|

العناصر-المسلحه

العناصر الشيعية المسلحة في الخليج ونيران التصعيد

وحدة الرصد والتحليل

|

2017-08-23

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-08-23

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-08-23

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

تؤكد التطورات الأخيرة في كل من السعودية والكويت، من خلال مواجهات حي المسورة بالقطيف، وحكم محكمة التمييز الذي دان جميع المتهمين في قضية العبدلي، تؤكد سخونة الموقف بين السعودية والكويت والعناصر الشيعية المسلحة، وعلى الرغم من التوتر الممتد تاريخياً بين دول الخليج والمتطرفين الشيعة، فإن الأحداث الأخيرة في السعودية والكويت لم تخلُ من إشارات إلى عودة حيثيات سابقة أدين فيها متطرفون سابقون؛ كالعلاقة بأطراف خارجية، وتهديد أمن دول الخليج، كما أفرزت التحركات الأخيرة للعناصر المطلوبة في السعودية والكويت مشهداً متصاعداً أثار استنفاراً أمنياً عالياً للإيقاع بهذه العناصر.

حالة المطاردة والمناكفة بين عدد من دول الخليج والتشكيلات الإرهابية الشيعية لا تبدو حالة معهودة لأقليات دينية تنادي بمطالب ذاتية خاصة، بل ثمة احتمالية أن يقود الوضع الحالي للقضايا المدان فيها المطلوبون، إلى جانب عوامل داخلية وخارجية، إلى تصاعد التوتر وتعاظم المواجهة بين دول الخليج وهذه العناصر، فكيف يمكن قراءة الأحداث التي مثلت حالة التصادم الحالي في السعودية والكويت في إطار تاريخ المواجهات المسلحة والقضايا التي أثارها المتطرفون؟ وماذا يؤثر تزايد تسليح هذه العناصر في اضطراب العلاقة مع الطائفة الشيعية؟

تاريخ التطرف الشيعي في الخليج

كان للتطرف الشيعي في الخليج وضع مختلف عن بقية أشكال التطرف الأخرى التي ظهرت في عدد من دول الخليج، ولعل ظهور الثورة الإيرانية شكل لحظة فارقة في تاريخ هذا التطرف، إذ تبنى التطرف الشيعي في الخليج منطلقاً فكرياً اتضح في ترديده شعارات تدعو إلى توسيع نطاق حكم الدولة الإيرانية ليشمل حكم دول الخليج، بالإضافة إلى المطالبة باستبدال نظم الحكم في عدد من دول الخليج، فإلى جانب الوجود الشيعي الجغرافي في المنطقة الشرقية من السعودية وفي الكويت والبحرين المتقارب بعضه من بعض، والمحاذي لإيران أيضاً، فقد أججت الثورة الإيرانية عام 1979 مشاعر الشيعة في هذه الدول الثلاث، فكانت بوادر العمل المسلح للتطرف الشيعي تحت لافتة (حزب الله) في الحجاز وفي الكويت والبحرين أيضاً.

انطلق الحراك الشيعي في دول الخليج متزامناً مع لحظة نجاح الثورة الإيرانية من خلال الخروج في مظاهرات، والهتاف للثورة الإيرانية ومرشدها الخميني. لم يستمر تحرك الشارع الشيعي الممجد للثورة والمطالب بإسقاط الدولة حتى ظهر العنف مع تضييق القوات الأمنية في كل من السعودية والبحرين، وفي الكويت كانت بداية ظهور المتطرفين الشيعة دامية وقوية، وصلت إلى ذروتها في محاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الصباح التي نفذها حزب الدعوة عام 1985.

حركت الثورة الإيرانية ومشروع الدولة الحديثة في إيران الشيعة في الخليج عموماً، ويعد ذلك أحد الأسباب الكامنة والرئيسة في جنوح عناصر شيعية للوقوف ضد دولهم وإعلان الخروج عليها، فقد مثلت نشوة انتصار الثورة الإيرانية تجربة حية حاول معها شيعة الخليج تمثل كل مظاهر ذلك الحراك، فخرجوا في مظاهرات تطالب بالتغيير الجذري للسياسة في الخليج. وقد دفعت إيران بعلاقة الشيعة في الخليج بالحكومات الخليجية إلى منحى الاضطراب والتوتر، وذلك بالشحن الإيديولوجي، خاصة مع المملكة، منطلقِ الدعوة الوهابية، وهذا التوجه أسهم في التفاف الشيعة ناحية إيران، وخلخلة مفهوم المواطنة، وفي مراحل التوتر بين إيران ودول الخليج كان التطرف الشيعي حاضراً وبقوة، في دلالة على ارتباط تلك العناصر بإيران، فكانت ثمانينيات القرن العشرين فورة العمل المسلح في كل من السعودية والبحرين والكويت، وهي الفترة التي كانت تساند فيها دول الخليج صدام حسين في حربه ضد إيران.

