تشكل النظام الدولي الحديث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مستنداً إلى فاعلية وتأثير المؤسسات الدولية السياسية والاقتصادية، إذ أسهمت المؤسسات الاقتصادية الدولية خاصة، من خلال منظوماتها القانونية واتفاقياتها الدولية، في تأسيس أنماط وأشكال اقتصادية حديثة كان لها دور كبير في تكوين الواقع الاقتصادي والسياسي على مستوى عالمي. فمن خلال العولمة بمضامينها أصبحت الأسواق المحلية سوقاً دولية تتحرك فيها الشركات متعددة الجنسيات وتتراكم فيها تأثيرات الأطراف الخارجية بشكل قد يؤدي إلى عدم استقرار الدول المضيفة وأسواقها المحلية.
ونتيجة لهذا التفاعل الدولي برزت لنا مجموعة من المفاهيم والممارسات الاقتصادية التي أصبحت تشكل بدائل اقتصادية تلجأ إليها الدول ضمن حراكها على المستوى الدولي، ومن تلك المفاهيم الاستثمار الأجنبي بنوعيه المباشر وغير المباشر.
برز مفهوم الاستثمار الأجنبي بقوة في العقود الأخيرة؛ نظراً لدوره في تنشيط اقتصادات الدول، خصوصاً الدول النامية، حيث كان لهذا النوع من الاستثمار دور كبير في تفعيل التجارة العالمية. فمن خلال توفير منصات دولية متنوعة لتصريف البضائع والمنتجات المحلية أسهم في فتح مختلف الأسواق للمؤسسات التجارية، ومن ثم أسهم من تطوير عجلتها الاقتصادية من خلال تنشيط حركة السلع وتدفق الأموال، كما أسهم في تطوير بنيتها الإدارية من خلال نقل الخبرات الأجنبية إلى داخل البلدان المستضيفة. كما أصبح هذا النوع من الاستثمار هو النوع المفضل لدى كثير من الدول التي تتبنى خططاً استراتيجية لتحقيق النمو الاقتصادي، إذ يوفر هذا النوع من الاستثمار السيولة الكافية لتمويل هذه الخطط والمشاريع التنموية.
لكن على الرغم من الميزات التي يوفرها هذا النوع من الاستثمار فإنه يعرض الدول المضيفة لمجموعة من التحديات والأخطار التي ينبغي أن تؤخذ في الحسبان عند التعامل به.
منذ تسلم حزب العدالة والتنمية التركي زمام السلطة انتعش الاقتصاد التركي انتعاشاً كبيراً على مدار عقدين، لكنه أخذ يشهد في السنوات الأخيرة حالة من الاضطرابات المستمرة التي أثرت في الوضع الاقتصادي، وهو ما دفع الحكومة إلى تبني جملة من الخطط والاستراتيجيات الرامية إلى استعادة توازن السوق التركية من جهة، ومواصلة عجلة التنمية من جهة أخرى. ومن بين تلك البدائل التي تبنتها الحكومة التركية التنويع في مجال الاستثمار الأجنبي، وهو ما يفسر عدم تأثر علاقتها ببعض الدول التي تشترك معها بالمصالح والمنافع الاقتصادية، مثل علاقتها بدولة الإمارات العربية المتحدة.
فعلى الرغم من دخول العلاقات السياسية بين البلدين في حالة من الخلاف الحاد عقب تباين موقفهما من مخرجات ثورات الربيع العربي، لم تتأثر علاقاتهما الاقتصادية، بل شهدت هذه العلاقات تحسناً كبيراً في السنتين الأخيرتين لتواكبا التغيرات الدولية والإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بحيث تحافظان على مصالحهما الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية.
تسعى هذه الورقة إلى تحقيق جملة من الأهداف؛ منها:
– تقديم مدخل عام حول مفهوم الاستثمار الأجنبي وأنواعه ومحدداته.
– مناقشة مزايا الاستثمار الأجنبي وتحدياته وآثاره الاقتصادية والسياسية بالنسبة للدول المصدرة والدول المضيفة.
– تحليل نموذج الاستثمار الإماراتي في تركيا، والوقوف على أسسه ودوافعه ومحدداته، والميزات والتحديات التي تنبني عليه بالنسبة لكل من الإمارات وتركيا.
ولتحقيق هذه الأهداف تضمنت الورقة المحاور التالية:
– مفهوم الاستثمار الأجنبي للدول
– الآثار الاقتصادية والسياسية لاستثمارات الدول الأجنبية
– تطور العلاقات التجارية الإماراتية التركية
– تحليل نوع الاستثمار وحجمه بين البلدين ومناقشة انعكاساته
أولاً: الاستثمار الأجنبي للدول: المفهوم والمحددات
تسعى مختلف الدول إلى تبني خطط تنموية استراتيجية من أجل أن تضمن استقرارها الاقتصادي والسياسي، ومن ثم تحاول هذه الدول الاستفادة من مختلف الفرص التي تتيح لها التنويع في مصادرها من أجل تنفيذ تلك الخطط، ومن أبرز مجالات التنويع في مصادر الدخل الاعتماد على السيولة السريعة التي يوفرها الاستثمار الأجنبي.
وقد حظي مفهوم الاستثمار الأجنبي، بنوعيه المباشر وغير المباشر، باهتمام كبير خلال العقدين المنصرمين، وذلك للمزايا والمنافع التي يوفرها للدول المستثمرة والدول المضيفة على حد سواء، خصوصاً أنه أصبح سمة تميز هذا العصر، نظراً لتوفر الأنظمة الاقتصادية الدولية التي تشكل منصة لتفاعل مختلف الشركات متعددة الجنسيات. حيث تتميز هذه الشركات بقدراتها المتعددة؛ كالقدرة على الاستثمار خارج الوطن الأم، والاستفادة من الفرص التي توفرها البيئات الاقتصادية المختلفة. إذ تستطيع الشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بمجموعة من المهام؛ كالاكتتاب المباشر من شركة أجنبية، أو بناء المصانع، أو الاستثمار المجازف في الأسواق المالية، أو بناء التحالفات الاستراتيجية مع الشركات المحلية، وهو ما تترتب عليه جملة من الفرص التي تسعى الدول المضيفة إلى الاستفادة منها، وقد أدى هذا النوع من الاستثمار دوراً جوهرياً في إبراز وتفعيل التجارة العالمية، كما أن التغيرات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها العولمة عمقت من التغيرات التي حدثت في حجم ومدى وأساليب الاستثمار الأجنبي[1].
1. مفهوم الاستثمار الأجنبي
لمفهوم الاستثمار الأجنبي تعريفات عدة، وجميعها يركز على عناصر الاستثمار الأجنبي ومحدداته، ومن تلك التعريفات: “قيام المستثمر بأداء نشاط، بنفسه أو بأمواله، في بلد آخر، وعادة ما يكون هذا المستثمر جهة معنوية كمؤسسة أو شركة محلية أو أجنبية، عامة أو خاصة، وتعمد هذه الجهة إلى الاشتراك مع الدول المضيفة في مشاريع واتفاقيات تعود بالنفع على الطرفين”[2].
ويمكن أن يعرف كذلك بأنه “قيام المستثمر الأجنبي باستثمار أمواله داخل دولة أو أكثر يطلق عليها الدولة المضيفة، ويحتفظ المستثمر لنفسه بالسيطرة والإدارة واتخاذ القرارات”[3].
ومن خلال هذه التعريفات تتضح لنا عناصر الاستثمار الأجنبي، التي تقتضي وجود مستثمر، قد يكون شخصاً حقيقياً أو معنوياً، ووجود جهة مضيفة، قد تكون دولة أو شركة محلية، بالإضافة إلى عنصر مجال الاتفاق ونوعيته، حيث قد يكون استثماراً مباشراً أو غير مباشر، ولكل نوع منهما ميزاته وخصائصه ومحدداته.
2. أنواع الاستثمار الأجنبي
ينقسم الاستثمار الأجنبي إلى نوعين رئيسيين، استثمار مباشر وغير مباشر.
أ.الاستثمار الأجنبي المباشر
يعرف الاستثمار الأجنبي المباشر بأنه: “توظيفات لأموال أجنبية (غير وطنية) في موجودات رأسمالية ثابتة في دولة معينة”، وعادة ما يكون هذا النوع من الاستثمار طويل الأجل ويعكس منفعة المستثمر في دولة أخرى. ويتسم هذا النوع من الاستثمار بتمكين صاحبه- سواء كان فرداً أو شركة أو مؤسسة- من إدارة موجوداته والرقابة عليها من بلده الأجنبي أو من بلد الإقامة. وعادة ما تموَّل تلك الاستثمارات الأجنبية من خلال رأس المال الذي يقدمه المستثمر الأجنبي، ويتخذ هذا التمويل نمط التمويل بالملكية المديونية وبصيغ متعددة. وبشكل عام تعد الشركات متعددة الجنسيات هي النموذج الأكثر شهرة في هذا النوع من التمويل، حيث تستطيع أن توفر سيولة مالية ضخمة للمشاريع التي تمولها في مختلف البلدان، وبالمقابل يكون لها اليد العليا في التحكم في مصير هذه المشاريع وإدارتها[4].
سمات الاستثمار الأجنبي المباشر ومميزاته
تتعدد سمات الاستثمار الأجنبي المباشر ومميزاته التي تجعله المفضل لدى كثير من المستثمرين والدول المضيفة على حد سواء، ومن أبرز تلك السمات:
1- قدرة المستثمر الأجنبي على امتلاك الاستثمارات التي يمولها في البلد الأجنبي كلياً أو جزئياً.
2- يمتلك المستثمر الأجنبي الحق في إدارة المشاريع مع المستثمر الوطني، وذلك وفقاً لمضامين وبنود الاتفاق المشترك بينهما.
3 – بالمقابل يستفيد البلد المضيف من الاستثمار الأجنبي المباشر بتوفير الخبرات المالية والتكنولوجية، حيث عادة ما يحول المستثمر الأجنبي كمية من الموارد المالية والتكنولوجية والخبرة الفنية، بموجب الاتفاق مع البلد المضيف، إلى البلد الذي يستثمر فيه[5].
وينقسم الاستثمار المباشر بدوره إلى نوعين من حيث الشكل ومن حيث الاستراتيجية؛ فأما من حيث الشكل فإما أن يعمد إلى إنشاء مشروع جديد في البلد المضيف، وإما أن يبني شبكة من الشركات التابعة في الخارج، وكذلك يمكن للمستثمر في هذا المجال الحصول على كيان أجنبي موجود مسبقاً عن طريق الاستحواذ أو نقل الملكية أو في الاندماج والشراء عبر الحدود.
وأما من الناحية الاستراتيجية، فينقسم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى استثمار أفقي واستثمار رأسي أو عمودي. ويعرف الاستثمار الأفقي بأنه: الاستثمار في جميع الفروع التي تنتج سلعاً مماثلة للشركة الأم. ويستخدم هذا النوع من الاستثمار لتسهيل وصول المستثمرين إلى الأسواق الخارجية أو للتغلب على بعض العوامل كالحواجز الجمركية، وتكاليف النقل التي تؤثر في القدرة التنافسية للصادرات. في حين يعرف الاستثمار الأجنبي المباشر الرأسي أو العمودي بأنه: الاستثمار في مختلف مراحل تصميم وإنتاج وتسويق المنتجات من خلال تنفيذ الإنتاج في دول مختلفة وبواسطة شركات تابعة؛ وذلك من أجل الاستفادة من الفروق في تكاليف عوامل الإنتاج بين البلدان.[6]
ب. الاستثمار الأجنبي غير المباشر
يعرف هذا النوع من الاستثمار بالاستثمار المحفظي، إذ يتيح للأجانب شراء الأسهم والسندات الخاصة أو الحكومية بغرض المضاربة والاستفادة من فروق الأسعار التي تردها الأوراق المالية، لكن لا يحق للمستثمر الأجنبي تملك عدد كبير من الأسهم يمكنه من إدارة المشاريع أو الإشراف عليها، وإنما يقتصر دوره على تمويل المشروع وحسب[7].
