|

المشهد-السياسي-التونسي-بعد-إقالة-الحكومة-وتجميد-البرلمان

المشهد السياسي التونسي بعد إقالة الحكومة وتجميد البرلمان

وحدة الرصد والتحليل

|

2021-07-29

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-07-29

|

طباعة

|

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest
وحدة الرصد والتحليل

|

2021-07-29

|

طباعة

مشاركة

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram
Share on email
Share on pinterest

في خطوة بدت مفاجئة، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، في الخامس والعشرين من يوليو/تموز الجاري، عدداً من القرارات السياسية تمثلت بتجميد سلطات مجلس نواب الشعب ثلاثين يوماً، ورفع الحصانة عن أعضائه، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من عمله، وتولي رئيس الجمهورية رئاسة النيابة العمومية ورئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة جديدة يعينها، كما أصدر قراراً بإعفاء وزير الدفاع ووزيرة العدل بالنيابة من منصبيهما، وتكليف غيرهما بإدارتهما وتصريف أمورهما إلى حين تعيين حكومة جديدة.

هذه القرارات جاءت بعد احتجاجات استهدفت الحكومة التونسية وحزب النهضة، وقد أدت القرارات إلى زيادة احتقان المشهد السياسي التونسي، واحتشاد عدد من المحتجين الرافضين لقرارات الرئيس، ورفض كبرى القوى السياسية والكتل البرلمانية لهذه الإجراءات، واتهامها للرئيس بالانقلاب على العملية الديمقراطية، ولكن هذه العملية هدأت بعد قرارات حظر التجوال، وتطمينات الرئيس.

يناقش تقدير الموقف المشهد السياسي التونسي قبل قرارات رئيس الجمهورية، والملابسات الدستورية المتعلقة بهذه القرارات، ومحددات مستقبل المشهد السياسي التونسي، والسيناريوهات المتوقعة.

المشهد التونسي قبل إقالة الحكومة وتجميد البرلمان

تعد تونس من أكثر بلدان الربيع العربي استقراراً بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، وهذا الاستقرار النسبي سمح لها بالدخول في ديناميكية جديدة، وساعدها في نجاح العملية الانتقالية، واستطاعت مع كل أزمة سياسية أن تصل إلى حالة من التوافق بين مختلف الأطراف، إلا أن ثمة قضايا خلافية سياسية واقتصادية لا تزال مفتوحة، وهي ما أدت إلى تأزيم الوضع السياسي أكثر، إضافة إلى تنامي الاحتجاجات الشعبية، وانخفاض مستوى الثقة بالحكومة. وأهم تلك القضايا:

1. تنظيم صلاحيات الرئاسات الثلاث

هناك قضايا خلافية لها أثرها المباشر في أداء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، وهي تعود ربما لطبيعة الدستور نفسه، حيث لم تستطع القوى السياسية وضع حلول تنظم العلاقة بين هذه المؤسسات، وتظهر الخلافات بشكل متكرر بين رؤسائها، وقد برزت للسطح خلال حكم الرئيس السابق الباجي السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ثم عادت للظهور من جديد بعد انتخابات 2019 بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، فرئيس الجمهورية لا يخفي امتعاضه من الدستور الحالي، بل جعل على رأس أولوياته في برنامجه الانتخابي إعادة النظر في النظام السياسي، وتغييره من شبه برلماني إلى رئاسي، ويتترس كثيراً حول الدستور تفسيراً وتأويلاً وحماية، في حين ترى حركة النهضة وقوى سياسية أخرى أن النظام الرئاسي سبب من أسباب الأزمة سابقاً، وأن الوقت غير مناسب لهذا التعديل لاعتبارات تتعلق بطبيعة المرحلة التي تعيشها تونس ومحاولة الخروج منها، إضافة إلى الخلاف بين رئيس الجمهورية والنهضة حول ملف الحكومة وتقارب النهضة مع قلب تونس.

