أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، السبت 25 أبريل/ نيسان (2020)، الإدارة الذاتية وفرض حالة الطوارئ في محافظات جنوب اليمن، وأبرزها عدن، العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية، أعقبه بإجراءات تؤكد مضيه في خطواته الهادفة إلى تقسيم اليمن.
وقد قوبل قرار المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من دولة الإمارات، بردود فعل محلية ودولية كانت في مجملها منددة ورافضة له؛ إذ رفضت ست سلطات محلية “معنية بالقرار”، من إجمالي ثمان، ما أقدم عليه المجلس الانتقالي الجنوبي، وأكدت تمسكها بالشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي.
من جهته أعلن التحالف العربي ضرورة إلغاء أي خطوة تخالف اتفاق الرياض، في إشارة إلى إعلان المجلس الإدارة الذاتية، وأوضح أنه اتخذ خطوات عملية لتنفيذ الاتفاق الذي يمثل الإطار الذي أجمع عليه الطرفان (الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي)، وبعد خمسة أيام (1 مايو/أيار) من التصعيد رحب المجلس الانتقالي، على لسان الناطق الإعلامي باسمه، ببيان التحالف العربي. غير أن صيرورة الأحداث منذ تشكيل المجلس الانتقالي تشير إلى سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تغيير المعادلات وفرض أمر واقع على الأرض.
يبحث تقدير الموقف في مضمون إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي “الإدارة الذاتية”، ودوافعه، والتطورات السياسية والعسكرية، وآفاق التصعيد في اليمن.
مضمون الإعلان
تضمن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سبعة إجراءات، بعد أن بررها بعدم صرف الحكومة اليمنية رواتب قواته والمتقاعدين، والتوقف عن دعم الجبهات العسكرية، ورعاية أُسر الشهداء، وتردي الخدمات العامة، إضافة إلى تأجيج التناحر ودعم الإرهاب. والإجراءات السبعة هي:
أولاً: إعلان حالة الطوارئ العامة في العاصمة عدن وعموم محافظات الجنوب، وتكليف القوات العسكرية الجنوبية (التابعة للمجلس الانتقالي) بالتنفيذ ابتداء من 25 أبريل/نيسان 2020.
ثانياً: إعلان الإدارة الذاتية للجنوب، ابتداء من منتصف ليلة السبت 25 أبريل/نيسان 2020، ومباشرة لجنة الإدارة الذاتية أداء عملها وفق المهام المحددة.
ثالثاً: دعوة الجماهير للالتفاف حول قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
رابعاً: تشكيل لجان رقابة على أداء المؤسسات العامة، ومكافحة الفساد، والتنسيق في ذلك مع رئيس الجمعية الوطنية ورؤساء قيادات المجلس في المحافظات.
خامساً: تكليف اللجان الاقتصادية والقانونية والعسكرية والأمنية في المجلس بتوجيه أعمال الهيئات، لتنفيذ الإدارة الذاتية.
سادساً: دعوة محافظي المحافظات الجنوبية ومسؤولي المؤسسات العامة من أبناء الجنوب إلى الاستمرار في أعمالهم.
سابعاً: دعوة التحالف العربي والمجتمع الدولي إلى دعم إجراءات المجلس في الإدارة الذاتية.
يلاحظ استخدام المجلس الانتقالي مصطلح “الإدارة الذاتية” المعمول به في شمال سوريا، التي تحظى بدعم بعض الدول بذريعة مكافحة الإرهاب، محاولاً- أي الانتقالي- الاستفادة من تلك التجربة، والتحايل على ضرورة الاعتراف الدولي والتقليل من التبعات السياسية والقانونية في حال أعلن الانفصال، وإن كان يؤكد مضيه في سبيل تحقيقه.
دوافع المجلس الانتقالي الجنوبي
– الهروب من استحقاقات اتفاق الرياض الموقع في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، خاصة ما يتعلق بالشق العسكري المتمثل بتسليم السلاح ودمج الأحزمة الأمنية التابعة له.