ويعرفه بعض الاقتصاديين بأنه الاستثمار الذي يكون على شكل قروض مقدمة من الأفراد أو الشركات الأجنبية، وقد يأخذ صيغة اكتتاب في أسهم وسندات صادرة من البلد المضيف لرأس المال، على ألا يكون في حيازة المستثمر الأجنبي من الأسهم ما يمكنه من التحكم والسيطرة على الشركة أو المشروع[8]، وهذه النقطة تعد فرقاً جوهرياً بين الاستثمار المباشر وغير المباشر، ولها دور كبير في قرار الدول في اختيار أي النوعين من الاستثمار ينبغي أن تعتمد عليه.
ومن صور الاستثمار غير المباشر شراء السندات والأسهم وشهادات الإيداع المصرفية الدولية، وشراء سندات الدين العام والخاص، وشراء القيم المنقولة، والإيداع في المصارف المحلية، وشراء الذهب والمعادن النفيسة.
سمات الاستثمار الأجنبي غير المباشر ومميزاته
يتسم الاستثمار الأجنبي غير المباشر بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن النوع الأول، ومنها:
1- استفادة المستثمر من الفرص التي تتيحها المشاريع في الدولة المضيفة دون الالتزام بالشروط المفروضة على الاستثمار المباشر، والذي يتداخل مع المهام الإدارية في المشروع وتترتب عليه التزامات عدة.
2-يتسم هذا النوع من الاستثمار بأنه ذو حركة داخلة وخارجة، وهو ما يشكل فرصة للمستثمر بقدرته على سحب أمواله في حال واجه أي خطر دون أن يواجه محاسبة من جراء سحب الأموال[9].
3-بالمقابل عدم تحكم المستثمر الأجنبي في المشاريع، واقتصار دوره على تحقيق الفائدة الاقتصادية، يتيح للدول الالتزام بخططها الوطنية وعدم تغيير توجهات المشاريع حسب رغبات المستثمر.
4-كما أن الحركة الدائمة للاستثمار غير المباشر تشكل تحدياً حقيقياً أمام الدولة المضيفة، إذ يمكن أن تتوقف مشاريعها التنموية في المنتصف في حال قرر المستثمر الأجنبي سحب أمواله[10].
3. الاستثمار الأجنبي: المحددات وتعدد البيئات
ثمة عوامل تسهم في تحفيز الاستثمار الأجنبي وأخرى تسهم في إحداث عوائق تقلل من فاعلية تأثيره وإمكانية استفادة الدول المضيفة والجهات المستثمرة على حد سواء. حيث إن لدوافع المستثمر دوراً كبيراً ضمن هذه العوامل. هذه الدوافع قد تتداخل مع دوافع اجتماعية وحضارية لا يمكن قياسها[11]، لكن يمكن أن تستشف من الخلفيات الثقافية والسياسية للجهات المستثمرة وسلوكها تجاه الدولة المضيفة خصوصاً في أوقات الأزمات المالية.
كذلك ثمة عوامل هيكلية وإدارية تتعلق بالظروف الاقتصادية والاستقرار السياسي للدول المضيفة، كوجود سياسة وطنية تحفز وتشجع على الاستثمار، ووجود برامج تسهم في تنويع المحافظ الاستثمارية وتراعي الابتكارات التكنولوجية وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات وتوفر الأيدي العاملة، ومنذ التسعينيات كان لعامل الخصخصة وإلغاء الحواجز أمام حركة رؤوس الأموال دوراً في زيادة التدفقات المالية صوب البلدان النامية، لكن لم يحظ منها بالاستثمارات الضخمة سوى تلك البلدان التي يتوفر فيها قدر معقول من الاستقرار السياسي[12].
وبشكل عام يعتمد مناخ الاستثمار على توفر بيئات استثمار فاعلة تسهم في تنشيط حركته، وتصنف هذه البيئات إلى بيئات اقتصادية ومالية، وبيئات قانونية وتشريعية، وسياسية، واجتماعية، وإدارية[13]. وتتسم هذه البيئات بالخصائص التالية:
أ. البيئة الاقتصادية
البيئة الاقتصادية الجيدة هي التي تكون غنية بالموارد الطبيعية القابلة للاستغلال. وتعد الدول ذات الكثافة السكانية من جهة، والمليئة بالخبرات والكفاءات والأيدي العاملة ذات التكلفة المنخفضة، من جهة ثانية، من أفضل البيئات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك ينبغي أن تتسم هذه البيئة باستقرار اقتصادي يرتبط بالضرورة بالاستقرار السياسي والاجتماعي، حيث يسهم هذا الاستقرار في تحقق أداء اقتصادي ومالي كفيٍّ، ينعكس بدوره على مستويات التنمية الاقتصادية، ونصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، ودرجة استقرار أسعار الصرف ومعدلات التضخم وحجم السوق والسياسات الاقتصادية من حيث التحرر الاقتصادي، والخصخصة، وحجم القطاع الخاص، ودرجة المنافسة السائدة في السوق، وتكاليف الإنتاج.
ب. البيئة القانونية والتشريعية
يعد عامل توفر القوانين المحفزة للاستثمار أحد أبرز العوامل التي تسهم في خلق بيئة جاذبة لرؤوس الأموال الخارجية، حيث تتشكل هذه البيئة بتوفر قوانين وتشريعات تكفل للمستثمر حقوقه، وتوفر حزمة من المزايا التي تدفعه لأن يختار هذه البيئة دون غيرها. وكلما كانت هذه القوانين واضحة ومحددة ومتضمنة لحوافز نوعية كانت أكثر جذباً من غيرها. وتتمثل هذه الحوافز بوجود قوانين تعفي من الضرائب والجمارك أو نسبة محددة منها، بالإضافة إلى توفر قوانين تسهم في حماية المستثمر من المخاطر غير الاقتصادية، مثل التأميم والمصادرة، وكذلك حق تحويل أرباحه لأية دولة أخرى. ومن هنا تتنافس مختلف الدول في التركيز على الجانب القانوني من أجل خلق بيئة محفزة للاستثمار شريطة ألا تؤدي هذه الحوافز إلى تهديد الثروات والموارد القومية.
ج. البيئة السياسية
معظم الدول المستقرة سياسياً هي بالضرورة دول متقدمة اقتصادياً، وبعض هذه الدول لم يعتمد على الموارد الوطنية وحسب وإنما اعتمد أيضاً على جذب الاستثمارات الخارجية في تحقيق رؤاه وخططه الوطنية. وتميل الجهات الأجنبية المستثمرة إلى اختيار الدول التي يتوفر فيها استقرار سياسي ويتوفر فيها قدر من الحرية والكفالة لحقوق الإنسان؛ لأن ذلك يعد مطلباً رئيسياً لخلق بيئة سياسية جاذبة للاستثمار. وتضم هذه البيئة المستقرة سياسياً وجود أجهزة حكومية تقلل الزمن المطلوب للحصول على رخص لإنشاء المشاريع، ومحاربة بيروقراطية الجهاز الحكومي والفساد المالي والعمل بشفافية، بالإضافة للتخطيط والتنفيذ والمتابعة والترويج الهادف لجذب الاستثمارات الأجنبية.
د. وضع السوق ودرجة وطبيعة المنافسة السائدة فيها
بيئة السوق في البلد المضيف تعد أحد العوامل الجوهرية في جذب الاستثمارات الأجنبية أو نفورها، وتتمثل هذه البيئة بحجم الطلب على منتجات المشاريع الاستثمارية، المتأثر بدوره بنطاق السوق وإمكانية اتساعها، وخاصة في المناطق التي تُروَّج فيها السلعة في نفس منطقة المشروع الاستثماري.
كذلك فإن حدة المنافسة لها مخاطر عدة، خاصة فيما يتعلق بالترويج للسلع المراد ترويجها، إذ تتطلب السلع المكررة تكاليف كبيرة لترويجها، وهذا يؤثر في تدفق الاستثمار الأجنبي. ولهذا يلجأ كثير من المستثمرين إلى الاستثمار في الدول النامية؛ لتوفر فرص الاستثمار وانعدام المنافسة، على عكس الدول المتقدمة.
هـ. الاستقرار المالي على مستوى الاقتصاد الكلي[14]
يعد استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية؛ المتمثلة في عدم ارتفاع نسبة التضخم واستقرار سعر الصرف وعدم وجود عجز في الميزان التجاري أو عجز في الموازنة العامة للدولة، من أهم محددات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر؛ كما أنه من أهم العوامل اللازمة لتحقيق بيئة اقتصادية كلية مستقرة. فاستقرار معدلات التضخم وبقاؤها عند مستويات منخفضة، وكذلك استقرار أسعار الصرف، يدل على استقرار الوضع الاقتصادي للدولة المضيفة، ومن ثم يجذب مزيد من الاستثمارات ويؤثر فيها من ناحيتين:
– تتمثل الأولى في انخفاض قيمة العملة المحلية في البلد المضيف، والذي يؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية لتكاليف المشروع، وهو ما يحفز المستثمر الأجنبي على مزيد من الاستثمارات، إذ إن تخفيض قيمة العملة يشجع على إعادة استثمار أرباح الشركات بدلاً من تحويلها للخارج، كما أنها تؤدي إلى تحقيق ميزة تنافسية سعرية تسهل عملية التصدير، لكن في حال استمر انخفاض سعر العملة المحلية تتراجع الشركات الأجنبية عن الاستثمار في البلد المضيف حتى لا تخسر؛ بسبب انعكاس هذا الانخفاض على قيمة التحويلات للخارج.
– النقطة الثانية تتعلق بمدى استقرار سعر الصرف في البلد المضيف، حيث إن استقرار سعر الصرف يؤدي إلى استقرار حصيلة الأرباح المحولة إلى الخارج، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الاستثمارات في الدولة المضيفة بوصفها دولة ذات استقرار اقتصادي.
4. أهداف ودوافع الاستثمار الأجنبي
يشترك كل من المستثمر والبلد المضيف في الرغبة في الاستفادة من الفرص والفوائد التي يحققها الاستثمار الأجنبي بما يحقق مصالحهما، وتتنوع هذه الأهداف بين أهداف تجارية عادة ما تشكل الدافع الرئيسي للجهات المستثمرة، وأهداف تنموية تحرك جهود الدول المضيفة.
أ. أهداف جهات الاستثمار الخارجي[15]
– سهولة الوصول إلى المواد الخام المتوفرة في الدول المضيفة.
– الاستفادة من القوانين التي تمنحها الدول المضيفة للمستثمرين، على غرار تسهيل عمليات تحويل الأموال والعملات الصعبة دون قيود جمركية.
– إيجاد أسواق جديدة لمنتجات وبضائع الشركات الأجنبية بما يسهم في استمرار حركة اقتصاد دول الجهات الاستثمارية.
– الاستفادة من توفر الأيدي العاملة ذات التكلفة المنخفضة، وهو ما ينعكس على السعر الإجمالي للمنتج بحيث تستفيد منه الجهات الاستثمارية المنتجة.
– تحقيق الربح في الدول المضيفة بمستويات تفوق بكثير أرباحها من عملياتها داخل موطنها، حيث تتضمن الحوافز التي تقدمها الدول المضيفة العديد من المزايا التي تستفيد منها الجهات الاستثمارية.
