تركيا-وزن-انتخابات-البلدية-الأخيرة-في-مسار-حزب-العدالة-والتنمية

تركيا: وزن انتخابات البلدية الأخيرة في مسار حزب العدالة والتنمية

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-04-15

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

شهدت الساحة التركية جولات متتالية من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والاستفتاءات الشعبية، كان آخرها انتخابات البلديات التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي، والتي فاز فيها تحالف الشعب الذي يضم حزب العدالة والتنمية (الحاكم) وحليفه حزب الحركة القومية، حيث حصل على (51.64%)، في المقابل حصل تحالف الأمة، المكون من حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد (القومي) على (37.57%)، وتوزعت بقية الأصوات على أحزاب صغيرة أخرى. وتستمد هذه الانتخابات أهميتها من كونها آخر انتخابات حتى عام 2023.

وعلى الرغم من خسارة حزب العدالة وحليفه لمنصبي رئيسَي بلدية أنقرة وربما إسطنبول (التي لم تحسم بعد حتى تاريخ 15 ابريل 2019) فإنه قد سيطر على أغلبية مريحة من أعضاء مجلسي البلديتين (أنقرة وإسطنبول). غير أن تكتيك المعارضة والتنسيق بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد القومي وكذلك حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) هو العامل الذي فوت على العدالة والتنمية الفوز برئاسة البلديتين الكُبرَيين، وهذا ما يطرح التساؤل: هل يمكن أن تعد هذه النتيجة بداية لصعود المعارضة وتراجع العدالة والتنمية أم أنها مجرد عوامل يستطيع العدالة والتنمية معالجتها في المرحلة المقبلة؟

الانتخابات: السياقات والنتائج

جرت الانتخابات المحلية في أجواء محلية تنافسية شديدة، واهتمام دولي غير مسبوق، على الرغم من كونها مجرد انتخابات محلية، تقتضي التشارك في إدارة البلديات، وقد انعكست شدة المنافسات على نوعية الخطاب السياسي، ورهانات الأحزاب عليها، فقد عدها حزب العدالة والتنمية (الحاكم) نقطة مفصلية في نهضة تركيا، ودفع بشخصيات قيادية للمشاركة فيها؛ بهدف الفوز بما يمكنه من استكمال تحقيق استراتيجيته 2023 من خلال الانسجام بين الحكومة المركزية والبلديات، وخاصة أنقرة وإسطنبول، اللتين تتركز فيهما بعض المشاريع الكبرى.

في المقابل وجدت المعارضة الفرصة سانحة لإضعاف الحزب الحاكم من خلال استغلالها حالة ارتفاع الأسعار، وراهنت على الفوز بالبلديات الكبرى، ورأت في نتائجها بداية تقاسم الحكم مع حزب العدالة والتنمية.

وتأتي أهمية انتخابات البلدية من كونها تشكل فرصة للأحزاب التركية للاقتراب من احتياجات المواطن والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، ففي الوقت الذي يبدو فيه أن حزب العدالة والتنمية قد خسر منصب رئيس بلدية أنقرة وربما إسطنبول الكبرى فإن نتائج الانتخابات أعادت الثقة لأحزاب المعارضة، لكنها أيضاً عززت الثقة بالديمقراطية التركية ودور الناخبين، وأظهرت النتائج تبايناً في توجهات الناخبين، الذين أعطوا أصواتهم على مستوى البلديات الفرعية لحزب العدالة والتنمية، وامتنعوا عن التصويت لمرشحي الحزب على مستوى رئاسة البلديات، وعلى وجه التحديد في أنقرة وإسطنبول، وهو ما يرجح أن حالة التراجع على مستوى رئاسة البلديات تتعلق بالمرشحين أنفسهم.

جدول يتضمن أسماء الأحزاب المشاركة في الانتخابات والنتائج التي حصلت عليها

اسم الحزب
البلدية الكبرى
الولاية
القضاء
البلدة
المجموع
حزب العدالة والتنمية
15
24
535
202
776
حزب الشعب الجمهوري
11
10
191
51
263
حزب الحركة القومية
1
10
145
89
245
حزب الشعوب الديمقراطي
3
5
50
12
70
أحزاب أخرى
0
2
33
26
61
الحزب الجيد
0
0
19
6
25
المجموع
30
51
973
386

خسر حزب العدالة والتنمية ثماني بلديات على مستوى الولايات، بينها العاصمة أنقرة وإسطنبول الكبرى، لحساب منافسه الرئيسي حزب الشعب الجمهوري، إضافة إلى فقدانه سبع بلديات لحساب حليفه حزب الحركة القومية، بالمقابل فاز حزب العدالة بست بلديات جديدة لم تكن معه في الانتخابات الماضية، حيث انتزع اثنتين من حزب الشعب الجمهوري، وثلاثاً من حزب الشعوب الديمقراطي ذات الأغلبية الكردية، وبلدية واحدة من حزب الحركة القومية، ويعود فوزه في المناطق الكردية إلى عاملين؛ الأول تأمينهم من انتقام المتمردين الأكراد بعد أن بسطت الدولة نفوذها، والثاني يعود إلى المعالجات الاجتماعية؛ حيث اعتمد على القيادات العشائرية.

وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز حزب الشعب الجمهوري بثمان بلديات كبرى لم تكن لديه في الانتخابات الماضية، وهو ما رفع حصته إلى 21 بلدية من إجمالي 81 بلدية كبرى وصغرى، وتشكل مساهمات البلديات التي فاز فيها حزب الشعب الجمهوري في الاقتصاد التركي قرابة 62%.

ويحسب لحزب العدالة والتنمية فوزه بثلاث بلديات ذات أغلبية كردية، لما في ذلك من دلالة على نجاح سياساته وإداراته في مناطق جنوب شرق تركيا، تعود بالنفع العام على الدولة.

ومن جدول النتائج أعلاه يتضح أنه على الرغم من تقارب نسبة النتائج التي حصل عليها حزب الحركة القومية (7.31%) والحزب الجيد (7.45%) المنشق عنه، فإن الأخير لم يفز في أي بلدية، في حين فاز الأول في إحدى عشر بلدية.

جدول يتضمن البلديات التي خسرها حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات

م            
بلديات خسرها لحساب منافسه حزب الشعب          
م             
   بلديات فقدها لحساب حليفه الحركة القومية
1
أنقرة
1
كرمان
2
إسطنبول (لم تحسم بعد)
2
تشانكري
3
أنطاليا
3
أماسي
4
أرداهان
4
زنجان
5
بولو
5
بايبورت
6
أرتفين
6
كاستمونو
7
بيلجيك
7
كوتاهيا
8
كيرشهير

جدول يتضمن البلديات التي فاز بها حزب العدالة والتنمية على حساب منافسيه ولم تكن معه من قبل

م          
على حساب حزب الشعب الجمهوري  
على حساب حزب الشعوب الديمقراطي
على حساب حليفه حزب الحركة القومية
1
زونغلداك
شرناق
أسبارطة
2
غيرسون
بيتليس
3
آغري

العاصمتان (أنقرة وإسطنبول)

بقدر ما تشكل خسارة العاصمة أنقرة بمكانتها السياسية ضربة مؤلمة لحزب العدالة والتنمية، فإن خسارة إسطنبول التي تعد العاصمة الاقتصادية لا تضاهيها خسارة، لكونها المرتكز الذي صعد عليه حزب العدالة والتنمية إلى السلطة برئاسة رئيسه رجب طيب أردوغان، الذي وثق به الشعب التركي بعد الإنجازات التي حققها في أثناء رئاسته لبلدية إسطنبول الكبرى، وهذه المرة الأولى التي يخسر حزب العدالة والتنمية بلديتي أنقرة وإسطنبول منذ صعد إلى السلطة عام 2002.

وعلى الرغم من خسارة رئاسة بلديتي أنقرة وإسطنبول الكبرى، فإن تحالف الشعب (حزب العدالة والتنمية والحركة القومية) حصل على الأغلبية في مجلسي البلديتين، ففي أنقرة حصل على 105 أعضاء مقابل 42 لتحالف الأمة (حزب الشعب والحزب الجيد)، وفي إسطنبول 180 للأول مقابل 135 للثاني.

لا يزال حزب العدالة والتنمية يأمل الفوز برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى؛ حيث تقدم للجنة العليا للانتخابات بطلب إعادة الانتخابات فيها بعد أن رفضت طلبه السابق بإعادة فرز كل الأصوات، وحجته أنه جرت تلاعبات فيها، وأن مرشحه حصل على 14 ألف صوت عند إعادة فرز 5% فقط من إجمالي الأصوات، وهو ما قلص الفارق مع مرشح حزب الشعب الجمهوري إلى 14 ألف صوت تقريباً.

وتجدر الإشارة إلى أن حصيلة حزب العدالة والتنمية في إسطنبول زادت بمقدار 1% عن نتائج الانتخابات الماضية، لكن مرشح حزب الشعب الجمهوري استطاع الحصول على 18,68% زيادة على النسبة التي حصل عليها حزبه في عموم تركيا، والمقدرة بـ30.12%، حيث حصل على نسبة 48.80%، ومن ثم فإن مما لا شك فيه أنه تمكن من الحصول على أصوات كثيرة من خارج حزبه، وكذلك حليفه الحزب الجيد 7.45%، وهي تقارب النتيجة التي حصل عليها مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الماضية محرم إنجه.

العوامل المؤثرة في النتائج

تتعدد العوامل المؤثرة في نتائج الانتخابات، فلا يمكن وضع دوافع الناخبين التصويتية في خانة واحدة، نظراً إلى تعدد الخلفيات السياسية والإيديولوجية والتباين في الأولوية والاهتمامات، وفي مجتمع شديد التأطير السياسي لكل حزب قاعدته شبه الثابتة، إضافة إلى محدودية شريحة الناخبين غير المؤطرة والتي يؤثر فيها العامل الاقتصادي ونوعية المرشحين.

