ترامب-بين-العزل-والبقاء

ترامب | بين العزل والبقاء

وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-03

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-03

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2018-09-03

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

منذ الشهور الأولى من وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم برزت عدد من القضايا المتعلقة بالانتخابات الرئاسية التي تطعن في شرعيته، وتقترب يوماً بعد آخر منه وتطرح إمكانية عزله من منصبه، وكان آخر هذه القضايا اعترافات محامي ترامب السابق، مايكل كوهين، بأنه تحرك- بتعليمات من ترامب- للتأثير في نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة 2016، وما سبق ذلك من تحقيقات تشير إلى تورط روسيا في تسهيل وصول ترامب إلى الحكم. وهكذا يبدو أن خيارات الرئيس الأمريكي تتلاشى يوماً بعد آخر، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات المتعلقة بنوعية التهم الموجهة لـه، وقدرتها القانونية على إزاحته من الحكم.

محاولات العزل السابقة

على الرغم من أن عزل الرئيس في الولايات المتحدة إجراء قانوني ودستوري، فإنه لم يسبق أن عُزل أي رئيس، وكل ما حصل مجرد محاولات لا أكثر، وهذه المحاولات هي:

المحاولة الأولى:

في العام 1868 قرر مجلس النواب عزل الرئيس أندرو جونسون، بعدما أطاح بوزير الحرب الجمهوري إدوين ستانتون دون موافقة من الكونجرس، وهو ما عُدَّ انتهاكاً للقانون الفيدرالي، بعدها تبنى مجلس النواب عزل الرئيس، لكن تمت تبرئته في تصويت مجلس الشيوخ بـ35 صوتاً ضده مقابل 19، وكان عزله يتطلب 36 صوتاً.

المحاولة الثانية:

بعد الكشف عن فضيحة (ووتر جيت) الأمريكية، وتورط الرئيس ريتشارد نيكسون في التجسس على الديمقراطيين، وفى محاولة لإنقاذ رئاسته، أقال نيكسون المحقق في قضية ووتر جيت، أرشيبالد كوكس، وهو ما أدى إلى رد فعل عكسي جعل عزل نيكسون أمراً حتمياً، وهو ما دفعه إلى الاستقالة قبل ثلاث سنوات من انتهاء رئاسته الثانية؛ تجنباً لهذا المصير المشؤوم، وذلك في عام 1974.

المحاولة الثالثة:

في عام 1998 اُستخدِمت إجراءات العزل ضد الرئيس بيل كلينتون؛ بسبب الفضيحة اللاأخلاقية مع مونيكا لوينسكي، وصوَّت مجلس النواب تأييداً لعزل كلينتون، لكن الديمقراطيين نجحوا في تبرئته في مجلس الشيوخ، وهي قضية أقل من قضايا التخابر والقضايا السياسية.

أبرز التهم الموجهة لترامب

إذا كان الرؤساء السابقون قد تعرضوا لمحاولة عزل في أحد الجوانب من القضايا الأخلاقية أو السياسية، فإن ترامب اليوم يواجه تهماً متعددة، منها ما هو أخلاقي، ومنها ما هو قانوني، ومنها السياسي، ومنها ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي أدخلت الولايات المتحدة في دوامة من الخلافات الخارجية التي أخذت في التوسع يوماً بعد آخر، حتى أضعفت علاقة أمريكا ببعض حلفائها، ومنها على المستوى الداخلي؛ إذ مارس ترامب عدداً من القرارات والإجراءات السياسية التي جعلت من مسألة بقائه أو استمراره في منصبه محل جدل واسع، خصوصاً بعد أن قدم بعض أعضاء فريقه استقالتهم، وسحبت الثقة من بعضهم.

ولعل أبرز تهمتين يواجههما ترامب حالياً هما:

–  التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية في عام 2016، ودوره في فوز ترامب، حيث يحقق المحقق الخاص (روبرت مولر) في نتائج استخباراتية أمريكية، أفادت بأن الروس تآمروا من أجل ترجيح كفة ترامب في الانتخابات الرئاسية أمام منافسته، في حين ينفي ترامب حدوث أي تواطؤ مع الروس. هذا ويخضع (بول مانافورت)، رئيس حملة ترامب الانتخابية، للمحاكمة، ويواجه 18 تهمة جنائية، من بينها التدخل الروسي في الانتخابات، والتزوير المصرفي.