– إمكانية اكتساح السوق من قبل الشركات الأجنبية وتهديد الشركات المحلية منحيث جودة الإنتاج وانخفاض الأسعار وأنواع الخدمة، وذلك بسبب تملكها للتكنولوجيا المتقدمة ووفرة رأس المال لديها.
– يمكن للشركات الأجنبية أن تتجنب المخاطر سواء القائمة في بلدها أو البلد المضيف، إذ إنه كلما توزعت وانتشرت الاستثمارات على عدد أكبر من الدول قلَّت من ثم مخاطر هذه الاستثمارات.
ب. أهداف الدول المضيفة للاستثمارات الأجنبية[16]
تنطلق الدول المضيفة- بوصفها جهات وطنية- من جملة من الأهداف التي عادة ما توازن بين الأرباح والفوائد المتحققة للبلد مقابل تلك الفوائد التي ستحصل عليها الجهات الاستثمارية، بحيث تتمكن من المضي بخططها التنموية دون الإخلال بقواعد سلامتها الوطنية اقتصادياً وسياسياً. ومن أبرز الأهداف المحركة للدوافع الوطنية في تبنيها لاستراتيجيات تعتمد على الاستثمارات الأجنبية ما يلي:
– الاستفادة من الخبرات والوسائل والتقنيات التكنولوجية المتقدمة المتوفرة لدى الجهات الاستثمارية، والتي عادة ما تمتلك قدرات تقنية عالية نتيجة لامتلاكها رؤوس الأموال الضخمة، بالإضافة إلى الخبرة المتنوعة نتيجة لتعاملها مع مختلف الأسواق.
– إمكانية تنفيذ مشاريع وطنية متعددة الفوائد كتلك التي تهدف إلى خلق فرص عمل متنوعة من أجل حل مشكلة البطالة، فمن خلال تأسيس الشركات المختلفة يمكن للدولة المضيفة أن تشغل عدداً أكبر من العاملين في المشروعات التي تقام.
– من خلال التنويع في قطاع الاستثمار تحاول الدول المضيفة رفع نسبة الصادرات وزيادتها، ومن ثم تحسين ميزان مدفوعاتها، وخاصة عند قيام المشروعات المعنية بتصدير منتجاتها إلى الخارج، حيث تشترط بعض الدول على الجهات الاستثمارية عدم تصريف منتجاتها داخل البلد، بل تصديرها إلى الخارج.
– التقليل من الواردات، وذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي، وذلك لاستبدال السلع المستوردة بالسلع المنتجة محلياً، ومن ثم التخفف من تكلفة الاستيراد.
– تخريج كفاءات وخبرات يمكن أن تخدم الدولة المضيفة في المستقبل، حيث تشترط بعض الدول تدريب عاملين من البلد نفسه بحيث يكتسبون الخبرة الإدارية والفنية المتوفرة لدى الجهات الاستثمارية.
– محاولة الدخول إلى أسواق جديدة من خلال الشراكة مع جهات الاستثمارات الخارجية، أو من خلال ابتكار سلع وتسويقها عن طريق منصات هذه الجهات، ومن ثم تمكنها من الدخول إلى أسواق تجارية جديدة، وتحسين حركتها التجارية مع العالم الخارجي.
ثانياً: الآثار الاقتصادية والسياسية لاستثمارات الدول الأجنبية
تعاني معظم الدول النامية عموماً من صعوبات في الحصول على رؤوس أموال محلية تكفي لتنفيذ مشاريع التنمية والاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، إذ تواجه هذه الدول جملة من التحديات؛ على غرار انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، وانخفاض معدلات نمو الناتج القومي مقارنة بالدول المتقدمة. وقد أدت مثل هذه التحديات- بمرور الوقت- إلى تدني مستويات الاستثمار فيها، وتضاؤل معدلات نمو رؤوس الأموال المحلية، كما تراجعت معدلات النمو والإنتاج، وهو ما تسبب في حدوث قصور في نمو الادخار المحلي وتباطؤ عملية تنفيذ خطط التنمية، وحتى تتجاوز هذه التحديات توجهت كثير من هذه الدول إلى الاستثمارات الأجنبية لدعم مواردها المحلية، ولتحقيق معدلات نمو اقتصادية قادرة على تمويل العجز في موازين مدفوعاتها[17].
هذا التوجه شكل حالة من الحراك الاقتصادي الذي صاحبته انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المحلي، لكنه أيضاً تضمن جملة من السلبيات والتحديات التي أفرزها اعتماد الدول المضيفة على هذا النوع من الاستثمارات، خصوصاً في حال الاعتماد عليها على مدى طويل.
1. الانعكاسات الإيجابية للاستثمارات الأجنبية
ثمة أسباب وجيهة هي التي تدفع الدول للاعتماد على الاستثمارات الأجنبية، وثمة وجهات نظر تشير إلى أن الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية يعد فرصة ينبغي أن تحرص الدول على الاستفادة منها؛ نظراً لحجم الفوائد المترتبة عليها، ومنها[18]:
أ. انخفاض تكاليف الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات
عادة ما تتمتع جهات الاستثمار الأجنبي بقدر من الخبرات والتقنيات التكنولوجية التي تمكنها من تقديم المنتج بشكل جيد، وهو ما يسهم في استفادة المستهلكين الذين يحصلون على السلعة بجودة عالية وسعر مناسب.
ب. تدريب كفاءات وخبرات وطنية
تستند جهات الاستثمار الأجنبي إلى سلسلة من العلاقات المتنوعة جغرافياً وتقنياً نظراً لعملها في بيئات مختلفة، هذا التنوع في الخبرات تستفيد منه الدول المضيفة، خصوصاً إذا اشترطت تدريب كفاءات وطنية ضمن تنفيذ المشاريع المشتركة.
ج. زيادة موارد الضرائب
قد تعتمد الدول المضيفة على قوانين تعفي جهات الاستثمار الخارجي من الضرائب جزئياً، لكن عادة ما تبقي على الرسوم الرئيسية، وهذا يعني بالضرورة قدرة الدولة المضيفة على الاستفادة من موارد الضرائب التي تفرضها على هذا الاستثمار.
د. الإسهام في تأسيس البنية التحتية للصناعة الوطنية
لا تزال الدول المتقدمة مسيطرة على أسواق الصناعات التكنولوجية والصناعات المتقدمة، بالمقابل لايزال دور كثير من الدول غير المتقدمة- بشقيه الوطني والقطاع الخاص- قاصراً وغير متمكن من الدخول في بعض الصناعات ذات التكنولوجية المتطورة، كالصناعات الثقيلة التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة وخبرة عالية، والتي يمكن الحصول عليها من خلال الخدمات والمزايا التي يوفرها الاستثمار الأجنبي.
وعموماً ينصح بأن تعتمد الدول على الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يستثمر في المشاريع بدلاً من الاعتماد على التمويل المصرفي الذي يقوم على القروض، التي قد تخلق ديوناً متراكمة على البلد بسبب سعر الفائدة الثابتة بالعملة الأجنبية، فعلى سبيل المثال يمكن للدول المضيفة الاعتماد على الاستثمار المباشر الذي يتضمن امتلاك الأجانب لمصانع وموجودات داخل البلد المضيف يصعب تحريكها والتلاعب بها، وهو ما يجعل هذا النوع من الاستثمار أكثر استقراراً من أشكال التدفقات الأخرى، لأنه يصعب إيجاد مشترٍ للموجودات الثابتة على المدى القصير، ومن ثم لا ينجم عنه نفس التدفقات المصاحبة للمحفظة المالية، وذلك عندما تسود حالة من عدم الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي[19].
2. الانعكاسات السلبية للاستثمارات الأجنبية
أمام المزايا والفوائد التي تحصل عليها الدول المضيفة من جراء اعتمادها على الاستثمارات الأجنبية ثمة جملة من السلبيات والتحديات التي تنتج عن اعتماد الدول على هذا النوع من الاستثمار على المدى البعيد والقصير، فعندما يسيطر رأس المال الأجنبي أو الاستثمارات الأجنبية على الأوضاع الاقتصادية للدول المضيفة تتمكن من التأثير في السياسة الاقتصادية في هذه الدول، ومن ثم قد تصبح الأسهم والشركات تحت رحمة المستثمرين الأجانب وبالتالي قد تصبح ملكية الأسهم والشركات خاضعة لتحكم المستثمرين الأجانب. ونتيجة لهذه السيطرة قد يزيد عدد المضاربات في الأسواق المالية بحيث قد يتسبب في اهتزاز أسواق الدول المضيفة ويؤدي إلى انهيار العملة الوطنية، وكل هذه العوامل تتسبب في حدوث انهيار للاقتصاد الوطني، كما حدث في الأزمة المالية التي حدثت لدول جنوب شرقي آسيا في مايو/أيار عام 1997[20]. وعموماً فإن الاعتماد على هذا النوع من الاستثمار يترتب عليه جملة من السلبيات والتحديات التي نستعرضها في النقاط التالية[21]:
أ. عدم الالتزام بخطط التنمية الوطنية
غالباً ما يركز المستثمر الأجنبي على مصلحته الخاصة عند شروعه في أي شراكة أو استثمار، وفي حال حدث تضارب بين مصلحة الخطط الوطنية ومصلحة المستثمر فعادة ما يُغلِّب مصلحته، خصوصاً إذا كان المشروع قائماً على الدعم والتمويل القادم منه، دون الالتفات إلى حاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلد المضيف.
ب. عدم التمكن من نقل الخبرة والتقنية من جهات الاستثمار الأجنبي
إن المشروعات الأجنبية غالباً ما تستورد أو تنقل التكنولوجيا على شكل حزم ضمن اتفاقياتها مع الدول المضيفة، وبهذا الأسلوب تعمل على تجزئة تقديم الخبرة وعدم تمكين الدولة المضيفة من اكتساب الخبرة الكافية، خصوصاً أن بعض التقنيات والخبرات لا يمكن الاستفادة منها إلا بنقلها نقلاً متكاملاً لا جزئياً.
ج. عدم تحقيق تراكم اقتصادي للدول المضيفة
في الغالب يحول المستثمر الأجنبي الأرباح إلى الخارج، وهذا لا يسهم في تحقيق تراكم مادي في البلد المضيف، ومن ثم يبقى في حالة احتياجٍ إلى الاستثمارات الأجنبية دون الوصول إلى الاكتفاء الاقتصادي الذي يمكنه من إدارة مشاريعه الوطنية برؤوس أموال محلية.
د. عدم تحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسي
يتسم الاستثمار الأجنبي بسرعة التأثر والتقلب وعدم الاستقرار، وهو ما يسهم في تعريض البلد المضيف لعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وهذا بدوره يرسخ حالة تبعية الدول المضيفة لجهات الاستثمار الخارجي التي تحرص في كل الأحوال على تعظيم فوائدها دون مراعاة تقلبات واحتياجات الدول المضيفة.
هـ. إمكانية حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية
قد تسهم الاستثمارات الأجنبية- خصوصاً إذا كانت كبيرة- في تحقيق نمو اقتصادي ضخم في البلد المستثمر فيه، وإن لم يتم التنبه لقضية ضرورة العدالة في توزيع الدخل بين فئات المجتمع، يصبح مجتمع الدولة المضيفة عرضة لبروز جملة من الظواهر؛ منها زيادة الطبقية في المجتمع، وارتفاع معدل الجريمة، وإمكانية حدوث اضطرابات سياسية.
