في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 شهدت الولايات المتحدة الانتخابات النصفية للكونجرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، تمكن فيها الحزب الجمهوري من الفوز بعدد أكبر في مقاعد مجلس النواب بحوالي 199 مقعداً من أصل 435، في حين تمكن الحزب الديمقراطي من الاحتفاظ بأغلبية مجلس الشيوخ بحصوله على 50 مقعداً مقابل حصول الجمهوريين على 47 مقعداً.
وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها من حدة التباين السياسي بين الحزبين الرئيسيين؛ الديمقراطي والجمهوري، بالإضافة إلى تأثير السياقات الدولية وملفاتها المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية.
يبحث تقدير الموقف في أبعاد الانتخابات النصفية الأمريكية وانعكاساتها المحتملة على دول الخليج.
أبعاد الانتخابات النصفية الأمريكية
تداخل تأثير الأبعاد الداخلية بالخارجية في الانتخابات النصفية الأمريكية، إذ على الرغم من أن كلا الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، يوليان السياسة الداخلية الاهتمام الأكبر في تنافسهما الحالي، فإن السياسة الخارجية ستتأثر بطبيعة الحال بالنتائج المترتبة على هذه الانتخابات، وحتى تتضح الصورة أكثر ينبغي النظر في كل من الأبعاد الداخلية وتأثيرها في سيرورة الانتخابات النصفية، وكيف تتداخل معها الأبعاد الخارجية.
الأبعاد الداخلية التي رجحت فوز الجمهوريين
كان للأبعاد الداخلية دور جوهري في ترجيح كفة الحزب الجمهوري- في النواب- على الحزب الديمقراطي، إذ عانى الحزب الديمقراطي جملة من الانتقادات من جراء عدم نجاح الرئيس جو بايدن في تحقيق وعوده الانتخابية المتمثلة بإعادة توحيد البلاد تحت قيادته، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكن ما حدث هو العكس خلال العامين المنصرمين لأسباب عدة، أهمها:
– زادت حدة الاستقطاب العرقي والأيديولوجي، الذي برز بشكل مكثف منذ ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.
– تدهورت الأوضاع الاقتصادية باطراد نتيجة لاستمرار آثار السياسات الحمائية التي اتبعت خلال فترة تفشي جائحة كورونا.
– الدعم الأمريكي اللامتناهي لحلف شمال الأطلسي، وتفاقم استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، راكم الإشكاليات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي؛ على غرار التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، وعلى الرغم من تبني الإدارة الأمريكية حزماً اقتصادية متنوعة للتخفيف من معاناة المواطن الأمريكي، فإنها لم تحتوِها بالكامل، وهو ما أثر في الناخب الأمريكي الذي يضع نصب عينيه هدف تحسين الاقتصاد وحل الإشكاليات المتعلقة بمعاشه اليومي.
الأبعاد الداخلية التي رجحت فوز الديمقراطيين
عند النظر في أسباب احتفاظ الحزب الديمقراطي بمقاعده في مجلس الشيوخ ينبغي النظر في السياقات التي أدت إلى ذلك، فعلى الرغم من تراجع شعبية الرئيس بايدن، بسبب ارتفاع أسعار الوقود والتضخم، ورفع أسعار الفائدة، التي تعني أعباء إضافية على المواطنين والمستثمرين، بالإضافة إلى تعمد المرشحين الجمهوريين- في حملاتهم الانتخابية- التركيز على هذه التحديات التي تضخمت في عهد الرئيس بايدن مقارنة بما كان عليه الوضع في عهد ترامب (2017-2020)، لم يتمكنوا من الفوز بالمجلسين- مجلس النواب ومجلس الشيوخ- لعدة أسباب، أبرزها:
– تفضيلات الناخب الأمريكي؛ فمن خلال تتبع سيرورات الانتخابات الأمريكية السابقة يلاحظ أن الناخب الأمريكي لم يمنح كل السلطات التنفيذية والتشريعية لحزب واحد مهما كانت إنجازاته، إلا في حالات استثنائية، خاصة في الولايات المتأرجحة، وهذا يفسر عدم ترجيح كفة الجمهوريين في مجلس الشيوخ أيضاً، فمن بين 19 من الانتخابات النصفية التي أجريت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، خسر حزب الرئيس 17 منها، وفاز في اثنتين فقط، وانتخابات 2022 لم تكن استثناء.
