في الرابع عشر من مايو/أيار الجاري شهدت تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية اعتبرت مفصلية بالنسبة لتاريخها السياسي، إذ تأتي هذه الانتخابات في ظل حالة استقطاب حادة يعيشها المجتمع التركي بسبب عدد من التحديات السياسية والاقتصادية، كما تتزامن مع استمرار الاضطرابات الإقليمية والتحديات الدولية التي فرضت حالة من التحشيد ضد الحكومة التركية الحالية.
أسفرت النتائج الأولية عن تقدم تحالف الجمهور الحاكم في الانتخابات البرلمانية، في حين لم تُحسَم الانتخابات الرئاسية لأي ائتلاف مشارك في الانتخابات، وهو ما أدى إلى الذهاب إلى جولة إعادة. يبحث تقدير الموقف في نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التركية، والعوامل المؤثرة في سيرورة الجولة الثانية، وكيف ستنعكس على إمكانية ترجيح كفة مرشح تحالف الحزب الحاكم أو المعارضة.
أولاً: قراءة في نتائج الجولة الأولى للانتخابات التركية ومؤشراتها
شارك في الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) 5 تحالفات (الجمهور، والأمة، والعمل والحرية، والأجداد، واتحاد القوى الاشتراكية)، ضمت 24 حزباً سياسيّاً، وبحسب رئيس المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا، أحمد ينار، بلغت نسبة الإقبال على التصويت قرابة 88.75% بالداخل، و51.92% ممّن لهم حق التصويت في الخارج، من إجمالي 64 مليوناً و113 ألفاً و941 مواطناً تركيّاً، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالانتخابات السابقة، والسبب يكمن في حالة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي، والتحديات التي تعيشها تركيا على المستوى الداخلي والخارجي.
وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن حصول مرشح تحالف الجمهور الحاكم، الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، على 49.52% من الأصوات، وحصول مرشح تحالف الأمة المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، على 44.88% من الأصوات، في حين حصل مرشح تحالف الأجداد، سنان أوغان، على 5.17%.
أما بالنسبة إلى نتائج الانتخابات البرلمانية فقد أسفرت عن تقدم حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، يليه حزب الشعب الجمهوري، ثم حزب الحركة القومية (حليف الحزب الحاكم)، ثم حزب الجيد (حليف حزب الشعب الجمهوري)؛ حيث حصل حزب العدالة والتنمية على 267 مقعداً، مقابل 169 لحزب الشعب الجمهوري، وحصل حزب اليسار الأخضر على 61 مقعداً، كما حصل حزب الحركة القومية على 50 مقعداً، و44 مقعداً لحزب الجيد، و5 مقاعد لحزب الرفاه، و4 لحزب العمال التركي.
ووفقاً للنسب المئوية، حقق تحالف الجمهور نسبة 49.37% من الأصوات، بواقع 321 نائباً، مقابل 35.12% من الأصوات لتحالف الأمة المعارض، والذي يمنحه 213 نائباً. إضافة إلى حصول تحالف العمل والحرية على 10.53%، ونسبة 2.45% لتحالف الأجداد، وبالنظر إلى مجمل هذه النتائج يمكن استخلاص المؤشرات التالية:
– اعتبر هدف العودة إلى النظام البرلماني أحد المحاور الأساسية التي استند إليها ائتلاف المعارضة، وبفوز الائتلاف الحاكم بالأغلبية البرلمانية تصعب استعادة النظام البرلماني، وهذا يعني فشل أهم الأهداف التي قامت عليها الحملة الانتخابية للمعارضة، وقد يسهم في تفككها بعد الانتخابات.
– على الرغم من فوز تحالف الأمة المعارض في المدن الكبرى، فقد كان الفرق بسيطاً بين مرشح المعارضة ومرشح الائتلاف الحاكم.
– على عكس استطلاعات الرأي التي أشارت إلى تفوق مرشح المعارضة على مرشح الائتلاف الحاكم من الجولة الأولى، فإنها لم تُحسَم، وكان الفارق يرجح إلى الثاني.
– كان للمكون الكردي دور كبير في زيادة أصوات مرشح المعارضة، خصوصاً في المناطق الشرقية، لكن ذلك قد يؤثر في نتائج الجولة الثانية، خصوصاً أن التيار القومي الذي يدعم سنان أوغان لديه حساسية شديدة تجاه حزب الشعوب الديمقراطي وبديله حزب اليسار الأخضر الكردي الداعم لكليتشدار أوغلو.
