|

صالون

بناء السلام وسبل تحقيقه في المجتمعات الإنسانية

بناء السلام وسبل تحقيقه في المجتمعات الإنسانية

نوال الراضي

|

2023-12-13

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
نوال الراضي

|

2023-12-13

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
نوال الراضي

|

2023-12-13
طباعة

مشاركة

|

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

يتحقق بناء السلام في المجتمعات الإنسانية بتعاون العديد من المؤسسات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، ويؤدي فيه عدة أفراد ومنظمات وحكومات دوراً كبيراً للحفاظ على الأمن والعيش بأمان في المجتمعات الإنسانية.

فما مفهوم بناء السلام؟ وما سياق وضعه؟ وما سبل تحقيقه؟ وما أهم آلياته؟ وما استراتيجية بنائه؟

مفهوم السلام وسياق وضعه

يتمثل السلام في احترام الحياة بمتخلف أشكالها وعدم الاعتداء على حقوق الإنسان والحريات، والالتزام بتسوية جميع النزاعات السلمية، والتمسك بالعدالة والتسامح بين الأمم.

وقد تعددت التعريفات المتعلقة بمفهوم السلام، ومنها: أنه مجموعة القيم والاتجاهات والأعراف وأنماط السلوك وأسلوب حياة قائم على الاحترام الكامل لمبادئ السيادة وسلامة الأراضي الإقليمية والاستقلال السياسي للدول، وعدم التدخل في المسائل التي تعد أساساً ضمن الاختصاص المحلي لأي دولة، والمساواة بين الجنسين في الحقوق والفرص، وحرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات. وهذا التعريف متفق مع تعريف اليونسكو؛ لأنه يشمل كل جوانب التعريف وأبعاده[1].

وقد اتخذ بناء السلام مفهوماً أوسع يشمل منع نشوب الصراعات؛ بمعنى منع تكرار العنف، إضافة إلى إدارة الصراعات وما بعدها، وهو ينطوي على تحول علاقات أكثر سلمية وهياكل محكمة. كما أن مفهوم بناء السلام وضع في الأصل في سياق الجهود التي تبذل بعد انتهاء الصراع من أجل تعزيز المصالحة وإعادة الإعمار[2].

ولا يتأتى بناء السلام إلا بالبحث عن سبل تحقيقه، فما سبل تحقيقه؟ وما آلياته؟

سبل بناء السلام

منذ القدم تسعى جميع الدول إلى العيش في سلام من أجل تحقيق الاستقرار والأمن لمواطنيها. وقد تعددت سبل البحث عن السلام بين الدول بعد الحروب المستمرة الدامية بين دول أوروبا. ومع تطور العلاقات بين الدول تداخلت العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية مع ظهور الدول القومية في أوروبا بعد صلح وستفاليا وظهر ذلك في اتجاهين رئيسيين؛ الأول هو الدعوة المستمرة لخفض تسلح الدول الكبرى منعاً لنشوب الحروب، والثاني هو الدعوة لإنشاء كيانات دولية ترعى الأمن والسلم وتحقق الأمن الجماعي لجميع الدول، وهو ما تطور تطوراً ملحوظاً خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى أن تحقق رسمياً في إنشاء منظمة دولية ذات طبيعة عالمية تختص بتنظيم العلاقات الدولية، وتعمل على إرساء مبدأ الأمن الجماعي وتعظيم مفاهيم السلام بين الدول، فتأسست عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى 1920، ومنظمة الأمم المتحدة 1945، وتبعهما العديد من المنظمات الدولية المتخصصة والمنظمات الإقليمية الهادفة لحفظ الأمن والسلام الدوليين[3].

آليات بناء السلام

كانت الطرق الرئيسية لإدارة الصراعات الدولية خلال الحرب الباردة وقبلها، وسائر التأثير الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي، عن طريق استخدام العقوبات، ومن ذلك التهديد باستعمال القوة، وكانت أدوات هذه القوة هي نفس الأدوات التي تستخدمها الدول للمشاركة في النزاع، وهي نفسها الأدوات المستخدمة في الجهود الرامية إلى التصدي للنزاع، وحاولت الدول والتحالفات الدولية، مثل منظمة حلف شمال الأطلسي، منع العنف أو التخفيف من حدته عن طريق الردع والدبلوماسية التقليدية والمساومة القسرية[4].