ففي المدن الكبرى يزداد تأثير العامل الاقتصادي في الاستقطاب السياسي، لحساسية الأول بالنسبة إلى استحقاقات تكاليف المعيشة، في الوقت الذي يمكن أن يتفهم المواطنون في المدن الأخرى والأرياف خطاب الحزب الحاكم ومسوغاته.

كذلك فإن شخصيات مرشحي الحزب الحاكم وإعادة تدوير بعضهم كان لها دور مؤثر في توجهات الناخبين ودافعية كوادر وأعضاء الحزب نفسه، حيث يُعتقد أن اختيار مرشح الحزب لرئاسة أنقرة القادم من ولاية قيصري كان سبباً في إحجام سكان البلدية عن التصويت له. كذلك لم يرق لكثير من منتسبي العدالة والتنمية خطاب الحملة الانتخابية واعتبارها مسألة وجودية وأن المنافسين أعداء، وصعود الهواجس الأمنية في توجهات حزب العدالة على الأداء الاقتصادي، إضافة إلى زيادة نشاط الرئيس، سواء على الصعد الرسمية أو الحزب بعد عودته لرئاسته، حيث يقال إن شخصيته وأدواره طغت على الشخصيات الأخرى التي تشغل مناصب على مستوى الوزارات والبلديات والحزب وعلى أدوارها، بالإضافة إلى إضعاف أو إقصاء بعض مؤسسي الحزب.

كما أن المعارضة بمختلف توجهاتها ومصالحها المتقاطعة أدارت حملتها الانتخابية حول ضرورة التعاون للحد من سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان، ومطالبة الناخبين بالتصويت ضد العدالة والتنمية. ويعد العامل الاقتصادي من أكثر العوامل الملامسة لاحتياجات المواطنين الأتراك، وخاصة الفئة الناخبة غير المؤدلجة، والتي عادة ما ترجح كفة الأحزاب المتنافسة، وقد شهدت السوق التركية ارتفاعاً طفيفاً في أسعار بعض السلع، فضلاً عن تراجع سعر الليرة التركية مقابل الدولار حيث فقدت العملة (الليرة) 40% من قيمتها العام الماضي.

السيناريوهات

الأبعاد السياسية للانتخابات البلدية أخرجتها من مستواها المحلي وحدود صلاحياتها، إلى بعد يتعلق بمستقبل الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، ويعود ذلك ربما إلى ما يشبه القاعدة التركية، بأن من يفوز في بلدية إسطنبول يفوز بتركيا، إضافة إلى رهانات الدول التي تخشى من استمرار صعود تركيا في ظل قيادة الحزب الحاكم.

تتلخص سيناريوهات تداعيات نتائج الانتخابات على حزب العدالة والتنمية في سيناريوهين اثنين:

 السيناريو الأول: تداعيات محدودة

يعتمد هذا السيناريو على فرضية أن نتائج الانتخابات طبيعية؛ فقد سبق أن حصل الحزب على مثلها واستطاع استعادة قدرته في الانتخابات اللاحقة، كما حدث في الانتخابات البرلمانية 2015، إضافة إلى أن خسارة العدالة والتنمية مشكوك فيها أصلاً، والقصور الذي حدث- بحسب ما جاء في خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان- ناتج عن عدم التعريف بالمرشحين وبرنامج الحزب بشكل أفضل. ومن ثم فالحزب قادر على إحداث مراجعة وتقييم وتصحيح أوضاعه، ويتمتع بمرونة وأفضلية مقارنة بخصومه، فضلاً عن أن المعارضة لا يجمعها سوى موقفها من الرئيس أردوغان، ومن ثم فإنها لم تدخل في إطار تحالف استراتيجي؛ فحزب الشعب الجمهوري (العلماني) يقف بين حليفين له كل منهما عدو للآخر، وهما حزب الجيد وهو قومي تركي، وحزب الشعوب الديمقراطي وهو قومي كردي.

السيناريو الثاني: نهاية مرحلة الانفراد بالحكم

يفترض هذا السيناريو أن نتائج الانتخابات تتقارب مع النتائج السابقة للحزب، وأن التنسيق بين المعارضة قد تعمق، ومن ثم فقد تكون النتائج مؤشراً كبيراً على أن عهد الصعود لحزب العدالة والتنمية في السلطة قد بلغ الحد الأقصى، وبدأت مرحلة الضعف التدريجي ونهاية مرحلة انفراد الحزب بالحكم، باعتبار صعوبة قدرة الحزب على تعويض الخسائر وتحقيق الفوز كالسابق، في ظل تعدد المشكلات الداخلية وتزامنها مع التحديات الخارجية، إضافة إلى قدرة منتسبي المعارضة على التصويت لمرشح واحد في مقابل مرشح الحزب الحاكم.

الكلمات المفتاحية :