– من خلال النظر في النتائج البرلمانية يتضح أن الأحزاب الصغيرة الأربعة في ائتلاف المعارضة، وهي حزب السعادة، وحزب الديمقراطية والتقدم، وحزب المستقبل، والحزب الديمقراطي، كانت المستفيد الأكبر، إذ خسر حزب الشعب الجمهوري 38 مقعداً برلمانيّاً تقليديّاً، للحفاظ على كينونة الأحزاب الهامشية في التحالف (14 مقعداً لحزب الديمقراطية والتقدم، و11 للمستقبل، و10 للسعادة، و3 للحزب الديمقراطي). ومن خلال النظر في نسب الأصوات يتضح أن قواعد هذه الأحزاب لم تصوت بشكل كامل لحزب الشعب الجمهوري.
ثانياً: متغيرات حاكمة في الجولة الثانية للانتخابات التركية
تكتسب هذه الانتخابات أهمية داخلية وخارجية على حد سواء، فعلى المستوى الداخلي جرت الانتخابات في ظل حالة استقطاب أيديولوجي وقومي لا يسير وفقاً للتوافقات الأيديولوجية المعهودة، وفي ظل تذمر شعبي من تردي الأوضاع الاقتصادية، وتأثيرات ملف اللاجئين، بالإضافة إلى تبعات الزلزال الذي كان له أبعاد اجتماعية واقتصادية حاولت أحزاب المعارضة التعويل عليها ضمن برامجها الانتخابية، لكنها لم تنجح نظراً لحسن إدارة الحزب الحاكم لملف مناطق الزلزال على وجه الخصوص، وهو أمر زاد منسوب الثقة التي انعكست بتصويت هذه المناطق له. ونظراً لعدم حسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، فقد أُعلن عن الجولة الثانية التي ستتأثر بجملة من المتغيرات المرتبطة بالعوامل التالية:
نتائج الانتخابات البرلمانية
أسفرت الانتخابات البرلمانية عن فوز ائتلاف الجمهور الحاكم بأغلبية المقاعد، وهذا سينعكس على عدة أمور، أهمها تأثير هذه النتيجة على الناخب التركي الذي قد يميل إلى التصويت لمرشح الائتلاف الحاكم حتى لا تحدث مناكفة سياسية تؤزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلد.
مثل هذا الفوز خسارة لائتلاف الأمة المعارض، الذي قام على أهداف انتخابية أبرزها العودة إلى النظام البرلماني. ونتيجة لضعف المشروع السياسي الجامع لمكونات ائتلاف الأمة المعارض تصعب الثقة بمشاريعها، وهذا سينعكس على نتائج الجولة الثانية.
هذه النتيجة تعزز من تماسك كتلة ائتلاف الجمهور الحاكم، فعلى الرغم من تنوع مكوناته بين أحزاب محافظة وقومية، يعد الاتجاه اليميني المحافظ هو الخط الجامع بينها، وبحصولها على أغلبية البرلمان ستحرص على الحفاظ على مكتسباتها، وهذا بدوره سينعكس على ثقة الناخب بانتخابات الجولة الثانية.
ردود فعل الائتلافات السياسية التركية عقب إعلان النتائج
ردود فعل الأحزاب التركية، بالإضافة إلى البيانات الصادرة عن المرشحين والائتلافات المشاركة في الجولة الأولى، عكست الحالة الداخلية لتلك الائتلافات. فبالنسبة لائتلاف الجمهور الحاكم لم يتسرع في إطلاق الأحكام أو يتنبأ بالنتائج قبل إعلانها. وعكس “خطاب الشرفة” الذي ألقاه أردوغان عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية حالة التماسك والانسجام التي يتمتع بها الائتلاف الحاكم.
بالمقابل قام ائتلاف الأمة المعارض بجملة من الخطوات التي قد يكون له انعكاسات سلبية على أدائه في الجولة الثانية، فمن جهة تسرَّع في إعلان نتائج الانتخابات قبل إعلانها، وأطلقت أحكام تشكك في نزاهة اللجنة العليا للانتخابات، فضلاً عن الانتقادات الواسعة التي طالت المدن المتضررة من الزلزال بسبب تصويتهم لائتلاف الحزب الحاكم. بالإضافة إلى ذلك لم يكن هناك بيان جامع باسم الائتلاف، بل صدرت بعض البيانات والتصريحات المستقلة من قبل مكونات ائتلاف المعارضة، فضلاً عن الانشقاقات والاستقالات من صفوف بعض الأحزاب المكونة للائتلاف، وهي أمور تعكس حالة ضعف الانسجام التي تسيطر على الطابع العام لتحالف المعارضة، وهذا بدوره قد يقلل من مستوى ثقة الناخب التركي بقوائم هذا التحالف، والذي ربما سيؤثر في نتائج الجولة الثانية.