وقد مكنت هذه الآليات من وضع استراتيجية خاصة لبناء السلام، فما هي وما تدابيرها؟

استراتيجية بناء السلام

الاستراتيجية عموماً هي اعتبار ينبغي أن يؤخذ في الحسبان عند تصميم ولايات أفضل وأكثر قدرة على الوفاء بالالتزامات وضمن الاستخدام الحالي لدى الأمم المتحدة وبين المنظمات التطوعية الخاصة، إلا أنه لا يمكن اعتبار بناء السلام في هذه الحالة نشاطاً تؤدي استراتيجيته إلى وصفات ذات استنتاجات موثوق بها على الدوام، بل يمكن اعتبار استراتيجية بناء السلام محاولة بعد التفاوض على السلام أو فرضه لمعالجة مصادر العداء الحالي وبناء القدرات المحلية لحل النزاع، حيث تنظر إلى مؤسسات الدولة القوية، والمشاركة السياسية الأوسع نطاقاً، وإصلاح الأراضي، وتعميق المجتمع المدني، واحترام الهويات الإثنية، على أنها جميعها سبل لتحسين آفاق حوكمة بناء السلام.

إن احتمال نجاح استراتيجية بناء السلام هو نتيجة للقدرات المحلية للبلد، والمساعدة الدولية المتاحة، وعمق العداء المتصل بالحرب، والعلاقات بين هذه العناصر الثلاثة معقدة؛ فتوافر المساعدة الدولية والقدرات المحلية الواسعة النطاق على سبيل المثال، واحتمال توافرها، يمكن أن يؤدي إلى زيادة المكسب المتأتي من النصر (غنائم الحرب وإعادة بناء المساعدة)، وأن يقللا تكاليف القتال (لأن المساعدة تساعد في استمرار القتال)، لذلك أيضاً يمكن أن يكون للأعمال العدائية المرتبطة بالحرب آثار مزدوجة[5].

تدابير استراتيجية بناء السلام

واستراتيجية بناء السلام قابلة للتطبيق فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية والنزاعات غير الدولية، وإن اختلفت أساليب تطبيقها في كلا المجالين، حيث تركز على هدف أساسي هو معالجة مرحلة ما بعد النزاع وخلق مناخ من الثقة بين الأطراف السابقين. ومن التدابير التي يمكن أن تتخذها استراتيجية بناء السلام في أعقاب النزاعات المسلحة الدولية إنشاء مشاريع تعاونية مشتركة تربط بين أطراف النزاع المنتهي؛ كمشاريع تطوير الزراعة أو مشاريع الربط الكهربائي، وغيرها من المشاريع المشتركة. وتختلف استراتيجية بناء السلام في إطار النزاعات المسلحة الدولية، فتتمثل بأحكام القانون الدولي التي يمكن أن تعالج آثار هذه النزاعات، كالمعاهدات المتعلقة بتنظيم التسلح أو الأحكام الخاصة بحل المسائل المتنازع عليها نتيجة تلك النزاعات، في حين يلحظ المزج بين الجهود الدولية والمحلية فيما يتعلق ببناء السلم الداخلي، أي حالة النزاعات المسلحة غير الدولية ودون أن يقتصر ذلك على أحكام القانون الدولي[6].

وخلاصة القول: إن بناء السلام يحتاج إلى تفعيل القوانين المنصوص عليها في المعاهدات الدولية والوثائق الرسمية العالمية التي أصدرتها مجموعة المؤسسات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، ويستدعي تدخل الأطراف المعنية من مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الشأن الخاص بفض النزاعات، سواء كانت داخلية أو خارجية، وذلك بتطبيق العقوبات المفروضة على الجهات المتنازعة ومعاقبة الجهة التي أحدثت الحرب أو العنف، عوض بقاء تلك العقوبات المنصوص عليها مجرد حبر على ورق، وإلا فستتحول المجتمعات الإنسانية إلى ساحات حروب دامية لا تنتهي إلى بفناء النوع البشري.

[1] حسني حميد هلال محمد، التربية الدولية كمدخل لترسيخ مبادئ السلام العالمي من أجل مستقبل أفضل لطفل الروضة، مجلة الطفولة، العدد 38 (مايو/أيار)، كلية التربية للطفولة المبكرة، القاهرة، 2018، ص483.

[2] باسم علي خريسان، بناء السلام دراسة في آليات بناء السلام في العراق، مجلة political issue، جامعة النهرين، العدد 52، العراق، 2018، ص136.

[3] نجاح الريس، السلام في العلاقات الدولية (المفاهيم والسبل)، مجلة المصرية للقانون الدولي، العدد الحادي والسبعون، نشر الجمعية المصرية للقانون الدولي، القاهرة، 2015، ص 68.

[4] مروة بوساحة، بناء السلام دراسة في المفهوم والمقاربات والفواعل، مذكرة مقدمة لاستكمال متطلبات شهادة الماستر في العلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قالمة-الجزائر، 2017- 2018، ص 46.

[5] سامية بن حجاز، حوكمة عمليات بناء السلام (دور الشركات الأمنية الخاصة)، أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم السياسية، جامعة باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية-باتنة الجزائر، 2019- 2020، ص26.

[6] سلام داود محمود، بناء السلام المجتمعي لما بعد النزاعات، مجلة كلية المأمون، العدد السابع والثلاثون، كلية المأمون الجامعة، بغداد-العراق، 2022، ص 320.

مقالات ذات صلة