الجولان

القرار الأمريكي حول الجولان .. السياقات والأهداف والتداعيات

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-17

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-17

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

في الخامس والعشرين من مارس/آذار 2019 وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً ينص على اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصف الخطوة بأنها “تاريخية”؛ إذ لم تقْدم أي إدارة أمريكية سابقة على اتخاذها منذ احتلال إسرائيل للجولان في عام 1967.

وعلى عكس ما حدث في موضوع الاعتراف بالقدس عاصمةً لدولة الاحتلال، لم يأت الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل من خلال تشريع أمريكي من خلال الكونغرس، بل جاء من الحكومة المركزية الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

القرار الذي سبق الانتخابات الإسرائيلية وصف بأنه (قبلة حياة) لإنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي واجه ثلاث قضايا فساد شكلت تهديداً حقيقياً لمسألة فوزه في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، ورغم التبريرات الأمنية التي ساقتها الإدارة الأمريكية في قرارها بشأن الجولان عارضت كل الدول العربية والغربية، إضافة إلى الصين وروسيا والمؤسسات الدولية، هذا القرار؛ بوصفه سابقة خطيرة في مجال العلاقات الدولية.

كما شكل القرار تهديداً حقيقياً للملفات الحساسة في العلاقات العربية-الإسرائيلية، والعلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية؛ إذ إن مثل هذا القرار ينسف كل جهود السلام السابقة في المنطقة، ويزيد من حالة الاحتقان والصراع فيها، من جهة أخرى يشكل هذا القرار بادرة خطيرة لتشجيع استخدام القوة بدلاً من السياسة في حل قضايا الصراع، لا على مستوى المنطقة العربية حسب، بل على مستوى العالم.

فما الدوافع السياسية والاستراتيجية لهذا القرار الجريء وتداعياته على الأمن الإقليمي والدولي؟ وما الخطوات القادمة لواشنطن وتل أبيب في ظل عجز القوى الدولية والعربية عن وقف نهج الرئيس الأمريكي وحليفه الإسرائيلي؟

خلفية عامة عن قضية (الجولان)

بضعة حروف غرد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه هضبة الجولان أنهت جهود نصف قرن من السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. القرار الأمريكي الذي قضى باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية، جاء ضمن سلسلة قرارات صادمة وجديدة على السياسة الملتزمة للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً فيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي.

فالولايات المتحدة الأمريكية احترمت منذ البداية قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي صدر بعد استيلاء إسرائيل على أرض الجولان بالقوة بعد هزيمة العرب في حرب الأيام الستة 1967. القرار نص على (عدم جواز الاستحواذ على الأرض بالحرب)، وشدد على أن (السلام العادل والدائم) يتطلب انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها. وبقي هذا النص كأساس في المباحثات اللاحقة المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي.

ورغم التقارب الأمريكي- الإسرائيلي عملت القيادات الأمريكية المتلاحقة على احترام هذا النص، ولم تعلن تأييدها وشرعنتها للوجود الإسرائيلي في الجولان، بل اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية موقفاً معارضاً لسياسة الأمر الواقع التي نفذتها إسرائيل يوم ضمت هضبة الجولان لسيادتها القانونية والتشريعية بالقوة عام 1981. ورغم احتجاج الرئيس الأمريكي وقتها، رونالد ريغان، لم تنسحب إسرائيل من الهضبة، وبقي الموقف الأمريكي تجاهها بعد ذلك في الحياد، لكن لم يقرر أي رئيس أمريكي سابق أن ينتقل إلى خطوة شرعنة الوجود الإسرائيلي؛ لأن ذلك يمثل سابقة خطيرة على مستوى العلاقات الدولية عموماً، وعلى مستوى أمن منطقة الشرق الأوسط خصوصاً.

ورغم المساحة الضئيلة للجولان جغرافياً، إذ يبلغ ارتفاع الهضبة 1800 كم، وبطول لا يتعدى 74 كم وعرض لا يكاد يبلغ 27 كم، فقد تكون القشة التي ستغير الملامح الجيوسياسية في المنطقة العربية برمتها؛ فقضية الجولان لا ترتبط بمساحتها الجغرافية بل بأهميتها الجيوسياسية، وكونها إحدى أهم ثلاث قضايا ارتبطت بالصراع العربي الإسرائيلي منذ إنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948.