– تنبه مرشحي الحزب الديمقراطي للانتقادات المتوالية عليهم ساعدهم في تحسين أدائهمفي الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، وهو ما مكنهم من تقليص خسائرهم إلى أقصى حد ممكن في انتخابات مجلس النواب، ورفعوا عدد مقاعدهم في مجلس الشيوخ، وانتخابات حكام الولايات.
الأبعاد الخارجية
على الرغم من أن السياسة الخارجية الأمريكية لا تحظى بنفس المستوى من الاهتمام- سواء من قبل الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي- في ظل التحديات الداخلية التي تفرض نفسها على الأجندة السياسية لكلا الحزبين، فإنها تتأثر تأثراً مباشراً بالنتائج المترتبة على الانتخابات النصفية الأمريكية، وذلك لعدة أسباب؛ منها:
– موقع كلتا الغرفتين في السياسة الأمريكية، فمجلس النواب يعد مجلساً أدنى ويختص بإقرار التشريعاتالفيدرالية وبعد موافقة مجلس الشيوخ عليها تُرسَل إلى الرئيس للنظر فيها. في حين يتمتع مجلس الشيوخ الأمريكي – الغرفة العليا في الكونغرس الأمريكي- بصلاحيات أعلى، إذ يتمتع مجلس الشيوخ بخصائص تجعله أكثر تماسكاً مقارنة بمجلس النواب، فهو من جانب أكثر تداولية مقارنة بالنواب نظراً لفتراته الطويلة وحجمه الأصغر ودوائره الانتخابية على مستوى الولاية، التي أدت تاريخياً إلى تكوين جماعي أكثر وأجواء أقل حزبية، كما أن رئيس مجلس الشيوخ يعد نائب رئيس الولايات المتحدة في حال حدث للرئيس شيء.
– تبني الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، لرؤى متباينة حيال الملفات الجوهرية على المستوى الدولي؛ على غرار قضايا التورُّط العسكري في الصراعات، والأزمات الخارجية كالحرب في أوكرانيا، والموقف من الحلفاء والتحالفات الخارجية، ولا سيما حلف الناتو، إلى جانب الموقف من بعض القضايا الرئيسية الأخرى، ومنها الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وكذلك قضايا حقوق الانسان، يؤثر في توجهاتهما الخارجية وقراراتهما المتعلقة بتلك القضايا.
