|

السراج مبادرة

مبادرة السرّاج | الطموح والتحديات

وحدة الرصد والتحليل

|

2017-07-25

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-07-25

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2017-07-25

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على توقيع الاتفاق السياسي الليبي في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر/كانون الأول 2015، الذي كان حصيلة ما يزيد على عام من المفاوضات بين الأطراف الليبية المختلفة بإشراف الأمم المتحدة، قدم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، في 16 يوليو/تموز 2017، خريطة طريق من تسعة بنود لحل الأزمة الليبية، جاء على رأسها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في شهر مارس/آذار من العام القادم بإشراف الأمم المتحدة، ووقف إطلاق النار في كل المناطق الليبية باستثناء ما يقع في نطاق (مكافحة الإرهاب) المنصوص عليه في الاتفاق السياسي الذي انبثقت عنه حكومة السراج، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام التأييد والرفض للمبادرة، التي سبق أن تقدمت شخصيات سياسية بأفكار مماثلة لها في وقت سابق.

فما الجديد في مبادرة السراج، وكيف تفاعلت الأطراف المحلية معها؟ وهل سيكتب لها النجاح أم أنها ليست إلا تمهيداً لدور جديد لفايز السراج؟

مضامين المبادرة

تطرح مبادرة السراج، التي تلاها في كلمة متلفزة، تسع نقاط؛ أهمها: تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في شهر مارس/آذار من عام 2018، تستمر ولايتهما ثلاث سنوات، مع استمرار العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني حتى تسمية رئيس الحكومة الجديدة من قبل رئيس الدولة المنتخب، واعتماد الحكومة الجديدة من قبل البرلمان، وتشرف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المفوضية العليا للانتخابات بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبمساعدة جامعة الدول العربية والاتحادين الإفريقي والأوروبي، تزامناً مع تشكيل لجان مشتركة من مجلس النواب ومجلس الدولة؛ للبدء بدمج مؤسسات الدولة المنقسمة، وتشكيل مجلس أعلى للمصالحة الوطنية مكون من 100 عضو.

وقدَّم السَّراج في أثناء توطئته للمبادرة عدداً من المقدِّمات التي رأى أنها ملحَّة وضرورية لإنهاء الوضع القائم، ولعل أبرزها عدم التزام الأجسام المنبثقة عن الاتفاق السياسي ببنوده، في إشارة إلى تقاعس مجلس النواب عن منح الثقة لحكومة الوفاق المنبثقة عن المجلس الرئاسي مرتين متتاليتين، مشدداً على ضرورة إنهاء الأزمات الاقتصادية والأمنية التي عجزت حكومته عن حلحلتها على الرغم من الآمال التي عُلِّقت على الحكومة قبيل مباشرة الرئاسي أعماله من طرابلس؛ حيث شهد الدينار الليبي عقب دخول المجلس الرئاسي إلى العاصمة ارتفاعاً قياسياً وغير مسبوق أمام الدولار، وكذلك يستمرُّ انتشار المجموعات المسلحة غير المعترفة بالسلطة المدنية الممثلة في حكومة الوفاق، وعلى رأسها قوات الكرامة بقيادة خليفة حفتر.

ردود الفعل والسياقات

– رفض المبادرة

لم يمثل رفض عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، لمبادرة السراج مفاجأة كبرى، وهو الذي كان قد طالب المفوضية العليا للانتخابات، في مارس/آذار الماضي، باتخاذ جميع الإجراءات لعقد انتخابات في فبراير/شباط من العام المقبل؛ بدعوى تأزُّم الوضع السياسي، وصعوبة الظرف الراهن الذي تمر به البلاد، معللاً رفضه بتعذُّر إجراء أي انتخابات دون دستور ينظمها، وهو الذي يعد خصماً حالياً لهيئة صياغة الدستور، بعد أن دعا مجلس النواب إلى اتخاذ موقف صارم تجاه الهيئة بحلِّها، ما يشير إلى أن عقيلة صالح يميل أكثر إلى الاصطفاف في جانب خليفة حفتر الذي قال في تصريحات سابقة مطلع مايو/أيار الجاري إنه سيمهل الأطراف المختلفة ستة أشهر لإنهاء الأزمة السياسية، ملوِّحاً بالحسم العسكري، ومتوعِّداً باجتياح العاصمة بدعوى تحريرها من (الميليشيات) في حال تعذَّر الحلُّ قبل انتهاء العام الجاري، مستقوياً بوجود إدارة أمريكية تبدو أكثر ميلاً له، خصوصاً بعد التقرير الصادر عن الخارجية الأمريكية التي قالت فيه: “إن تركيز القاعدة انصب على مواجهة قوات خليفة حفتر”، في محاولة لتسويقه بصفته حليفاً موثوقاً، وهو ما ينبئ عن رغبة أمريكية في دعمه في المرحلة القادمة، خصوصاً في ظل جنوح إدارة ترامب صوب معسكر الثورات المضادة؛ ولا سيما بعد إعلانها رفع الدعم عن المعارضة المعتدلة في سوريا.