البعد الأيديولوجي والقومي
يعد البعد الأيديولوجي والقومي من أهم المؤثرات في سيرورة الجولة الثانية من الانتخابات التركية، إذ يقوم الاصطفاف السياسي حالياً بين تيار اليمين- الذي يمثله تحالف الجمهور الحاكم- وتيار اليسار- الذي يمثله تحالف الأمة المعارض- ويغذي تشظيه حالة العداء التاريخي للتيار القومي ضد التيار المتطرف وأي طرف يمثله، وقد انعكس ذلك من خلال إعلان الفائز الثالث في الجولة الأولى، سنان أوغان مرشح تحالف الأجداد، تأييده لمرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان، ولعل دافعه إلى ذلك هو:
– فوز تحالف الجمهور بأغلبية المقاعد البرلمانية، وهو ما سيؤدي إلى الاستقرار في حال فوزهم بالرئاسة.
– فارق الأصوات بين مرشح الائتلاف الحاكم، أردوغان، الذي حصل على 49.52%، وائتلاف المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، الذي حصل على 44.88%، يجعل التحالف مع المكون المرجح فوزه مضموناً.
– من جهة أخرى يحسب سنان أوغان على التيار القومي، الذي يرى أن مسألة التحالف مع أي طرف له علاقة بحزب العمال الكردستاني هو أمر مرفوض، وهذا ما صعب تحالفه مع كمال كليتشدار أوغلو؛ لارتباطه بشروط عدة، منها اشتراطه على كليتشدار أوغلو تخليه عن الكتلة الكردية، التي تمثل قرابة 10% من الأصوات الداعمة له. وفي حال حدث تقارب بينه وبين ائتلاف المعارضة فلا أحد يضمن انتقال أصوات قاعدته لكمال كليتشدار أوغلو.
– الخلاف بين سنان أوغان وائتلاف الجمهور الحاكم لا يقوم على تهديد وجودي يشكله الأكراد كما هو الحال في ائتلاف المعارضة، مع إمكانية توافقه مع تحالف الجمهور حول ملف اللاجئين، من خلال استراتيجية العودة الطوعية للاجئين.
العامل الدولي
اكتسبت هذه الانتخابات أهمية خارجية نظراً للدور التركي الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي، انعكس هذا الاهتمام الدولي في عناوين الصحف الغربية التي هاجمت مرشح ائتلاف الجمهور الحاكم لاعتبارات عدة، أبرزها معارضة تلك الدول للسياسات المستقلة التي تبنتها تركيا في السنوات الأخيرة، في حين أن فوز المعارضة بزعامة كليتشدار أوغلو، كان سيسمح لتركيا بمزيد من الانخراط في تأييد الدول الغربية وحلف الناتو في العديد من النزاعات الدائرة حالياً، وعلى رأسها الحرب الروسية على أوكرانيا. بالمقابل تريد أطراف دولية وإقليمية أخرى، على غرار روسيا، استمرار الحزب الحالي، من أجل المضي في الاتفاقات الأمنية والسياسية التي شكلت المنطقة في السنوات الأخيرة.
تفوق ائتلاف الجمهور الحاكم بالأغلبية البرلمانية عكس حالة إحباط للتيار الغربي الذي توقع سقوطه، وانعكس ذلك في طريقة تناول وسائل الإعلام الغربية للنتائج الأولى للانتخابات التركية. هذا الإحباط سيخفف من حالة التحشيد الغربي الداعمة لتيار المعارضة، كما أن ردود الفعل هذه سيكون لها انعكاس على الناخب التركي، إذ يبرز الحس القومي التركي لدى مختلف التيارات السياسية– خصوصاً اليمينية منها- بأن تركيا يجب أن يكون لها حضور قوي ومؤثر في المنطقة والعالم، والاختلاف يكون في بعض التفاصيل المتعلقة بماهية هذا الحضور، وما إن كان يمكن تمثيله عن طريق التدخل العسكري في سوريا، أو الاضطلاع بدور الوسيط في أوكرانيا، أو رفض انضمام السويد لحلف الناتو.
ثالثاً: الجولة الثانية.. عوامل الحسم وتحدياته
على الرغم من تقدُّم أردوغان بأكثر من مليونين و500 ألف صوت، لم ينجح في تأمين الأصوات الكافية لحسم الرئاسة من الجولة الأولى، لكونها تشترط حصول الفائز على الأغلبية من الأصوات الصحيحة (50%+1)، وهو ما تسبب في الذهاب إلى الجولة الثانية، وفي ظل معطيات الجولة الأولى من الانتخابات، والعوامل المؤثرة في سيرورة الجولة الثانية يمكن استشراف إمكانيات الربح والخسارة لكل من مرشح ائتلاف الجمهور الحاكم وائتلاف الأمة المعارض.
إمكانية فوز مرشح ائتلاف الجمهور
وفقاً لقراءة مخرجات الجولة الأولى في الانتخابات يمكن استشراف قدرة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان على حسم الجولة الثانية لمصلحته، ويعزز ذلك:
– حصول ائتلافه على الأغلبية البرلمانية، ويُتوقع أن ينعكس ذلك إيجابياً على معنويات أنصاره.