ويمكن تقسيم العمل الشيعي المسلح إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى:

التي انطلقت مع الثورة الإيرانية، واستمرت قرابة عقدين من الزمن، واتسمت تلك المرحلة بضراوة الهجمات، حيث بلغت أوجها في محاولة الانقلاب في البحرين التي نفذتها جبهة تحرير البحرين عام 1981، واستهدافها لشخصيات اعتبارية كأمير الكويت، وتفجيرات مكة التي أدين فيها حزب الله الكويتي عام 1989، فضلاً عن الأهداف الأجنبية التي وضعها المتطرفون؛ وذلك في هجوم الخبر عام 1996، الذي قتل فيه 19 أمريكياً، والهجمات على سفارتي أمريكا وفرنسا في الكويت عام 1983.

ميز تلك المرحلة مشاركة متطرفين من دول عربية؛ من أمثال عماد مغنية اللبناني، الذي كان العقل المدبر لاختطاف الطائرة الكويتية التي كانت قادمة من تايلند عام 1988.

المرحلة الثانية:

بدأت هذه المرحلة منذ بداية القرن الحالي وحتى الآن، حيث يقارب عمر هذه المرحلة العقدين، وقد كانت هذه المرحلة هادئة أكثر من سابقتها، وإن تخللها العديد من الهجمات والعمليات الإرهابية، التي ارتفعت قليلاً مع موجة الربيع العربي عام 2011، خصوصاً في البحرين، غير أن وتيرة العمل المتطرف الشيعي قد خفت لأسباب؛ منها:

1- انخراط قادة الحراك الشيعي في الخليج في العملية السياسية في البحرين والكويت، وتحقق تفاهمات بين الحكومة السعودية وقيادات شيعية؛ في محاولات احتواء العمل المتطرف من قبل الحكومات الخليجية.

2- غزو العراق عام 2003؛ إذ انشغلت بسببه إيران التي كانت تقدم التدريب والتمويل للعناصر الإرهابية في الخليج، ولا تزال توفر ملجأ لتلك العناصر، فلم يكن العقل المدبر لتفجير الخبر، أحمد المغسل، آخر المطاردين الذي لجؤوا لإيران وقُبض عليه في لبنان.

3- ظهور تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ويبدو أن بروز تطرف القاعدة، الذي تكثر الشكوك بتورط إيران في دعمه، ووجود عدد من قيادات القاعدة في إيران، قد مثل فرصة ببروز طرف يؤدي دور مجابهة الدولة، ويرفع عن الطائفة الشيعية وطأة المرحلة الدامية في تاريخ التطرف الشيعي في الخليج.

المتغيرات الحالية وواقع التطرف الشيعي في الخليج

بعد أن دخلت القوات الأمنية في المملكة حي المسورة في مدينة القطيف لملاحقة المطلوبين لديها، على وقع الهجمات التي تسببوا بها، في محاولة إيقاف عملية تطوير الحي القديم، حسب ما أوردته الرواية الحكومية، حيث قتل العديد من رجال الأمن والمدنيين على خلفية المواجهات التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى حالة الاستنفار الأمني في الكويت بعد حكم محكمة التمييز بإدانة جميع المتهمين في قضية خلية العبدلي، فقد ارتفعت إلى السطح مجدداً حالة من الترقب حول أهداف جديدة أو محتملة للتطرف الشيعي الذي يبدو أنه سيدخل في المعادلة الإقليمية القائمة بين دول الخليج وإيران.