و. إلحاق الضرر بالقدرة التصنيعية للدول المضيفة
عادة ما تمتلك الاستثمارات أو الشركات الدولية الكبيرة قدرات احترافية وتقنيات متقدمة تمكنها من تكوين أو تشكيل مجموعات احتكارية تسيطر بها على بعض مجالات الإنتاج في الاقتصاد المحلي، خصوصاً إذا لم تتضمن قوانين البلدان المضيفة ما يقنن الاحتكار ويمنعه، كما أن الاستثمار الأجنبي يؤثر تأثيراً مباشراً وسلبياً في المشروعات الوطنية التي لم تصبح بعد قادرة على منافسة المشروعات المماثلة التي سيقيمها المستثمر الأجنبي، خصوصاً أن المشاريع المحلية لا تملك القدرات المالية التي تؤهلها للدخول في منافسة مع المشاريع الأجنبية من أجل الحصول على المواد الأولية واليد العاملة المدربة[22].
ز. إمكانية تأزيم مشكلة البطالة
تعتمد بعض الجهات الاستثمارية على الكفاءات والخبرات العاملة لديها، حيث تعمل على نقلهم إلى الفروع التي تفتتحها في الدول المضيفة، وهذا بدوره يعمق مشكلة البطالة في الدول المضيفة، خصوصاً أن معظمها يتوجه للاستثمارات الخارجية من أجل مشكلة البطالة وفتح قنوات استثمارية تسهم في حل هذه الإشكالية.
ثالثاً: تطور العلاقات التجارية الإماراتية التركية
تتمتع كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة بميزات جغرافية واقتصادية أسهمت في تعزيز العلاقة بينهما، حيث خلقت هذه المزايا لدى الجانبين فرصاً شتى دفعت الطرفين إلى الالتفات إلى ضرورة تعزيز العلاقات التجارية بينهما لتحقيق أكبر قدر من الفائدة المرجوة. وعلى الرغم من تأثر العلاقة بين البلدين سلبياً بسبب تباين مواقف البلدين من أحداث الربيع العربي، حافظت الدولتان على استمرار علاقتهما الاقتصادية، وإن كانت بنسب منخفضة مقارنة بالسنوات السابقة.
وأمام التحديات العديدة التي فرضتها التغيرات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط؛ على غرار التبعات الاقتصادية لجائحة كورنا، وتغير أهمية المنطقة العربية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وجدت الدولتان أنهما بحاجة إلى إعادة تفعيل العلاقة بينهما، وهو ما حدث عقب تبادل التصريحات الدبلوماسية التي سبقت تبادل الزيارة بين الطرفين مطلع عام 2022.
1. العلاقات التجارية الإماراتية- التركية.. خلفية تاريخية
العلاقة التي جمعت الجانبين التركي والإماراتي تأسست على الروابط التجارية، حيث ابتدأت هذه العلاقة منذ تأسيس اتحاد الإمارات العربية، وشهدت تطوراً نوعياً بتوقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني في 1984، تبعتها اتفاقات عززت من مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، منها اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون وتبادل المعلومات بين هيئة الأوراق المالية والسلع ومجلس أسواق المال التركي، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي. أنشئ كذلك “مجلس رجال الأعمال الإماراتي – التركي”، وهو مجلس مشترك لرجال أعمال البلدين، عام 2005، استهدف رفع مستوى التعاون بين رجال الأعمال، وعقب إنشاء هذا المجلس وقّعت اتفاقية إطارية للتعاون الاقتصادي بين مجلس التعاون الخليجي وجمهورية تركيا.[23]
ويشكل التقارب مع تركيا فرصة حقيقية للإمارات لتحقيق رغبتها في توسيع قاعدة استثماراتها في المنطقة، حيث تمثل تركيا جسراً ثقافياً وتجارياً بين أوروبا وآسيا، فضلاً عن علاقاتها التجارية والسياسية والأمنية التي تخولها أن تكون رقماً صعباً في عالم المال والأعمال. حيث أصبحت تركيا عضواً في المجلس الأوروبي منذ عام 1949، وتقدمت بطلب العضوية للاتحاد الأوروبي عام 1987، وفعّلت الاتفاقية الجمركية بين تركيا وأوروبا عام 1995. كما أنها إحدى الدول المنضمة لمجموعة الدول العشرين الصناعية، ولها عضوية في منظمة التعاون الإسلامي وحلف الناتو.
بالمقابل تعد زيادة تعزيز تركيا لعلاقاتها بالإمارات فرصة لتركيا من أجل الوصول إلى الأسواق التي تصل إليها الإمارات، ومن أجل الاستفادة من القدرة على الحصول على المواد الخام القادمة من الإمارات أو من أسواقها، إذ تشكل الإمارات محوراً يصل بين الشرق والغرب، وبوابة تجارية حيوية للصادرات التركية نحو أسواق الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا. ومن خلال تكامل دوريهما في توسيع قنوات حركة البضائع والمنتجات، وباعتبارهما مركزين تجاريين مهمين يربطان الشرق والغرب- بموقعهما الجغرافي المميز- تستطيعان أن تتجاوزا كثيراً من التحديات الاقتصادية القائمة على مستوى عالمي عبر تمتين علاقتهما[24].
2. العلاقات التجارية بين البلدين في العصر الحالي
حلت الإمارات بالمرتبة الأولى خليجياً وعربياً من حيث قيمة وتنوع الاستثمارات المباشرة في تركيا، وذلك نتيجة لنمو وتطور العلاقة التجارية بين البلدين، حيث نمت باطراد خلال العقدين الماضيين لتصل إلى قرابة 8 مليارات دولار أمريكي. وخلال السنوات الأربع الماضية، منذ 2019 وحتى 2022، حافظت أنقرة وأبو ظبي على استقرار العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما رغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا والتباينات السياسية بين البلدين، حيث توسعت هذه العلاقة لتشمل جوانب جديدة تتماشى مع التحديات التي واجهها البلدان خلال فترة كورونا، وهو ما انعكس على حجم الصادرات التركية إلى الإمارات التي ارتفعت إلى نحو 295 مليون دولار أمريكي في شهر يونيو/حزيران 2022، مقارنة بشهر مايو/أيار من نفس العام، الذي بلغت قيمة صادراته نحو 243.5 مليون دولار. ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية التركية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين قرابة 7.4 مليارات دولار أمريكي عام 2019، ونحو 7.6 مليارات دولار عام 2018، وذلك بعد أن سجل رقماً قياسياً عام 2017 حين وصل إلى قرابة 14.8 مليار دولار أمريكي. ووفقاً لهذه الأرقام جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ12 كأكبر مستورد للسلع التركية على مستوى العالم، والثانية عربياً بعد العراق، وفي المرتبة التاسعة كأكبر مصدّر للسوق التركية عالمياً والأولى عربياً. وفي حين بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الإمارات 3.5 مليار دولار في عام 2019، وصلت قيمة واردات تركيا من الإمارات في العام نفسه إلى 4.33 مليارات دولار.
وتنوعت الصادرات التركية إلى الإمارات ما بين الأحجار الكريمة والمعادن والآلات والأجهزة الكهربائية، في حين أن أهم الصادرات الإماراتية إلى تركيا هي الذهب والألمنيوم والمجوهرات والنفط والزيوت المعدنية والمواد الكيماوية والحديد[25].
3. المشاريع والاتفاقيات التجارية بين البلدين
في الرابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، زار ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تركيا، ضمن الخطوات التي اتخذتها الدولتان لإعادة تفعيل العلاقة بينهما. أعقبتها زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لأبو ظبي في 13 فبراير/شباط 2022.
ووفقاً للتصريحات الرسمية قرر الطرفان توقيع 12 اتفاقية تشمل مجالات الاستثمار والدفاع والنقل والصحة والزراعة[26]، وقد تضمنت الاتفاقيات بنوداً تركز على المطالب والاحتياجات التركية، في حين ركز بعضها على الاحتياجات الإماراتية. وشملت هذه الاتفاقيات مذكرات تفاهم وبروتوكولات تشمل مجالات الاستثمار والدفاع والصحة والزراعة بجانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها، وهي كما يلي:
أ. اتفاقيات تتعلق بالجانب التركي
نوقشت هذه الاتفاقيات في أثناء زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتركيا، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وتضمنت هذه الاتفاقيات تأسيس الإمارات صندوقاً بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، حيث سيركز على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء، وجاءت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وُقِّعت كالتالي[27]:
– مذكرة تفاهم بين وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات ومجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا للتعاون وتبادل المعلومات المالية.
– اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادي التركي.
– اتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبو ظبي القابضة.
– اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي القابضة وصندوق الثروة السيادي التركي.
– اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا.
– مذكرة تفاهم بين سوق أبو ظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول.
– مذكرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفية بين المصرف المركزي في دولة الإمارات والمصرف المركزي في دولة تركيا.
– اتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا.
– مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة.
– مذكرة تفاهم للتعاون في المجال البيئي.
وعلى هامش هذه الزيارة وُقِّعت اتفاقيات إضافية:
– اتفاقية تعاون بين شركتي أبو ظبي القابضة وكاليون يتريم القابضة التركية.
– اتفاقية تعاون بين بيور هيلث للتجهيزات الطبية ومجموعة سي سي إن القابضة.
ب. اتفاقيات تتعلق بالجانب الإماراتي
عقب الزيارة الإماراتية للجانب التركي زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الإمارات في 14 فبراير/شباط 2022، وتضمنت هذه الزيارة مناقشة ثلاث عشرة اتفاقية إضافية، بعضها يعزز الجوانب التي نوقشت سابقاً، وبعضها يركز على قطاعات واعدة، وتنوعت مجالات الاتفاقيات التي نوقشت كالتالي[28]:
– مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين في مجالات الصحة والعلوم الطبية.
– مذكرة تفاهم في مجال الصناعات والتقنيات المتقدمة.
– مذكرة تفاهم بشأن العمل المناخي.
– مذكرة تفاهم في المجال الثقافي.
– بيان مشترك بشأن النية في البدء باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.
– مذكرة تفاهم في المجالات الزراعية.
– مذكرة تفاهم في مجالات النقل البري والبحري بين حكومتي البلدين.
– مذكرة تفاهم في مجال الشباب.
– مذكرة تفاهم بشأن إدارة الأزمات والكوارث.
– مذكرة تفاهم في مجال الأرصاد الجوية.
– بروتوكول تعاون في مجال الإعلام.
– خطاب نوايا بشأن التعاون في الصناعات الدفاعية.
– بروتوكول تعاون بين الأرشيف والمكتبة الوطنية في دولة الإمارات ومديرية أرشيف جمهورية تركيا التابعة لرئاسة الجمهورية.
بين هاتين الزيارتين وقعت اتفاقيتان خلال تبادل زيارات بين مسؤولي البلدين، ففي 15 ديسمبر/كانون الأول 2021 وقع الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، مذكرة تفاهم بين أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية والأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة خارجية جمهورية تركيا.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 2022، وقع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي والبنك المركزي التركي اتفاقية ثنائية لمقايضة العملات بين الدرهم الإماراتي والليرة التركية، ويبلغ حجم القيمة الاسمية لاتفاقية المقايضة 18 مليار درهم و64 مليار ليرة تركية. ووفقاً لصيغة الاتفاقية تسري مدتها ثلاثة أعوام، مع إمكانية تمديدها بموافقة الطرفين، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون المالي والتجاري بين البلدين[29].
رابعاً: المشاريع والاتفاقيات التجارية وانعكاساتها على البلدين
من خلال النظر في طبيعة المجالات التي تضمنتها الاتفاقيات يلاحظ أنها ركزت على مجالات نوعية استهدف منها الطرفان الاستفادة من نقاط القوة المشتركة بينهما، وفي هذا المحور نستعرض بعض تلك المشاريع التي وُقِّعت، مع التركيز على أبرز المشاريع التي دخلت حيز التنفيذ.