شكلت القضايا الثلاث (قضية الجولان، وسيناء، والضفة الغربية) ملامح الصراع العربي الإسرائيلي على مدار نصف قرن، وحضرت في مختلف المبادرات والمفاوضات التي سعت لحل القضايا الثلاث بعيداً عن الصراع المسلح. ولعل مبادرة (الأرض مقابل السلام) هي الأبرز في هذا الجانب؛ إذ أفضت هذه المبادرة إلى تطبيع العلاقات المصرية- الإسرائيلية في اتفاق تاريخي جمع بين الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها مناحيم بيجن، وكانت تلك الاتفاقية توصلت إلى استعادة مصر سيناء مقابل السلام بينها وبين إسرائيل.

ورغم محاولة القيادات الأمريكية المتعاقبة تطبيق نفس المبدأ مع سوريا، فإن سوريا في ظل حكم حافظ الأسد تعاملت مع المبادرة على حذر، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق بين الجانبين السوري والإسرائيلي؛ إذ عمدت إسرائيل إلى فرض الأمر الواقع في هضبة الجولان منذ 1981، في حين التزم الأسد بعدم الدخول في حرب مباشرة من أجل استعادة الأرض، فضلاً عن أن هناك حديثاً عن تنسيق بين حافظ الأسد وإسرائيل.

وبسبب القرار المفاجئ للإدارة الأمريكية بضم الجولان رسمياً لإسرائيل دخلت قضية الضفة الغربية دائرة الخطر، خصوصاً أن أصوات اليمين الإسرائيلي ارتفعت وتيرتها أكثر بعد تجرؤ الإدارة الأمريكية وإعلانها للقدس عاصمة لإسرائيل.

الجولان في الاستراتيجية الأمريكية

تكمن أهمية الجولان للجانب الأمريكي في كونها منطقة تمثل خطراً على حليفتها إسرائيل في الشرق الأوسط، كما أنها تعد مصدراً هاماً لسد الاحتياجات الإسرائيلية من الموارد. ومن هنا استند القرار الأمريكي تجاه الجولان إلى البعد الأمني لإسرائيل من جهة، وأمن منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى. ورغم أهمية الموقع الجيوسياسي للجولان وتأثيره في الأمن العسكري لإسرائيل، لا يقتصر تركيز إسرائيل- في سيطرتها على الجولان- على تأمين وجودها عسكرياً، بل يأتي أمنها المائي في أول القائمة؛ إذ تحصل إسرائيل على 40% من احتياجها المائي من هضبة الجولان، إضافة إلى مشاريع التنقيب عن النفط التي ابتدأتها منذ 2014، كما أن المشاريع السياحية والاستثمارية أخذت حظها من النشاط الإسرائيلي في المنطقة، ويبلغ عدد المستوطنين اليوم في هضبة الجولان قرابة 20 ألف مستوطن.

بالنسبة إلى الجانب العربي تعد قضية الجولان قضية حساسة في مسألة العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ بقيت هذه القضية معلقة على مدار نصف قرن؛ بسبب عدم التوصل إلى حل عادل يرضي مختلف الأطراف. وبقيت مسألة عدم الاعتراف وشرعنة الوجود الإسرائيلي فيها تعطي لعملية التفاوض العربي- الإسرائيلي زخماً في مختلف القضايا، لكن نتيجة للقرار الأمريكي الذي نسف أسس التفاوض بحجة عدم وجود حل نهائي، سيحكم على أي عملية حوار أو سلام بالفشل المسبق؛ لانعدام الأسس التي يمكن الاعتماد عليها.

ردود أفعال دولية غاضبة عاجزة

لم يلاقِ قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل نفس النغمة الغاضبة، على المستويين العالمي والإقليمي، كما حدث مع قرار ترامب بإعلان السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي احتلتها بالقوة في 1967؛ إذ عده بعضهم المسمار الأخير في نعش مبادرة السلام الأمريكي في المنطقة، في حين عده البعض سابقة خطيرة تقوض ما أطلق عليه سابقاً بالنظام الدولي، الذي أكد ضرورة الاعتماد على التفاوض واللغة السياسية بدلاً من الصراع واللغة العسكرية التي قد تفضي إلى حرب عالمية ثالثة مدمرة.