الدوافع والملفات الخارجية للجمهوريين والديمقراطيين وعلاقتها بدول الخليج
واجهت العلاقات الأمريكية- الخليجية كثيراً من العقبات في مراحل تاريخية عدة، إلا أنها حافظت على جذورها نتيجة للأهمية التي تتمتع بها دول الخليج في المصلحة الاستراتيجية الأمريكية، وعلى الرغم من بقاء هذه العلاقة فإنها تفاوتت في عمقها وحدتها بناءً على دوافع الحزب وسياقات الملفات التي ينظر إليها، وفي الظروف التي صاحبت الانتخابات النصفية الأمريكية الأخيرة يمكن التركيز على ثلاثة ملفات جوهرية:
1- العلاقات الأمريكية السعودية وملف أوبك بلس
يميل الحزب الجمهوري الأمريكي إلى تبني سياسة محافظة تجاه جميع الملفات الخارجية، تراعي هذه السياسة المحافظة المصالح الاستراتيجية الأمريكية بشكل أساسي، وتأخذ في الحسبان السياقات الخاصة لحلفائها الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً، ويفسر هذا التقارب بين الجمهوريين ودول الخليج وعلاقتهم بها، حضور أعضائه الفاعل في شركات النفط ومصانع الأسلحة، وهذا يتطلب منهم إبداء مرونة نوعاً ما مع الخليج لوجود مصالح مشتركة تربطهم بعضهم ببعض. في حين يميل الحزب الديمقراطي الأمريكي إلى الإعلاء من المصلحة الأمريكية بقيمها المختلفة دون مراعاة جانب المصلحة والمواءمة بينها وبين تلك القيم، ومن هنا يتضح سبب تدهور العلاقات الأمريكية- الخليجية منذ قدوم بايدن، إذ عمد إلى التركيز على ملف حقوق الإنسان في مختلف دول الخليج، وفرضت بموجبه جملة من القرارات- على غرار حظر صفقات الأسلحة- التي أخلت بالعلاقة بين الطرفين رغم المصالح الاستراتيجية بينهما، وكان من نتيجة توتر تلك العلاقات الخلاف الأخير الذي حدث بعد أن تمسكت السعودية بقرار خفض الإنتاج رغم المعارضة الأمريكية، التي رأت أن مثل هذا القرار يؤثر في أمن الطاقة والأوضاع الاقتصادية على مستوى دولي قد يصب في المصلحة الروسية ولا يراعي طبيعة المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة.
2- الملف النووي الإيراني
انطلاقاً من الرؤية المحافظة للحزب الجمهوري تبنى الرئيس الأمريكي السابق سياسة صارمة تجاه الملف النووي الإيراني، وهو ما عزز من العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، التي لطالما اعتبرت المشروع النووي الإيراني من أكبر التهديدات الأمنية في المنطقة. ومنذ قدوم الرئيس الحالي بايدن تبنى سياسات خالفت التوجه الأمريكي السابق، إذ نتيجة تركيزها على التحدي الصيني حاولت الولايات المتحدة الأمريكية التقليل من أهمية ملف الشرق الأوسط، فانسحبت من أفغانستان، وعاودت فتح الملف النووي الإيراني، وهو ما أثار انتقادات دول الخليج وبالأخص السعودية، التي رأت في إغفال مخاوفها الأمنية وعدم أخذها في الحسبان أمراً يؤثر في العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين.
3- الحرب في اليمن
يعد ملف حرب اليمن من أبرز ملفات الخلاف المؤثرة في العلاقات الأمريكية الخليجية، ففي وقت سابق تبنى الحزب الجمهوري قرار تصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية، وعمد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى تمرير جملة من صفقات الأسلحة لبعض الدول المشاركة في تلك الحرب، غير أن الحزب الديمقراطي تبنى سياسة مخالفة لذلك، فما إن أمسك الرئيس بايدن بزمام السلطة حتى سارع إلى رفع الحظر عن جماعة الحوثي، وهو ما جدد مخاوف الدول الخليجية، فضلاً عن أن التغير الجديد الذي طرأ في السياسة الأمريكية لم يراعِ مخاوف هذه الدول، وعمد إلى حظر الصفقات الموقعة سابقاً.
هذه الخطوات أثرت كثيراً في مستوى الثقة بينها وبين دول الخليج، التي رأت أن السياسة الخارجية الأمريكية لم تعد تأخذ في الحسبان مخاوف حلفائها الاستراتيجيين، فضلاً عن تبنيها سياسات مرتبكة كان لها انعكاساتها السلبية- سياسياً وأمنياً- في المنطقة.
