مقدمة
ظلت اليمن خلال العقدين الأخيرين تنتقل من وضع خطر إلى آخر أشد خطورة، إلا أن التطورات الأخيرة كثفت من المخاطر التي باتت تواجهها، وزادت من الضبابية وحالة “اللايقين”، ونقلتها خطوات واسعة نحو المجهول.
فقد شهدت اليمن خلال الفترة الأخيرة أحداثاً دراماتيكية متتالية، أبرزها سقوط عمران وصنعاء بيد الحوثيين، وتمددهم في محافظات أخرى، واستيلاؤهم على دار الرئاسة ومحاصرة رئيسَي الدولة والحكومة، ودفعهما لتقديم استقالتهما، وتبني الحوثيين لإعلان دستوري تتولى بموجبه لجنتهم الثورية السلطة في البلاد، وأخيراً تمكن الرئيس هادي، ومن ثم وزير الدفاع، من الخروج من وضع الإقامة الجبرية في صنعاء والانتقال إلى عدن، وإعلان الأول تراجعه عن الاستقالة ورفضه للانقلاب.
وعلى الرغم من حالة التعقيد المتزايدة التي ينزلق إليها الواقع اليمني يوماً بعد يوم، والتي تجعل من الصعوبة التنبؤ بمآلاته، فإنه من المفيد استشراف مستقبل تطورات هذا الواقع، من خلال محاولة رسم اتجاهاته ومساراته المحتملة، وما يمكن أن يتضمنه كل مسار من تداعيات مختلفة، وعلى صعوبة هذا الأمر فإن هذه الدراسة تحاول أن تتصدى له.
وللوصول إلى ذلك فإن الأمر يتطلب تقديم معلومات عامة عن طبيعة التطورات التي عاشتها اليمن، والتي أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم، وتعيين المحددات الرئيسة والعوامل الحاكمة لمستقبل الأوضاع في اليمن، كل ذلك لكي يتسنى لنا رسم سيناريوهات عن المسارات المحتملة لتلك الأوضاع، مع بيان ما يمكن أن يتضمنه كل مسار من تداعيات محتملة على القضايا الرئيسة والمصيرية في البلاد.
