الاحتجاجات في إيران ومصير النظام الحاكم الإيراني

الاحتجاجات في إيران ومصير النظام الحاكم الإيراني

وحدة الرصد والتحليل

|

2022-12-26

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2022-12-26

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2022-12-26

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

تشهد المدن الإيرانية احتجاجات شعبية متواصلة منذ السادس عشر من سبتمبر/أيلول الماضي، على إثر مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميري، شملت 140 مدينة وقرية إيرانية، وطالبت بإسقاط النظام وإنهاء الحكم المذهبي، وهو ما جعل الاحتجاجات تشكل تحدياً حقيقياً للنظام الحاكم في إيران.

يحاول تقدير الموقف البحث في سياقات الاحتجاجات الإيرانية على المستويين الداخلي والخارجي، مع التركيز على الأبعاد المختلفة لهذه الاحتجاجات، كما يحاول تقديم سيناريوهات تستشرف مآلات هذه الاحتجاجات وتأثيرها في النظام الحاكم في إيران.

سياقات الاحتجاجات في إيران

تعد الاحتجاجات ظاهرة حاضرة في المشهد الداخلي لإيران، سواء لتحسين الأوضاع المعيشية أو للمطالب الاجتماعية والسياسية الأخرى. وقد برزت احتجاجات متنوعة على الساحة الإيرانية، منها ما أصبحت تعرف بالثورة الخضراء، التي انطلقت فور إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية في العام 2009، كما اندلع عدد من الاحتجاجات المتتابعة ما بين 2017 و2021، كانت تحمل مطالب سياسية متنوعة.

وفي الـ16 من سبتمبر/أيلول الماضي اندلعت موجة من الاحتجاجات بعد تشييع جنازة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، التي قُتلت على يد شرطة الأخلاق الإيرانية، بحسب الرواية التي تداولها المحتجون عن ذويها. وقد تزامنت هذه الاحتجاجات مع جملة من السياقات الداخلية والخارجية:

السياقات الداخلية

جاءت الاحتجاجات الإيرانية متزامنة مع حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الداخل الإيراني، وهو ما أدى إلى ارتفاع سقف المطالب، حيث رأت الأقليات العرقية والمذهبية في الاحتجاجات القائمة فرصة للتعبير عن رأيها في النظام الحاكم، حيث تشكل العرقيات المختلفة في إيران (الأهواز والأكراد والبلوش والتركمان وغيرهم) جزءاً كبيراً من الحراك الشعبي، إذ ترى الأقليات القومية في الاحتجاجات الجارية فرصة للضغط على النظام لتحقيق مطالبها القومية وتحسين أوضاعها، ومنحها مزيداً من الصلاحيات في إدارة شؤونها الذاتية.

وقد أدى القمع الشديد الذي تمارسه السلطات الإيرانية على مناطق الأقليات على مدى عقود ماضية إلى زيادة كثافة الاحتجاجات في تلك المناطق، لتصبح منطلقاً لحراكٍ شعبيٍّ أكثر غضباً وأوضح تعبيراً في مطالبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث يُلاحظ في الاحتجاجات الجارية أن جميع القوميات متضامنةً معاً، بل إن القومية الفارسية (القومية الأساسية في إيران) تأثرت بحراك الأقليات، ووصلت الاحتجاجات إلى مدينة “قم” نفسها.

وتتميز الاحتجاجات الحالية عن سابقاتها، التي كانت ترفع شعارات بمطالب اقتصادية، في كونها احتجاجات شعبية ترفع شعارات بمطالب اجتماعية تتعلق بمسألة الحريات، فضلاً عن رفعها سقف المطالب السياسية لتتجاوز بذلك مسألة الإصلاحات إلى مسألة الإطاحة بالنظام، نظام ولاية الفقيه والنظام الحاكم الذي يراه المحتجون تابعاً لأوامر المرشد.

السياقات الخارجية

تتداخل الاحتجاجات الحالية في إيران مع عدد من الملفات المرتبطة ذات السياق الخارجي، ومن أهم تلك الملفات:

–   الحرب الروسية الأوكرانية والاتهام الغربي لإيران بدعم روسيا: وعلى الرغم من النفي الإيراني المستمر بشأن تزويد موسكو بالمسيرات، فإن واشنطن تصرح أن العلاقات الروسية الإيرانية في الوقت الحالي تتحول نحو “شراكة دفاعية كاملة“.