2. طبيعة القانون الانتخابي

لقانون الانتخابات دور بارز فيما يحدث، فطبيعة صياغة القانون والظروف السياسية بعد الثورة ربما كانت تحتم على المشاركين في صياغته عدم السماح لأي حزب بالحصول على الأغلبية، بحيث لا يعود الشعب إلى الوراء، مستحضرين تجربة خمسين سنة ماضية من التفرد، وتخوفاً من حصول بعض القوى المنظمة والمستعدة لهذا التحول على الأغلبية، وربما كان هذا القانون مناسباً في وقته وسياقاته، إلا أنه أفضى فيما بعد إلى ضعف المؤسسات وتشرذم الأحزاب بحثاً عن مواقعها في الدولة، ولم يستطع أي حزب أن يتحمل مسؤوليته أمام الشعب، وذلك ما أدى إلى تشكيل حالة من المماحكات الحزبية، وضعف التوافقات السياسية، خاصة ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهذه الحالة أثرت في أداء البرلمان والحكومة معاً، إضافة إلى أن هذا القانون أتاح المجال لعودة النظام السابق من خلال الحزب الدستوري، الذي أسهم في تعطيل جلسات البرلمان أكثر من مرة، وتتهمه أطراف محلية برغبته في إفشال التجربة الديمقراطية في تونس.

3. تعثر الإصلاحات السياسية والقانونية

هناك حزمة من الإصلاحات السياسية والقانونية كان ينبغي أن يعاد النظر فيها بالتزامن مع هذه التحولات، تتعلق بتسوية ملف القضاء، واختيار أعضاء المحكمة الدستورية، وتعزيز سلطة الأقاليم والحكم المحلي، وإعادة النظر في الدستور، وإعادة النظر في قانون الانتخابات، إضافة إلى الملف الأمني وملف الإرهاب، ولكنها تأخرت كثيراً بسبب الترحيل المتكرر لها، الذي راكم هذه القضايا وأدى إلى تأزم الوضع أكثر.

4. ضعف الحلول الاقتصادية

هناك قضايا اقتصادية كبرى تحتاج إلى حلول عاجلة مثل: التهريب، والاحتكار، والفساد، وحجم التضخم، وضعف تحسين القدرات الشرائية للمواطنين، وارتفاع حجم المديونية، وتراجع معدلات النمو، وتخفيض الأجور، وارتفاع معدل الفقر، وتخفيض دعم الوقود، والشعور بالتهميش الجهوي، إضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا، وكل هذه المعطيات وضعت الحالة السياسية التونسية أمام تحديات اقتصادية متعددة لا تقل خطراً عن التحديات السياسية، أدت إلى حالة من خيبة الأمل الشعبي في الأطراف السياسية جميعها.

يتفق الجميع على أن ثمة أزمة سياسية واقتصادية تعيشها تونس، وهذه الأزمات الأصل أن يتحمل مسؤوليتها الجميع بحكم طبيعة المشهد الانتخابي التونسي، وأن يتم تفعيل الحوار بين مختلف الأطراف للتوصل إلى حلول جذرية، ولكن ما حدث هو استغلال لأزمات داخلية متراكمة، واستخدامها ذريعة لإسقاط قوى سياسية بعينها، وكسر حالة التوافق الهش، والتحدي الأكبر هو انعكاس هذه الإجراءات على التجربة الديمقراطية التونسية، ومدى إمكانية حلحلتها للملفات الاقتصادية.

الملابسات الدستورية لحل الحكومة وتجميد البرلمان

المشهد السياسي التونسي أخذ طابعاً دستورياً، حيث يستند الرئيس في قراراته- حسب خطابه- إلى الدستور، ويرى أن إجراءاته دستورية، وأنه استشار الأطراف المعنية، في حين ترى القوى الرافضة أن الرئيس خالف الدستور، خصوصاً فيما يتعلق بتجميد البرلمان.

ينص الفصل الـ80 في الدستور التونسي على أن “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعدّ مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طوال هذه المدة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلّ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مضيّ 30 يوماً على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية، بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو 30 من أعضائه، البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه. وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوماً. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها، ويوجه رئيس الجمهورية بياناً في ذلك إلى الشعب”.

