|

الأزمة-الهندية-الباكستانية-..-ثنائية-الحرب-والسلم

الأزمة الهندية الباكستانية .. ثنائية الحرب والسلم

وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-15

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2019-03-15

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

على إثر هجوم انتحاري راح ضحيته أربعون قتيلاً من القوات الهندية شنت مقاتلات تابعة لسلاح الجو الهندي، يوم الثلاثاء 26 فبراير/شباط 2019، هجوماً جوياً على معسكر تدريبي في باكستان قالت نيودلهي إنه كان يؤوي مسلحين متشددين، وبعده بيوم أعلن الجيش الباكستاني إسقاط طائرتين هنديتين كانتا قد اخترقتا مجالها الجوي في إقليم كشمير، وهو ما أدى إلى توترِ العلاقة بين الجارتين من جديد، وتبادل إطلاق النار بالمدفعية، وإغلاق عدد من المطارات، وكاد يفجِّر حرباً شاملة بين البلدين.

الجدير بالذكر أن هذا التوتر لم يكن الأول بين البلدين؛ إذ سبقه عدد من محطات الصراع الذي تعد كشمير القضية الأساسية فيه.

تكتسب هذا الأزمة بين البلدين أهميتها من تحولات جيوسياسية مهمة، أهمها التقارب الاقتصادي الباكستاني الصيني مقابل دفء العلاقات الهندية (الإسرائيلية)، ويعني ذلك بالضرورة فتور العلاقات الأمريكية الباكستانية.

يتناول تقدير الموقف أسباب النزاع ودوافعه ومحطات الصراع ومآلاته.

تاريخ النزاع الهندي الباكستاني

يحتل إقليم كشمير موقعاً استراتيجياً هاماً بين وسط آسيا وجنوبها، كما أن له أهمية جغرافية كبيرة لكونه القلعة المرتفعة التي يستطيع من يسيطر عليها التحكم الاستراتيجي فيما يجاوره، إضافة إلى جمال طبيعته.

تبلغ مساحة كشمير 86 ألف كم مربع، تهيمن الهند على الجزء الأكبر منها، بما يقارب 48%، في حين تسيطر باكستان على 35% تقريباً، أما الصين فتسيطر على نسبة 17% تقريباً، ومع أن أغلب الإقليم مسلمون فإن الهند تتمسك بالإقليم وتعده عمقاً أمنياً لها أمام باكستان والصين، كما تخشى أن يشجع استقلالُه الأقلياتِ الدينية في الهند على المطالبة بالاستقلال، في حين تعده باكستان منطقة حيوية تنبع منه ثلاثة أنهار تستفيد منها باكستان زراعياً، وأي تهديد لكشمير يعد تهديداً للأمن المائي الباكستاني، إضافة إلى البعد الديني لسكان الإقليم، ولهذا تصر باكستان على حق الكشميريين في تقرير مصيرهم.

بعد خروج الاحتلال البريطاني من شبه الجزيرة الهندية في أربعينيات القرن الماضي حدث انتقال فوضوي للسلطة في الجزيرة، أُسست بموجبه دولتا الهند وباكستان، كما أحدث هذا الانتقال أزمة بين البلدين، ولا سيما حول إقليم كشمير المتنازع عليه.

يعود تاريخ النزاع حول كشمير إلى عام 1947، وهو العام الذي أصدر فيه البرلمان البريطاني قانون استقلال الهند، وأعطى فيه لسكان الإقليم الحق بالانضمام إلى أي البلدين، وهو ما أدى إلى تضارب الآراء بين الحاكم والشعب، حيث طلب حاكم كشمير (هاري سينغ) من الهند مساعدته في القضاء على مطالب الكشميريين مقابل الانضمام لها، وتدخلت باكستان لدعم مطالب الشعب، وهو ما أدى إلى نشوب حرب بين البلدين في العام نفسه، واحتلت الهند ثلثي الولاية، وبعدها تدخلت الأمم المتحدة بحل يقضي بسحب السلاح من كشمير وإجراء استفتاء حر تحت إشرافها، لكن الهند رفضت نتائج ذلك، وظل الأمر على ما هو عليه.

بعد النزاع الذي حصل بين الهند والصين، وهزيمة الهند، نشبت حرب ثانية بينها وبين باكستان عام 1965، أدت إلى تدخل مجلس الأمن ووقف القتال، وظلت القضية معلقة إلى عام 1971 حيث عاد الصراع من جديد، ولكن هذه المرة كان ثمة بُعدٌ آخرُ يتعلق بدعم الهند للبنغال في مطالبهم الانفصالية، وهو ما أدى إلى تجدد الحرب وانفصال بنغلادش عن باكستان عام 1971.

في عام 1972 وقِّعت اتفاقية (شملا) بين رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي والرئيس الباكستاني ذو الفقار علي بوتو، التي تنص على عدد من المواد؛ من أهمها التزام البلدين بتسوية خلافهما بالطرق السلمية، إضافة إلى احترام الطرفين خط السيطرة في جامو وكشمير الذي أسفر عنه اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع بين الجانبين في 17 ديسمبر/كانون الأول 1971.