–   توقف المفاوضات النووية: إن التصريحات الرسمية الإيرانية التي تتهم أطرافاً خارجية بدعم الاحتجاجات ربما تأتي في إطار التغطية على تعثر المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، فقد جُمِّدت المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني منذ أشهر، وأشارت تصريحات وزير خارجية إيران، حسين عبد اللهيان، في لقاء صحفي عقب القمة الإقليمية التي يستضيفها الأردن في شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى أن الولايات المتحدة اتخذت “إجراءات محتالة بشأن الاتفاق النووي تعارض تصريحاتها السابقة خلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية“.

 ويعد هذا أحدث تصريح إيراني رسمي بشأن مباحثات الملف النووي في ظل تعثر المباحثات بشأنه، نتيجة العثور على آثار مواد نووية في ثلاثة مواقع إيرانية غير معلنة، وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة مؤشراً على عدم وفاء إيران بالتزاماتها بالاتفاق النووي. وفي المقابل، فإن الأوضاع المتأزمة داخل إيران تتيح استغلالها من قبل القوى المشاركة في المباحثات النووية للضغط على الحكومة الإيرانية للقبول بالاتفاق النووي والموافقة على مطالب القوى الغربية في الاتفاق، وعلى رأسها المطالب الأمريكية.

–   توقف المباحثات الدبلوماسية الإيرانية السعودية: إذ زعمت طهران أن السعودية لها دور في التحريض على الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الحاكم في إيران، وهو ما انعكس سلباً على محاولات تحسين العلاقات بين طهران والرياض التي شهدها العام الماضي بعد محادثات مباشرة بين الجانبين بوساطة عراقية. وربما تكون طهران قد اختارت التصعيد ضد السعودية سواء عبر المباحثات الدبلوماسية أو عبر تحركات ميدانية.

وهذا الأمر ربما تتصاعد آثاره بين الجانبين، فقد ذكر موقع “بوليتيكو” عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، “أن إيران تخطط لشن هجوم على السعودية لاستهداف البنية التحتية للطاقة في المملكة على الأرجح“. وقبل ذلك نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في ذات الشهر، عن مسؤولين سعوديين وأمريكيين أن واشنطن حذرت الرياض من هجوم إيراني وشيك على أهداف سعودية، وهو ما نفته طهران.

أبعاد الاحتجاجات في إيران

يشير أحد أبرز المظاهر العلنية في الاحتجاجات الأخيرة في إيران إلى أن الخوف لم يعد موجوداً في أوساط الفئات المختلفة للمحتجين، وعكست فجوة كبيرة تعيشها إيران بين النظام الحاكم المعتمد على الهوية المذهبية والبعد العرقي والقمع الشديد للمخالفين، وبين المجتمع الإيراني وفئاته المختلفة المتطلعة إلى تغيير أفضل في الحياة العامة وانفتاح أكثر على شروط الثقافة العالمية.

ومن أهم الأبعاد المرتبطة بالاحتجاجات في إيران الآتي:

الأبعاد السياسية

تعيش السلطات الحاكمة في إيران تحدياً حقيقياً وإن كان غير معلن بشأن خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي، فالرجل الذي مكن نفسه من رأس السلطة في البلاد واستخدم سياسة تهميش معظم منافسيه، أصبح كبيراً الآن، ويعاني عدة أمراض، وهو ما جعل من اختيار بديل له أزمة تهدد نظام حكم رجال الدين القائم في البلاد منذ عام 1979.

إذ ليس هناك اتفاق بشأن شخصية تخلف خامنئي وتكون قادرة على الحفاظ على النظام والثورة، فضلاً عن تنامي حالة الرفض والمعارضة من قبل عدد من الشخصيات المتدينة والبارزة في الثورة الإيرانية، ومن أمثال هؤلاء آية الله محمود أمجد، أحد رجال الدين البارزين والمعروف بهويته الإصلاحية في إيران، والذي قال إن خامنئي هو المسؤول عن إراقة الدماء في إيران منذ 2009.

وقد أثارت حالات إعدام المحتجين الأخيرة تصريحات لعدد من مرجعيات حوزة قم، ومنها التصريحات التي عارض فيها مرتضى مقتدائي، أحد أعضاء جمعية مدرسي الحوزة العلمية ورئيس سابق للمحكمة العليا، أحكام الإعدام، وتصريحات محسن كديور، وهو مفكر ديني ومعارض شديد لعقيدة حكم رجال الدين في إيران، التي أشار فيها إلى أن الإعدامات في إيران يديرها بشكل رئيسي خامنئي، إضافة إلى تصريحات بدري حسيني خامنئي، شقيقة علي خامنئي، في 8 ديسمبر/كانون الأول، بعد الحكم على ابنتها فريدة مرادخاني بالسجن 15 عاماً. وتكشف كل هذه التصريحات عن مشكلة تواجه نظام حكم رجال الدين في إيران، وهو ما قد يساهم في استمرار زخم الاحتجاجات وتوسع رقعتها.

وقد رجح تقرير لموقع “إنترسيبت” الأمريكي أن “الأزمة يمكن أن تؤدي إلى زيادة دور الحرس الثوري الإسلامي، وربما القيام بدور مباشر في حكم البلاد“؛ وذلك نظراً لأن الحرس الثوري – وفق ما وصفه التقرير – هو الجهة الوحيدة التي تمتلك عناصر القوة للقيام بدور مباشر في السياسة الإيرانية في حال وفاة خامنئي، وضعف السلطات الدينية في الوقت الحالي عن إجراء إصلاحات حقيقية تلبي طموحات المحتجين.

أما بالنسبة للسلطة السياسية القائمة التي جاءت في أغسطس/آب 2021 فقد بدت عاجزة عن الوفاء بوعودها الانتخابية، وغير قادرة على التعامل مع الأزمات الداخلية، وهو ما استغله التيار المعارض لها (التيار الإصلاحي في إيران)، بعد أن وجه للتيار المحافظ عدداً من الاتهامات، أبرزها اعتماد سياسة خاطئة في مواجهة المطالب الشعبية، وهو ما قاد البلاد إلى سلسلة من الأزمات المتلاحقة، وكذلك اتهم التيار الإصلاحي الحكومة الحالية بقلة الخبرة في التعاطي مع الملفات الخارجية، لعل أهمها الملف النووي الإيراني.

ويحاول الإصلاحيون من توجيه الانتقادات للمحافظين الحصول على دعم شعبي أكبر لهم، واستعادة مكانتهم على الساحة السياسية بعد التهميش الذي وقع بهم، وعدم تمكنهم من التقدم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مطلع 2020؛ نتيجة قرارات المحافظين برفض آلاف طلبات الترشح لعدد كبير من المعتدلين والإصلاحيين. ومن ثم فإن التيار الإصلاحي يسعى إلى استثمار الاحتجاجات الحالية لتدعيم موقفه في الانتخابات القادمة، وتحقيق أهدافه المستقبلية بشأن الحكم في البلاد.

إلا أن الاحتجاجات الحالية لا تزال غير متبلورة في رؤية واضحة وهيئة ثورية واحدة، ولا تزال متنوعة في إداراتها لدرجة تكون أقرب إلى الثورة الشعبية غير المنظمة، وهو ما يصعب رغبة التيار الإصلاحي في استثمار الاحتجاجات الجارية.

الأبعاد الاقتصادية

أدت العقوبات الأمريكية طوال السنوات الماضية إلى سوء الأحوال المعيشية للطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع الإيراني، وقد فاقمت جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية الضغوط الاقتصادية على المجتمع الإيراني، الذي أضحى يعيش وضع اقتصادياً متردياً يزداد سوءاً يوماً بعد آخر، وهو ما شكل نقطة مركزية يلتقي حولها المحتجون باختلاف قطاعاتهم.

وتأتي إيران الثالثة عالمياً في نسب التضخم لأسعار المواد الغذائية، حيث بلغت- بحسب التقريرالأخير للبنك الدولي – حوالي 84%، كما أن عموم فئات الشعب الإيراني تعاني سوء الخدمات الأساسية، وشحها في أحيان كثيرة، لا سيما خدمات الماء والكهرباء، التي شهدت انقطاعات طويلة في الفترة الأخيرة، وهو ما أدى إلى إطلاق احتجاجات على سوء الخدمات الحكومية في أعوام 2019 و2021 و2022.

الأبعاد الأمنية

صرح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في 10 ديسمبر/ كانون الأول،  أن “أحداث الشغب الأخيرة في إيران لها عدة أبعاد؛ منها البعد الأمني الذي تمكنت الجهات الأمنية من ضبطه”؛ أي إن السلطات الرسمية في إيران ترى في التحركات الشعبية أحداثَ شغب يجب التعامل معها بشدة، ولعل المحافظات الكردية في شمال غرب البلاد كانت الأكثر تعرضاً للقمع، بل إنها تحولت إلى ساحات معركة، بعد أن أرسلت السلطات الإيرانية قوات حربية إلى هناك، ومنعت من إيصال الدم إلى مستشفيات المدن، وقصفت الأحياء السكنية، واستخدمت الرشاشات ضد المحتجين، فضلاً عن قيامها بحملات المداهمة لاعتقال المحتجين في بيوتهم، وتم تبرير القصف العسكري على القرى الكردية أحياناً بمحاربة الإرهاب أو محاربة القوى الانفصالية.

وقد أشارت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، يوم السبت الموافق 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 469 شخصاً، بينهم 51 طفلاً و21 امرأة، منذ انطلاق الاحتجاجات في سبتمبر/أيلول، وهو ما يشير إلى معضلة حقيقية تواجهها السلطات الإيرانية بشأن الحراك الشعبي المتزايد، وتفضيل استخدامها للقمع الشديد بناء على أن الاحتجاجات أعمال عنف لا بد من إنهائها، إلا أن ذلك ربما لن يؤدي إلى وضع مستقر في إيران، نظراً لكون الحراك الاحتجاجي لا ينتهي إلا بتحقق مطالبه، وأن القمع يجعل تلك الاحتجاجات تتوقف مؤقتاً ثم تعاود الظهور مجدداً إلى السطح.

إضافة إلى ذلك، رافق الاحتجاجات في إيران عدد من التصريحات التي هاجمت فيها السلطات الإيرانية عدداً من الدول، واتهمتها بدعم الاحتجاجات الشعبية، فعلى سبيل المثال اتهمت إيران، على لسان القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، خمس دول بعينها بدورها في تأجيج الفتنة ضد الشعب الإيراني، وأوضح سلامي، في 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن “الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية شاركوا في مواجهة الجمهورية الإسلامية“.

ويبدو أن طهران تستهدف من تلك التصريحات التوجه نحو سياسة تصدير أزمة الاحتجاجات إلى الخارج، واتهام أطراف دولية بتحريك الاحتجاجات، وهو ما قد يحمل أبعاداً مرتبطة بإيجاد مبررات ضد الاحتجاجات تحت مظلة حماية الأمن القومي، ومن ثم تضعف تحركات المحتجين عن طريق القمع الشديد، وكذلك تصرف أنظار المواطنين المؤيدين للسلطة نحو اعتبار الاحتجاجات الخطر الذي يهدد الدولة والأمة الإيرانية ووجودها.

وفي المقابل، يشير حرص القوى الغربية على الدعم الرسمي للاحتجاجات الشعبية وفرض عقوبات مختلفة على قوى النظام ورموزه إلى المساعي الغربية في ضمان الحصول على الضغط الكافي لإجبار النظام الإيراني على القبول بالشروط الغربية، سواء فيما يتعلق بالمفاوضات النووية أو بالملفات الإقليمية الأخرى التي تنشط فيها الخارجية الإيرانية. ولكن لا يعني ذلك أن الرغبة الغربية- لا سيما الأمريكية- تسعى إلى إسقاط النظام في إيران، لكون ذلك مرتبطاً بالمعادلة الأمريكية للمسألة الإيرانية، والتي ربما لا تريد أن يكبر النظام الإيراني فوق ما هو عليه، ولا تريده أن يسقط تمامًا حتى يستمر بقاؤه فزاعة في المنطقة.

السيناريوهات

من أبرز السيناريوهات المحتملة لمآل الاحتجاجات ومصير النظام الحاكم في إيران:

سيناريو استمرار النظام وقمع الاحتجاجات

ويدعم هذا السيناريو:

–   اتباع سياسة القمع الشديد لتجاوز مطالب المحتجين، فضلاً عن امتلاك النظام خبرة واسعة في التعامل مع قمع الاحتجاجات ومحاصرتها.

–   التصريحات الحكومية شديدة اللهجة ضد المحتجين، واعتبارهم مثيري الشغب والمهددين للأمن القومي، ورفض الاعتراف بمطالبهم أو بوجود مظالم تستوجب المعالجة على الأقل.

–   فرض رقابة صارمة على وسائط الإنترنت، ولم تخفَّف حتى الآن.

–   حالات الإعدام التي وصلت إلى إمكانية تعرض 39 متظاهراً على الأقل لخطر الإعدام منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار النظام الحاكم في إيران في استخدام سياسة التخويف بالإعدام والأحكام الشديدة لقمع المحتجين.

ويضعف هذا السيناريو:

–   الأحوال الاقتصادية والمعيشية السيئة التي تزيد من الحراك الشعبي وتحول دون استقرار الحكومة والنظام الحاكم.

–   المساعي الغربية لفرض ضغوط على إيران للاستجابة للاتفاق النووي عبر دعم الاحتجاجات وفرض عقوبات ضد رموز الثورة والنظام تحت مبررات تتعلق بحقوق الإنسان.

سيناريو تقليص صلاحيات المرشد

يرى هذا السيناريو أن استمرار الاحتجاجات القائمة واتساع رقعتها قد يؤدي إلى إمكانية حدوث تغييرات في صلاحيات المرشد، وذلك بهدف تهدئة الاحتجاجات المستمرة، وتوحيد الصف الديني بعد تباين مواقف كثير منهم بشأن الأحداث الأخيرة.

ويدعم حصول هذا السيناريو:

–   إيران مقبلة على اختيار مرشد جديد للبلاد، ويُحتمل أن يكون من الصف الحديث للثورة الإيرانية لا من المشاركين الأوائل فيها.

–   هناك جدل داخل الحوزة الدينية في قم بشأن الاحتجاجات، وبدأت أصوات عدد من المراجع الدينية تتعالى بضرورة العودة إلى أهداف الثورة الإيرانية، وعدم استخدام العنف وتركز جميع السلطات بيد المرشد.

–   الدعم الغربي للاحتجاجات وفرضه العديد من العقوبات على رموز النظام والثورة في إيران، واستمرار الاحتجاجات تحت مطلب “الموت للديكتاتور”.

ويضعف العمل بهذا السيناريو:

–   صعوبة أن تتنازل السلطة الدينية ورموزها (المرشد) عن تمركز السلطة بيديها، بعد وضع استقر لمصلحتها أكثر من خمسين عاماً.

سيناريو فشل النظام الحاكم في معالجة الوضع وتوسع الاحتجاجات

يرجح هذا السيناريو استمرار الاحتجاجات وتوسع زخمها، دون أن تؤدي التحركات الرسمية لمعالجة الأوضاع المشتعلة في البلاد إلى أي نتيجة لإيقاف الاحتجاجات، والتي ربما ينتج عنها تغيرات في بنية النظام القائم في البلاد منذ 1979.

يدعم هذا السيناريو:

–   حالة الاحتقان الشعبي المتزايد على خلفية الأزمات الاقتصادية والمعيشية المستمرة منذ مدة دون إيجاد حلول بشأنها، وإخفاق الحكومة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية.

–   استمرار ارتفاع مستويات التضخم وتفشي البطالة بمعدلات كبيرة دون انخفاض، والتي ربما تستمر في الارتفاع مع عودة الولايات المتحدة إلى تشديد العقوبات على إيران نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي.

–   الانتقادات الموجهة للنظام من قبل التيار الإصلاحي وبعض الرموز الدينية يزيد من الحراك الشعبي.

ويضعف العمل بهذا السيناريو:

–   القمع الشديد الموجه ضد المحتجين قد يؤدي إلى ضعف مطالبهم وخفوتها مثل ما حدث في احتجاجات سابقة في إيران.

الخاتمة

أظهرت الاحتجاجات في إيران وجود تحدٍّ حقيقي من جانب المواطنين ضد السلطات الحاكمة في إيران، وتشير التصريحات، سواء المناوئة للنظام أو المؤيدة له، إلى نشوء حالة من القلق والاضطراب التي تشهدها إيران حالياً. وعلى الرغم من محاولات السلطات الحاكمة امتصاص الغضب المتزايد للمحتجين عبر إغلاق شرطة الأخلاق، ومساعيها لتصوير الاحتجاجات على أنها ضد شرطة الأخلاق التي قتلت “مهسا أميني”، لم تنخفض الاحتجاجات أو تَخفَّ مطالبها.

ومن الصعب توقع مصير الأوضاع الجارية في إيران وما ستؤول إليه، لكون الأحداث الجارية عبارة عن تحركات شعبية تتغير أحوالها بين حين وآخر، فضلاً عن عدد من العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في مسار الاحتجاجات، ولكن يمكن القول إن المشهد الداخلي لإيران بعد تأثير الاحتجاجات الحالية لن يكون كما كان عليه في السابق.

الكلمات المفتاحية :