وعلى الرغم من تمسك الأطراف السياسية المؤيدة والمناهضة لقرارات الرئيس بهذه المادة فإن ثمة خلافاً بينهم في الذي تم، فبينما يرى المؤيدون للقرارات أنها منسجمة مع الدستور، يرى المعارضون للاتفاق أن الرئيس خالف الدستور في عدد من النقاط، من أهمها:

  • أن الوضع السياسي التونسي على الرغم من تأزمه لا يرقى إلى حجم الخطر الداهم المهدد للأمن والاستقرار.
  • عدم استشارة رئيس البرلمان، إذ ينفي رئيس البرلمان راشد الغنوشي أي استشارة له في هذا الموضوع.
  • تجميد البرلمان، فمن المفترض حسب الدستور أن يبقى البرلمان في حالة انعقاد دائم.
  • عدم وجود المحكمة الدستورية التي من المفترض أن تعلم أولاً، وأن تبت في استمرار الحالة من عدمها بعد ثلاثين يوماً، وفي ظل غيابها من المرجح تأزم الوضع أكثر.

محددات حاكمة لمستقبل المشهد السياسي التونسي

المشهد التونسي يعيش أزمة سياسية واقتصادية ليست وليدة اللحظة، وقد سبقت الإشارة إلى عدد من القضايا المتراكمة، وهي أكبر محدد لمستقبل الحالة التونسية، وإضافة إلى ذلك فمن من أهم المحددات المستقبلية:

1. الفجوة بين مؤيدي القرارات ورافضيها

رفضت أكبر القوى والمكونات السياسية التونسية من مختلف التوجهات قرارات الرئيس، ورأوا فيها انقلاباً على السلطة، وأول تلك المؤسسات الرافضة هيئة رئاسة البرلمان التونسي، التي اعتبرت ما يجري خرقاً جسيماً للدستور، ووصفه رئيس البرلمان راشد الغنوشي بالانقلاب على الدستور والقانون والثورة، فيما رفضت كتلة النهضة وقلب تونس هذه القرارات، وهما أكبر كتلتين في البرلمان.

إضافة إلى ذلك رفض التيار الديمقراطي وحزب العمال هذه القرارات، وهي أحزاب قومية معارضة لأداء الحكومة وتختلف مع رئيس البرلمان، إلا أنها رأت في القرارات مخالفة للدستور، مع المطالبة بالضمانات، واتهم حزب العمال الرئيس سعيد بالسعي “منذ مدة إلى احتكار كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديه؛ في محاولة منه لإعادة إرساء نظام الحكم الفردي المطلق من جديد”، إضافة إلى رفض حزب ائتلاف الكرامة وحركة أمل وعمل والحزب الجمهوري وحزب التكتل الديمقراطي.

كما أكدت عدة مؤسسات تونسية النأي بنفسها عن الخلافات السياسية القائمة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء، الذي رفض ترؤس الرئيس للنيابة العامة، مشدداً على استقلالية السلطة القضائية، وأن النيابة العامة جزء من القضاء العدلي، إضافة إلى رفض عدد من الشخصيات السياسية الوازنة.

في المقابل أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانه الذي لم يرحب فيه بقرارات الرئيس علناً، كما أنه لم يندد بها، ويُفهم من خلال البيان تماهيه مع قرارات الرئيس، من خلال دعوته لضبط الفترة الزمنية، ويبدو أن الاتحاد حريص على القيام بدور سياسي بين الأطراف.

يتضح مما سبق أن المشهد السياسي التونسي في أغلبه يرفض قرارات الرئيس وانعكاساتها السلبية على العملية الديمقراطية في تونس، وذلك باستثناء حركة الشعب والحزب الدستوري اللذين أعلنا تأييدهما لهذه القرارات.