1. أهم المشاريع المتوافق عليها
أ. مذكرة تفاهم بين وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات ومجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا للتعاون وتبادل المعلومات المالية
في 23 مارس/ آذار 2022 بدأ تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا والإمارات، الخاصة بتبادل المعلومات المالية في سياق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبموجب هذه المذكرة ستتمكن وحدات الاستخبارات المالية- بين الطرفين- من مشاركة المعلومات المتاحة عن غسل الأموال والجرائم ذات الصلة وتمويل الإرهاب. ويشار إلى أن مذكرة التفاهم وقعها رئيس مجلس التقصي في الجرائم المالية بوزارة الخزانة والمالية التركية خير الدين قورت، ومن الجانب الإماراتي علي فيصل باعلوي، رئيس وحدة المعلومات المالية في البنك المركزي الإماراتي، وذلك أثناء زيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.[30]
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التعاون سيسهم في تعزيز الثقة بين الطرفين، كما ستترتب عليه فوائد اقتصادية جمة نتيجة لضبط عملية التهرب الضريبي، بالإضافة إلى إمكانية مكافحة الجرائم المالية التي يكون لها انعكاسات سلبية لا على الجانب الاقتصادي وحسب، بل لها انعكاسات سياسية واجتماعية أيضاً، إذ يمكن أن يسهم تبادل المعلومات الاستخباراتية في الجانب الاقتصادي بين الجانبين في تعزيز الثقة وتبادل المعلومات في جوانب أخرى.
ب. اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادي التركي
أثناء الزيارة التي قام بها الرئيس التركي للإمارات في 14 فبراير/شباط وقعت كل من مجموعة “موانئ أبو ظبي” وصندوق الثروة السيادي التركي اتفاقية شراكة استراتيجية لاستطلاع الفرص الاستثمارية لتطوير وتشغيل الموانئ، وتنسيق الجهود المشتركة لدراسة عدد من المشاريع الاستثمارية في القطاع اللوجيستي في تركيا. وقع عن الجانب الإماراتي الرئيس التنفيذي لمجموعة “موانئ أبو ظبي”، محمد جمعة الشامسي، وعن الجانب التركي الرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادي التركي، أرادا إيرمت.
ونصت الاتفاقية على تعاون الجانبين في استطلاع ودراسة عدد من الفرص الاستثمارية في تركيا، بالإضافة إلى إنشاء لجنة توجيهية مشتركة لتقييم تلك الفرص وتعزيز العلاقات والروابط التجارية بين الطرفين. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحقيق الفائدة لكلا الطرفين، فمن جهة تهدف إلى تعزيز مكانة مجموعة “موانئ أبو ظبي” بصفتها مؤسسة متكاملة عاملة في قطاعات الموانئ والخدمات اللوجيستية، ومن جانب آخر تهدف إلى تعزيز مستوى التبادل التجاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا بما يعود بالفائدة عليهما[31].
قد يسهم هذا النوع من التعاون في تأسيس قاعدة لخلق علاقة استراتيجية بين الطرفين، إذ تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات له بعد استراتيجي على الطرفين، فمن جهة تحاول الإمارات- من خلال تفعيل دور هذه الشركة- أن تكون إحدى الجهات البارزة المنظمة للتجارة الدولية، ورفد هذه الشركة بعلاقة نوعية مع الصندوق السيادي التركي من شأنه أن يعزز من قدراتها الاستثمارية. أما بالنسبة لتركيا فيمكنها من خلال هذه الاتفاقية الوصول إلى الأسواق التي تديرها شركة أبو ظبي للموانئ، كما يمكن للصندوق السيادي التركي أن يوظف الأموال القادمة من شركة أبو ظبي في تنفيذ المشاريع الوطنية لتركيا، لكن تواجه هذه الاتفاقية تحدياً يتمثل في تخوف الجانب التركي من إمكانية تأثير هذه الشركة في المشاريع الوطنية، خصوصاً إذا تعارضت المصلحة بين البلدين.
ج. اتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبو ظبي القابضة
وقعت شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) عدة اتفاقيات شراكة مع مؤسسات استثمارية تركية رائدة لتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية في كلّ من الإمارات وتركيا. ووقعت هذه الاتفاقيات مع جهات تركية متعددة، منها صندوق الثروة السيادي التركي، ومكتب الاستثمار التركي، و”سي سي إن” القابضة. وتعد شركة أبو ظبي القابضة (ADQ) إحدى أبرز الشركات القابضة على مستوى المنطقة، وتمتلك محفظة واسعة من الشركات الكبرى العاملة في القطاعات الرئيسية. هذه الشبكة من العلاقات ستخلق فرصاً استثمارية للطرفين، كما ستسهل عملية التواصل والتعاون بين الجهات الاقتصادية المختصة لدى البلدين[32].
بناء قاعدة من الشراكات في مختلف المجالات يحقق ميزة للدولتين، إذ يمكن للإمارات أن تنوع من مجالات استثماراتها في المشاريع التركية، وهذا بدوره يمكن أن يعزز من الثقة بينهما، بالإضافة إلى ذلك يمكن للإمارات أن تؤثر أكثر في الاقتصاد التركي من خلال التنويع في مجالات استثماراتها، فكما هو معلوم يمكّن الاستثمار الخارجي الدول المستثمرة من خلق تأثير مباشر في استقرار اقتصاد الدول المضيفة من عدمه. وبالنسبة للجانب التركي يعد التنويع في الشراكات الاستثمارية وسيلة لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز فاعلية الجهات والمؤسسات التركية، بتمكينها من تنفيذ مشاريعها من خلال رفدها برؤوس الأموال اللازمة. غير أن هذا الميزات التي يمثلها تعدد الشراكات الاقتصادية بين البلدين يواجه تحدياً حقيقياً في احتمالية أن تؤثر الظروف السياسية وتباين المصالح في وقف هذا النوع من التعاون والشراكات، ومن ثم التأثير السلبي في مختلف جهات الاستثمار الإماراتية والجهات الاقتصادية الوطنية.
د. اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي القابضة وصندوق الثروة السيادي التركي
تعد الصناديق السيادية إحدى أبرز الجهات التي تمول ميزانية الدول، وتسهل عليها تنفيذ خططها الوطنية، ومن هنا ركزت الاتفاقيات بين البلدين على تجسير التواصل بين شركة أبو ظبي القابضة وبين صندوق الثروة السيادي التركي، من أجل تسهيل عملية التعاون بين الطرفين، فمن جهة ستتمكن الجهات المستثمرة الإماراتية من الاطلاع على مختلف المشاريع التنموية ضمن الخطط الوطنية التركية، وسيسهل عليها اختيار المشاريع ذات الريع الأفضل. وبالمقابل سيتمكن صندوق الثروة السيادي التركي من توظيف حزم الأموال المقدمة من الجهات الاستثمارية بشكل يتوافق مع الاحتياجات التي تتطلبها الخطط الوطنية.
وبشكل عام تهدف الاتفاقيات الموقعة مع صندوق الثروة السيادي التركي إلى إنشاء صندوق مشترك للاستثمار في الشركات التركية المُتخصصة في مجال التكنولوجيا[33]، وهو أحد القطاعات الواعدة في تركيا، كما أنه أحد القطاعات التي تركز عليها الإمارات لتعزز من نمو اقتصادها في المرحلة المقبلة.
هـ. اتفاقية تعاون بين شركة أبو ظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا
تحرص شركة أبو ظبي القابضة على التركيز على قطاعات رئيسية محددة في توقيعها لاتفاقيات مع الجانب التركي، وضمن تلك الجهات وقعت الشركة اتفاقية مع مكتب الاستثمار التركي مجموعة اتفاقيات تهدف إلى تحقيق الاستثمار المشترك في الشركات التكنولوجية الناشئة ذات النمو المطرد، ومن أبرز القطاعات الرئيسية التي ركزت عليها هذه الاتفاقية قطاع الطاقة، والمرافق، والصحة والدواء، والغذاء والزراعة، والنقل، إضافة إلى قطاع الخدمات اللوجستية[34].
التركيز على قطاع التكنولوجيا ضمن الاتفاقيات الموقعة يشير إلى رغبة الجانب الإماراتي في الاستفادة من التطور التقني القائم في تركيا، كما يدل في الوقت ذاته على رغبة تركيا في رفد هذا القطاع برؤوس الأموال اللازمة من أجل تطويره.
و. مذكرة تفاهم بين سوق أبو ظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول
في 14 فبراير/ شباط 2022 وقعت سوق أبو ظبي للأوراق المالية اتفاقية مع بورصة إسطنبول، وتهدف هذه الاتفاقية إلى الاستفادة من خبرات بورصة إسطنبول من أجل تقديم الدعم التقني والخدمات الاستشارية في مجال تقنية المعلومات إلى سوق أبو ظبي للأوراق المالية. وقع الاتفاقية نيابة عن الجانب الإماراتي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي سعيد حمد الظاهري، وعن بورصة إسطنبول الرئيس التنفيذي كوركماز إرغون. إضافة إلى هدف الاستفادة من الخدمات الاستشارية تسعى هذه الاتفاقية إلى إنشاء أنظمة جديدة، ودمجها بين البلدين، وتحديث منصة السوق، ونقل البيانات إلى المنصة الجديدة، واختبارات تطبيق التقنيات الجديدة، ونقل الخبرات والبرامج التدريبية.
ووفقاً للرئيس التنفيذي لبورصة إسطنبول، كوركماز إرغون، تعد هذه الاتفاقية أول تعاون خارجي للبورصة التركية من أجل تقديم خدماتها الاستشارية والدعم التقني للأسواق المالية الأخرى. في حين أوضح الرئيس التنفيذي لسوق أبو ظبي للأوراق المالية، سعيد حمد الظاهري، أن التعاون مع بورصة إسطنبول والاستفادة من خبراتها سيعزز من القدرات التقنية لسوق أبو ظبي للأوراق المالية، كما سيسهل من عملية توسيع نطاق منتجاتها وخدماتها، جنباً إلى جنب مع الاستثمار في التكنولوجيا بهدف زيادة كفاءة التداول وتعزيز تجربة العملاء، وكل هذه الجهود تأتي من أجل تعزيز مكانة سوق أبو ظبي للأوراق المالية بوصفها وجهة مفضلة للمصدرين والمستثمرين من أنحاء العالم[35].
من خلال توقيع هذه الاتفاقية يمكن للإمارات الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الجانب التركي، وهو ما سيكون له انعكاسات مباشرة على تطور هذا القطاع في الإمارات، بالمقابل يمكن لتركيا الاستفادة من تحويل خبرتها في هذا المجال إلى قطاع تسويقي يشكل رافداً اقتصادياً إضافياً يمكنها الاعتماد عليه في تمويل مشاريعها الاقتصادية، كما أن تحويل هذه الخبرة إلى صنعة يسهم في تطويرها أكثر، كما يسهم في توسيع نطاق الشراكات الاقتصادية والاستثمارية.
ز. مذكرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفية بين المصرفين المركزيين في الإمارات وتركيا
في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021 نشرت الجريدة الرسمية التركية قراراً للبنك المركزي التركي باعتماد عملة الإمارات للتداول تحت إطار العملات الأجنبية المتداولة. وجاء تنفيذ هذا القرار وفقاً للتعديلات التي أجريت على قرار حماية قيمة العملة التركية، وبالتعاون مع وزارة الخزانة والمالية، ووفقاً لهذا القرار ارتفع عدد العملات الأجنبية المتداولة لدى البنك المركزي إلى 22 عملة. وتأتي خطوة تنفيذ هذه المذكرة ضمن تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين[36]. هذا النوع من الاتفاقيات يعزز من مستوى الشفافية التي تعزز من قوة الاقتصاد لدى كل من الإمارات وتركيا، ويعزز الثقة التي تقوي روابط التعاون بين البلدين، وهو ما سيكون له انعكاسات سياسية واقتصادية.