سيناريوهات انعكاسات نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية على دول الخليج
يعد فوز الجمهوريين بمجلس النواب انتصاراً نسبياً لدول الخليج؛ لكونها تتمتع بعلاقات جيدة مع الحزب الجمهوري مقارنة بالديمقراطيين، إلا أن هذا الفوز قد لا يسهم في حلحلة سوء الفهم المتفاقم، خصوصاً بعد تمسك السعودية بقرار مجموعة “أوبك بلس” بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، وعدم استجابتها للمطالب الأمريكية برفع الإنتاج، وعموماً يمكن قراءة انعكاسات نتائج هذه الانتخابات ضمن السيناريوهات التالية:
السيناريو الأول: استقرار العلاقات الأمريكية- الخليجية
يفترض هذا السيناريو أن حصول الحزب الجمهوري الأمريكي على مقاعد أكثر في مجلس النواب يمكن أن يؤثر في السياسة الخارجية من خلال ممارسة ضغوط نوعية على الرئيس بايدن في مختلف سياساته على المستوى الداخلي والخارجي، خصوصاً فيما يتعلق بالحلفاء الاستراتيجيين.
يدعم هذا السيناريو عدم رضا الجمهوريين عن السياسة الخارجية للرئيس بايدن، خصوصاً أن نتائجها لم تكن بالمستوى المطلوب من الناحية السياسية والأمنية للبلاد، فضلاً عن التكلفة الاقتصادية التي تحملتها الولايات المتحدة الأمريكية من جراء تفاقم الأوضاع الأمنية على مستوى العالم نتيجة بعض السياسات التي اتخذت خلال إدارة الرئيس الحالي.
يضعف من تحقق هذا السيناريو أن فوز الجمهوريين لن يسهم في تغيير قرارات الإدارة الأمريكية في الشأن الخارجي، خصوصاً أن الحزبين يتفقان كثيراً في الخطوط العريضة فيما يتعلق بالقضايا الداخلية، على غرار ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي، والقضايا الأمنية، على غرار التركيز على التهديد الصيني والحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم لن يحدث فرق كبير في السياسة الخارجية المتبعة حالياً.
في حال تحقق هذا السيناريو يمكن أن يكون له انعكاسات؛ منها:
– إعادة تفعيل العلاقات الاستراتيجية الأمريكية- الخليجية، وهذا يترتب عليه تعزيز مستوى التعاون العسكري والأمني بشكل رئيسي.
– تفهم المخاوف الأمنية لدول الخليج والإسهام في استقرار المنطقة، وذلك بإعادة تبني سياسة الاحتواء والضغط تجاه الملف النووي الإيراني.
– التوقف عن السياسات الضاغطة والانتقادات الحقوقية الموجهة لدول الخليج، ومن ثم رفع الحظر عن إمكانية إتمامها لصفقات الأسلحة النوعية، والاستجابة لمطالبها بتصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية تهدد أمن المنطقة.
السيناريو الثاني: تراجع العلاقات الأمريكية- الخليجية
يفترض هذا السيناريو أن تسهم النتائج التي أفرزتها الانتخابات النصفية الأمريكية في تراجع العلاقات الأمريكية- الخليجية، إذ إن الشق الذي أحدثته السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة الأخيرة يتطلب اتخاذ خطوات نوعية تعرب عن صدق نوايا الولايات المتحدة الأمريكية في إعادة علاقتها بحلفائها الاستراتيجيين، وهو أمر غير وارد في ظل تركيزها على قضايا متعددة ذات أولوية آنية.
يدعم تحقق هذا السيناريو أن كلا الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، يتبنيان نفس الخطوط العريضة في الرؤية الكلية للسياسة الخارجية، التي ترى أن تقارب دول الخليج مع روسيا أو الصين يمثل خرقاً في علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الجمهوريين في الظروف الراهنة على وجه الخصوص يولون التحديات الداخلية الاهتمام الأكبر؛ من أجل كسب أصوات الناخب الأمريكي في الانتخابات القادمة.
يضعف من إمكانية تحقق هذا السيناريو استمرار الحرب الأوكرانية، والحاجةُ إلى الطاقة التي تملكها دول الخليج تعلي من أهميتها في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو أمر يدركه كلا الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، ومن ثم يستبعد أن تتراجع العلاقات الأمريكية- الخليجية إلى حد الانقطاع، وإنما قد تستمر في فتورها الحالي.
