|

كوباني .. هل ستكون فخاً لأنقرة ؟!

كوباني .. هل ستكون فخاً لأنقرة ؟!

وحدة الرصد والتحليل

|

2015-01-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2015-01-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2015-01-15

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

 شكلت مدينة عين العرب “كوباني” نقطة تماس لما تمثله المدينة من أهمية جغرافية، وهو ما أسال لعاب القوى المتصارعة، الداخلية والخارجية منها، تستميت كل منها للاستيلاء على تلك المدينة الصغيرة التي لا تبلغ مساحتها سوى سبعة كيلومترات مربعة.

 لم تضع الحرب أوزارها بعد، فالمدينة تشهد معارك ضارية يمكن وصفها بأنها معركة “تكسير عظام” بين الأطراف الخارجية، أما طرفي الصراع الداخلي -الكرد وداعش– فتمثل “كوباني” لأحدهم شهادة وفاة أو ميلاد.

نستعرض هنا مآلات الأحداث في “كوباني” وما يهدف إليه كل طرف، وإن كان المشهد لم يكتمل بعد، فالغموض لا يزال سيد الموقف وصعوبة التكهنات بما ستؤول إليه الأمور واردة في ظل تناقضات المسرح الدولي والأحداث المتسارعة .

من اللآفت أن الصراع الدائر في “كوباني” حظي بتغطية إعلامية كبيرة وتحركات عسكرية إقليمية ودولية لم تحظ بها المدن الرئيسة التي شهدت قبلها معارك ضارية، مثل مدينتي “حمص” أو “حلب” التي تعتبر “كوباني” إحدى المدن الصغيرة التابعة لها، هذا يعني أنها ليست مدينة كردية أو عربية أو عبارة عن مجرد مساحة جغرافية فقط، فـ “كوباني” لها ما بعدها.

تركيا… وتنظيم الدولة “داعش”

تلقت تركيا في الآونة الأخيرة تهديدات عدة، من طرفي الصراع في “كوباني” -داعش والكرد-.

البداية مع تنظيم الدولة “داعش” الذي نشر تسجيلاً على موقع اليوتيوب يهدد فيه تركيا، متهماً إياها بأنها دائماً تتصدر جيوش الكفر لقتال المجاهدين، وأنها قائدة قوات الناتو ، مهدداً تركيا بأنها “ستـُفتح بالتكبير”، وأعقب صدور تهديد تنظيم الدولة “داعش” لتركيا تصريحات لمسؤولين أتراك بالدعوة إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لتجفيف منابع الإرهاب -داعش والأسد-، مؤكدين أن الضربات الجوية لا تجدي نفعاً في القضاء على الإرهاب.

ترى أنقرة أن التخلص من نظام الأسد هو الحل كخطوة أولى، وأن ما يحصل الآن في ســوريا هو عبارة عن نتيجة للتناقضات في الموقــف الــدولي تجاه نــظام أوغــل في ســفك دمــاء شـــعبه.

يبدو أن تنظيم الدولة “داعش” -الذي تحول إلى غول كبير في فترة قصيرة- يلتهم كل من يعترض طريقه، ولا يسلم من بطشه إلا من ينضوي تحت رايته، بالتأكيد أن تمدد “داعش” وانشغال العالم به قد أطال من عمر النظام السوري، فضلاً عن مقاتلة هذا التنظيم للفصائل السورية المعارضة الأخرى بما فيهم جبهة النصرة “جناح تنظيم القاعدة في سوريا”، وهذا ما يثير الشكوك لدى أنقرة، كما أن غض الطرف عن تمدد نفوذ التنظيم تجاه الحدود التركية يقلق تركيا ويجعلها تشعر أن هناك أمراً دُبر بليل!!

 تركيا.. والأحزاب الكردية

في مضمار التهديدات المتوالية على أنقرة، هدد زعيم حزب العمال الكردستاني “عبدالله أوجلان” تركيا أن سقوط عين العرب “كوباني” يعني نهاية عملية السلام الكردية التركية، جاء هذا بعد فشل مفاوضات “صالح مسلم” زعيم الحزب الكردي “الاتحاد الديمقراطي” مع رئيس الحكومة التركية “أحمد داوود أوغلو”، حيث قرنت أنقرة حماية أكراد سوريا في “كوباني” من تنظيم الدولة بثلاثة شروط:

الأول: تخليهم عن الأسد، وانضمامهم إلى الائتلاف الوطني السوري.