ح. اتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا
أثناء زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان لتركيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وقع الطرفان اتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية، وقعها عن الجانب الإماراتي رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية علي بن حماد الشامسي، وعن الجانب التركي وزير التجارة مهيمت موس[37].
استهدفت هذه الاتفاقية الإسهام في الحد من المخالفات التشريعية الجمركية التي تؤدي إلى الإخلال بالمصالح الاقتصادية والتجارية والمالية والاجتماعية والثقافية للبلدين. كما تسعى إلى ضمان الاحتساب الدقيق وتحصيل الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى على الصادرات والواردات من السلع، فضلاً عن تنفيذ الأحكام المتعلقة بالحظر والتقييد والرقابة. بالإضافة إلى تفعيل الإجراءات ضد المخالفات الجمركية، بما يسهم في تعزيز التعاون الجمركي ويخدم المصلحة المشتركة وتهيئة المناخ الملائم لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية بصفة عامة بين البلدين.[38]
التعاون في الجانب الجمركي يسهم إسهاماً كبيراً في الاستقرار الاقتصادي؛ إذ إن تسهيل دخول البضائع من جهة، والتعاون في تحديد تعريف رسوم جمركية مخففة، من جهة أخرى، يعمق حركة الاستيراد والتصدير بين البلدين.
ط. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة
يعد مجال الطاقة أحد المجالات المهمة ذات التأثير المباشر في خطط التنمية بمختلف جوانبها، ومن هنا تضمنت الاتفاقيات الموقعة بين الإمارات وتركيا هذا الجانب، فمن جهة تتمتع الإمارات بقدرتها على تصدير النفط، وفي المقابل تتمتع تركيا بقدراتها الصناعية التي تحتاج إلى الطاقة من أجل تفعيل مجال نشاطها، ومن هنا فقد استهدف التوقيع على هذه الاتفاقية تحقيق التكامل بين أدوار الجانبين بما يحقق مصلحتهما. وقع هذه الاتفاقية عن الجانب التركي وزير الطاقة والموارد الطبيعية فتيح دونمير، وعن الجانب الإماراتي وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي[39].
تتميز الإمارات بكونها إحدى الأسواق التي تصدر النفط، الذي يعد سلعة مهمة لكونه يمثل الطاقة التي تعتمد عليها مختلف الصناعات في عالم اليوم، وتوقيع مثل هذه الاتفاقية يعزز قدرة الإمارات على تنويع الأسواق التي تصدر إليها هذه السلعة، بالمقابل تتمتع تركيا بحراك صناعي تقني يأخذ مجال توليد الطاقة التقليدية والطاقة النظيفة في الحسبان، وبتوفر سلعة النفط من الجانب الإماراتي، بالإضافة إلى وجود الحراك الصناعي التقني، تتشكل قاعدة تعاون وتفاهم مشترك بين الدولتين.
ي. مذكرة تفاهم للتعاون في المجال البيئي
يعد التعاون في المجال البيئي أحد المجالات المهمة التي تعزز مستوى التعاون بين الدول، ومن هنا حرصت كل من الإمارات وتركيا على تضمين هذا الجانب في الاتفاقيات التي نوقشت خلال تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين.
هدفت هذه المذكرة إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال حماية البيئة من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي في مجال التصنيع الحديث الذي يأخذ اعتبارات الحفاظ على البيئة ضمن الأولويات التصنيعية.
وقع هذه الاتفاقية وزير البيئة والتحضر التركي مراد كوروم، ووزيرة التغير المناخي والبيئة مريم بنت محمد المهيري[40].
وعلى هامش هذه الزيارة وُقعت اتفاقيات إضافية شملت:
اتفاقية تعاون بين شركتي أبو ظبي القابضة وكاليون يتريم القابضة التركية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية تعاون بين بيور هيلث للتجهيزات الطبية ومجموعة سي سي إن التركية القابضة، وتهدف هذه الاتفاقية إلى تفعيل جانب الفرص الاستثمارية المتاحة في التعاون بين القطاع الحكومي والخاص لإنشاء المستشفيات والمرافق الطبية في تركيا[41]، خصوصاً أن تركيا قطعت شوطاً في مجال ما يسمى بالسياحة العلاجية من جهة، ودخلت مجال تصنيع الأدوات الطبية، من جهة ثانية.
وفي الزيارة الرسمية الثانية التي تمت بين البلدين وُقعت اتفاقيات معززة للمجالات السابقة، بالإضافة إلى التركيز على قطاعات جديدة واعدة، منها[42]:
– مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين في مجالات الصحة والعلوم الطبية، إذ وقع هذه المذكرة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ووزير الصحة ووقاية المجتمع عبد الرحمن العويس.
– مذكرة تفاهم في مجال الصناعات والتقنيات المتقدمة، وقعها وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك، وعن الجانب الإماراتي وقعها وزير الصناعة والتكنولوجيا سلطان بن أحمد الجابر.
– مذكرة تفاهم بشأن العمل المناخي، وقعها أيضاً وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، وعن الجانب الإماراتي المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي سلطان بن أحمد الجابر.
– مذكرة تفاهم في المجال الثقافي بين حكومتي البلدين، وقعها وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي، وعن الجانب الإماراتي وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة بنت محمد الكعبي.
– إعلان بيان مشترك بشأن النية في البدء باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، وقع هذا البيان كل من وزير التجارة التركي محمد موش، ونظيره الإماراتي عبد الله بن طوق المر.
– مذكرة تفاهم في المجالات الزراعية، وقعها عن الجانب التركي وزير الزراعة والغابات بكير باكديميرلي، وعن الجانب الإماراتي وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم المهيري.
– مذكرة تفاهم في مجالات النقل البري والبحري بين حكومتي البلدين، وقعها عن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية عادل قرايسمايل أوغلو، وعن الجانب الإماراتي وزير التجارة الخارجية ثاني بن أحمد – الزيود.
– مذكرة تفاهم في مجال الشباب، وقعها وزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرصوي ووزيرة الدولة الإماراتية لشؤون الشباب شما المزروعي.
– مذكرة تفاهم بشأن إدارة الأزمات والكوارث، وقعها عن الجانب التركي وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، مع رئيس الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث علي سعيد النيادي.
– مذكرة تفاهم في مجال الأرصاد الجوية، وقعها وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، وفارس محمد المزروعي رئيس مجلس أمناء المركز الوطني للأرصاد الجوية.
– توقيع بروتوكول تعاون في مجال الإعلام، وقعها عن الجانب التركي رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، وعن الجانب الإماراتي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات سعيد محمد العطار.
– خطاب نوايا بشأن التعاون في الصناعات الدفاعية، وقعه عن الجانب التركي رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، وعن الجانب الإماراتي الرئيس التنفيذي لمجلس التوازن الاقتصادي الإماراتي طارق عبد الرحيم الحوسني، وذلك من أجل البدء باجتماعات تعزز من التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والتي تعد أولوية لدى الطرفين نظراً للتغيرات التي تشهدها المنطقة خلال الفترة الحالية.
– بروتوكول تعاون بين الأرشيف والمكتبة الوطنية في دولة الإمارات ومديرية أرشيف جمهورية تركيا التابعة لرئاسة الجمهورية، وقعه المدير العام لأرشيف الدولة أوغور أونال، وعن الجانب الإماراتي المدير العام للأرشيف الوطني عبد الله ماجد آل علي.
2. نظرة تحليلية حول الاتفاقيات بين البلدين
من خلال التدقيق في المجالات التي تضمنتها الاتفاقيات في الزيارة الأولى ومقارنتها بالمجالات التي تم توقيعها في الزيارة الثانية يلاحظ التالي:
– معظم مجالات الاتفاقيات في الزيارة الأولى كانت عامة، وتركزت في الجانب الاقتصادي، وهذا يشير إلى أنه على الرغم من رغبة الدولتين في إحداث تقارب بينهما فإنه لا يزال هنالك مخاوف دفعت الطرفين إلى تعزيز الروابط الاقتصادية التي كانت قائمة رغم الخلافات السياسية، مع توسيع نطاق التعاون في مجالات عامة.
– الاتفاقيات التي تضمنت مجال الطاقة والمناخ بالإضافة إلى توقيع بروتوكولات مع بعض الشركات التركية استهدفت التنويع في نطاق التفاهمات القائمة لكنها بدت هامشية مقابل التركيز على الجانب الاقتصادي، والذي حصل على أكثر من نصف عدد الاتفاقيات التي وقعت في الزيارة الأولى.
– يلاحظ في اتفاقيات الزيارة الثانية أنها جاءت مكملة وتفصيلية للمجالات التي وقعت في الزيارة الأولى.
– ركزت الاتفاقيات التي جاءت في الزيارة الثانية على قطاعات نوعية تتميز بها الصناعة التركية، وهي مجال الصحة والعلوم الطبية، بالإضافة إلى الصناعات التقنية المتقدمة.
– ذكر الجانب الاقتصادي في بند واحد، لكنه جاء بصيغة معمقة وأكثر شمولية، وعملت الاتفاقيات التي وقعت في الزيارة الأولى على تسهيل توقيع هذه الاتفاقية الشاملة والبدء بتنفيذها.
– عكست الاتفاقات التي وقعت في الزيارة الثانية رغبة الإمارات بالاستفادة من قطاعات واعدة في تركيا كالجانب الزراعي، والنقل البحري والبري، بالإضافة إلى إدارة الأزمات والكوارث.
– تضمنت الزيارة الثانية توقيع اتفاقية نوعية تتعلق بالجانب الدفاعي، وهذا يعكس أمرين، الأول رغبة الإمارات الحقيقية في الاستفادة من التطور النوعي في الصناعات الدفاعية التركية خصوصاً في مجال تصنيع الطائرات المسيرة، والأمر الآخر يتعلق بنشوء رغبة حقيقية من الطرفين في توطيد العلاقة بينهما من أجل مواجهة التحديات والتغيرات القائمة في المنطقة.
3. نماذج للاستثمارات الإماراتية في تركيا
وحتى تتحقق النتائج المرجوة من الاتفاقات بين الدولتين، شرعت كل من الإمارات وتركيا في تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية، بالإضافة إلى تطبيق بعض بنود الاتفاقيات التي وُقّعت، ومن أبرز تلك المشاريع التي بُدِئ بها المشاريع التالية:
أ. القطاع الصناعي
تتميز تركيا بوجود شركات متنوعة ومتخصصة في قطاعات شتى، وهو ما يمثل فرصة للجهات الاستثمارية الإماراتية من أجل تحقيق فائدة أكبر بالحصول على الميزات التي يوفرها إطار الاتفاقيات التي تم توقيعها، وفي هذا السياق استحوذت شركة “فينيكس” الإماراتية للسكوتر على شركة “بالم” التركية الرائدة في مجال التنقل الخفيف (السكوتر الكهربائي)، في 2 أغسطس/آب 2021، مقابل 43 مليون ليرة تركية (نحو 5 ملايين دولار أمريكي). وسابقاً في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أعلنت مجموعة شركات “ياشار” (Yaşar Holding) التركية، صاحبة العلامة التجارية “بينار” (Pınar) المختصة في صناعة منتجات الأجبان والألبان، عن قيامها باستثمار مباشر في العاصمة الإماراتية أبو ظبي لبناء مصنع خاص بتصنيع الجبن بقيمة 30 مليون دولار أمريكي[43]، وهذا يعكس وجود تبادل تجاري واستثماري بين الدولتين في وقت سابق، عززته الاتفاقيات التي وقعت في وقت لاحق.