في حال تحقق هذا السيناريو يمكن أن يكون له انعكاسات؛ منها:
– زيادة توتر العلاقات الأمريكية- الخليجية، وهو ما سيؤثر في نوعية العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين.
– استمرار حالة حظر بيع الأسلحة وتوسعها، وزيادة مستوى حدة الانتقادات الموجهة لملف حقوق الإنسان في دول الخليج.
– المضي بإجراءات الاتفاق النووي الإيراني دون النظر في مخاوف دول الخليج، وهو ما قد ينعكس على أمن واستقرار المنطقة ككل لا دول الخليج وحسب.
السيناريو الثالث: مراوحة العلاقات الأمريكية- الخليجية مكانها
يفترض هذا السيناريو عدم تأثر العلاقات الأمريكية- الخليجية بالنتائج التي أفرزتها الانتخابات النصفية الأمريكية، إذ لن تتطور العلاقات بحيث تتجاوز حالة عدم اليقين القائمة حالياً بين الطرفين، كما أنها لن تصل إلى مرحلة المقاطعة الصريحة وممارسة المزيد من الضغوط على دول الخليج بسبب استمرارها بتقاربها مع كل من الصين وروسيا في ظل رغبتها بالمضي بخططها التنموية.
يدعم تحقق هذا السيناريو انشغال الحزبين بترتيب الأوضاع في الداخل الأمريكي، بالإضافة إلى أن توافقهم في الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأمريكية قد يدفعهم للتقارب وتبني خطوات تتوافق مع عدم التصعيد؛ على المستوى الداخلي والخارجي، مع ضرورة الحفاظ على الأوضاع الراهنة في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بعلاقتها مع حلفائها الاستراتيجيين، من أجل عدم فتح جبهة جديدة تستنزف قدرات الولايات المتحدة الأمريكية في الخارج.
يضعف من إمكانية تحقق هذا السيناريو أن تأثر أسواق الطاقة قد يدفع الحزبين إلى إعادة النظر في علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بدول الخليج، ومن ثم ضرورة تفهم مخاوف هذه الدول، ورغبتها في المضي بخطط التنمية التي تبرر لها الانفتاح مع جميع الحلفاء الذين يمكن أن يسهموا في تنميتها.
في حال تحقق هذا السيناريو يمكن أن يكون له انعكاسات؛ منها:
– المراوحة تعني عدم حدوث تغير جذري في العلاقات الأمريكية- الخليجية، ومحاولة كلا الطرفين أن يتدافعا بشكل سلس يحمي مصالحهما الاستراتيجية.
– بقاء العلاقة بين الطرفين على وضعها الحالي يعني عدم تفاقم الأزمات بينهما، في ظل ازدياد أسباب حالة الاحتقان السياسي والأمني والاقتصادي على مستوى دولي.
خاتمة
على الرغم من أن الانتخابات النصفية الأمريكية هي شأن داخلي بحت فإن لها أهميتها الخارجية أيضاً نتيجة للدور الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي، ونتيجة لانعكاساتها المتعددة في حال سيطر أحد الحزبين على المجلسين كلياً، إذ بالرغم من اتفاق الحزبين على الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية- داخلياً وخارجياً- فإنهما يتباينان في تغليب أولوياتهما الاستراتيجية ومقارباتهما تجاه مختلف القضايا، خصوصاً تلك التي تتعلق بمنطقة الخليج؛ إذ لا يمكن التقليل من أهمية نتائج هذه الانتخابات خصوصاً بعد تمكن الديمقراطيين من الاحتفاظ بمجلس الشيوخ، لكن أيضاً لا يمكن التقليل من أهمية الفوز الذي حققه الحزب الجمهوري في هذه الانتخابات، كما لا يمكن الجزم بإمكانية تأثيره في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ملف دول الخليج في ظل التحديات القائمة على المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء.