|

صالون

واقع الإدارة في المناطق المحررة موقع

الإدارة في المناطق المحررة السورية .. قراءة في جذور الواقع المشاهد

حسام عمر طرشة

|

2022-06-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
حسام عمر طرشة

|

2022-06-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
حسام عمر طرشة

|

2022-06-17
طباعة

مشاركة

|

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

أصبح واقع الإدارة في المناطق المحررة في الشمال السوري عموماً مثار جدل ومقارنة بين الإدارات المختلفة؛ ففي الوقت الذي تنفرد فيه هيئة تحرير الشام بإدارة المناطق المحررة في إدلب وما تبقّى من أرياف حماة وحلب والساحل من خلال واجهة ما يُسمى حكومة الإنقاذ، وهيمنتها على جميع الملفات، ومن ضمنها الملف العسكري الذي أخضعت فيه جميع الفصائل لإدارتها المركزيّة، تتنازع الفصائل المنضوية تحت اسم (الجيش الوطني السوريّ) السيطرات على بقاع شتّى في مناطق الشمال الحلبي وشرق الفرات (عفرين – إعزاز – الباب – جرابلس – تل أبيض – رأس العين) وتمارس الحكومة المؤقتة بعض النشاطات التي لا ترقى إلى مستوى المأسسة أو الإدارة الحقيقية، بالإضافة إلى ضعف مؤسسة الجيش الوطني السوريّ وعدم قدرته على الانتقال بمكوناته العسكريّة إلى مرحلة الجيش النظاميّ وإخضاعها لقيادة مركزية تساهم في تعزيز الاستقرار.

في ظل هذا الواقع أعلاه، تجري مطارحات عبر عدّة منصّات إخبارية واجتماعية حول واقع الإدارات في الشمال المحرّر، ثم الموقف من الجهات المهيمنة على المشهد العسكريّ والإداريّ. والثابت الوحيد هو موقف الشعب والشارع الثوريّ الواسع الذي يُجمع على كارثيّة الحال. وتتقاذف الشارعَ التصريحاتُ والمقالات والمواقف التي تنتشر في منصات شتى بين مؤيّد ومعارض لهذه الإدارة وتلك. وتأتي هذه المقالة الموجزة لتعيد توصيف الواقع بشكل قابل للقياس بهدف المقارنة بين واقع مناطق الشمال المحرر وجذور هذا الواقع الحقيقية بعيداً عن الأجندات والبروبجندات التي تمارسها نخب وكتّاب ونشطاء بغض النظر عن الأهداف والقناعات.

لا بد أن أستلّ هذه المقالة من حالة الصراع الصفريّ الذي يجري بين تحرير الشام من جهة، وفصائل الجيش الوطني من جهة أخرى، وأنأى بالمقالة عن حالتَي التزييف التي يروّج لها فريقان؛ فريق يروّج ويدفع باتجاه نشر مزاعم تطوّر وتحسّن العلاقات بين مناطق الإدارتين، وأن ثمة خطوات باتجاه توحيد القيادة العسكرية ومركزيتها، والواقع أنه لا حقيقة لذلك على الأرض إلا مصالح فردية وفئوية تتحقق هنا وهناك؛ وفريق آخر يدفع بالاتجاه المعاكس تماماً ليطرح حلولاً صفريّة داعياً إلى صدام يفني طرفاً على حساب طرف آخر! وكلا الجانبين يشكلان خطراً وكارثة على الثورة.

وإذا ما انتقلنا إلى المقارنة بين حال الإدارات في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وبقيّة المناطق، وإذا ما تجاوزنا جوانب إيجابية لا تخطئها العين تقف وراءها الإدارة التركية المباشرة للملف السوريّ عسكرياً وإدارياً بشكل واسع؛ يمكننا أن نسجل السلبيات المشتركة بين الإدارتين على النحو الآتي:

1.  غياب المأسسة العسكرية وترسيخ الواقع الميليشياتيّ في عموم الشمال المحرر بغض النظر عن فوارق الإحكام والسيطرة، والهيمنة المركزية أو ضعفها.

2.  هيمنة الفصائل العسكرية على موارد الشمال المحرر بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق أذرع (أفراد وشركات)، ومنح التسهيلات على حساب المحرّر.

3.  انحسار قنوات الدعم الخارجيّ لعموم الثورة، واقتصارها على قنوات المتنفذين فيها.

4.  العمى الاستراتيجيّ الذي يصيب الجهات المتنفّذة، ووقوع المنطقة في ضياع بوصلة المستقبل.

 

أما إذا أردنا أن نجريَ مقارنة بين الإدارتين فيمكننا إجمال نقاط الافتراق من خلال الجدول الآتي[1]:

ملاحظة: البنود المظلّلة باللون الرمادي هي السلبيات التي يعاني منها طرف أكثر من الآخر.

الجذور والأسباب:

يتضح مما سبق أن لا حقيقة لما يُنشَر على وسائل إعلام اجتماعية وصحفية بل وحتى تلفزيونية عن تطوّر في مجال الإدارة المدنية في مناطق إدلب تزيد على مناطق عفرين وإعزاز… إلخ. ويمكن حصر التفوّق في إدارة هيئة تحرير الشام في ثلاث نقاط رئيسة:

–   نكاد نجزم بعدم وجود التفجيرات بالمفخخات أو العمليات الانتحارية.

–   وجود استقلال في إدارة الملف المدني (حصراً) عن الجانب التركيّ.

–   التحكم المركزي الصلب (عسكريّاً ومدنيّاً لهيئة تحرير الشام في إدلب).

إن نسبة هذا الإنجاز إلى المأسسة والنجاح الإداريّ بعيد عن الواقع والموضوعية، فعند النظر يمكن تلخيص أسباب وجذور هذا التفوّق بالآتي:

1.  كان اختلاف طبيعة الاتفاقيات الدولية والقانونية التي دخلت بموجبها تركيا إلى مناطق الشمال المحرر عاملاً مهماً؛ فتركيا دخلت إلى إدلب ضمن اتفاقية منبثقة عن القرار الأممي 2254 بعد اختطاف الروس لمسار العملية السياسية باتجاه أستانة وسوتشي، وهي ما عُرفت باتفاقية خفض التصعيد. وهي اتفاقية تنص في أساسها على قوّات فصل بين قوّات النظام السوريّ المجرم وبين قوات وفصائل الثورة والمعارضة السورية. أما في بقية المناطق فقد دخلتها تركيا ضمن اتفاقيّة قديمة وقّعتها مع النظام السوريّ ومكّنت تركيا أيضاً من إجراء تعديلات على الاتفاق بزيادة التوغّل داخل الأراضي السوريّة حتى عمق 32 كم، بعد أن كان في نص الاتفاقية قبل التعديل لا يزيد على 5 كم. وهذه الاتفاقية هي اتفاقيّة أمنية. ويتجلّى أثر ذلك في الآتي:

–   عدم تدخل الجانب التركي في مسائل الإدارة المدنيّة في مناطق إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام لعدم وجودها في نطاق بنود اتفاقية خفض التصعيد. بالإضافة إلى وجود بنود كثيرة تقيد حركة الأتراك في أي ملفّ خارج الملف العسكريّ المتعلقّ بوقف إطلاق النار أو خفض التصعيد. فكان لهيئة تحرير الشام الفرصة للعمل باستقلالية في الملف الإداري في منطقة إدلب.