الثاني: إلغاء الحزب الديمقراطي الكردي لمناطق الإدارة الذاتية في “عين العرب، عفرين، القامشلي”.

الثالث: تعهدهم بعدم القيام بأي إجراءات تصعيدية على الحدود السورية التركية، وهذا ما يعتبره الكرد إنهاءً لمشروع “الدولة الكردية المستقلة “.

 ماذا بعد كوباني؟

بالرغم من الضغوط الدولية على تركيا بضرورة المشاركة في إنقاذ مدينة عين العرب “كوباني” أو السماح للمتطوعين الكرد بمساندة أشقائهم في سوريا، لكنّ أنقرة فيما يبدو تمتلك حججاً وإجابات مقنعة إلى حد كبير يمنعها من الاستجابة لتلك الضغوط، بالإمكان استعراض ردود أنقرة القانونية والدبلوماسية على الانتقادات المنهالة عليها بالآتي:

أولاً

نجحت تركيا في لفت أنظار العالم إلى مشروع إقامة المنطقة الآمنة مبررة ذلك بحماية المدنيين الهاربين من نيران الصراعات الدائرة في الداخل السوري، هذا من الجانب الإنساني، أما على الصعيد السياسي فقد أكدت أنقرة أن من أهداف إقامة منطقة آمنة: تدريب قوات المعارضة ” المعتدلة “، وأنها كفيلة بتحجيم تمدد تنظيم الدولة ” داعش “، وهذا ما لقي ترحيباً من واشنطن على لسان وزير خارجيتها، إضافة إلى إسهام المنطقة الآمنة في إسقاط نظام الأسد المجمع عليه دولياً -عدا روسيا وإيران-، حيث تسعى طهران إلى منع تمرير مثل هكذا مشروع -المنطقة الآمنة- وتعتبره بداية النهاية لنظام حافظت عليه لسنوات، بالإضافة إلى مشروعها في التقارب مع أكراد سوريا لإحاطة الحدود التركية بدولة جديدة “كردية” موالية لها من شأنها تهديد مصالح تركيا وتخفيف الضغط على نظام الأسد الذي أوشك على السقوط.

ثانياً

تعرضت القيادة التركية لإحراج شديد أمام مواطنيها الكرد عند هجوم تنظيم الدولة على “كوباني” ذو الغالبية الكردية، وهو ما هيج الشارع التركي بمسيرات لبعض أكراد تركيا انتهت بمواجهات مع قوات الأمن التركية سقط فيها عشرات القتلى والجرحى “معظمهم في المناطق الجنوبية ذات الغالبية الكردية”، فيما تتعامل القيادة التركية بحساسية حيال ما يجري لإدراكها بحجم المخاطر وعواقب تدخلها في مثل هكذا أمر.

في العاشر من أكتوبر، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا “إستيفان دي مستورا” تركيا للسماح بدخول للمتطوعين الكرد لمؤازرة أشقائهم في “كوباني”، فيما استندت تركيا في رفضها ذلك إلى قرار مجلس الأمن رقم 2178 الداعي إلى وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الحدود السورية العراقية، هذا يعني أن أنقرة تسعى إلى التشبث بالقانون الدولي لتخفيف الضغوطات الدولية عليها.

ثالثاً: لماذا لا تدعم تركيا أكراد “كوباني”؟

هذا السؤال الصعب يواجه تركيا سواء من الداخل التركي -الكرد وبعض الأحزاب السياسية- المناوئة لحزب العدالة والتنمية ، وهذا ما يصفه “حزب العدالة والتنمية” بـ “المزايدات السياسية”، فيما تواجه تركيا ضغطاً دولياً إضافياً يدعوها للقيام بواجبها لحماية المدنيين في “كوباني”، وبهذا وجدت أنقرة نفسها وسط صراع بين طرفين مصنفين كتنظيمين إرهابيين حسب القانون التركي.

