|

الاحتجاجات الفنزويلة

الأزمة الفنزويلية .. الأسباب الداخلية والأبعاد الخارجية

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-19

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-19

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-19

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

لا يزال الصراع على السلطة في فنزويلا محتدماً منذ تفجره عقب تنصيب رئيس البرلمان خوان غوايدو نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد، في 23 يناير/ كانون الثاني 2019، مدعوماً من المعارضة التي تسيطر على الجمعية الوطنية (البرلمان)، في رد منها على تأدية الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، اليمين الدستورية يوم 10 يناير/ كانون الثاني 2019، لولاية رئاسية ثانية؛ بحجة تزوير الانتخابات الرئاسية.

ومما لا شك فيه أن ثمة أسباباً متعددة للأزمة؛ داخلية وخارجية، سياسية واقتصادية، فما دوافع التصعيد؟ وهل تنجح الإدارة الأمريكية في طي صفحة عدوها الدائم (الحزب الاشتراكي الحاكم)؟

محورية فنزويلا في معارك أمريكا

لعل التحولات والانتكاسات التي حدثت في السنوات الماضية في فنزويلا، خاصة في عهد تشافيز، لا تزال مؤثرة إلى يومنا هذا، على الرغم من الضغوط التي تمارسها أمريكا عليها، خاصة في ظل إنهاء بقية الأنظمة الاشتراكية بالقارة الأمريكية.

انطلاقاً من ذلك، يمكن فهم طبيعة الأزمة السياسية القائمة في فنزويلا حالياً، والتي تقترب من أن تكون حرباً فعلية تشنها الولايات المتحدة، بواسطة أدواتها الداخلية، للإطاحة بنيكولاس مادورو، خليفة تشافيز، الذي يخوض أكبر النزالات السياسية وأشدها خطراً، منذ أن نجحت المعارضة اليمينية في استغلال مكامن الخلل في النظام السياسي من جهة، والأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد نتيجة لانخفاض أسعار النفط الخام العالمية من جهة ثانية.

تمتلك فنزويلا موقعاً استراتيجياً في القارة اللاتينية هاماً ومؤثراً من عدة جوانب؛ حيث تقع شمال أمريكا الجنوبية، تحدها من الجنوب البرازيل، ومن الشمال البحر الكاريبي والمحيط الأطلسي؛ بين كولومبيا وغويانا.

وتنقسم الأراضي التي تُسيطر عليها فنزويلا إلى أربع مناطق؛ وهي: سهول أورينوكو الواسعة التي تقع في وسط البلاد، والجبال الشماليّة، وأراضي ماراكايبو المنخفضة في الشمال الغربي، ومرتفعات غويانا في الجنوب الشرقي. كما تشتهر فنزويلا بتنوعها الجغرافي ما بين القمم العالية والأراضي العشبيّة، ومن السواحل الكاريبية إلى الجبال المُسطّحة، بالإضافة إلى امتلاكها أعلى شلال في العالم.

أما اقتصادياً فيُعدُّ النفط من أهم صادرات فنزويلا، خاصة مع بداية القرن الماضي وصولاً إلى سنة ٢٠١٥، إذ تقدر نسبة عائدات النفط بـ ٩٥٪ من إجمالي عائدات الدولة، لكن الأزمة الاقتصادية التي حلت بفنزويلا مطلع ٢٠١٤ أفرغت فنزويلا من رصيدها من هذه الثروة، فأصبحت العائدات لا تتجاوز ١٨٪ من مجموع الصادرات.

دوافع الأزمة

بدعم أمريكي معلن تبدو المعارضة اليمينية، الممثلة للمصالح الرأسمالية في البلاد، ماضية في التصعيد ضد النظام اليساري في فنزويلا، في سياق ثأري، للانقضاض على الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها تشافيز خلال سنوات حكمه الاثنتي عشرة، التي كان من نتائجها تأميم مئات الشركات للقضاء على الاحتكارات الرأسمالية، وتمويل برامج التنمية الاجتماعية.