–   تدخلت الدولة التركية في جميع تفاصيل الإدارات في مناطق عفرين وإعزاز والباب وجرابلس وتل أبيض وعين العرب بموجب الاتفاقيّة الأمنيّة التي تقضي بحق تركيا في التوغل داخل الأراضي السورية في حال فقد النظام السوريّ الطائفيّ القدرة على حماية الحدود. ولا يمكن لتركيا والحالة هذه أن تدعم نشوء أي حالة حوكمة وإدارة بشكل مباشر للحكومة المؤقتة إذ إن دخولها كان ضمن اتفاقيّة مع النظام المجرم، فكان دور تركيا واسعاً فاضطلعت بمهام إدارية كُبرى في تلك المناطق لعدة أهداف تخدم مصالحها الأمنية وتحقق به أهدافها من خلال تحريك الحل السياسيّ بما يخدم مصالحها.

2.  في مناطق خفض التصعيد (إدلب) انتشر الجيش التركيّ بأعداد ضخمة وتجهيزات وقواعد ونقاط عسكرية عالية التجهيز، وبعديد قوى من الجنود بلغت خمسين ألف جنديّ، في الوقت الذي اقتصر وجود الجيش التركيّ في مناطق عفرين وإعزاز والباب في نقاط محدودة وبأعداد قليلة جدّاً. وهذا الفارق بين المنطقتين يفسّر سبب قلّة التفجيرات والمفخخات والعمليات الانتحارية في مناطق إدلب. كان دخول الجيش التركي الثالث إلى إدلب يقتضي دخول منظومة أمنيّة وعسكرية متكاملة معه لحماية أمن الجيش التركيّ عند الدخول، وهذا ما يفسّر غياب هذه الحوادث في منطقة إدلب بسبب المنظومة الأمنية المرافقة للجيش التركي الثالث. ولا يمكن أن يُعزى هذا النجاح إلى هيئة تحرير الشام التي تعاني من فشل مضاعف في ضبط أمن المناطق المحرّرة، فانتشر القتل والاختطاف والسرقة، وشكّل ظاهرة تتعاظم يوماً بعد يوم. وهذا الفشل لا يعني نجاح فصائل الجيش الوطنيّ في المقابل؛ فكلتا الجهتين العسكريتين تعاني ضعفاً وغياب مأسسة وميليشياتية لا يمكن التكهّن معها بمستقبل جيد.

توحيد المرجعية والإدارة في الثورة السورية (الجهود والمعوّقات)

إذا قلنا إن الثورات الشعبية تمرّ بمراحل ثلاث؛ أولاها مرحلة الفوضى، لأن الثورات الشعبية هي انفجار اجتماعيّ ناشئ عن تراكم عوامل شتّى من الظلم والارتكاس والدكتاتورية والشحن الاجتماعيّ. ثم بعد هذه المرحلة تبدأ الثورة تفرز كيانات تجنح نحو المأسسة بأشكال متعدّدة سلبية وإيجابية، ثم لا تلبث أن تتطوّر تحت ضغط الواقع والتحدّيات فنشأت في الثورة السورية عدّة مؤسسات بعضها لها طابع التمثيل والمرجعيّة وبعضها الآخر خدميّ ومدني، وبعضها عسكريّ… إلخ. أما المرحلة الأخيرة، وفيها قطف ثمار الثورة، فهي انتظام المؤسسات في بنية هيكلية واحدة تؤسس لإدارة سياسية وخدمية واقتصادية تتفوّق على النظام الطائفيّ المجرم وتقضي عليه.

         تشكل المرحلة الثالثة تحدّياً للثورة السوريّة؛ فهي المرحلة التي تتدخل فيها – قسراً – قوى شتّى إقليمية ودولية، خاصّة بعد تدويل القضيّة السوريّة ودخول الاحتلال الروسيّ والإيرانيّ، الذي تبعه دخول قوى إقليمية ودولية أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وأخيراً تركيا، وكان هذا التدخّل على الصعد كافة؛ “استخباراتياً أمنيّاً – سياسياً – اقتصادياً – لوجستياً”. أولى المحاولات كانت المجلس الوطني السوريّ الذي لم يُكتب له النجاح وعانى من سلبيات كثيرة، ثم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي تحوّل بسبب التدخلات الدولية إلى عامل سلبيّ معطّل لتبلور المرحلة الثالثة بدل أن يكون قاطرة لتحقيقها.