ب. القطاع التكنولوجي
قطعت تركيا شوطاً كبيراً في مجال التصنيع التقني مقارنة بكثير من دول المنطقة، وهو ما أهلها لأن تعد شريكاً تجارياً موثوقاً لأي دولة تريد أن تعزز من هذه الصناعة ضمن خططها الوطنية، وهو ما أخذته الإمارات في الحسبان ضمن مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وقعتها مع تركيا، إذ أعلنت الشركة القابضة الإماراتية وصندوق الثروة السيادي التركي، في 23 مارس/آذار 2022 إطلاق صندوق مشترك بقيمة 300 مليون دولار للاستثمار في صناديق استثمارية وشركات تركية ناشئة، وأُطلق “صندوق تركيا للتكنولوجيا” (ADQ -TWF) بحضور رئيس الشركة القابضة محمد حسن السويدي، والرئيس التنفيذي للصندوق السيادي التركي أردا إرموت، ويعمل هذا الصندوق على الاستثمار في تطوير التقنيات الجديدة والشركات التركية الناشئة ذات النمو المرتفع، إضافة إلى قطاعات أخرى؛ بينها الطاقة والمرافق الصحية والأغذية والزراعة والنقل والخدمات اللوجيستية والمالية[44]. ويأتي إطلاق هذا الصندوق ضمن الخطوات التنفيذية التي اتخذها الجانبان من أجل تفعيل بنود الاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارتين بين الجانبين.
ج. قطاع العقارات
يعد قطاع العقارات من القطاعات المهمة التي تجتذب كثيراً من الاستثمارات الإماراتية في الداخل التركي، كما أن وجود شركات عقارية تركية متمكنة في مجال الإنشاء يعد فرصة من أجل تنفيذ بعض برامج البنية التحتية في الإمارات، ومنذ توقيع الاتفاقيات بين البلدين شهد هذا القطاع تطوراً ملحوظاً تمثل في تنفيذ “اجتماع الطاولة المستديرة الإماراتي التركي للتطوير العقاري والبناء 2022″، الذي نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في دبي. ويرجى من خلال تفعيل هذا القطاع إعادة رفع مستوى العلاقات التجارية بين البلدين، الذي وصل في وقت سابق إلى 15 مليار دولار ثم تراجع مع الوقت إلى 3 مليارات دولار. ووفقاً لرئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباك، من الممكن استعادة هذه العلاقات في ظل المؤشرات القائمة حالياً، إذ ارتفعت الصادرات التركية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2022 بنسبة 40 في المئة، وفيما يخص قطاع العقارات يشار إلى أن الشركات التركية نفذت -حتى الثاني من ابريل 2022- 141 مشروعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيمة 13,5 مليار دولار تقريباً. ويمكن تعزيز العلاقة القائمة حالياً في قطاع العقارات في ظل وجود العديد من المجالات التي يمكن التعاون فيها لتعزيز العلاقات التجارية، من أبرزها المشاريع التي ستُنفَّذ في إطار رؤية دبي 2040، إذ تقدر مشاريع البنية التحتية والفوقية بقيمة 130 مليار دولار[45].
4.أسس ودوافع الاستثمار الإماراتي في تركيا
تنطلق الإمارات من مجموعة من الأسس والدوافع التي تجعل من تركيا خياراً استراتيجياً لاستثماراتها، وفيما يأتي أبرز هذه الدوافع:
– رغبة الإمارات في أن تكون إحدى الجهات الدولية المنظمة للتجارة البحرية تدفعها لأن تنوع في علاقاتها التجارية والاستثمارية.
– المكانة والموقع الجغرافي لتركيا يؤهلانها لأن تكون ممراً للبضائع والمنتجات التي تمر عبر الأسواق التي تديرها الإمارات.
– الكثافة السكانية في تركيا تعد خياراً استراتيجياً من أجل توسيع الأسواق التي تستهدفها الإمارات من جهة، كما أنها توفر العمالة ذات الدخل المناسب للشركات الاستثمارية، من جهة ثانية.
– رغبة الإمارات في الاستفادة من الشركات الصناعية التركية من جهة، والاستفادة من الخبرة التركية في هذا المجال، من جهة ثانية.
5. محددات الاستثمار الإماراتي في تركيا
حتى تتحقق الفائدة المرجوة من التوافقات الاستثمارية بين الإمارات وتركيا، ينبغي أخذ بعض المحددات والعوامل في الحسبان في تحليل هذا التقارب، ومن أبرز هذه المحددات:
– حالة التنافس والاستقطاب السياسي على مستوى إقليمي ودولي سيكون لها أثر كبير في تعزيز هذا التوافق أو إضعافه، فقد تسهم هذه التوافقات في تعزيز العلاقة بين الدولتين ما لم تظهر مستجدات سياسية أو اقتصادية تعيدهما إلى المربع السابق.
– مدى جدية الجانب التركي في نقل خبرته الاقتصادية والصناعية وتمكين الاستثمارات الإماراتية من التغلغل في مشاريعه الوطنية مرهون بمستوى الضمانات التي يمكن للجانب الإماراتي أن يقدمها، خصوصاً أن الجانبين اتخذا مواقف متباينة حيال كثير من ملفات وقضايا المنطقة العربية.
– استمرار ارتباك الوضع الجيوسياسي والسياسي في المنطقة يعد فرصة وتحدياً للدولتين من أجل تحويل علاقاتهما الاقتصادية إلى علاقات استراتيجية، فكلتاهما ستتأثر بالتغيرات القائمة ولو بنسب متفاوتة.
– استمرار تطور الصناعة الدفاعية والتصنيع التقني في تركيا قد يسهم في تعزيز هذه العلاقة، خصوصاً أن الإمارات لم تتمكن من الحصول على الأسلحة النوعية من حلفائها الغرب في ظل الضغوط المجتمعية القائمة في تلك الدول.
– تشابك وتركز المصالح الدولية في منطقة الخليج سيكون له انعكاسات على تنفيذ وتطبيق هذه الاتفاقيات، خصوصاً في مجال التصنيع الدفاعي، إذ ليس من المتوقع أن تصل هذه العلاقة إلى مستوى العلاقة الاستراتيجية؛ بسبب ضغوط الجهات الغربية التي لا ترى من مصلحتها أن تمتلك دولة خليجية أسلحة نوعية؛ من أجل عدم تهديد الكيان الإسرائيلي.
خامساً: الاستثمار الإماراتي في تركيا: المزايا والتحديات
ثمة مجموعة من العوامل والمزايا التي تعزز إمكانية تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين، ومن تلك المزايا:
– العامل الثقافي، ببعده الديني والتاريخي، يشكل قاعدة صلبة لإمكانية خلق حالة من الثقة تسهل عملية تنفيذ بنود الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
– تتمتع الإمارات بقدرة تمويلية جيدة، وهو ما يمثل فرصة لأن تكون خياراً جيداً من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية التركية، خصوصاً أن الاقتصاد التركي تعرض لهزات عقب تراجع قيمة عملته المحلية.
لكن بالمقابل تواجه الدولتان تحديات عدة، أبرزها:
– التباين العميق في المواقف السياسية تجاه جملة من القضايا والملفات المتعلقة بالمنطقة العربية، فعلى الرغم من التباعد الجغرافي بينهما تشابكتا في أكثر من منطقة عربية، في ظل حالة الاستقطاب القائمة بين الثورات والثورات المضادة.
– المواقف السياسية السابقة للإمارات قد تسهم في خلق حالة من الشك لدى الجانب التركي، ومن ثم قد تؤدي إلى عدم تفعيل الاستثمارات الإماراتية في المشاريع الوطنية التركية خشية أن تتسبب في إعاقة تنفيذها أو التحكم في مخرجاتها.
– حالة الاستقطاب القائمة في الداخل التركي قد تتسبب في وقف تنفيذ هذه الاتفاقيات، إذ قد تتغير الأولويات الاستثمارية بناءً على مخرجات الانتخابات القادمة.
– التغيرات الإقليمية قد تلقي بظلالها على تنفيذ هذه الاتفاقيات في ظل تسارع وسيولة الأحداث السياسية والاقتصادية.
خاتمة
من خلال النظر وتحليل البيانات المتعلقة بحجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا نرى أنها قد تنامت في السنتين الأخيرتين، كما أنها تنوعت لتشمل قطاعات شتى؛ منها قطاع العقارات والبنية التحتية، ومنها ما يتعلق بالقطاع التكنولوجي وقطاع التصنيع، وكل هذه المجالات تشهد حركة واسعة من التعاون والتبادل التجاري بين البلدين في ظل الحاجة القائمة لتنمية القطاع الاقتصادي والبنى التحتية التي تتضمنها رؤية دبي 2040، وفي ظل حاجة تركيا إلى تفعيل القطاع الاقتصادي والصناعي لتخرج من أزمتها الاقتصادية الخانقة. يعزز من إمكانية استمرار الاتفاقيات بين البلدين استمرار التفاهمات الاقتصادية سابقاً رغم وجود اختلافات سياسية واضحة، كما أن حجم التحديات التي تفرضها التغيرات الإقليمية والأحداث الدولية تدفع الطرفين إلى التمسك بهذه الاتفاقيات، لا لتسهيلها عمليات التبادل والتجاري والتعاون الاقتصادي وحسب، بل لأنها تستطيع أن تمهد لحدوث تقارب أمني وسياسي بين البلدين على المدى البعيد.
المراجع
العربية
– أحمد مبروك خليفة، إبراهيم سيد محمود، الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره على النمو الاقتصادي: دراسة قياسية على الحالة المصرية، المركز الديمقراطي العربي، 27/4/2014، تاريخ زيارة الموقع: 13/5/2022، في: https://cutt.ly/bF43Azk
– أحمد نصير، العلاقات الاقتصادية الإماراتية التركية.. 27 اتفاقية لشراكة مستدامة، موقع العين الإخباري، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/jG5xu6L
– ترك برس، 13 اتفاقية في مختلف المجالات.. تعرّف على تفاصيل الاتفاقيات الموقعة بين تركيا والإمارات، 15/2/2022، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/NG6tigp
– تقي عبد سالم العاني، الاستثمار الأجنبي ما له وعليه، المجلة العراقية للعلوم الاقتصادية، المجلد الأول، العدد الثالث، 2003.
– تي ري تي عربي، ما حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين تركيا والإمارات؟، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/TGqSxxj
– الجزيرة نت، وقعتا 10 اتفاقيات للتعاون.. الإمارات تعلن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/2Hfb9P6
– جهاد أبو السندس وغازي المومني، أثر الاستثمارات غير الأردنية على ربحية الأسهم ومخاطرها (دراسة حالة الشركات الصناعية في الأردن)، مجلة آفاق اقتصادية، المجلد 27، العدد 107، الإمارات العربية المتحدة،
– جيل برتان، الاستثمار الدولي، ترجمة علي مقلد وعلي زيعور، منشورات بيروت، ط1، 1970.
– حازم بدر الخطيب، أهمية الاستثمارات الأجنبية في التنمية الاقتصادية وانعكاساتها ودورها في دعم المشاريع الصغيرة (حالة دراسية في الأردن)، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد 4، في: https://cutt.ly/jF9cL8K
– دريد محمد السامرائي، الاستثمار الأجنبي: المعوقات والضمانات القانونية، مركز الوحدة العربية، بيروت، ط1، 2006.
– راشد النعيمي، الإمارات وتركيا.. 40 عاماً من الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية، موقع الخليج، 13/3/2022، تاريخ زيارة الرابط: 13/5/2022، في: https://cutt.ly/PGqbSfx
– سالم أحمد الفرجاني، المساهمة الأجنبية في الاستثمار المحلي والمحاذير، مؤتمر الاستثمار والتمويل، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر.