لهذا الغرض، لم توفّر المعارضة الفنزويلية، من خلال شبكة المصالح الرأسمالية المرتبطة بها، سلاحاً لشن الهجوم المضاد على النظام البوليفاري، والتي اتخذت منحى تصاعدياً منذ رحيل تشافيز ووصول مادورو إلى الحكم.

ولعلّ الاقتصاد كان السلاح الأمضى في يد اليمين الفنزويلي، الذي اقتنص فرصة تراجع العائدات العمومية، نتيجة لانخفاض سعر النفط من جهة، والخلل في الجهاز البيروقراطي للدولة الفنزويلية، ولا سيما في المجال الخدماتي، من جهة أخرى، فراح يفاقم الأزمة المعيشية التي تمثلت في شح السلع الاستهلاكية، وذلك من خلال مضاربات غير مشروعة أدت إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.

وفي حديث ألقاه الرئيس الفنزويلي في أغسطس/آب المنقضي، أشار إلى أنه قد نجا من محاولة اغتيال باستخدام طائرة مسيرة في أثناء حدث عسكري في العاصمة كراكاس، مدعياً أنها “مؤامرة يمينية” تقف خلفها الولايات المتحدة، ومتهماً كولومبيا بتنفيذ ذلك.

وقد أعلن جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، أن بلاده لا تعترف بسلطات الرئيس الفنزويلي، ووصفه بأنه طاغية.

وأضاف بولتون، في بيان، أن الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام مادورو “غير القانوني” لاستعادة الديمقراطية، حتى إن استدعى ذلك الحرب.

وفي مقابلة مع شبكة (سي.بي.إس) أكد ترامب احتمال التدخل العسكري في فنزويلا، قائلاً: “من دون شك.. هذا أحد الخيارات”.

الأطراف المحلية الفاعلة في فنزويلا

من أهم الأطراف الفاعلة اليوم في فنزويلا الأحزاب المعارضة لحكم مادورو والموالية له والجيش الفنزويلي والكنيسة، ويُعد حزب (العدالة أولاً) من أهم الأطراف المحلية الفاعلة في فنزويلا وأكثرها نشاطاً وحركية، وكذلك حزب الإرادة الشعبية، والعمل الديمقراطي، والعصر الجديد. هذه الأحزاب تعد من أكثر الأطراف الداخلية في فنزويلا فاعلية وتحركاً ودعماً لخوان جوايدو، وترى أن هذا الأخير هو الأحق برئاسة فنزويلا. كذلك، وفي تصعيد للضغوط السياسية على مادورو، اتهمت الكنيسة الكاثوليكية في فنزويلا حكومة مادورو بأنها “دكتاتورية”.

وبالمقابل يعد الحزب الاشتراكي الحاكم في فنزويلا من أكثر الجهات المؤيدة لحكم مادورو، وقد عدَّ ما يحدث انقلاباً على الشرعية والديمقراطية.

ويحاول طرفا النزاع السياسي في فنزويلا دفع المعركة حول السيطرة على البلاد إلى ثكنات العسكر، قناعة منهما بأن المؤسسة العسكرية قد تكون لها الكلمة النهائية في الأزمة.

من جهته أعلن الجيش الوطني الفنزويلي الذي يحظى بأهمية كبيرة، رفضه لما حدث من (انقلاب) على نظام مادورو، وعدَّه تدخلاً بشؤون البلاد الداخلية، وأكد ضرورة الحفاظ على المؤسسات الحالية، والأمن في البلاد.

وأثبت الجيش بالفعل ولاءه لمادورو رئيساً، حين أحبط محاولة اغتياله بواسطة طائرات مسيرة، بالإضافة إلى محاولات انشقاق مختلفة باءت بالفشل.

بالمقابل حدثت انشقاقات لشخصيات عسكرية محدودة أعلنت موالاتها لخوان جوايدو، ولعل من أبرزها الملازم أول خوسيه هيدالجو، وذلك في خطاب له أعلن فيه الانشقاق من الجيش، قائلاً: نحن لا نعترف بنيكولاس مادورو رئيساً للبلاد وقائداً للقوات المسلحة، ونحذر المجتمع الدولي من أن منصب رئاسة الجمهورية في فنزويلا قد اغتُصب.كذلك صرحت مجموعة من الجيش المنشق باسم (العسكريون المتمردون) اعترافهم برئيس الجمعية الوطنية خوان جوايدو رئيساً للبلاد.