لم تتوقف قوى الثورة منتظرة الائتلاف، فكانت هناك مساعٍ من فصائل وقوى ثورية في الداخل السوريّ ترى أن الائتلاف منفصل عن الواقع وتحكمه صراعات ولوبيات تتبع أجندات مختلفة أدت إلى ضعف قدرته على تمثيل مصالح الشعب وقضيّته دوليّاً. وكان أغلب التحرّكات تتركّز من قبل شخصيات ذات مكانة علمية واجتماعيّة وثوريّة تدفع الفصائل باتجاه تشكيل مرجعيّة لتجاوز اختطاف الائتلاف وإعادة قراره إلى الثورة، خاصة أن الائتلاف حصل على اعتراف خارجيّ بتمثيله للثورة السورية. كانت أهم تلك المشاريع مشروع مجلس قيادة الثورة الذي بدأ بمبادرة “واعتصموا” عام 2014 ووصل إلى مراحل متقدّمة. وكانت حركة أحرار الشام الإسلامية هي وبعض المكوّنات الأخرى أهم ركائز نجاح المشروع. ثم كان التفجير الغامض، الذي حصل في رام حمدان بتاريخ 9/9/2014 والذي أودى بحياة 45 قيادياً من الصفّ الأول في حركة أحرار الشام، سبباً في تعثّر مشروع مجلس قيادة الثورة؛ نظراً لمركزيّة وقوّة تأثير أحرار الشام في الثورة وانتشارها الواسع في جميع الرقعة السورية، وقدرتها على إدارة العلاقات مع جميع الفصائل. عادت أحرار الشام بعد أن تجاوزت عدّة تحدّيات خلال ثلاث سنوات فبدأت تخطو خطوات متسارعة باتجاه التنظيم والمأسسة حتى وصل الأمر إلى طرح مبادرة لتوحيد المناطق المحرّرة عام 2017 وإنضاج الإعلان عن مشروع إدارة للمحرر يسلّم إلى إدارة مدنية بمرجعية انتخابية لقوى ومؤسسات الثورة الأهلية والعسكرية والمدنية والسياسية والشرعية والفعاليات الاقتصادية.

كان هذا المشروع على وشك الإطلاق، وكانت الجهة الوحيدة التي تعطّله هي ما يُسمى “فتح الشام”، وهو الاسم الجديد لجبهة النصرة بعد انفكاكها عن تنظيم القاعدة وقبله عن تنظيم الدولة. كانت النصرة ترى هذا الأمر أمام عينيها يحدث وهي ترفض وتعرقل كل جهد بهذا الاتجاه؛ لأنها تريد الاستئثار به. وكانت تحاول طرح مبادرات من تحت الطاولة للأحرار تشترط أن تكون اقتساماً ثنائياً بينهم وبين الأحرار، وكانت أحرار الشام ترفض رفضاً قاطعاً.

سارعت جبهة النصرة إلى البغي واستهداف مجاميع وجنود ومراكز أحرار الشام، وفي مقدمتها (معبر باب الهوى)، بعد تغيير اسمها إلى هيئة تحرير الشام واستمالة فصائل كحركة نور الدين الزنكي وبعض الانقلابيين الذين انشقوا عن أحرار الشام قبيل أشهر. تمكّنت هيئة تحرير الشام من السيطرة على معبر باب الهوى، وسالت دماء كثيرة تحت عناوين منع التدخّل التركيّ ومزاعم تسليم المحرّر (على عادة الغلاة في كيل التهم) والهدف الرئيس هو منع تحقق مشروع توحيد المناطق المحررة.

منذ ذلك الوقت وحتى اليوم والثورة تعيش في ضنك وانحسار وسقوط متتال للمناطق. وأدخل السياسيون الواشون بأحرار الشام عند الجهاز التركيّ الثورة في دهليز مسار وهيئة التفاوض وأستانة وسوتشي حتى وصلنا إلى المهزلة الدستورية. تتالى سقوط مناطق خفض التصعيد التي دخلت في مسار أستانة، وتشرذم المحرر، وقُسم بمعابر داخلية، وانقسمت “الحكومة” إلى “حكومتين”، والمنطقة المحررة إلى مناطق، وهُجّر الثوّار والمجاهدون من مناطقهم وهم الأقدر على حمايتها، وزادت عمليات التفجير والقتل والمخدرات والسرقة والنهب وقطع الطريق وحالات الانتحار والكذب والنفاق والتربص داخل الثورة، حتى فقد الناس الأمل.

 

حلول ومقترحات لواقع الإدارة في المناطق المحررة في الشمال السوريّ

لا حلّ يُخرج قوى الثورة والمعارضة السورية والمناطق المحرّرة من مستقبل مجهول إلا نزول جميع الأطراف؛ السياسية والعسكرية والاجتماعية والمدنية والأحزاب والتيارات السياسية، على أمر جامع يتنازل فيه الجميع في سبيل التوصل إلى قيادة واحدة للثورة، وإعادة القرار للقوى الثورية الشعبية في الداخل السوريّ، وإصلاحٍ لمؤسسات الثورة يعيد تشكّل وتموضع الثورة أرى أنه ممكن جداً خاصّة مع اندلاع حروب وصراعات دوليّة بين قوى الغرب والشرق في أوكرانيا، وتغيّرات جذرية تطرأ على المواقف الدولية تجاه مختلف قضايا العالم، والقضيّة السورية إحدى القضايا المحورية في المنطقة. وفي مقدّمة من يقف عائقاً أمام هذا الحل هما معضلتا الثورة السورية الحاليتان “الائتلاف” و”هيئة تحرير الشام”.

يرتكز الحلّ على الدعوة إلى المصالحة مع الجميع، ويكون الصلح بأن تجتمع فيه ثلاثة معانٍ؛ أولها الصلاح؛ بمعنى قابِليَّة الاستعمال وإمكانيَّة الاستخدام، وثانيها الصلاح المضادّ للفساد والإجرام، وأخيراً المصالحة المضادة للاختلاف والاقتتال والاختصام والعداوة. ولتحقق المصالحة أركان يمكن إجمالها في ثلاثة (العدالة – الائتلاف – الاتفاق). والمصالحة بين قوى الثورة عموماً من جهة، وهيئة تحرير الشام وأذرعها والائتلاف وأذرعه من جهة أخرى، لا يستقيم دون ما سبق من مرتكزات وأركان.

ويقود المجلس الإسلاميّ السوريّ جهوداً حثيثة، بوصفه مؤسسة لها أكثر من أربعين من الروابط العُلمائية والدعوية والمدارس الشرعية داخل المناطق المحرّرة، جهوداً كبيرة في الداخل، ولا بدّ من البناء على المرجعيّة المجتمعيّة التي يتمتع بها المجلس الإسلاميّ السوريّ خصوصاً، ومجلس الفتوى، وعلى رأسه المفتي العام لسوريا الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي. لا بدّ أن ينطلق الإصلاح العام من نظرة شمولية تحل جذور المعضلات الثورية التي تعيق الثورة وتُضعفها، وأهم هذه العوائق الكثيرة تلك التي تقف في وجه مساعي الإصلاح لمؤسسة الائتلاف والمؤسسات المرتبطة به، وهم الجسم الممثل للثورة خارجيّاً. هذه العوائق يمكن تلخيصها بالآتي:

1.  لا يوجد ميزانية للإصلاح المطلوب في مؤسسة الائتلاف وأذرعها.