– سرمد كوكب الجميل، الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية، التحديات والخيارات، مجلة تنمية الرافدين، جامعة الموصل، 2003.
– سي إن إن بالعربي، 10 اتفاقيات بين الإمارات وتركيا بزيارة محمد بن زايد.. ما هي؟، 25/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/VG6wX59
– الشرق الأوسط، صندوق إماراتي تركي للاستثمار بـ300 مليون دولار، 24/3/2022، رقم العدد (15822)، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/jHvzYiw
– عبد الرزاق حمد حسين، عامر عمران كاظم، قياس أثر الاستثمار الأجنبي غير المباشر على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية في البلدان النامية (الهند حالة دراسية)، مجلة جامعة كركوك للعلوم الإدارية والاقتصادية، المجلد 2، العدد (1)، 2012، في: https://cutt.ly/LF4n5Ut
– محمد فاتح أردوغدو، مسؤول تركي: نتوقع زيادة الاستثمارات الإماراتية في قطاع العقارات (مقابلة)، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/aHvxyfU
– محمد مطر، إدارة الاستثمارات، الإطار النظري والتطبيقات العملية، دار وائل للنشر، عمان- الأردن، ط5، 2009.
– المكتب الإعلامي لحكومة أبو ظبي، “القابضة“(ADQ) تعقد شراكة مع مؤسسات استثمارية تركية رائدة لتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية، 25/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/eG50vTW
– منير إبراهيم هندي، الفكر الحديث في هيكل تمويل الشركات، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط2، 2005.
– موفق أحمد، حلا سامي خضير، الاستثمار الأجنبي وأثره في البيئة الاقتصادية: نظرة تقويمية لقانون الاستثمار العراقي، مجلة الإدارة والاقتصاد، العدد 80، 2010.
– موقع الخليج، تعاون في تقنية المعلومات بين بورصتي أبو ظبي وإسطنبول، 16/2/2022، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/9G58qGJ
– موقع الخليج، ما هو الاستثمار الأجنبي المباشر وما أهميته بالنسبة للدول، تاريخ زيارة الرابط: 12/5/2022، في: https://cutt.ly/RF9j8st
– موقع الرؤية، الإمارات وتركيا توقعان اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز علاقات التعاون، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/bG6qM4e
– موقع العربي 21، المركزي التركي يعتمد عملتي الإمارات وأذربيجان بالتداول، 21/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/XG570Ky
– موقع العين الإخبارية، 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الإمارات وتركيا.. العلاقات نحو آفاق جديدة، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/gHfbkf6
– موقع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ الإماراتية، الركن الإعلامي: الاتفاقيات الثنائية، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/IG56BHN
– نجيب عبد الله الشامسي، الآثار السلبية للاستثمار الأجنبي تتراجع في ظل وجود بيئة اقتصادية مناسبة- ضرورة الاستفادة من التجربة الآسيوية في عدم الانفتاح غير المدروس أمام الاستثمارات الأجنبية، مجلة البيان، 15/10/2000، تاريخ زيارة الرابط: 12/5/2022، في: https://cutt.us/mdxlb
– وكالة الأناضول، بدء سريان اتفاقية تبادل المعلومات المالية بين تركيا والإمارات، 23/3/2022، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/gG5NUyo
– وكالة الأناضول، خلال زيارة أردوغان.. تركيا والإمارات توقعان 12 اتفاقية، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/fGqHd2z
– وكالة الأناضول، ولي عهد أبو ظبي يصل إلى تركيا في زيارة رسمية، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/qV5Y0Z8
– يعقوب علي جانقي وعلم الدين عبد االله بانقا، تقييم تجزئة السودان في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر وانعكاسها على الوضع الاقتصادي، مؤتمر الاستثمار والتمويل، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر، 2005.
الأجنبية
– Seffrey, P.Graham and R. Bamy Spaulding, 2005 understanding foreign direct investment (FDI), www.investkorea.org
[1] Graham & Spaulding, “understanding foreign direct investment (FDI)”, 2005, p 7.
[2] overview of foreign investment, 2006, p1-2.
[3] محمد مطر، إدارة الاستثمارات، الإطار النظري والتطبيقات العملية، دار وائل للنشر، عمان- الأردن، ط5، 2009، ص 76.
[4] سرمد كوكب الجميل، الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية، التحديات والخيارات، مجلة تنمية الرافدين، جامعة الموصل، 2003، ص 59-60.
[5] جهاد أبو السندس وغازي المومني، أثر الاستثمارات غير الأردنية على ربحية الأسهم ومخاطرها (دراسة حالة الشركات الصناعية في الأردن)، مجلة آفاق اقتصادية، المجلد 27، العدد 107، الإمارات العربية المتحدة،2006، ص 28-29.
[6] موقع الخليج، ما هو الاستثمار الأجنبي المباشر وما أهميته بالنسبة للدول، تاريخ زيارة الرابط 12/5/2022، في: https://cutt.ly/RF9j8st
[7] جيل برتان، الاستثمار الدولي، ترجمة علي مقلد وعلي زيعور، منشورات بيروت، ط1، 1970، ص 10.
[8] دريد محمد السامرائي، الاستثمار الأجنبي: المعوقات والضمانات القانونية، مركز الوحدة العربية، بيروت، ط1، 2006، ص 66.
[9] سرمد كوكب الجميل، الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية، مرجع سابق، ص60.
[10] موفق أحمد، حلا سامي خضير، الاستثمار الأجنبي وأثره في البيئة الاقتصادية: نظرة تقويمية لقانون الاستثمار العراقي، مجلة الإدارة والاقتصاد، العدد 80، 2010، ص 140.
[11] حازم بدر الخطيب، أهمية الاستثمارات الأجنبية في التنمية الاقتصادية وانعكاساتها ودورها في دعم المشاريع الصغيرة “حالة دراسية في الأردن”، مجلة اقتصاديات شمال أفريقيا، العدد 4، ص 97، في: https://cutt.ly/jF9cL8K
[12] حازم بدر الخطيب، أهمية الاستثمارات الأجنبية، مرجع سابق، ص 98.
[13] يعقوب علي جانقي وعلم الدين عبد االله بانقا، تقييم تجزئة السودان في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر وانعكاسها على الوضع الاقتصادي، مؤتمر الاستثمار والتمويل، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر، 2005، ص 5-6.
[14] أحمد مبروك خليفة، إبراهيم سيد محمود، الاستثمار الأجنبي المباشر وأثره على النمو الاقتصادي: دراسة قياسية على الحالة المصرية، المركز الديمقراطي العربي، 27/4/2014، تاريخ زيارة الموقع: 13/5/2022، في: https://cutt.ly/bF43Azk
[15] موفق أحمد، حلا سامي خضير، الاستثمار الأجنبي وأثره في البيئة الاقتصادية: نظرة تقويمية لقانون الاستثمار العراقي، مجلة الإدارة والاقتصاد، العدد 80، 2010، ص: 141
[16] موفق أحمد، حلا سامي خضير، مصدر سابق، ص: 143
[17] عبد الرزاق حمد حسين، عامر عمران كاظم، قياس أثر الاستثمار الأجنبي غير المباشر على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية في البلدان النامية (الهند حالة دراسية)، مجلة جامعة كركوك للعلوم الإدارية والاقتصادية، المجلد 2، العدد (1)، 2012، ص 103، في: https://cutt.ly/LF4n5Ut
[18] تقي عبد سالم العاني، الاستثمار الأجنبي ما له وعليه، المجلة العراقية للعلوم الاقتصادية، المجلد الأول، العدد الثالث، 2003، ص 1-12.
[19] حازم بدر الخطيب، أهمية الاستثمارات الأجنبية، مرجع سابق، ص 96.
[20] نجيب عبد الله الشامسي، الآثار السلبية للاستثمار الأجنبي تتراجع في ظل وجود بيئة اقتصادية مناسبة- ضرورة الاستفادة من التجربة الآسيوية في عدم الانفتاح غير المدروس أمام الاستثمارات الأجنبية، مجلة البيان، 15/10/2000، تاريخ زيارة الرابط: 12/5/2022، في: https://cutt.us/mdxlb
[21] منير إبراهيم هندي، الفكر الحديث في هيكل تمويل الشركات، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، ط2، 2005، ص 594.
[22] سالم أحمد الفرجاني، المساهمة الأجنبية في الاستثمار المحلي والمحاذير، مؤتمر الاستثمار والتمويل، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر، ص 7-8.
[23] راشد النعيمي، الإمارات وتركيا.. 40 عاماً من الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية، موقع الخليج، 13/3/2022، تاريخ زيارة الرابط: 13/5/2022، في: https://cutt.ly/PGqbSfx
[24]راشد النعيمي، مصدر سابق.
[25] تي ري تي عربي، ما حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين تركيا والإمارات؟، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/TGqSxxj
[26] وكالة الأناضول، خلال زيارة أردوغان.. تركيا والإمارات توقعان 12 اتفاقية، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/fGqHd2z
[27] أحمد نصير، العلاقات الاقتصادية الإماراتية التركية.. 27 اتفاقية لشراكة مستدامة، موقع العين الإخباري، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/jG5xu6L
[28]أحمد نصير، مرجع سابق.
[29] أحمد نصير، مرجع سابق.
[30] وكالة الأناضول، بدء سريان اتفاقية تبادل المعلومات المالية بين تركيا والإمارات، 23/3/2022، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/gG5NUyo
[31] موقع العين الإخبارية، 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الإمارات وتركيا.. العلاقات نحو آفاق جديدة، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/gHfbkf6
[32] الجزيرة نت، وقعتا 10 اتفاقيات للتعاون.. الإمارات تعلن تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/2Hfb9P6
[33] المرجع السابق.
[34] المرجع السابق.
[35] موقع الخليج، تعاون في تقنية المعلومات بين بورصتي أبو ظبي وإسطنبول، 16/2/2022، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/9G58qGJ
[36] موقع العربي 21، المركزي التركي يعتمد عملتي الإمارات وأذربيجان بالتداول، 21/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/XG570Ky
[37] وكالة الأناضول، ولي عهد أبو ظبي يصل إلى تركيا في زيارة رسمية، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/qV5Y0Z8
[38] موقع الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ الإماراتية، الركن الإعلامي: الاتفاقيات الثنائية، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/IG56BHN
[39]موقع الرؤية، الإمارات وتركيا توقعان اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز علاقات التعاون، 24/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/bG6qM4e
[40] سي إن إن بالعربي، 10 اتفاقيات بين الإمارات وتركيا بزيارة محمد بن زايد.. ما هي؟، 25/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/VG6wX59
[41] المكتب الإعلامي لحكومة أبو ظبي، “القابضة“(ADQ) تعقد شراكة مع مؤسسات استثمارية تركية رائدة لتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية، 25/11/2021، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/eG50vTW
[42] ترك برس، 13 اتفاقية في مختلف المجالات.. تعرّف على تفاصيل الاتفاقيات الموقعة بين تركيا والإمارات، 15/2/2022، تاريخ زيارة الرابط: 4/10/2022، في: https://cutt.ly/NG6tigp
[43] تي ري تي عربي، ما حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين تركيا والإمارات؟، مصدر سابق.
[44] الشرق الأوسط، صندوق إماراتي تركي للاستثمار بـ300 مليون دولار، 24/3/2022، رقم العدد (15822)، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/jHvzYiw
[45] محمد فاتح أردوغدو، مسؤول تركي: نتوقع زيادة الاستثمارات الإماراتية في قطاع العقارات (مقابلة)، تاريخ زيارة الرابط: 14/5/2022، في: https://cutt.ly/aHvxyfU