لقد وضع الموقف الخليجي الرافض لسياسات إيران التوسعية الطائفةَ الشيعية في الخليج أمام مقصلة الانتماء المذهبي الخارجي أو الولاء للدولة، وهو ما ترك الحكومات الخليجية في مأزق، حتى مع المناداة الدائمة للطائفة الشيعية باستحقاقاتهم الوطنية والتنموية، فظهور التطرف الشيعي بين فينة وأخرى، وارتباطه الوثيق بأطراف خارجية، لن يسير بالعلاقة بين دول الخليج والطائفة الشيعية إلى بر الأمان، وذلك ينعكس بالتأكيد على الوضع الداخلي لدول الخليج، ولعل عدداً من المتغيرات الحالية يمكن أن تسهم في تبلور مرحلة جديدة للتطرف الشيعي في الخليج:

1- علاقة دول الخليج بإيران:

حاولت إيران توظيف مطالب الشيعة في الخليج لتأجيج الشارع الشيعي، بل ودعم المتطرفين، ووثقت صلاتها بالقيادات الشيعية في الخليج؛ من خلال تعزيز عقيدة الولي الفقيه، بالإضافة لاستضافة العديد منهم، وتعليمهم في مدارس المرجعيات الكبرى، وتعمُّدها إثارة الاضطراب في الجوار، والعمل على خلق الثغرات الأمنية، ويمكن أن يكون تواري التطرف الشيعي الحالي في الخليج راجعاً لاستمرار وضع الاضطراب اللاحق بالمملكة، فلم تنتهِ المواجهة مع القاعدة حتى برز تنظيم الدولة، وفي الكويت أيضاً، والآن الحرب في اليمن، ومن ثم ستسعى إيران لبقاء الخليج في حالة من الصراع الذي لن تضطر معه إلى تحريك التطرف الشيعي بشكل واسع.

2- العلاقة بين الطائفة الشيعية والمتطرفين:

تمثل الطائفة الشيعية أقلية في كل من السعودية والكويت، أما في البحرين فيشكلون ما يقارب نصف عدد السكان، ولم ينقطع الحراك الشيعي في الخليج منذ قيام الثورة الإيرانية، فقد عبَّر الحراك عن ذاته من خلال نوعية المطالب التي بات سقفها مهدداً لكيانات دول الخليج، وعبر أدوات التعبير التي كان العمل المسلح أحدها، وظل الارتباط بين حراك الشارع والعمل المسلح مثار جدل في التعبير الحقيقي عن رأي الطائفة وكيفية نيل مطالبها، ففي عام 2011 تحرك الشيعة في البحرين والسعودية، حيث لم يعد هناك تمييز بين التعبير السلمي للمتظاهرين، واستهداف رجال الأمن وقتلهم، وحتى الآن لم يظهر موقف سياسي جامع للطائفة الشيعية فيما يتعلق بعلاقتهم بالمتطرفين الشيعة. وعلى مستوى الرموز الدينية الشيعية فقد ظل بعضها يجيِّش ضد الدولة بواسطة منابر الجمعة، مازجاً شرعية المطالب الشعبية والسياسية، بالتهجم على رموز الدولة والدعوة لإسقاطها، وأوضحُ مثال على ذلك حكم القصاص الذي نفذت فيه الحكومة السعودية نمر النمر بعد إدانته بالخروج على الدولة والتحريض عليها.

3- علاقة الطائفة الشيعية بالحكومات الخليجية:

كانت جملة المطالب التي اعتاد ترديدها الشيعة في الخليج متفاوتة؛ بين رفع شعارات إسقاط الأنظمة، والمطالبة بالحقوق السياسية والمدنية، وكلما كان سقف المطالب مرتفعاً كان الرد الخليجي في وجه تلك المطالب مشابهاً، فقد شهدت العلاقة بين دول الخليج والطائفة الشيعية توتراً إبان الثورة الإيرانية وفي موجة الربيع العربي، حيث خرج الشيعة في البحرين والسعودية بشعارات ثورية، إلا أن كلتا المحاولتين لم تفلحا؛ نظراً لضعف الحراك في المملكة، ودخول الحراك في إشكالية الولاء لإيران برفع صور الخميني، ومن ثم لم يلق أي تعاطف، بالإضافة للتدخل العسكري في البحرين من قبل قوات درع الجزيرة، وحتى الآن فإن التطرف الشيعي لا يزال يرى أجهزة الدولة في الخليج عدوه الأول، ومن ثم لم يتوقف استهداف رجال الأمن حتى في أقل أوقات التطرف الشيعي فاعلية.