2. موقف المؤسسة العسكرية حيال قرارات الرئيس

لم يصدر أي بيان إلى الآن بخصوص موقف المؤسسة العسكرية مما يجري، إلا أن هناك اتهامات للرئاسة بفرض القرارات المتخذة بالقوة، وذلك من خلال تحويط المؤسسة العسكرية لمبنى البرلمان، وحضور بعض القيادات العسكرية بيان الرئيس، ورفض وزارة الدفاع استقبال رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في البرلمان، يسري الدالي، برفقة نواب من حركة النهضة، بهدف الاستيضاح عن إغلاق البرلمان، وإقالة وزير الدفاع، كل هذه المؤشرات توحي بأن هناك محاولات لإقحام الجيش التونسي في هذه المعركة السياسية التي نأى بنفسه عنها كثيراً.

3. الموقف الإقليمي

يبدو أن الموقف الإقليمي كعادته منقسم بين تأييد ما يحدث أو رفضه، فالموقف الليبي رفض العملية بقوة، وأعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري رفضه ما سماه “انقلاباً على الأجسام المنتخبة”، فيما لم يظهر أي موقف مغربي إلى الآن، ويظهر أن الموقف الجزائري حريص على ممارسة دور الوسيط لحل الخلاف.

فيما كان الموقف التركي أكثر رفضاً لهذه العملية، وعلق المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، بقوله: “نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب التونسي الصديق والشقيق، وندين المبادرات التي تفتقر للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونعتقد أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذه العملية”.

في المقابل لا يزال الموقف الخليجي ضبابياً، على الرغم من الاتهامات التي وجهها رئيس البرلمان التونسي للإعلام الإماراتي بالوقوف وراء ما حدث في تونس، وهناك اتهامات أخرى للإمارات باستغلال الأزمة، والدفع باتجاه إفشال التجربة الديمقراطية في تونس، خصوصاً من تلك الأطراف التي تربط القرارات بزيارة الرئيس التونسي لمصر، فيما أكدت السعودية دعمها لأمن تونس واستقرارها، وقد بدا الموقف القطري متقارباً مع الموقف الدولي في الدعوة إلى “تغليب صوت الحكمة، وتجنب التصعيد، وإلى انتهاج طريق الحوار لتجاوز الأزمة”.

4. الموقف الدولي

لا يزال الموقف الدولي ربما في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع قبل اتخاذ موقف علني واضح، ويحرص الموقف الدولي على الدعوة إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف، والعودة إلى العمل الدستوري، كما لا يزال الموقف الدولي مستبعداً فكرة الانقلاب، خصوصاً الموقف الفرنسي الذي أشار إلى اطلاعه على ما تم قبل حدوثه، من خلال تصريحات الخارجية الفرنسية، ويبدو أن الموقف الدولي متفهم للخطوة، وفي نفس الوقت متردد من تبعاتها، ويحرص في الظاهر على مسك العصا من الوسط والظهور بشكل ضبابي.

سيناريوهات المشهد السياسي التونسي

المشهد التونسي يعيش أزمات متنوعة، وقد كان من المفترض أن تصب الجهود الداخلية في حلحلة الأزمة بعيداً عن التوظيف السياسي لها، لكن يبدو أن القرارات الأخيرة ستسهم في تعقيد الوضع أكثر في حال استمرارها. وبناء على المحددات السابقة فإننا أمام عدد من السيناريوهات:

السيناريو الأول: اتساع الفجوة بين الفرقاء

يفترض هذا السيناريو مضي الرئيس قيس سعيد في تنفيذ قراراته، وإقصاء القوى السياسية المعارضة لهذه القرارات، واستمرار تعطيل مؤسسات الدولة، والاتجاه نحو إصلاحات دستورية تعيد إنتاج النظام الرئاسي، ما يعني اتساع الفجوة بين فرقاء العملية السياسية، ويؤكد هذا السيناريو:

  • رغبة الرئيس في إعادة إصلاح الدستور الحالي، واستمراره في القرار قد يتيح له تحقيق طموحه.
  • الاستعانة بالجيش في تنفيذ هذه القرارات، وغلق الإدارات يومين، مع إمكانية العودة إلى الإغلاق.
  • بحث المجتمع الدولي عن ضمانات تحد من الانعكاس السلبي للقرارات على الوضع التونسي ودول الجوار، وفي حال توفر هذه الضمانات فقد يتماهى المجتمع الدولي مع الواقع.
  • قبول رئيس الحكومة قرارات الرئيس حسب البيان المنسوب إليه، وهو ما أدى إلى إضعاف جبهة المعارضة.