– الفارق البسيط في مجموع الأصوات من أجل الحصول على الأغلبية، إذ حصل على 49.52%، وهي نسبة يمكن تحقيقها في حال معالجة الأصوات الملغية، وقناعة الأصوات المترددة، وتصويت أنصار محرم إنجه غير المقتنعين بمرشح المعارضة.
– تماسك الكتلة السياسية الداعمة له تعزز من ثقة الناخب، وينعكس ذلك بالتصويت له.
– تركيزه على المشاريع والإنجازات عزز من ثقة الناخب به، خصوصاً أنه التزم بتنفيذ معظم المشاريع التي وعد بها خلال مسيرته السياسية.
– الخطوات التي اتخذها عقب إعلان النتائج، على غرار خطبة الشرفة، واعترافه بقصور حزب العدالة وحاجته إلى النقد والتقويم، عزز من ظهوره قائداً قوياً، وأغلق الباب على انتقادات المعارضة.
– الاهتمام الكبير بمناطق الزلزال، دون انتقاد المحافظات التي لم تصوت له- على عكس ما فعلت المعارضة- عزز من مستوى قبوله لدى مختلف الشرائح التركية.
– إعلان سنان أوغان دعمه لمرشح ائتلاف الجمهور.
يقلل من إمكانية عدم الفوز في الجولة الثانية:
– إمكانية حدوث مفاجآت في النتائج من جراء تدخل الخارج.
– استغلال المعارضة لورقة اللاجئين وتنامي خطابها المضاد لحزب العمال الكردستاني أملاً في كسب التيار القومي.
– إمكانية تصويت جزء من كتلة سنان أوغان لمرشح المعارضة.
إمكانية فوز مرشح ائتلاف الأمة المعارض
يعزز هذا السيناريو:
– تحالفه مع الأكراد أكسبه أصوات المناطق الشرقية في تركيا، هذه الأصوات ستستمر في دعمه في الجولة الثانية، ما يعني احتفاظه بنسبة الأصوات التي دعمته في الجولة الأولى، وهذا له تأثيراته في الجولة الثانية.
– في حال تمكن من تجاوز أخطائه وإبراز مشروعه البديل يمكن أن يستعيد ثقة بعض الناخبين.
– في حال تمكن من التوصل إلى تسوية وتوافق مع مرشح ائتلاف الأجداد فقد يحصل على أصواته الانتخابية.
– مشاركة أكرم إمام أوغلو في الحملة الانتخابية للجولة الثانية قد يكون لها تأثير إيجابي في مصلحة مرشح المعارضة.
ومما يضعف هذا السيناريو:
بالنظر إلى العوامل المؤثرة في سيرورة الجولة الثانية يمكن استشراف صعوبة حسم كمال كليتشدار أوغلو الجولة الثانية لمصلحته، ويعزز ذلك:
– فارق الأصوات التي حصل عليها مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو كبير، ولا يمكن حسمه بسهولة.
– ضعف الحملة الانتخابية، وفشل الرهانات التي بني عليها ائتلاف المعارضة.
– عدم تماسك كتلة ائتلاف المعارضة بسبب الاختلافات الجذرية التي لا تساعد على تأسيس تحالف سياسي، بقدر ما تقتصر على جمعهم على أهداف انتخابية تكتيكية.
– عدم خروجه بإعلان موحد عقب الانتخابات عكس حالة التخبط التي يعيشها الائتلاف المعارض، وقلل من ثقة الناخب التركي به؛ بأنه قائد قادر على توحيد وإدارة خلافات ائتلافه.
– العزوف المتوقع لبعض أنصار المعارضة عن التصويت لأسباب عدة، أبرزها: صعوبة العودة إلى النظام البرلماني الذي كان سبب حماس البعض في الجولة الأولى، وتراجع التطلعات المركزية للحزب الجيد، واكتفاء التيار المحافظ في التحالف بالمقاعد البرلمانية، وترجيح نجاح مرشح الحزب الحاكم.
خاتمة
انطلاقاً من القراءة الأولية لنتائج الانتخابات التركية، بالإضافة إلى تنامي العوامل والمتغيرات المؤثرة في سيرورة الجولة الثانية، يبدو أن حظوظ مرشح ائتلاف الجمهور الحاكم في حسم الجولة الثانية من الانتخابات التركية لمصلحته أكبر من حظوظ مرشح ائتلاف الأمة المعارض، والسبب الرئيسي يكمن في حالة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي القائم في الداخل التركي، بالإضافة إلى التحديات التي تفرضها الظروف الخارجية، والتي تجعل من مسألة الركون إلى تجربة سياسية جديدة في الحكم نوعاً من المخاطرة التي قد تضر باستقرار تركيا ومضيها في مشاريعها الداخلية والخارجية.