واعتبر النظام السوري- على لسان وزير خارجيته وليد المعلم- القرار الأمريكي بشأن الجولان اعتداءً صارخاً على سيادة ووحدة الأراضي السورية، ويمثل أعلى درجات الازدراء بالشرعية الدولية، وصفعة مهينة للمجتمع الدولي، ويُفقد الأمم المتحدة مكانتها ومصداقيتها من خلال الانتهاك الأمريكي السافر لقراراتها بخصوص الجولان السوري المحتل، وخاصة القرار 497 لعام 1981، الذي يؤكد الوضع القانوني للجولان السوري كأرض محتلة، ويرفض قرار الضم لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ويعده باطلاً ولا أثر قانوني له.

من جهتها أعلنت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، رفضها التام واستنكارها للقرار “الذي تترتب عليه آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط”، كما دانت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار، وعدته “تمادياً في انقلاب الإدارة الأمريكية على مواقف وسياسة الإدارات السابقة، وعدواناً صريحاً على الحقوق العربية، وانتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية وقراراتها”.

من جهته دان الأردن القرار الأمريكي على لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي، الذي أكد “أن القرار سيزيد التوتر في المنطقة، ولا يغير حقيقة أن الجولان المحتل أرض سورية، يتطلب تحقيق السلام الشامل والدائم إنهاء احتلالها وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”. في حين اعتبر لبنان أن الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان ينسف كل جهود السلام، وأكد أن “مبدأ الأرض مقابل السلام يسقط؛ إذ عندما لا تبقى من أرض لتعاد لا يبقى من سلام ليعطى”.

من جهتها دانت جامعة الدول العربية، على لسان أمينها أحمد أبو الغيط، القرار، وعدته “باطلاً شكلاً وموضوعاً، ويعكس حالة من الخروج على القانون الدولي روحاً ونصاً، وتخصم من مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، بل وفي العالم”.

وشدد أبو الغيط على أن “العرب يرفضون هذا النهج، وإذا كان الاحتلال جريمة كبرى فإن شرعنته خطيئة لا تقل خطورة، فالقوة لا تنشئ حقوقاً ولا ترتب مزايا، والقانون الدولي لا تصنعه دولة واحدة مهما كانت مكانتها، وديمومة الاحتلال لفترة زمنية- طالت أم قصرت- لا تسبغ عليه شرعية”.

لم تقتصر الإدانات والاستنكار على الدول العربية، بل إن معظم دول مجلس الأمن؛ كألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وبولندا، أعلنت رفضها للقرار الأمريكي، وقال سفراء هذه الدول، طبقاً لقرارات الأمم المتحدة: “لا نعترف بسيادة إسرائيل في المناطق التي تحتلها منذ يونيو/حزيران 1967، بما في ذلك مرتفعات الجولان”، التي “لا نعتبرها جزءاً من أراضي دولة إسرائيل”.

الموقف التركي جاء واضحاً على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الذي أكد أن القرار الأمريكي بشأن الجولان هو أمر يستحيل على بلاده قبوله، وأنها ستتخذ إجراءات ضده، حتى في الأمم المتحدة. وفي نفس السياق جاء الموقف الإيراني الذي وصف القرار بأنه “استعماري بامتیاز”.

من جهة أخرى فإن مركز سترانفور الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية عَد قرار ترامب خطوة حيوية في عملية إعادة تشكيل واسعة تقوم بها الولايات المتحدة للمعايير المتفق عليها لإدارة النظام العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأهم هذه المعايير- في النظام العالمي الحالي- هو إجماع القوى الدولية على رفض الاستيلاء على الأراضي بالقوة العسكرية.

وتنضم خطوة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى القرار الأخير بشأن هضبة الجولان، إلى العديد من المقاربات الأمريكية المشابهة خلال العامين الماضيين، والتي شملت نبذ الاتفاقات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، وتوسيع الحروب التجارية، واستخدام سلاح التعريفات لا ضد المنافسين فقط ولكن ضد الحلفاء أيضاً.

ويشير دانيال كيرترز، السفير الأمريكي السابق لدى مصر وإسرائيل، إلى أن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على الجولان لن يفيد المصالح الوطنية للولايات المتحدة، ولن يعزز الأمن الإسرائيلي بشكل ملموس، بل قد يضر عمليات السلام في المنطقة بشكل عام. وأكد أنه من الأفضل للولايات المتحدة الأمريكية أن تركز على “الأعمال العدائية للقوات الإيرانية والروسية، ودعمهما لحكومة الرئيس بشار الأسد”.

تداعيات القرار على النظام والأمن الدوليين

يمكن قراءة فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بولاية خامسة- ليصبح صاحب أطول رئاسة وزراء في تاريخ الكيان الصهيوني- ضمن التبريرات الضمنية التي صاحبت التبريرات الأمنية للقرار الأمريكي تجاه الجولان.