السيناريوهات المتوقعة لمستقبل التطرف الشيعي في الخليج

مع تزايد الظهور الشيعي المسلح في المنطقة على شكل ميليشيات في العراق واليمن وسوريا بدعم إيراني، فإن احتمالية نجاح الاستراتيجية الإيرانية في مشروعها التوسعي الذي يحيط بالخليج من الشمال والجنوب قد يشعل نار فوضى التطرف الشيعي في الخليج، في الوقت الذي تبحث فيه دول الخليج عن مخارج لأزمات عدة تكتنف علاقاتها الداخلية، والمحيط القريب في اليمن والعراق وسوريا، وتبقى المخاوف داخل الخليج سارية خلف بواعث الأعمال الإرهابية وازديادها في الخليج، والذي يشكل التطرف الشيعي جزءاً منها، حتى مع الإنجازات الأمنية التي حققتها السعودية والكويت في ملاحقة المتطرفين والمتورطين في قضايا إرهابية خلال الأسابيع الماضية، فإن التطرف الشيعي في الخليج يمكن أن يؤول خلال السنوات القادمة إلى أحد السيناريوهات التالية:

السيناريو الأول:

 وهو سيناريو التصعيد في العمليات الإرهابية ونوعية الاستهداف المسلح، فالمنطقة التي توجد فيها الطائفة الشيعية في شرقي الجزيرة العربية، والتي تركزت فيها العمليات الإرهابية السابقة، هي المنطقة ذاتها التي تحظى بثروات النفط الخليجية، وقد يعزز من حدوث مثل هذا السيناريو تعاظم القوة الإيرانية من خلال نجاح الحوثيين في السيطرة الكاملة على اليمن، وبقاء الأسد رئيساً لسوريا، أو حتى المواجهة المباشرة بين الخليج وإيران، وهذه المحددات تبدو صعبة الحدوث في ظل الظروف الراهنة. ونظراً لخطورة هذا السيناريو على الأماكن الحيوية لدول الخليج فقد عززت من إجراءاتها الأمنية عقب عدة عمليات حدثت في الماضي، وهو ما يصعب من إمكانية حدوثه.

السيناريو الثاني:

 ويقضي السيناريو باستمرار المماحكات بين العناصر المسلحة والأجهزة الأمنية في الخليج بشكل لا يجعل هذه العناصر العدو الأول لدول الخليج، وهذا ما يجري حالياً، حيث ترتكز الاستراتيجية على عدم تفاقم العمليات الإرهابية واشتدادها في الخليج، مع استمرار الإعداد والتدريب وتخزين الأسلحة والنفوذ أيضاً، ويعزز هذا ما كشفته كمية الأسلحة في قضية خلية العبدلي، وقد أثبتت التحقيقات أن جزءاً منها بدأ تخزينه منذ غزو العراق للكويت، بالإضافة إلى خلايا التجسس التي اكتشفت في كل من السعودية والبحرين، وهذا السيناريو هو الأقرب حدوثاً؛ نظراً لصعوبة المواجهة المباشرة مع دول الخليج، بالإضافة إلى نجاح الاستراتيجية السابقة في إظهار مظالم الأقلية الشيعية دولياً، وإمكانية نيل مكاسب سياسية سلمياً، خاصة مع استهداف تنظيم الدولة لهم في الخليج، وابتعادهم عن ردات الفعل العنيفة.

السيناريو الثالث:

 ويدور هذا السيناريو حول احتمالية قيام الحكومات الخليجية بمحاولات جادة لإعادة صياغة العلاقة مع الطائفة الشيعية، والسعي لتجاوز حالة الشحن الطائفي التي فرضتها الأحداث في الجوار وتوتر العلاقة مع إيران، والهدف من ذلك تقليص فرص عودة العمل المسلح ومحاولة تحجيمه، وهذا السيناريو على الرغم من أهميته في تحقيق الاستقرار الداخلي لدول الخليج فإنه مرهون بالوضع الحالي للعلاقات الخليجية الإيرانية، ومدى استجابة إيران للتفاهم في ملفات اليمن وسوريا والعراق أمام تخليها عن الشحن الطائفي الممتد إلى الخليج، كما أن هذا السيناريو يواجه تحديات داخلية لدول الخليج متوقفة على مدى الانفتاح السياسي، وفسح الحريات، وتوسيع نطاق التعبير والمشاركة السياسية التي ستقلل من تبرير أعمال العنف واللجوء للعمل المسلح.

الكلمات المفتاحية :