– الخشية من تراجع شعبيته في المحافظات الموجود فيها، وقد تجلى ذلك في تصريح أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية في المجلس الانتقالي، (26 أبريل/نيسان)، عن المظاهرات والمؤامرات التي تشهدها عدن.
– منع رئيس الحكومة وبعض الوزراء من العودة إلى عدن، وإعادتهم من مطار الرياض قبل إعلان المجلس بيومين، وحينها رُبط المنع بسماح التحالف لبعض قياداته بالعودة إلى عدن التي منعت في أثناء محاولتها مغادرة مطار عمّان، في 11 مارس/آذار 2020.
– اعتقاده أن الفرصة مواتية لتثبيت سيطرته على بعض المحافظات الجنوبية بسبب ضعف الحكومة اليمنية، وصراعات أعضائها، وخسائر الجيش الوطني لمنطقة نهم، وانشغال المجتمع الدولي بمكافحة جائحة كورونا.
– من المتوقع جداً أن دولة الإمارات دفعته، لخشيتها من انحسار نفوذها في المحافظات الجنوبية والشرقية لحساب السعودية، التي تسلمت إدارة التحالف في تلك المناطق، خصوصاً أن قيادات الانتقالي موجودة في أبوظبي.
المواقف المحلية
تأثرت المواقف المحلية الشعبية والنخبوية بمضمون إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي وسياقاته، فقد كان مضمون الإعلان (الإدارة الذاتية للجنوب) انقلاباً على وظائف الحكومة اليمنية وسيادة دولتها. وجاء إعلان الانتقالي في غياب مقدمات تدعمه؛ كمظاهرات تطالبه بإعلان الإدارة الذاتية.
الحكومة اليمنية
اعتبرت الحكومة اليمنية (26 أبريل/نيسان) إعلان المجلس الانتقالي تمرداً واضحاً عليها، وانقلاباً صريحاً على اتفاق الرياض ومؤسسات الدولة، وحمَّلت المجلس الانتقالي وقيادته مسؤولية عدم تنفيذ اتفاق الرياض، والانقلاب الكامل في 25 أبريل/نيسان 2020، ودعت الحكومة تحالف دعم الشرعية إلى تحمل مسؤولياته التاريخية تجاه وحدة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية، ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية إلى إدانة انقلاب المجلس الانتقالي.
السلطات المحلية
مثلت مواقف السلطات المحلية في المحافظات الجنوبية حجر الزاوية بوصفها المعنية بالإدارة الذاتية، حيث أعلنت ست سلطات محلية من ثمان، هي: شبوة، وحضرموت، وأبين، والمهرة، وسقطرى، ولحج؛ رفض بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن إدارة ذاتية لجنوب اليمن، وفرض حالة الطوارئ، وعدته انقلاباً على الشرعية واتفاق الرياض، والمحافظتان الأخيرتان- عدن والضالع- يسيطر عليهما الانتقالي.
وقد عزز من مواقف السلطات المحلية غياب المظاهرات الشعبية المؤيدة للمجلس الانتقالي، باستثناء مظاهرتين شهدتهما مديريتا غيل باوزير والمكلا بساحل حضرموت. وبدورها أيدت مرجعية حلف قبائل حضرموت الوادي والصحراء بيان محافظ حضرموت، وبيان وكيل المحافظة لشؤون الوادي والصحراء، الرافضَين لبيان المجلس الانتقالي والداعمين للشرعية الدستورية.
الأحزاب السياسية
أعلن التحالف الوطني للقوى السياسية اليمنية (13 حزباً) رفضه التام لإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية، وعدَّه تمرداً صريحاً على الدولة اليمنية، وتعدياً على صلاحيات رئيس الجمهورية، ونكوصاً متعمداً عن اتفاق الرياض.
ودعت الأحزاب الموقعة على البيان (المؤتمر، والإصلاح، والرشاد، والعدالة والبناء، وحركة النهضة، والتضامن الوطني، والقوى الشعبية، والبعث العربي الاشتراكي، والسلم والتنمية، والشعب الديمقراطي، والجمهوري، وجبهة التحرير، والتنظيم السبتمبري)؛ السعودية “لبذل المزيد من الجهود لدعم تنفيذ اتفاق الرياض، ودعم الحكومة فيما تتخذه من إجراءات لاستعادة الدولة وصيانة الوحدة الوطنية للبلاد”.
لاحقاً أصدر الحزب الاشتراكي اليمني بياناً يدعو المجلس الانتقالي إلى “التخلي عن بيانه”، والسلطة الشرعية إلى ضبط النفس والعمل معاً على مباشرة تنفيذ اتفاق الرياض.
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عدَّ إعلان الانتقالي “حلقة جديدة في مسلسل التمرد والانقلاب على الشرعية الذي بدأت حلقاته في أغسطس/آب 2019، وانقلاباً سافراً على اتفاق الرياض”.
من جهتها امتنعت جماعة الحوثي عن تحديد موقف رسمي من إعلان الانتقالي، باستثناء بعض التغريدات بتويتر لبعض قياداتها، مثل محمد علي الحوثي، رئيس ما تُسمى اللجنة الثورية 26 أبريل، الذي غرد متسائلاً: “من المعرقل لاتفاق الرياض؟ لا تذهبوا نحو الأضعف لوصفه بالتمرد، أو إعلان عاصفة جديدة ضده، قبل المكاشفة إن كنتم تحبون الجنوب كما تدعون؟!”، وجدد المطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض.
مضمون تعاطي إعلام جماعة الحوثي وناشطيها يصب في مصلحة الانتقالي، ويشير إلى التخادم فيما بينهم، ومصلحتهم المشتركة في تقويض الحكومة الشرعية، وتثبيت سيطرتهم على الأرض. وكانت فصائل الانتقالي منعت وصول الأسلحة التي أرسلت للجيش والمقاومة بمحافظة البيضاء، ونهبتها.
المواقف الإقليمية والدولية
أعلنت جامعة الدول العربية، ببيان في 27 أبريل/نيسان، رفضها إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، وأكدت أن “وحدة الأراضي اليمنية تُعد حجر الزاوية في موقفها من الأزمة في البلاد”.
مجلس التعاون الخليجي دعا لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، ووقف أي نشاطات أو تحركات تصعيدية. وضرورة عودة الأوضاع في عدن إلى سابق وضعها.
ورفض التحالف العربي بقيادة السعودية (27 أبريل/نيسان 2020) إعلان المجلس الانتقالي “الإدارة الذاتية”، وأكد ضرورة عودة الأوضاع إلى سابق وضعها، وضرورة إلغاء ووقف أي خطوة تصعيديّة تخالف اتفاق الرياض.
بدوره أعرب مجلس الأمن الدولي، ببيان في 29 أبريل/نيسان 2020، عن قلق بالغ إزاء إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي بشأن الإدارة الذاتية في جنوب اليمن، وشدد أعضاء المجلس على الالتزام القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعوا إلى التعجيل بتنفيذ اتفاقية الرياض.
السعودية استنكرت ما أقدم عليه المجلس الانتقالي الجنوبي، وعدته مفاجئاً ومقوضاً لاتفاق الرياض، داعية المجلس إلى التراجع عن خطواته، والعودة إلى تنفيذ اتفاق الرياض. وشدد بيان مجلس الوزراء، المنعقد برئاسة الملك سلمان (29 أبريل/نيسان)، على ما جاء في بيان التحالف العربي، ودعا المجلس الانتقالي للعدول عن قرار الإدارة الذاتية.
وفي تويتر يبدو أن وسم (هاشتاغ) #سود-الله-وجه-الخيانة، الذي دشنه إعلاميون وشخصيات سعودية محسوبة على الحكومة وشارك فيه الآلاف؛ لم يكن يستهدف المجلس الانتقالي الجنوبي وحسب، بل وداعميه، وهي إشارة قد يقصد بها الإمارات التي تفاخر بدعم المجلس. وركز محتوى التغريدات على “نقض تعهدات اتفاق الرياض، ورفع السلاح بوجه القوات السعودية، وخيانة العهد والوعد، ونشر الفوضى، والطعن في الظهر”.
لذلك تبدو علاقة السعودية بالمجلس الانتقالي قد دخلت مرحلة توتر، عززت شكوك السعودية بالمجلس وشبهة علاقاته الإقليمية، وخطورتها على أمنها القومي.
الإمارات تتبنى سياسات تصعيدية بوجه الحكومة اليمنية، لكنها تحاول إرضاء السعودية في خطابها الإعلامي، وتحاول فرض تغييرات بقوة السلاح لمصلحة الانتقالي على حساب وحدة اليمن وتعهدات السعودية بالحفاظ عليه ودعم الحكومة الشرعية، فعلى الرغم من أن رئيس المجلس الانتقالي ونائبه، وبعض القيادات، مقيمون في أبوظبي؛ فقد دعت الإمارات (27 أبريل/نيسان) المجلس إلى التراجع عن إعلان الإدارة الذاتية، وقالت إنها تعارض أي تغيير من طرف واحد في اليمن.
يبدو واضحاً أن الإمارات رغم تقليل وجودها العسكري في جنوب اليمن ما زالت حريصة على توظيف المجلس الانتقالي وفقاً لمصالحها والحفاظ على نفوذها، خاصة بعد تكثيف السعودية لأنشطتها الإغاثية وزيادة قواتها العسكرية.
وصفت بريطانيا القرار، على لسان سفيرها مايكل آرون، بأنه “يقوض الاستقرار”، معرباً عن أمله أن “يتعاون المجلس مع السعودية ويستأنف المناقشات مع الحكومة اليمنية بشأن التنفيذ الكامل والسريع لاتفاق الرياض”. وتعد بريطانيا أكثر الدول اهتماماً بالتسوية السياسية في اليمن.
أمريكا عبرت عن قلقها من خطورة قرار المجلس الانتقالي، وحذر وزير خارجيتها مايك بومبيو من تبعاته. ودعا سفيرها في اليمن، كريستوفر هنزل، (في ٢٨ أبريل/نيسان)، “المجلس الانتقالي الجنوبي” إلى العودة إلى العملية السياسية المنصوص عليها في اتفاق الرياض.
أما عن روسيا فقد حاولت قيادة المجلس الانتقالي انتزاع موقف روسي يؤيد، أو يبدي تفهمه على الأقل لإعلانه الإدارة الذاتية، فأجرى رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، اتصالاً بنائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، من محل إقامته في العاصمة الإماراتية أبوظبي، لكن المسؤول الروسي أكد ثبات نهج دولته المتمسك بإيجاد حلول للقضايا في اليمن من خلال حوار شامل بين اليمنيين بمساعدة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، مارتن غريفيث. وانعكس الموقف الروسي عملياً في بيان مجلس الأمن الرافض لإعلان الانتقالي.
الصين دعت من خلال سفارتها لدى اليمن (28 أبريل/نيسان) إلى العودة لتنفيذ اتفاق الرياض فوراً، بوصفه الطريق الصحيح الوحيد لحل القضية الجنوبية اليمنية، ويراعي مصالح الشعب اليمني كله. كما أكدت الصين دعمها الحل السياسي للقضية اليمنية على أساس المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن خاصة 2216).
المحصلة
غياب المواقف الدولية المؤيدة للإدارة الذاتية التي أعلنها المجلس الانتقالي الجنوبي تكشف عن ثبات الموقف الدولي المتمسك بوحدة وسيادة اليمن وفق القرارات الدولية، وفشل قيادة الانتقالي في انتزاع أي موقف لمصلحته، رغم الإمكانيات التي وفرتها له دولة الإمارات، والتمثيل الذي اكتسبه في اتفاق الرياض، ويرى مراقبون أن إجراءات قيادة المجلس وخطاب مسؤوليه وإعلامييه بيَّن خطورة ما يمكن أن يشكله مستقبلاً على الدول الإقليمية، خصوصاً جوار اليمن (السعودية وعمان)، في حال استتبت سيطرته على عدن ومحافظات جنوب اليمن، معيداً للأذهان تجربة حكم الحزب الاشتراكي اليمني لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل عام 1990، وعلاقاته السيئة بدول الجوار.