– تأييد المبادرة

وعلى عكس ما ذهب إليه رئيس مجلس النواب؛ لقيت مبادرة السراج ترحيباً لدى عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة وحزب العدالة والبناء، الذين رأوا أن المبادرة تتماشى في جوهرها مع روح الاتفاق السياسي، وكانت ملاحظاتهم في أغلبها تميل إلى ضرورة تهيئة الشارع الليبي للعملية الانتخابية من خلال حزمة من الإجراءات، وعلى رأسها وقف إطلاق النار، وحلحلة أزمات المواطن المعيشية والأمنية، ما قد يعدُّ موقفاً سياسياً للمناورة من قبل هذه الأطراف، وتقديم نفسها على أنها لا ترفض العودة إلى الشعب، ووضع معسكر الكرامة التابع لحفتر والبرلمان وحدهم في موقف الرفض لهذا الخيار، رغم قناعة غالبيتهم بتعذُّر الوصول إلى أي عملية انتخابية في المرحلة القريبة القادمة.

المبادرة من زاوية أخرى

مثلت مبادرة السراج فرصة لرسم صورته زاهداً في السلطة ظاهريّاً في ظل الصراع المحموم عليها، ومحاولات التسوية الجديدة بين أطراف الصراع، لكننا قد نلحظ صورة مختلفة تماماً لما عبَّر عنه السراج عندما دعا إلى استمرار العمل بالاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني إلى حين تسمية رئيس للدولة بصورة مباشرة من الشعب، واعتماد حكومته من قبل البرلمان، في خطوة قد تفهم على أنها ضربة استباقيَّة من قبل السراج لتثبيت وجوده في السلطة، والاستمرار في عمله، بعد اجتماع لاهاي الذي جمع، مطلع الشهر الحالي، وفدَي الحوار عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة؛ طرفي الصراع الرئيسين، والذي نص بيانه على إعادة هيكلة المجلس الرئاسي وتقليص أعضائه إلى ثلاثة أعضاء بدل تسعة، وفصله عن الحكومة وعملها التنفيذي.

لعلَّ الخلل البنيوي الذي يهدد مبادرة السراج من داخلها هو اشتراطه اتفاق طرفي الصراع الرئيسين في المشهد الليبي (مجلس النواب ومجلس الدولة) على إعداد مشروع قانون انتخابات ومقترح للتعديلات الدستورية، لتحديد ملامح المرحلة الجديدة، ودمج مؤسسات الدولة السيادية المنقسمة، وهو ما يعيد الحالة إلى مربعها الأول، فالسَّراج يطلب ممَّن عرقل العملية السياسية في المرحلة السابقة- في نظره- أن يتحمَّل أعباء المرحلة السياسية المقبلة، مكرِّراً ما نصَّ عليه الاتفاق السياسي من تولِّي هذه الأجسام المسؤولية السياسية، والتمهيد لمرحلة ما بعد الاتفاق السياسي، دون أن تحوي المبادرة أي آليات تفصيلية لتطبيقها.