في 8 يوليو/تموز 2016 اندلعت مظاهرات داخل الطرف الكشميري الهندي، احتجاجاً على مقتل أحد المعارضين الكشميريين على يد الجيش الهندي، وقد أدت إلى مقتل تسعين شخصاً على الأقل من الكشميريين.

أما النزاع الحالي فقد بدأ في 14 فبراير/شباط؛ إثر إقدام مسلحين على استهداف دورية هندية، وقد تبنى الهجوم “جيش محمد”، الفصيل المسلح الذي نفذ عمليات كبرى ضد الدولة الباكستانية نفسها.

أبعاد النزاع الهندي الباكستاني

يتعرض سكان كشمير الواقعون تحت السيطرة الهندية لعدد من الانتهاكات، وبحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، تعرَّض للانتهاكات بين الأعوام 1990 و2014، اتهم150 ضابطاً هندياً بارتكاب 1080 حالة تصفية خارج القانون، والمسؤولية عن اختفاء 172، إضافة إلى حالات العنف والتعذيب والاغتصاب.

تتهم الهندُ باكستان بدعم المجموعات المسلحة في كشمير، وترى أن سبب المقاومة الداخلية هو الدعم الباكستاني، في المقابل تتهم باكستان الهند بدعم حركة القومية المتحدة في باكستان، وهي فصيل مسلح يسعى إلى السيطرة على كراتشي، إضافة إلى دعمها السابق لانفصال بنغلادش.

بُعدٌ آخر يتعلق بالنزاع الهندي الباكستاني يكمن في معارضة الهند للمشروع الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، وهو مشروع اقتصادي يعد باستثمار 46 مليار دولار في باكستان، تقف الهند ضده إلى الآن لكونه تهديداً استراتيجياً، لا سيما لنشاطها على المحيط الهندي.

كان للنزاع مع الهند في الحدود الشرقية أثرُه على الحدود الغربية مع أفغانستان، حيث ترى باكستان أن أي تقارب بين الهند وأفغانستان سيكون على حسابها، وتعد النزاع مع الهند ذا جبهتين، وتسعى لإيجاد حكومة داعمة لها في أفغانستان، أو غير معادية لها على الأقل، وترى أن هناك تهديدات أمنية تديرها أجهزة المخابرات الهندية هناك.

في المقابل تسعى الهند لتعزيز وجودها في أفغانستان؛ للاستفادة من مخزون الطاقة هناك، وهذا ما يفسر التقارب الأخير بين الحكومتين الهندية والأفغانية.

النزاع الهندي الباكستاني ألقى بظلاله على الاستعدادات العسكرية لكلتا الدولتين، فمنذ عام 2004 تطور الهند عقيدة عسكرية جديدة أسمتها البداية الباردة، كخيار لحرب محدودة لردع إسلام آباد، وبما لا يؤدي إلى الانتقام النووي، يشارك فيها نصف مليون جندي في أقل من 72 ساعة، تشن من خلالها هجمات خاطفة على باكستان وتتمكن من السيطرة على جزء منها، وتستخدمه كورقة للضغط السياسي. وفي المقابل تطوِّر باكستان برنامجها النووي ليكون هو الأسرع نمواً، وتنوي استخدامه إذا لزم الأمر، وهذا التهديد في حال حدوثه سيؤدي إلى مقتل الملايين وإلى الدمار والتلوث البيئي غير المحدود، وبناء عليه فإن هذا التهديد هو الأكثر خطورة في العالم، وسينعكس ضرره على العديد من مناطق العالم.

الموقف الدولي

تحرص باكستان على تدويل القضية الكشميرية من أجل كسب التأييد الدولي، وتحرص على الاستفادة من تصريحات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ففي بداية الأزمة نشط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في التواصل مع جهات دولية متعددة لإطلاعهم على جديد القضية، وتقريب موقفهم الدبلوماسي لمصلحة باكستان.

في المقابل تسعى الهند إلى عزل باكستان إقليمياً ودولياً، وهذا ما يفسر معارضتها للمشروع الاقتصادي الصيني الباكستاني، كما رفضتْ من قبل المشاركةَ في مؤتمر اتحاد جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (سارك) الذي كان من المقرر عقده في باكستان عام 2016، وانضمت إليها الهند وأفغانستان وبنغلادش، مما أدى لإلغاء المؤتمر، وهذا ما يؤكد أن الطرفين يعولان بشكل كبير على البعد الإقليمي والدولي.

منذ بداية الأزمة كانت هناك عدة قرارات للأمم المتحدة، سواء القرارات الخاصة بالاستفتاء وفتح الخيار للشعب الكشميري في تقرير مصيره، أو تلك المقترحات الدولية التي تدعو لمنحها حكماً ذاتياً، ولم تلق هذه القرارات والمقترحات حقها من التنفيذ بسبب الرفض الهندي لذلك. مؤخراً وبعد تأزم الوضع بين الجارتين دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى خفض التوتر بين البلدين، وحل الخلافات بطرق سلمية.