–  دفع أموال للتأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث اعترف مايكل كوهين، المحامي الشخصي للرئيس الأمريكي، أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بأنه دفع أموالاً لشراء صمت نساءٍ أرَدْن الكشف عن إقامة علاقة مع ترمب، واعترف كوهين بأنه دفع مبلغَي 130 و150 ألف دولار لامرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة مع ترامب بشرط التزامهما الصمت، مؤكداً أن ذلك كان بطلب من ترامب، وكان الهدف منه تفادي انتشار معلومات كانت ستسيء إلى المرشح، في حين قال ترامب إن الأموال التي دفعها كوهين قبل الانتخابات “لا تشكل انتهاكاً لقوانين تمويل الحملات الانتخابية”، وقال: “إن الأموال لم تُدفع من صندوق الحملة، أنا دفعتها وكتبت تغريدة في هذا الشأن”.

الإجراءات القانونية للعزل

نصت الفقرة الرابعة بالمادة الثانية من الدستور الأمريكي على الحالات التي يُعزل فيها رئيس الجمهورية، وهي: “توجيه اتهام من السلطة التشريعية (الكونجرس) للرئيس بالخيانة أو الرشوة أو أي جرائم أو جنح خطيرة في حالة تمت إدانته”.

الإشكالية إلى الآن أن المحكمة العليا منقسمة عمودياً بين الديمقراطيين والجمهوريين 4-4، ولم تبتَّ من قبل فيما إذا كان ممكناً توجيه اتهام لرئيس البلاد وهو على رأس منصبه أم لا، وهذا ما يجعل المحاكمة للرئيس وهو في منصبه شأناً سياسياً لا قضائياً.

ويبقى البت في قرار كهذا يعود للكونجرس؛ حيث يتبنى مجلس النواب إعداد مشروع قانون لاستجواب أو مساءلة الرئيس، وهذا المشروع يتطلب عدداً كبيراً من النواب، ومن ثم يطلب من النواب التصويت عليه في جلسة استماع عادية، ويجب أن يحظى بالأغلبية لاعتماده ويرفع توصية به لمجلس الشيوخ، الذي إن وافق على النظر بها فإنه يحتاج إلى أغلبية ثلثي الأعضاء للبت في ذلك.

لكن في ظل التوازنات الراهنة وتركز أغلبية المجلسين هي بيد الحزب الجمهوري، فمن المستبعد أن يُقدم الحزب على تسجيل سابقة قانونية بأن رئيس البلاد المنتمي له يقف مهدَّداً بإجراءات العزل، فضلاً عن عدم التيقن من توفر الأصوات المطلوبة للمضي بذلك.

أما إجراءات ما بعد العزل فقد نصت المادة الثانية من الدستور الأمريكي كذلك على تنظيم مسألة الحكم بعد عزل الرئيس، حيث إنه “في حال عزل الرئيس من منصبه أو وفاته أو تقديم استقالته، أو كان لديه عجز يمنعه من القيام بواجبات منصبه، ففي هذه الحالة يتولى نائب الرئيس منصب الرئيس”.

السيناريوهات المحتملة

انتقلت التحقيقات مع ترامب إلى مستوى متقدم لتؤكد أن ما كان مستحيلاً أصبح متوقعاً ووارداً، فتهديد القضاء لترامب لا يمكن التقليل من أهميته، خاصة أن سبعة من مقربيه أُدينوا، ولهذا فنحن أمام ثلاثة سيناريوهات متوقعة تتعلق بإمكانية عزل ترامب أو استقالته أو قدرته على تجاوز ذلك واستمراره في منصبه.

السيناريو الأول: العزل

أصبح العزل أمراً وارداً، خصوصاً بعد انتقال ترامب من خط الهجوم إلى خط الدفاع، وإقراره الضمني بالتهم الموجهة إليه من خلال تهديده للقضاء والاقتصاد الأمريكي، ومما قد يدفع أكثر في هذا الاتجاه نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، التي يجري فيها انتخاب كل أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وعدد من حكّام الولايات الخمسين، فالمخاوف تزداد لدى الجمهوريين من تدني مستواهم في الانتخابات المقبلة، وهو ما قد يؤدي إلى فوز الديمقراطيين، وفي هذه الحالة ستكون فرصة عزله أكثر احتمالاً، خصوصاً إذا كان هناك تأييد من بعض أعضاء الحزب الجمهوري المنتقدين لسياسة ترامب، وهذا ما ظهر في انتقادات رئيس كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ (متش ماكونيل)، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس (بوب كوركر)،  ومما يدعم هذا السيناريو كذلك:

–   مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لمكتب محامي ترامب الخاص، وإقناعه بالتخلي عن ترامب، واعترافه بدفع أموال بناء على طلب من الرئيس قبيل أشهر على الانتخابات الرئاسية 2016، لأن دفع الرشوة واستخدام أموال أجنبية للحملة الانتخابية جرائم يعاقب عليها القانون، وهذا قد يكون مؤشراً على أن هناك توجهاً رسمياً في هذا الإطار.

