الوصف
التحولات سنة كونية للحياة، وقانون اجتماعي في هذه الأرض، وهو عملية الانتقال من حالة إلى حالة أخرى وإحداث شيء لم يكن موجوداً من قبل، وأكثر ما يطلق مفهوم التحول على الانتقال إلى حالة أفضل بمعنى أنه أقرب إلى المفهوم الإيجابي منه إلى السلبي، والتحول متعدد الوجهات والأغراض، ويرتبط غالباً بمجال التحول السياسي أو الاجتماعي أو الفكري.
تعد عملية التحولات الفكرية في المجتمع السعودي ظاهرة متجددة، وأكبر عامل مؤثر فيها هو حالة التغير الاجتماعي، فالمجتمع السعودي مر بمراحل مركزية متعددة، ابتداء من تأسيس الدولة التي أحدثت قفزة نوعية في شكل الحياة من الترحل والانتقال إلى السكن والاستقرار، وهذه الحالة أسهمت كثيراً في اختلاط الثقافات وامتزاج الأعراف والعادات، وبناء وعي فكري جديد، لا يقل أهمية عن تلك المرحلة المتمثلة في الطفرة النفطية التي بقدر ما أحدثت فيه من ثورة اقتصادية أحدثت تغييراً اجتماعياً وتحولاً فكرياً.
والتحولات الفكرية الحالية التي تشهدها المملكة العربية السعودية مرتبطة بالظاهرة نفسها، وامتداد للحالات السابقة؛ لكنها ربما تختلف في طبيعتها عن الحالات السابقة، في كون ما سبقها يعتمد أكثر على الهوية المركزية محدداً للتحول، ويحرص على توازن العلاقة بين مجموعة الهوية والقيم والأعراف والعادات والتقاليد، وهذا النمط وإن كان بطيئاً فهو في الواقع أكثر عمقاً في غرس الوعي وبناء القناعات وتشكيلِ واقعٍ منسجمٍ.
في هذه الدراسة سنتناول التحولات الفكرية لدى الشباب السعودي من خمس زوايا محورية، تتمثل الزاوية الأولى بمعرفة أهمية التغير الاجتماعي وأثره في التحولات الفكرية عموماً، وفي المحور الثاني سنناقش أهم مراحل التحول الفكري، كما سنتناول في المحور الثالث المؤثرات الداخلية والخارجية في حالة الوعي الفكري، إضافة إلى أبرز مظاهر هذا التحول في المحور الرابع، ومستقبل التحول الفكري الذي سنناقشه في المحور الأخير.
نأمل أن تشكل هذه الدراسة بداية للدراسات الشبابية التي تتناول خصائص المجتمع العربي وشرائحه المختلفة، ومظاهر التحولات في المجتمعات عموماً وفي المجتمع السعودي خصوصاً.