يؤخذ على المواقف الدولية غياب لغة التهديد لمعرقلي عملية الانتقال السياسي ومهددي وحدة اليمن وسلامته وسيادته، التي انتهكها المجلس الانتقالي، كما نصت عليها القرارات الدولية، وأبرزها 2216.
السيناريوهات
تبدو سيناريوهات التطورات السياسية والعسكرية في اليمن بعد إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الإدارة الذاتية امتداداً لحالة مراوحة الصراع في اليمن، وفشل اتفاق الرياض، وذلك وفقاً لمحددات اختلال موازين قوى الأطراف المحلية التي تعاني جميعها الضعف وغموض أداء السعودية.
السيناريو الأول: العودة الشكلية لتنفيذ اتفاق الرياض
ينطلق هذا السيناريو من فرضية قبول المجلس الانتقالي الجنوبي العودة لتنفيذ اتفاق الرياض، وفقاً لترحيبه الذي أعلنه في 1 مايو/أيار، مع توقع استمرار إحداث تغييرات في آليات تنفيذ الاتفاق قد تطول جدوى مضمونه. ويهدف الانتقالي وداعموه في حالة المشاركة بالحكومة إلى محاولة إضعافها وتعطيل مواقفها تجاهه، والتعامل معها كمحطة تسوقه دولياً.
يعزز هذا السيناريو ردود الفعل المحلية والدولية المنددة بإعلان المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية، ورغبة السعودية في نجاح وساطتها، ولو شكلياً، خصوصاً لأنها تعتقد بقدرتها على الضغط على الحكومة اليمنية.
يضعف هذا السيناريو فشل تجارب التسويات السابقة، واستمرار المجلس الانتقالي في فرض إجراءاته العملية على الأرض، خصوصاً الاستيلاء على إيرادات الحكومة ومؤسساتها في العاصمة المؤقتة عدن، وكذلك تحشيده العسكري ومحاولته بسط سيطرته على محافظة أرخبيل سقطرى، وخطابه المزدوج المرحب بالعودة لتنفيذ الاتفاق والمتعهد بتحقيق الانفصال.
السيناريو الثاني: فشل التوصل إلى تسوية دائمة
يفترض هذا السيناريو ضعف قدرة السعودية على إقناع المجلس الانتقالي الجنوبي أو ممارسة الضغوط عليه وعلى الإمارات الداعمة له لثنيه عن قراره في الإدارة الذاتية، وتنفيذ التزاماته في اتفاق الرياض، وهو ما قد يؤدي إلى عودة المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وفصائل المجلس الانتقالي، خصوصاً في محافظة أبين المحاذية للعاصمة المؤقتة لليمن (عدن)، وستتوقف نتائج المواجهات في المحطة الأولى على طبيعة الموقف السعودي، واحتمالية تدخل الإمارات عسكرياً، وولاء المنتمين لمحافظة أبين في صفوف المجلس الانتقالي، ومن جهة أخرى سيستمر الانتقالي في محاولة توسيع سيطرته على المحافظات الجنوبية، خصوصاً محافظة أرخبيل سقطرى ومدن ساحل حضرموت.
يتوقع أن تتجنب السعودية مواجهة المجلس الانتقالي، وتستمر في سياسة النفس الطويل ومحاولة احتواء الانتقالي ككل أو بعض تكويناته.
يعزز هذا السيناريو التباين الكبير في الأجندة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، ومن خلفه دولة الإمارات العربية المتحدة، وغياب الثقة والإرادة لدى الطرفين بالتوصل إلى تسوية دائمة.