إذ اعتبر بعض المحللين توقيت قرار ضم الجولان للكيان الإسرائيلي أشبه بهدية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصديقه المقرب نتنياهو، الذي خاض معركة مصيرية في انتخابات الكنيست الإسرائيلي بسبب ثلاث قضايا فساد كادت تطيح به لولا الخطوات الاستباقية من قبل ترامب لتدعيم سلطة صديقه في الكنيست الإسرائيلي.

من جهة أخرى يرى البعض في قرار ترامب محاولة لاستمالة الناخبين الإنجيليين في الداخل الأمريكي في الانتخابات الأمريكية في 2020، إضافة إلى أن هذا القرار يأتي ضمن قرارات استثنائية اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليرسخ حضوره رئيساً استثنائياً في تاريخ الولايات المتحدة.

أياً كانت التبريرات التي يستند إليها الموقف الأمريكي تجاه الجولان، فلا أحد ينكر خطورة الوضع الذي سيخلفه مثل هذا القرار على المستويين الدولي والإقليمي، ويمكن فهم الأبعاد الخطيرة لهذا القرار من خلال التركيز على النقاط التالية:

–   يعد هذا القرار سابقة خطيرة في مجال العلاقات الدولية، إذ إنه يشرعن عملية الاعتداء على سيادة الدول والاستيلاء بالقوة على الأرض، ويفتح المجال أمام حدوث حرب عالمية ثالثة.

–   سيؤثر هذا القرار على سير قضايا متعلقة بملفات ساخنة؛ إذ إنه يزيد من تعقيد عدد من النزاعات الحدودية الكبرى حول العالم، مثل الاستيلاء الروسي على شبه جزيرة القرم، والمطالبات الصينية بضم بحر الصين الجنوبي. وبسبب قرار ترامب سيضعف الموقف الأمريكي إذا عارض شرعنة هذه المطالب.

–   الانحيازُ الأمريكي للجانب الإسرائيلي؛ والمتمثل بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل سابقاً وإعلان السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان مؤخراً، يضعف دور الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط في مفاوضات السلام بين الجانبين العربي والإسرائيلي.

–   يعد هذا القرار نسفاً لجهود السلام الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، إذ نسفت تغريدة ترامب السياسة المتأنية للولايات المتحدة الأمريكية في القضايا الساخنة في الشرق الأوسط؛ فالقرار الأمريكي المفاجئ نسف القواعد الأساسية التي استندت إليها كل مفاوضات السلام، وهو ما يعزز منطق القوة واستمرار الصراع.

خاتمة

في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية بعد الربيع العربي من جهة، وبعد التأثيرات المترتبة على القرارات المتهورة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دون أن يراعي أي مصالح استراتيجية للعلاقات الأمريكية في المنطقة، من جهة أخرى، يأتي قراره الأخير بشأن الجولان ليزيد من تعقد الوضع الأمني على مستويين: إقليمي يتعلق بالشرق الأوسط، وعالمي يتعلق بالأمن والسلام الدوليين.

فالقرار الأمريكي بشأن الجولان سيعقد الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير، كما أنه سيؤثر سلباً على أي عملية سلام في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بالضفة الغربية، التي تعد- حالياً- أهم ملف ينبغي التركيز عليه في المرحلة القادمة؛ إذ إن فوز نتنياهو بالانتخابات سيعزز موقف اليمينيين في مطالباته بضم مناطق من الضفة الغربية، ما لم تتوحد الجهود من أجل الضغط والتصعيد فيما يتعلق بالقضايا السابقة؛ كنقل السفارة الأمريكية للقدس، وإعلان سيادة الاحتلال الإسرائيلي على هضبة الجولان، قبل بدء أي عملية حوار أو سلام.

أما على المستوى الدولي فلعل أكبر أثر سلبي سيخلفه هذا القرار هو تبرير منطق القوة في انتهاك سيادة الدول بحجة حفظ الأمن والمصالح العليا للدول القوية؛ فالنظام العالمي اليوم لم يعد متوازن القوى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ورغم تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالتفوق العسكري على مستوى العالم، يوجد قوى أخرى منافسة. ولئن كانت الولايات المتحدة الأمريكية القائمة على معايير النظام العالمي تخترق قيم النظام العالمي فإنها تشرعن بذلك لانتهاك قيمه بمبرر القوة والحفاظ على المصالح.

الكلمات المفتاحية :