29% -

المؤسسات الصوفيّة في الإمارات .. التوظيف السياسي الجديد

5,00$

الوصف

مقدمة: المؤسسات الصوفيّة في الإمارات

تضطلع المؤسسات الدينية وغيرها من المكوّنات المتقاطعة مع المجال الديني بأدوار رئيسية وذات فعاليّة كبيرة في تنفيذ السياسات الدينية للدولة ومقارباتها الأيديولوجية المتعلقة بالإسلام الرسمي، مثلما يحدث حالياً في دولة الإمارات العربية المتحدة.

تشارك دولة الإمارات باقي دول الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عملية التحكّم في هذه الكيانات المؤسساتية ذات الطابع البيروقراطي، وإن كانت تتمايز بعضها عن بعض في الاهتمام الممنهج بتدعيم التصوّف.

ولا يقتصر الاختلاف بين هذه الدول على تباين أهداف ومستويات التحكم في المجال الديني، بل إنها تختلف في مقارباتها الأيديولوجية للإسلام “الحقيقي” أو “الرسمي”، ومن ثم تُعلمنا حالة التشابك المعقدة بين المؤسسات الدينية والأنظمة الحاكمة لإنتاج هذا الإسلام الرسمي، على مدار الصيرورة التاريخية لتشكّل الدولة الحديثة في المنطقة، عن التوجهات الأيديولوجيةوالأجندات ذات الأبعاد الأمنيّة والاستراتيجيّة المتجاوزة للطبيعة الروحية للتديّن، لكن ما يضيف كثيراً من التعقيد ويؤكد ضرورة الدراسة البحثية هو سعي دولة الإمارات العربية المتحدة الحثيث لتدعيم التيار الصوفي، في نطاق مقاربة شاملة تتعلق بما يُسمى بالإسلام المعتدل، بالرغم من أن أنماط التديّن الشعبية لصيقة للغاية بمبادئ العقيدة الإسلامية السنيّة.

في شهر فبراير/شباط 2019، أشاد مندوب دولة الإمارات الدائم في منظمة اليونسكو، عبد الله النعيمي، خلال لقاء إعلامي مع إذاعة “مونت كارلو”، بالصوفيّة معتبراً إياها “مذهباً روحيّاً” ذا أبعاد كونيّة. وفسّر سبب توجه الإمارات لدعم التصوف بقدرتها على محاربة التعصب الديني، ولاستيعابها للأركان أو المبادئ الحقيقية للإسلام، بجانب تجذّرها التاريخي بمنطقة الخليجوإقبال الشباب عليها[1]. تمثلت أهم الخلاصات من هذا التصريح الإعلامي لأحد كبار المسؤولين الإماراتيين في إظهار ماهيّة السياسة الدينية “الصوفيّة” بصفتها نموذجاً للإسلام المعتدل، إذ أكد أن دولته تتمثّلها بديلاً مناهضاً للتيارات السنيّة الأخرى مثل الوهابية والإسلام السياسي. وعليه، فقد أصبحت الإمارات، بمؤسساتها الدينية، الرسمية وغير رسميّة، وسياسة المبادرات الثقافيةومراكز البحث، تنافس دولاً أخرى مثل تركيا والمغرب على التصوّف، الذي يبدو أصلاً خياراً جذاباًوركيزة لقوّتها الناعمة.

خلاصة

تتناول الدراسة علاقة الدولة بالصوفية كما بدأت تتبلور خلال العقد الماضي في النموذج الإماراتي بسبب سياقات جيوستراتيجية دقيقة. تهتم هذه الدراسة بالتعريف والتعمق في تبيان حالة التآلف المدروسة بين مجموعة المؤسسات الدينية الرسميّة وغير الرسميّة، وسياسة المبادرات الثقافية ومراكز البحث المسخّرة من طرف دولة الإمارات لإنتاج نموذج صوفي وتوظيفه للسيطرة على المجال الديني داخلياً، ولتعزيز قوتها الناعمة خارجياً.