–   تحقيقات المحقق الخاص روبرت مويلر وإدانة 4 من مساعدي ترامب في التواطؤ مع الروس في أثناء الحملة الرئاسية لترامب، وهم مستشار الأمن الوطني المقال، ومساعد ترامب، ومحامي ترامب الخاص، ومدير حملة ترامب الرئاسية، إضافة إلى تضييق الخناق على ترامب وعائلته، وخاصة ابنه دون جونيور، لدوره في اللقاءات مع المسؤولين الروس لكشف فضائح عن هيلاري كلينتون في الأشهر الأخيرة من الحملة الانتخابية في يونيو/حزيران 2016.

–   استعداء ترامب لأجهزة المخابرات والمؤسسات الإعلامية الرئيسية والاحتقان الشعبي المتنامي ضده.

–   اعتبار ترامب دخيلاً على البيئة السياسية، فليس لديه خبرة في الحكومة أو الحياة العامة، وخلفيته الحقيقية في المجال التجاري.

تبقى فرصة نجاح هذا السيناريو هي الأكثر احتمالاً في حال جاءت نتائج الانتخابات النصفية المقبلة لحساب الديمقراطيين، وفي حال تم العزل فإن الرئاسة ستنتقل دستورياً لنائبه مايك بنس، المنتمي للتيار الإنجيلي المتشدد، ومن ثم فلا بد أن تكون هناك بعض الآثار الداخلية والخارجية لهذا الانتقال، خصوصاً في الجانب الاقتصادي، بعد النمو التدريجي للاقتصاد وقدرة الحكومة الأمريكية على الاستجابة لمقتضيات الأزمة المالية، وهذا ما جعل ترامب يهدد أنه في حال عزله فإن الاقتصاد الأمريكي سيتضرر، لكن الحقيقة أن الاقتصاد الأمريكي ليس قائماً على رجل ولا على مؤسسة واحدة، وإن حصل تضرر فلن يكون له ذلك الأثر الواضح، أما فيما يتعلق بردة الفعل الشعبية فهذا أمر وارد، لكنها قد تكون نسبية؛ نظراً لتقلص شعبية الرجل، ولن تؤثر سلباً في الاستقرار الداخلي.

أما على المستوى الخارجي فإن السياسة الأمريكية فيما يتعلق بإسرائيل ستظل كما هي، وربما تزداد بشكل أكثر إيجابياً، ولن يكون هناك تراجع فيما يتعلق بالقدس عاصمة لإسرائيل، حتى العلاقة بتركيا ستظل مرهونة بعلاقة تركيا بإسرائيل سلباً وإيجاباً.

السيناريو الثاني: استمراره في منصبه

بقاء ترامب في منصبه يعد السيناريو الطبيعي، لأن التهم الموجهة إليه لا يزال التحقيق فيها جارياً، وفي حال ثبوتها فإن المحاكمة ستأخذ وقتاً، ومن ثم فإمكانية بقاء ترامب في منصبه واردة، وهذا هو السيناريو الثاني المحتمل، ومما يدعمه:

–   الأغلبية الحالية في الكونجرس الأمريكي هم من الحزب الجمهوري، ومن غير الممكن القبول بقرار كهذا، وفي حال قبولهم بهذا فإن ذلك سيؤثر في بنية الحزب، إلا إذا حدث هناك تغير في نتائج الانتخابات النصفية المقبلة ضد الجمهوريين.

–   قدرة ترامب على خلق مشاكل خارجية، ونقل المعركة إلى المحيط الخارجي، مما سيؤدي إلى تغاضي الديمقراطيين عن ذلك.

السيناريو الثالث: الاستقالة

تعد الاستقالة خياراً أفضل قد يجبر ترامب عليها تفادياً للعزل، أسوة بالرئيس الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون) في عام 1974، الذي قدم استقالته بسبب تراجع تأييده داخل أوساط حزبه من الجمهوريين، مما جعل مسألة عزله شبه حتمية، ففضل تقديم استقالته حتى لا يصل إلى هذه النهاية البشعة، أما ما يخص ترامب فإن شخصيته القائمة على العناد والتحدي قد لا تجعله يقدم على فعل كهذا، لكن ما قد يعزز هذا السيناريو قدرة الحزب الجمهوري على إقناعه بالاستقالة، أو تراجع تأييد ترامب داخل الحزب، وكل هذا مرهون بتدني نسبة الجمهوريين في الانتخابات النصفية التي قد تجعلهم يفضلون إقناع رئيسهم على الاستقالة قبل عزله.

الكلمات المفتاحية :