تسعى تركيا إلى كسب الوقت وكأن لسان حالها يقول “دع الأعداء يتقاتلون”، بينما تسعى الأطراف الدولية إلى محاولة لي ذراعها لدخولها في الحلف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة الذي حقق تقدماً كبيراً بالرغم من القصف المستمر من قبل طيران الحلف الدولي، في حين لا تتجاوز أعداد مقاتلي التنظيم 31 ألف مقاتل -حسب تقديرات بعض المراقبين-، ما يعني أن كل دولة من دول التحالف تقاتل 700 عنصراً من التنظيم، أضف إلى ذلك الفترة المتوقعة للقضاء على التنظيم التي قد تصل إلى ثلاث سنوات -حسب تصريح أوباما-، معززاً القول بأن إدارته أخطأت في تقدير حجم تنظيم الدولة، والذي يعطي انطباعاً عاماً أن “البعبع” الذي يواجهه العالم قد فاق كل التوقعات.

 لماذا تركيا؟

تبدو الخيارات محدودة أمام الحكومة التركية لتجنيب البلاد من فخ متعدد الجذور والأهداف، خاصة بعد إحاطة حدودها بجماعات مسلحة، سواء الكرد أو تنظيم الدولة، واللذان سيطرا على منافذ حدودية هامة تمتد على طول الحدود الجنوبية التركية.

يمكن القول أن تركيا قد تخلصت من هاجس قيام دولة كردية على حدودها -ولو لبعض الوقت-، حيث بدأت ملامح هذه الدولة تتضح بعد إعلان الكرد تشكيل مجالس الإدارة الذاتية في المناطق ذات الغالبية الكردية، وكانت ستشكل النواة الأولى لحلم قيام دولتهم المنتظرة، بيد أن تنظيم الدولة قد أجهض ذلك الحلم بسيطرته على مناطق كردية واسعة.

يكشف الموقف التركي بتعامله مع ما يجري في “كوباني” عن شكوك أنقرة تجاه مقاصد ونوايا الحلف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة، فيما حاولت الإدارة الأميركية مغازلة تركيا لأهمية دخولها في الحلف حيث سعت إدارة أوباما إلى إقناع أردوغان بالمشاركة في الحلف والسماح لقوات التحالف باستعمال قاعدة “أنجرليك” الجوية الواقعة جنوب تركيا ، بالإضافة إلى استخدام مجالها الجوي، إلا أن أردوغان ظل متمسكاً بموقفه الداعي إلى بناء منظومة متكاملة ومحددة الأهداف لمكافحة “الإرهاب” –تنظيم الدولة ونظام الأسد-.

لم تستجب تركيا لضغوطات الولايات المتحدة، واضطرت الأخيرة إلى إرسال وزيري الدفاع والخارجية للتفاوض مع حكومة أوغلو، كما أرسلت الجنرال “جون ألين” –القائد السابق للقوات الأميركية في أفغانستان والمنسق العام للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة- فيما استجابت عشرات الدول للحلف الأميركي بمجرد اجتماعه ورغم المغازلات السياسية الأميركية لأنقرة إلا أنها تتعامل بحذر، وعلى ما يبدو أنها قد استفادت من تجارب حسن النوايا.

تظهر هذه المناورات السياسية أن تركيا أصبحت تمتلك قرارها السياسي، وهذا يعد أحد أهم أسباب استدراجها للدخول في حرب ومواجهات طويلة تستنزف قدراتها وتضر أمنها القومي، مما يؤثر على النمو الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال الاثني عشر عاماً الماضية، ويمكن القول أن تركيا قد أصبحت منظومة متكاملة: سيادة في القرار السياسي، والاستقرار في أمنها الداخلي الداعم لصعود اقتصادها المتسارع، بالإضافة إلى التجربة الديمقراطية التي شهدتها الساحة السياسية التركية.

” المنطقة الآمنة “.. بين الرفض والقبول

ما يهم القيادة التركية في هذه المرحلة: تسويق فكرة “المنطقة الآمنة” وحشد الطاقات لتمرير المشروع باعتباره يمثل حجر الزاوية لحماية المصالح التركية، وهذا يمكن تطبيقه على مرحلتين، فرصة نجاح الأولى كبيرة، بينما تعتبر الثانية حلاً مقبولاً لدى القيادة التركية.

المرحلة الأولى

يرى البعض أن الفكرة تعتبر حلاً فريداً من نوعه، وقد عرَّض الولايات الأميركية وبريطانيا للحرج لطابعه الإنساني الساعي لحماية المدنيين السوريين، فلم ترفضه واشنطن واكتفت بالتصريح بأنه يحتاج إلى دراسة “عميقة” وإلى المزيد من الوقت ليتم البت في صوابيته من عدمها.

