خلال عهد ترامب بشكل كبير، وذلك من خلال موجات التطبيع العربي والإسلامي، الذي مكن الكيان الإسرائيلي من فتح قنوات عديدة داخل العالم العربي والإسلامي.

وفي مرحلة التفاهمات الجارية أُشركت إيران والكيان الإسرائيلي في عدة مفاوضات، سواء مع الجانب العربي أو التركي، وذلك لارتباط الطرفين؛ الإيراني والكيان الإسرائيلي، بعدد من ملفات المنطقة؛ كملف المفاوضات النووية، والملف السوري، وملف منطقة شرق المتوسط، وغيرها من الملفات.

لذلك، فإن حصول التفاهمات بين الأطراف العربية والتركية يشكل جبهة إقليمية واحدة تمنح مساحة للتفاوض مع الجانب الإيراني والإسرائيلي، وتقلل من منح التنازلات أثناء التفاوض معهما. ومن ثم فإن تجاوز الأطراف العربية التركية للخلافات يعزز من استتباب العلاقات المشتركة ويقلل من تأثير العناصر الإقليمية الأخرى على حساب مكتسبات العلاقات العربية التركية التي قد يتم التوصل إليها في المستقبل القريب.

الخاتمة

عصفت بالمنطقة العربية وجوارها أزمات دراماتيكية على نحو مستمر خلال الفترة الماضية، فلا يكاد يوجد بلد في المنطقة إلا ويعاني أزمة داخلية ما، بالإضافة إلى تأثره بأزمات دول المنطقة الأخرى. هذه الأحداث فرضت الحاجة إلى قيام تعاون وتنسيق مشترك، ولا سيما بين الأطراف الفاعلة في المنطقة، وذلك بهدف تقريب المصالح بين الدول، وحل قضايا الصراع المختلفة، وفتح آفاق جديدة لدول المنطقة في مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري، وبما يعود بالنفع لمصلحتها ومصلحة شعوبها.

ولعل اتجاه قوى المنطقة نحو تخفيض مستوى الاستقطاب وتمهيد الطريق لإمكانية النقاش، والاتفاق على أسس تفاهمات تحقق الأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي، يعبر عن نضج سياسي لحكومات المنطقة. استثمار هذا النضج في تثبيت الأسس المشتركة للعلاقات العربية التركية، وإيجاد مناخ تعاون دائم، ليست بالمهمة السهلة، ولا سيما مع عدد الملفات الشائكة لأطراف العلاقة.

وختاماً، يمكن القول إن عودة المباحثات بين قوى المنطقة لن تتخذ مستوى واحداً، فهناك دول تتقدم ودول تتحرك ببطء، ولن يعتمد مسار التفاوض على خط وحيد نظراً لاختلاف الملفات التي تجمع قوى المنطقة، ولتنوع منهجيات الدول ورؤيتها الدبلوماسية في حسم قضايا النزاع.

الكلمات المفتاحية :