هذا السيناريو قابل للتحقق في حال وقوف المؤسسة العسكرية والأمنية إلى جانب قرارات الرئيس، مقابل إضعاف المؤسسات الحزبية، وهذا سيكون له انعكاساته المتمثلة باعتقالات المعارضين، ومصادرة مؤسسات الدولة، وإفشال التجربة الديمقراطية في تونس.

في المقابل فإن هذا السيناريو قد يضعف في حال تصاعد الرفض الشعبي للقرارات، في ظل تخوف الأطراف السياسية من تغييب مؤسسات الدولة والتفرد بالقرار، ودعوة المجتمع الدولي والإقليمي إلى استتباب الوضع السياسي في تونس.

السيناريو الثاني: تراجع الرئيس عن قراراته

يفترض هذا السيناريو تراجع الرئيس قيس سعيد عن قراراته للأسباب الآتية:

  • ضعف التأييد السياسي للقرارات، والضغط باتجاه التراجع عنها.
  • تراجع بعض الأحزاب القريبة من قيس سعيد عن تأييد القرار مثل التيار الديمقراطي.
  • عودة الرئيس لتحديد الفترة بثلاثين يوماً.
  • عدم ضمان الولاء المطلق من المؤسسة العسكرية للقرارات.

في المقابل يضعف هذا السيناريو تماهي بعض القيادات العسكرية مع هذه القرارات، والتصميم الرئاسي على المضي في تنفيذها، وحظر التجوال الجزئي، وحظر التجمع فوق ثلاثة أشخاص، واقتحام مؤسسات إعلامية.

السيناريو الثالث: العودة إلى الحوار الشامل والاتفاق على صيغة توافقية جديدة

يفترض هذا السيناريو الذهاب سريعاً باتجاه الحوار الداخلي، والخروج بصيغة توافقية، وهذا هو السيناريو المرجح، وفقاً للشواهد الآتية:

  • الخشية من طول الأزمة، وعدم وضوح الخطوات العملية المستقبلية.
  • ضغط الاتحاد التونسي ومنظمات داخلية وخارجية باتجاه ضبط ملامح المرحلة القادمة، والمطالبة بعدم تحويل هذا الاستثناء إلى أصل.
  • دعوة منظمات دولية كبرى، كالاتحاد الأوروبي، لاستمرار النشاط البرلماني بأقرب وقت ممكن.
  • رفض المجلس الأعلى للقضاء قرار الرئيس تولي النيابة العمومية.
  • حرص دول إقليمية على أداء دور الوساطة كالجزائر.
  • انخفاض حدة الخطاب بين رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية.

ولكن هذا السيناريو تعترضه جملة من التحديات، منها مواقف بعض الأطراف الإقليمية والدولية المناوئة للربيع العربي، والفجوة السياسية بين رئيس الجمهورية وحركة النهضة.

خاتمة

يبدو أن الرئيس قيس سعيد ليس بمقدوره الاستمرار في خوض هذه المغامرة حسب ما يطمح إليه، وذلك لعدم وضوح ملامحها المستقبلية حتى للمؤيدين لها، ولهذا رفضت أكثر القوى السياسية التونسية هذه الخطوة، ولم تستطع المؤسسة العسكرية إعلان موقفها بوضوح تجاه ما يحدث، كما جاءت الدعوات الإقليمية والدولية باتجاه التوصل إلى صيغة توافقية، وربما لن يسمح المجتمع الدولي بتعقيد الأزمة أكثر، في حال لم تتضح ملامحها المستقبلية، ولهذا فإن من المرجح أن يتم تنظيم حوار داخلي للخروج بصيغة توافقية، بغض النظر عن طبيعتها وصلاحيتها.

الكلمات المفتاحية :