تهدف “المنطقة الآمنة” لتحقيق الحماية لنازحي سوريا بالدرجة الأساس ، بالإضافة إلى حماية المصالح التركية، لكن هناك من يعمل جاهداً لشيطنة الفكرة واختزالها في حماية المصالح التركية، كما فعلت إيران حين وصفت الفكرة بأنها تدخل تركي في الشأن السوري، ومما لا شك فيه فإن المقترح سيواجه صعوبات -كما تشير التحليلات- خاصة إذا ما تم عرضه على مجلس الأمن، فمن المتوقع أن تكرر روسيا موقفها المساند لنظام الأسد بمعارضتها لفكرة “المنطقة الآمنة”، وبهذا لن تتحقق الفكرة بالصورة التي تطمح إليها تركيا والائتلاف الوطني السوري، يعتبر غير وارد حسب المعطيات.

المرحلة الثانية

من المتوقع أن النهاية لم تكتمل بعد، خاصة وأن القيادة التركية تحرص على تقديم المجتمع الدولي كشريكٍ أساسي في الحل، وعدم الخوض في غمار المعالجات بمفردها، كما يعكف المسؤولون الأتراك على تقديم رفد المجتمع الدولي للحيلولة دون الأضرار بأمن المنطقة الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من أمنها الداخلي، يمكن التكهن أن تركيا في حال شعرت باحتمال فشل إقامة “المنطقة الآمنة” فقد تتنازل عن بعض أهداف الفكرة خاصة العسكرية منها والاكتفاء بالأهداف الإنسانية، وهذا قد يدفع بالمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني إلى التضامن مع الفكرة، وقد يحقق ذلك لتركيا أهدافاً عدة، منها: حماية حدودها من نيران الجماعات المسلحة، وتخفيف تدفق اللاجئين السوريين إلى الداخل التركي.

على المستوى السوري، فإن المشروع يحقق حمايةً للنازحين، ويقدم المعونات الإغاثية والخدمات الصحية، كما يسهم في تقديم الخدمات التعليمية لأطفال سوريا، ومما يمكن من نجاح المشروع تأييد بعض الدول، فقد صرحت فرنسا عبر رئاستها تأييدها لمقترح تركيا بإقامة “المنطقة الآمنة”، هذا من الناحية السياسية “المصالح”، أما من ناحية الإنسانية فقد يستدعي العالم إنسانيته، خاصة إذا ما شعر بما يعانيه النازحون السوريون من موجات الصراع المتلاطمة بين الكر والفر، وهذا يوجب على تركيا التواصل مع المنظمات العاملة في هذا الشأن لمحاولة الضغط من خلالها على مسار القرار الدولي.

ما هي التوقعات؟

من الواضح أن تركيا لا تعنيها مدينة عين العرب “كوباني” أو من يضع يده عليها بقدر ما تعنيها علاقاتها الدولية ومصالحها الاقتصادية والسياسية وأمنها القومي، لذلك تبدو تركيا حذرة في التعامل مع هذا الحدث، فهي تحاول ألا تقف في وجه التيار خاصة فيما يخص ملف “الإرهاب”، وهذا ما تستدرج له، فإما أن تقف ضد الجماعات المسلحة حينها يتم التخلي عنها وربما تأجيج الوضع عليها، أو أن تتهم بدعم “الإرهاب”، وستقف تركيا مع من يقدم لها ضمانات حقيقية.

من المتوقع أن يحظى الكرد بدعم تركيا، وذلك لسببين:

الأول: يمتلك الكرد مرونة سياسية خاصة بعد الضربة الأخيرة التي وجهها لهم تنظيم الدولة، فأصبحوا مستعدين لتقديم تنازلات، هذا الأمر قد لا يتوفر لدى قيادات تنظيم الدولة، يضاف إلى ذلك شرعية المفاوضات.

الثاني: التقارب مع الكرد يجنب تركيا حمى الحراك الداخلي الكردي، ويحافظ على محادثات السلام مع القيادة الكردية التركية والمهددة بالانهيار.

نستنتج مما سبق أن تركيا ستسعى إلى دعم الكرد والضغط على تنظيم الدولة للتوجه صوب ميليشيات الأسد ما يعني أن “كوباني” ستبقى “كردية” بضمانات دولية، وهذا ما بدأت ملامحه تتوضح خاصة بعد قرار أنقرة السماح لقوات البيشمركة الكردية العراقية بالدخول إلى “كوباني”

الكلمات المفتاحية :