وتجدر الإشارة إلى التغير النوعي في دور السرَّاج على الساحة السياسية الليبية، ففايز السراج الذي يفترض به أن يؤدِّي دوره بوصفه رئيساً للمجلس الرئاسي، كما حدَّد ذلك الاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات، قد بدأ يتحوَّل بفعل هذه المبادرة إلى طرف سياسي جديد يقدِّم الرؤى والمقترحات لحل الأزمة السياسية، وهو الدور الذي كان في المرحلة السابقة حكراً على مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (المؤتمر الوطني سابقاً)، بوصفهما الخصمين المتنازعين على الشرعيَّة، وهو تغير مفاجئ في دور السراج لمحاولته قطع الطريق على أي تسوية سياسية قادمة لا يكون طرفاً فيها، وفي كلمة متلفزة في قناة ليبيا الرسمية التابعة لحكومة الوفاق، أكد فايز السراج أن “المجلس الرئاسي ليس طرفاً في الصراع، بل مهمته إخراج ليبيا من الاقتتال على السلطة”.

لا يتعلق الأمر هنا بمخرجات اجتماع مدينة لاهاي الذي أشرنا إليه سابقاً، وإنما أيضاً بالتحركات المحسوبة التي يقوم بها رجل الأعمال الليبي المرشح السابق لرئاسة الوزراء عبد الباسط اقطيط داخليّاً وخارجيّاً، مدفوعاً بحملة علاقات سابقة بدأها منذ عام 2013 في أكثر عواصم العالم تأثيراً وتأثراً بالملف الليبي، لتقديم نفسه على أنه الرجل الأنسب للمرحلة القادمة، مستعيناً بخطاب شعبويٍّ نوعيٍّ في الساحة الليبية، يطالب فيه تصريحاً لا تلميحاً بطرد دول الإمارات، وقطر، ومصر، والسودان، وتشاد؛ بوصفها داعمةً للصراع في ليبيا، دون أي تورية ولا مُواربة.

كما تبدو المبادرة بمنزلة إعلان لفشل الجهود الإماراتية التي حاولت التوسّط بين السراج وحفتر للوصول إلى تسوية سياسية مُرضية للطرفين في أثناء لقاء جمعهما في العاصمة الإماراتية أبوظبي مطلع مايو/أيار الماضي، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجهود المصرية التي قادها رئيس اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي محمود حجازي على مدى نحو عام، لكن في المقابل هناك يرى أن المبادرة من شأنها تحريك الجمود السياسي، بصرف النظر عن موقف الأطراف الدولية منها.

خاتمة

تشكل الانتخابات البرلمانية في ليبيا فرصة لصناعة شرعية سياسية جديدة، وتغيير النخبة السياسية التي ارتبط وجودها بحالة الصراع القائم، بنخبة حاكمة جديدة تنهي حالة الانقسام السياسي، وتعيد توحيد المؤسسات التي انقسمت بفعل الانشطار الذي حصل في المؤسسات التشريعية، في حين لن يكون الأمر كذلك في حالة الانتخابات الرئاسية؛ حيثُ تعدُّ الأسماء الأكثر ارتباطاً بالصراع هي الأكثر حظاً وتداولاً في الأوساط الليبية لنيل رئاسة ليبيا، وهذا ما يدعو بالضرورة إلى تدابير مسبقة لتعزيز الثقة من خلال إيجاد إطار توافقي يسبق العملية الانتخابية بما يحقق الحد الأدنى من التفاهم بين الأطراف المتصارعة، ويضمن نزاهة الانتخابات، والقبول بنتائجها من خلال تهيئة مناخ سياسي مواتٍ، وهو ما يتعذَّر حتى الآن؛ من جراء استمرار الانقسام على مستوى المؤسسات السياسية والسيادية، وعدم تكافؤ الفرص بين المرشحين من جراء انخفاض مستوى الأمن السياسي، وانتشار السجون السرية والمعلنة المكتظة بسجناء الفكر والرأي في أرجاء ليبيا، وما لم يحدث ذلك فإن المبادرة أشبه ما تكون برمي كرة الثلج التي قد تتراكم شيئاً فشيئاً لتزيد المشهد الليبي التباساً وتشظياً.

وبالنظر إلى الهدف المعلن من المبادرة فإن ذلك قد يجعل الأطراف المتصارعة في سباق محموم لإنجاز تسوية سياسية والوصول إلى تفاهم بينها في أسرع وقت ممكن، رغم عدم قابلية المبادرة للتطبيق في المرحلة الحالية على الأقل، وفق ما جاء على لسان رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ومن ثم فإن المبادرة في أحسن الأحوال تشكل أرضية لمباحثات قادمة.

الكلمات المفتاحية :