|

العلاقات-الأمريكية-التركية_171212_111028

واشنطن وأنقرة | خلفيات التوتر وحدوده

وحدة الرصد والتحليل

|

2017-12-12

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-12-12

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-12-12

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

رغم التفاؤل الذي شاع بعد أول مكالمة هاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بمناسبة فوز الأخير في الانتخابات الرئاسية، فإن العلاقات التركية الأمريكية تستمر في سيرها نحو التوتر، بوتيرة متسارعة، وباتت فرص التقارب تتلاشى أمام عوامل التهديد المتمثلة في استمرار الدعم الأمريكي للفصائل الكردية في سوريا رغم انزعاج أنقرة لكون ذلك يستهدف أمنها القومي، ورفض واشنطن تسليم فتح الله غولن، المتهم تركياً بتدبير محاولة الانقلاب، كما أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة تعكس حالة التأزم التي وصلت إليها علاقة البلدين، وتعيد إلى الأذهان أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، والأزمة القبرصية عام 1974. كما أن تفاعل أنقرة في قمة (سوتشي الثلاثية) إلى جانب روسيا وطهران، وما سبقها من تفاهمات حول الملف السوري، كانت ترجمة لغياب الثقة بين الأمريكيين والأتراك، وهو ما يثير تساؤلات حول سقف الخلافات الأمريكية التركية، خصوصاً بعد إعلان ترمب القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي ترأس تركيا منظمة التعاون الإسلامي؛ وهل خلفيات التوتر تتعلق باختلاف وجهات النظر نحو ملفات معينة أم أنه نتيجة لتغييرٍ مفصلي في أولويات واشنطن، وطبيعة النظام التركي الجديد وسياساته؟

قراءة في مفاصل تاريخية

تمتد العلاقات الأمريكية التركية إلى عهد الدولة العثمانية، لكنها دخلت إطارها الهيكلي في العام 1952، عندما انضمت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي، الذي كان من أهم أهدافه مواجهة الاتحاد السوفييتي والتهديد الذي كان يشكله المد الشيوعي على الطرفين، وقد استمر التحالف حتى العام 1964، حين هددت تركيا باجتياح جزيرة قبرص، وعلى الفور بعث الرئيس الأمريكي، ليندون جونسون، برسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء التركي عصمت إينونو يحذر تركيا من استخدام القوة في جزيرة قبرص، وفي العام 1974 دخلت القوات التركية جزيرة قبرص، حيث استغل نائب رئيس الوزراء التركي، نجم الدين أربكان، وجود رئيس الوزراء بولنت أجاويد في بريطانيا، وأقنع قيادات الجيش التركي بالتدخل لحماية القبارصة الأتراك، ورداً على ذلك حظرت واشنطن توريد الأسلحة إلى تركيا، ودخلت العلاقات الأمريكية التركية مرحلة جمود حتى العام 1980؛ بعد انقلاب نفذه العسكر، لتعود بعده العلاقات إلى طبيعتها.

ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، الذي اعتمد سياسة المصالح المتبادلة بدلاً من سياسة التبعية، تعيش العلاقات بين الطرفين حالة من الصعود والهبوط السريع.

في العام 2003 صوَّت البرلمان التركي ضد السماح للقوات الأمريكية بالعبور إلى العراق عبر الأراضي التركية، كما صوَّت في 2010 ضد القرار المدعوم من البيت الأبيض في مجلس الأمن الدولي المتعلق بفرض عقوبات على إيران بهدف ردع مساعيها النووية.

منذ ولاية أوباما الثانية ظهرت ملامح الغضب الأمريكي حيال السياسات التركية، وزاد من حدتها موقف أنقرة من تحركات الربيع العربي، وتحديداً الملف السوري والانقلاب العسكري في مصر، وصولاً إلى ممانعة واشنطن تسليم فتح الله غولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب على النظام التركي في العام 2016، وقد أثار عزم تركيا شراء منظومة صواريخ روسية جدلاً واسعاً من قبل أعضاء الناتو.

وترى أنقرة في الملف الكردي رمانة الميزان في حاضر العلاقة مع واشنطن ومستقبلها، ورغم طمأنة الرئيس الأمريكي لنظيره التركي مؤخراً أن أمريكا لن تستمر بتسليح أكراد سوريا (قوات سوريا الديمقراطية) فإن الواقع أن الولايات المتحدة تحتفظ بالورقة الكردية للضغط على الأطراف الإقليمية كتركيا وإيران والعراق.

جدلية الاستراتيجي والتكتيكي

انقسم المتابعون حيال العلاقات الأمريكية التركية؛ فمنهم من يعتقد أنها علاقات قلقة تتأثر بحالات الصعود والهبوط، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى تركيا في إطار توازناتها الدولية واستراتيجية الهيمنة فقط، في حين يصفها آخرون بالتحالف الاستراتيجي المستند إلى ركائز ثابتة بصرف النظر عن الاختلاف في ملفات محددة.

يستند الرأي الأول إلى جدلية أن هذا التحالف لم ينتج عنه مؤسسات صلبة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى العسكرية باستثناء حلف شمال الأطلسي، الذي تتراجع أهميته عقب انتهاء خطر الاتحاد السوفييتي، ولن تعود إلا للغرض ذاته، وأن بقاء تركيا ضمن الناتو يعيقها عن تطوير قدراتها العسكرية، وأن الاختلاف المستمر في ملفات تتعلق بالأمن القومي المباشر لتركيا يدل على اختلاف الرؤى والتصورات التي نتج عنها تباين وربما تضاد في المواقف، وقد يعتقد البعض أن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسببت في تأجيج التوتر في العلاقة، وهذا اعتقاد يغفل حقيقة بداية الفتور في العلاقات الأمريكية الذي بدأ منذ العام 1991، وهو تاريخ انتهاء الاتحاد السوفييتي.

ويمكن أن يخلص المتتبع للعلاقة بين البلدين إلى خلفيات التوتر، التي نجملها في التالي:

 

–  الفلسفة الأمريكية للعلاقة مع تركيا يغلب عليها الطابع العسكري والأمني، وهذا يستدعي التبعية.

–  سعي الأتراك للانتقال من التبعية إلى الانتقائية النفعية.

–  تمكُّن المؤسسات المدنية (الأحزاب الديمقراطية) من الحكم في تركيا فرض واقعاً مختلفاً لم يتعامل معه الأمريكيون بأدوات جديدة.

–  العلاقات الأمريكية الروسية محدد أساسي للعلاقات الأمريكية التركية، الناتو مثالاً.

–  الموقف التركي المغاير من دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) والقضية الفلسطينية.

خلفيات التوتر وحلقاته

باتت العلاقات الأمريكية التركية تحت رحمة تعاقب الإدارات الأمريكية من جهة، وتغير أولوياتها في السياسات الخارجية من جهة أخرى، فالتحالفات الأمريكية في حقبة ترامب ليست كما قبلها، ولو تكتيكياً، غير أن هذه التغيرات السريعة والمحورية تفقد الولايات المتحدة حلفاءها، وتزعزع ثقتهم بثبات سياساتها من خلال تعاقب الإدارات المختلفة. ورغم اختلاف سياسات إدارة ترامب عن سابقتها تجاه المملكة العربية السعودية وإيران فإنها فيما يبدو ثابتة سلباً تجاه تركيا، ويمكن قياس ذلك من خلال قراءةٍ في مواقف الطرفين من الملفات التالية:

– الملف السوري.. نهاية غير متوقعة:

تنقلت السياسة التركية في الأحداث السورية بين ثلاثة مواقف مفصلية؛ أولها عندما راهنت أنقرة على قدرة بشار الأسد على احتواء الاحتجاجات، وطالبته بإجراء إصلاحات فورية، وبعثت وزير خارجيتها إلى دمشق لحث الأسد على ذلك. لم يتجاوب الأسد مع هذه المناشدة، بل اعتمد على القوة العسكرية لردع الاحتجاجات الشعبية، وهو ما تسبب في خروجها عن سلميتها، ورداً على ذلك انتقلت تركيا من حالة الرهان على الأسد إلى الرهان على الحسم الشعبي والتحشيد الدولي، وعندما لم يتحقق ذلك وانحصر الموقف الأمريكي في محاربة الجماعات الإرهابية ومنع الأسد من استخدام السلاح النووي، مع تنامي النفوذ الروسي الإيراني حتى سقطت مدينة حلب القريبة من الحدود التركية، وتوسع نفوذ قوات وحدات حماية الشعب الكردية السورية بدعم أمريكي، شعرت تركيا أنها في حالة استنزاف طويلة، وبعد التأكد من عدمية أي موقف دولي مساند، اتجهت أنقرة نحو تقاسم النفوذ مع المنافس الروسي الإيراني، وحفظ ما يمكن من مكاسب لأمنها وحلفائها في سوريا.

– قمة سوتشي والاختراق الروسي:

لم تكن قمة (سوتشي الثلاثية) التي جمعت رؤساء ثلاث دول هي روسيا وتركيا وإيران، في 22 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حدثاً عابراً بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، بل رأت فيها محاولة روسية لإزاحتها من المشهد السوري بدرجة أساسية، لكنها أيضاً تعد اختراقاً روسياً لشبكة تحالفاتها في المنطقة، تجلى ذلك في حضور الرئيس التركي أردوغان القمة، وحماس تركيا- وهي ثاني أكبر دولة في حلف شمال الأطلسي (NATO)- للتقارب مع موسكو لحلحلة تعقيدات الملف السوري بعد يأس الأتراك من أي موقف أمريكي مساند، بل امتعاضهم من الدعم الذي تقدمه واشنطن لمنظمات كردية تقول إنها تشكل خطراً على أمنها القومي، وقد عدَّت صحيفة واشنطن بوست، وكثير من وسائل الإعلام الأمريكية، قمة سوتشي نتيجة طبيعية لتخبط السياسة الأمريكية وضعفها في منطقة الشرق الأوسط، وشككت في قدرة الرئيس ترامب على ترميم تلك الاختلالات.

الشكل المستقبلي للعلاقة

بالنظر إلى كل ما سبق، وبعد الوقوف على أهم التحولات المفصلية في العلاقات بين الطرفين، وتحليل مسبباتها، والفصل بين الخلافات على مستوى الملفات والتغيرات في الأولويات والهياكل البنيوية، فقد تبدو الاحتمالات المستقبلية لشكل العلاقات الثنائية بين الجانبين خلال المرحلة القادمة محصورة في سيناريو الصعود والهبوط الذي دأبت عليه منذ بدايتها، مع تغليب فرضية الاستمرار في مراحل الهبوط، لا سيما بعد تشعب الملفات الخلافية بين المؤسسات القضائية والأمنية والسياسية، وكذلك ما قد تضيفه القضية الفلسطينية المثارة حالياً، أي إنها قد تستمر في حالات فتور متقطعة غير مستمرة؛ نظراً لقلق واشنطن من تنامي العلاقات الروسية التركية التي باتت تشكل الخط الناظم للعلاقات الأمريكية التركية، على الأقل في المرحلة الراهنة، والتي تتوسع دوائرها وتتعزز فرصها الثنائية لا على المستويات الاقتصادية والسياسية فحسب بل حتى على المستوى العسكري المتمثل في صفقة منظومة صواريخ دفاعية روسية (أرض جو)، وهي الخطوة التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، بـ”المقلقة”، ودفعت الرئيس الأمريكي لإجراء اتصال مطول مع نظيره التركي تعهد خلاله- بحسب وزير الخارجية التركي- بعدم تقديم السلاح لتنظيم (ب.ي.د) بعد الآن.

ومما قد يعزز فرضية السير باتجاه التوتر تصريح الوزير التركي، مولود تشاوش أوغلو، حين طالب الرئيس الأمريكي بالالتزام بما وعد، وقال: “إذا لم تُصغِ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) للرئيس الأمريكي ففي النهاية الأمر يعنينا”، في إشارة إلى أن المؤسسات الأمريكية تعيش حالة من التضارب فيما بينها، وهو ما انعكس على مواقفها وتحالفاتها الخارجية، وهناك من يشكك في قدرة الإدارة الأمريكية على حل خلافاتها مع تركيا التي تتعقد يوماً بعد آخر، وهو ما يرجح انخراط تركيا في تحالفات حقيقية مع روسيا والصين في إطار البحث عن البدائل، وسد الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة الأمريكية.

الكلمات المفتاحية :