الموقف الصيني جاء على لسان وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الذي أعرب خلال اتصال هاتفي مع نظيره الباكستاني عن قلقه الشديد إزاء التصعيد وتوتر الوضع بين الهند وباكستان، لكن يظهر أنه مع باكستان، لكنه ليس مع خيار الحرب؛ لأن ذلك سيؤثر على رؤيته التنموية، كما أن باكستان ستعتمد عليه أكثر في حال حدث انفجار للأزمة.

أما الطرف الأمريكي فقد دعا لخفض التصعيد بين البلدين، حيث قال وزير الخارجية، مايك بومبيو، في بيان له: “نحضّ الهند وباكستان على ممارسة ضبط النفس وتجنّب التصعيد بأي ثمن”. وكانت هناك مباحثات هاتفية بينه وبين نظيرَيه الهندي والباكستاني، ويبدو أن أمريكا ترغب في الاستثمار أكثر فيما يتعلق بالنزاع الهندي والصيني، وليس من مصلحتها تفجر الوضع بين الهند وباكستان.

وقريباً من هذا كان موقف الاتحاد الأوروبي، حيث قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إن ما يحدث بين نيودلهي وإسلام آباد “قد يؤدي إلى عواقب خطرة وجادة للبلدين والمنطقة”، وطالبت الطرفين “بأقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي تصعيد آخر”.

وكانت مواقف موسكو وطهران وأنقرة متقاربة؛ تدعو جميعها إلى ضبط النفس، وأبدوا استعدادهم جميعاً للمساهمة من أجل خفض التوتر بين البلدين، واستخدام الوسائل السياسية والدبلوماسية لحل الخلاف.

منظمة المؤتمر الإسلامي دانت ما أسمته انتهاك الهند لخط المراقبة مع باكستان، وقالت المنظمة في بيان لها: إن “المنظمة تدين هذا الفعل ضد إحدى الدول الأعضاء المؤسسة للتعاون الإسلامي”، وحثت الدولتين على ضبط النفس، وتجنب أي خطوات من شأنها تعريض السلام والأمن في المنطقة للخطر.

في المواقف العربية بدا الموقف السعودي واضحاً، حيث زار وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، باكستان، واعتبر أن علاقة بلاده العسكرية بباكستان قوية، كما أبدى استعداد الرياض لتنمية هذه العلاقة، وفي المقابل أعلن وزير الإعلام الباكستاني، فؤاد شودري، أن السعودية كان لها دور هام في تخفيف التوتر العسكري بين باكستان والهند، وقال: “إن المملكة حركت باقي الدول كالإمارات والولايات المتحدة، لأداء دور لمنع الهند من الاستمرار في تصعيد التوتر مع باكستان”.

المآلات

رغم إفراج باكستان عن الطيار الهندي الذي أُسر بعد إسقاط إحدى المقاتلات الهندية، فإن الوضع لا يزال متوتراً، وكل هذا يؤكد استبعاد أي حل سلمي على المدى المنظور، ومن هذا الاتجاه يمكن اشتقاق سيناريوهين محتملين:

السيناريو الأول: تأجيل الأزمة مع استمرار المواجهات المتقطعة

يستبعد هذا السيناريو الحلول الجذرية كما يستبعد تفجر الوضع بين البلدين؛ وذلك لأن الجارتين تدركان مآلات الحرب، وأن الإقدام على خطوة كهذه سيشكل ضربة للاقتصاد الهندي وللمشاريع التنموية التي تسعى لها. والحال ذاته مع باكستان التي تعيش حالة من الاستبشار بنهضة اقتصادية بقيادة عمران خان، الذي بادر منذ اللحظات الأولى إلى احتواء الأزمة وإطلاق الطيار الهندي كبادرة حسن نية.

ولأن الهند وباكستان تكتسبان أهمية كبيرة في المجتمع الإقليمي والدولي، فإن المواقف الدولية إلى الآن لا تدعم خيار الحرب، لكون الهند وباكستان دولتين نوويتين وأي تفجر في الوضع بينهما سيلقي بتبعاته على الجميع، إضافة إلى أن هذا التأثير قد يصل إلى الصين، وهي دولة نووية كذلك، كما أن هناك تخوفاً دولياً من تحول إقليم كشمير إلى أفغانستان جديدة، في حال انفجر الوضع بين البلدين، وبناء عليه يبدو أن خيار المراوحة في دائرة الصراعات الجزئية بين الجانبين هو المرجح.

السيناريو الثاني: نشوب حرب مفتوحة

ينطلق هذا السيناريو من عدم قدرة الطرفين على احتواء الأزمة وانتزاع العسكر قرار الحرب، في ظل استعداد الطرفين لأي خيار عسكري قادم، إضافة إلى رغبة أمريكية أوروبية في إشعال حرب في محيط التنين الصيني، لإعاقة نفوذه الاقتصادي المتصاعد، حيث إن ردود الفعل الأمريكية الأوروبية لم تكن كافية ولا جادة في الحث على تجاوز الأزمة وإنهاء الصراع.

الكلمات المفتاحية :