الفاعلون الدوليون

تعد الإطاحة بمادورو الورقة الأخيرة في رصيد الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب أمريكا من الانسحاب من المعاهدة النووية التي أبرمتها مع الاتحاد السوفييتي في القرن الماضي.

وذلك أن الإطاحة بالنظام الفنزويلي قد تتسبب بخلق تهديد روسي، وذلك بالضغط على أمريكا؛ بناء على أن انتهاء الاتفاقية يعيد لروسيا حقها في استعمال الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، التي استهدفت بها سابقاً دولاً أوروبية وبعض المناطق الأمريكية مثل (آلاسكا)، وهو ما أثار مخاوف الغرب؛ نظراً لدقتها وقوة استهدافها.

وكشف التصعيد السريع للأزمة في فنزويلا وإمكانية تحولها إلى قضية عالمية؛ أهمية القارة اللاتينية في العالم وتموقعها الاستراتيجي، ولذلك يمكن أن ينجم عن تطوراتها المستقبلية العديد من التداعيات في المنطقة ، بل من المتوقع أيضاً أن يتسع مداها ليصل إلى خارج حدودها، حيث كانت روسيا في طليعة الدول التي كانت داعمة لمادورو، ورفضت الاعتراف برئيس الجمعية الوطنية جوايدو، كما انتقدت موسكو الممارسات الأمريكية الهادفة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لفنزويلا، وعدم احترام سيادة فنزويلا بوصفها تُمثل انتهاكاً لقواعد ومعايير القانون الدولي، بعد قرار دونالد ترامب الذي عدَّ فيه مادورو رئيساً غير شرعي، واعترف بجوايدو رئيساً جديداً لفنزويلا.

وكذلك الصين التي عدَّت ما يحدث في فنزويلا انقلاباً غير شرعي، ودعَمَ هذا القرار الحكومات اليسارية في المكسيك، وكوبا، وبوليفيا، والإكوادور.

وتُمثل كل من المكسيك وأوروجواي الفريق الداعم للحوار بين جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة، كما أن روسيا ترفض أي تدخل عسكري خارجي في فنزويلا. واقترحت البلدان البدء بالمفاوضات الجدية والشاملة والموثوقة، مع الاحترام الكامل لسيادة القانون وحقوق الإنسان لحل النزاع بطريقة سلمية.

خاتمة

يبقى هذا الحدث رهن موازين القوى، حيث عززت الولايات المتحدة- للمرة الثانية في مدة زمنية قصيرة- الشكوك في محاولتها بسط نفوذها في بعض المناطق، خاصة بعد فشل الانقلاب التركي والفنزويلي مبدئياً.

كما يتركز الصراع على دور القوة الداخلية التي سيكون للجيش دور حاسم في تحديدها، كما سيكون لبعض الأطراف الخارجية دور مهم، خاصة الولايات المتحدة، لكون فنزويلا خارجة عن طواعية ترامب، وسعياً منه لإسقاط ما تبقى من معارضة في أمريكا اللاتينية.

في المقابل نجد ضعفاً في الدعم الدولي لمادورو، ولكن تبقى فنزويلا رهينة الحراك الداخلي، خاصة من الطبقة السياسية الفاعلة، ومدى تفاعلها في حل الأزمة الداخلية، دون تصعيد من أزمة محلية لتصبح أزمة إقليمية.

يبقى أهم القوى هو الجيش، الذي سيكون له دور مهم في تحديد موقعه في معادلة صعبة مع أي طرف سيكون، خاصة بعد سعي بعض الأطراف من أجل تحقيق انقسامات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، ما يؤكد أن الولايات المتحدة قد تسعى هي الأخرى إلى الخيارات العسكرية كحل نهائي وجذري.

لكن يبقى استمرار نظام مادورو الأفضل لدول الشرق الأوسط، خاصة لعلاقته بتركيا اقتصادياً، ومساندته للقضايا العادلة مثل القضية الفلسطينية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

الكلمات المفتاحية :