2.  الائتلاف أخذ الشرعية من اعتراف الدول به وهذا حصل ضمن ظروف ومعطيات معينة، ومن ضمنها الأسماء التي كانت بالائتلاف واعتمدتها الدول. ولو قُدّر وتم تغييرهم فأسئلة جوهرية تحتاج إلى جواب: هل تستمر الشرعية؟ من هم الشخصيات البديلة؟ وهل هم معروفون ومقبولون لدى الدول أم لا؟

3.  لا يمكن للائتلاف أن يعمل تمثيلاً شعبياً؛ لأن العملية السياسية والتفاوض لا يبنى إلا على التفويض، ولكن يمكن محاسبتهم على النتائج. تكتيكات العملية السياسية معقدة والكشف عنها انتحار. التفويض أخذه الائتلاف من الحالة الدولية والحالة المحلية رافضة للمسار كله.

4.  العامل الدوليّ المؤثّر في القضيّة السورية. وقد شُكِّلت مؤخراً آلية تشاورية دوليّة ثلاثيّة تضمّ (قطر – تركيا – روسيا)[2]. هذه الآلية التشاورية تُعد إعلاناً عملياً بوفاة مسار أستانة، خاصة بعد إعلان أمريكا قطر شريكاً استراتيجياً في المنطقة.

وفي ظلّ الوضع الموصوف سابقاً، يمكن اقتراح قيام المجلس الإسلاميّ السوريّ، مع شبكة واسعة من القيادات والرموز الثورية وقادة المؤسسات الأهلية والمدنية والسياسية والاجتماعية والشرعية المختلفة، بالآتي:

–   تعيين الشخصيات السياسية وفق الآلية التشاورية المفروضة من قبل قطر وتركيا وروسيا. تلك الشخصيات السياسية تكون قادرة على قيادة وحمل تطلعات الشعب والثورة، مع الحاجة إلى ضبطها حتى لا تخرج خارج التوجهات الثورية المطلوبة.

–   ضبط الشخصيات المُسمّاة بالتزام ثوريّ ووطنيّ من خلال:

1.  وجود توازن في تسمية الشخصيات لتجمع بين شخصيّات من الداخل السوريّ وأخرى ممن تمتلك الروابط والعلاقات والصلات مع الدول والقوى الإقليمية والدولية المؤثرة والمتدخّلة في الشأن السوريّ، وهو واقع يجب التعامل معه لإنجاح المساعي السياسية في الخارج لتحقيق أهداف ثورة الشعب السوريّ.

2.  لا بدّ بالتوازي مع ذلك من تشكيل مجلس قيادة للثورة تمثيليّ في داخل المناطق المحرّرة، موسّع، ذي مرجعية ثورية تمثل فيه جميع قوى الثورة الداخلية والخارجية، ويُشرف عليه المجلس الإسلاميّ السوريّ. ويُدعى إلى مؤتمر تشكيل المجلس ممثلو كل من (الائتلاف) والكيانات السياسية والثورية المختلفة بلا استثناء.

3.  إصدار ميثاق التزام يلتزم به الجميع، وتُدعى الشخصيات السياسية، قبل إعطائهم الصلاحية والتمثيل، إلى إعلان الالتزام به.

4.  إصدار بيان باسم هذا المجلس يخاطب السياسيين وجميع الفاعلين في الثورة السورية حتى من الأجسام الخارجية غير الائتلاف بتحقيق تطلعات الشعب وعدم الخروج عن هذه المرجعية.

5.  تشكيل لجنة منبثقة عن المجلس لمتابعة إصلاح مؤسسات الثورة (الائتلاف – الجيش الوطني – دمج الحكومات …إلخ).

 

المراجع:

  1. مركز جسور للدراسات، حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام.. جدل العلاقة ومستقبلها، 6/4/2022، https://cutt.us/5nx9Y
  2. مركز جسور للدراسات، العلاقات الاقتصادية بين الفاعلين في سورية، 28/2/2022، https://cutt.us/lVjsY
  3. مركز عمران للدراسات، قراءة في هجمات روسيا والنظام على محيط الـ (M4) في إدلب خلال شهري أيار وحزيران 2021، 6/7/2022، https://cutt.us/2734p

[2] https://cutt.us/588DN

مقالات ذات صلة