مقدمة
تمثِّل مسألة الدولة وانهيارها أبرز مشكلة على الساحة السياسية في الصومال، وهي الأزمة التي أطلت بجوانبها على الواقع الصومالي وتجسدت في كل نواحيه، فالدولة في الصومال يمكن وصفها فعلياً بـ (الدولة الفاشلة) (failure state). وتعد هذه الأزمة أزمة متجذرة منذ عقود، ومتعددة الجوانب، لا يمكن عزو أسبابها إلى سبب واحد وإنما إلى أسباب مركبة ومتضافرة؛ ما بين محلية وأخرى إقليمية ودولية.
في الصومال تتقاطع خطوط الإسلاميين مع النزاعات القبائلية، مع الطمع الخارجي، مع التدخل الإقليمي والدولي، مع التخلف والاستبداد، لتنتج حالة بائسة لدولة مهترئة وممزقة خارجة عن التصنيف الدولي فيما يخص التعليم والصحة والشفافية والنزاهة والحكم الرشيد.
هذه الورقة ترصد إطاراً عاماً للصراعات التي تعانيها الدولة الصومالية، فتشير في البداية إلى الواقع الديمغرافي والتاريخي للصومال، والعوامل التي أدت إلى تفتت (الصومال الكبرى)- وأهمها العامل الاستعماري- تلك البلد التي كانت شاسعة فصارت مقسمة الأطراف كل جزء على حدة، وبقي مركزها أشد تفتتاً.
ثم تناقش وضع القبيلة في الصومال، وتبحث كذلك دور الحركات الإسلامية، وتأثيرها في الصراعات التي اندلعت بعد سقوط الدولة المركزية عام 1991، ثم تتطرق لوضع الصومال في هذه الفترة، والأزمات التي تواجهها الحكومة الحالية داخلياً وإقليمياً ودولياً في محاولتها لاستعادة الدولة الصومالية.